المسيحيون العراقيون عراقيون عبر التاريخ وليسوا جاليه يا سيد نور المالكي

﴿ الجزء الثالث

 
 

شبكة المنصور

المهندس معن باسم عجاج

المسيحيون بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة عام 1921 كما هو معروف بان من نتائج الحرب العالمية الأولى هو سقوط و تفكك ألإمبراطورية العثمانية و ووقوع الولايات العراقية الثلاثة تحت سيطرة الإمبراطورية البريطانية التي كانت متحالفة مع الشريف على بن الحسين(شريف مكة)

 

وكان نتيجة لما حدث هو التوليفة العراقية الحالية التي تحققت بعد إرهاصات دامت ثمانية سنوات 1917 – 1925 من انتهاء الحرب العالمية الأولى وأربعة سنوات من تأسيس الدولة العراقية الحديثة (عام 1925) الذي قال عنها رئيس الوزراء البريطاني الشهير تشرشل حيث قال ولد العراق في ساعة مجنونة و يقول د. عبد الخالق حسين في مقاله الذي نشرته صحيفة عراق الغد الالكترونية العراق و الانتخابات الأمريكية إن الدولة العراقية الحديثة بنيت أساسا على التمييز الطائفي و العرقي امتدادا لنهج الحكم العثماني و كان الباحث العراقي علي الوردي قد نبه و حذر مرارا منذ الخمسينيات من القرن الماضي بان هناك بركانا تحت السطح سينفجر يوما ما، ما لم تتخذ الحكومات إجراءات وطنية حقيقية مناسبة لتلافي الكارثة و قال نصا في كتابه (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي (ص 382- 383)) ما يلي :

 

إن الشعب العراقي منشق على نفسه و فيه من الصراع القبلي و الطائفي و القومي أكثر من أي شعب عربي آخر باستثناء لبنان و ليس هناك طريقة لعلاج هذا الانشقاق أجدى من تطبيق النظام الديمقراطي فيه حيث يتاح لكل فئة منه أن تشارك في الحكم و على أهل العراق أن يعتبروا بتجاربهم الماضية و هذا هو أوان الاعتبار فهل من يسمع .

 

لقد كان مسيحيو العراق يتبنون إستراتيجيتين و واضحتين الأولى هي إستراتيجية الكنيسة أي السلطة الدينية بمختلف طوائفها و هذه الإستراتيجية منطلقة من الايه الانجيليه (أعطي ما لقيصر لقيصر و ما لله لله) أي معناه مجارات الحكومة الرسمية و محاولة الحصول على ما يمكن عليه من مكاسب خدمة لإتباعها و عدم التدخل في الشأن السياسي بل الاكتفاء بالمشاركه في النشاط في مجال تقديم الخدمة الاجتماعية و المساعدات الإنسانية للناس مهما كان الانتماء الديني و القومي .

 

أما الإستراتيجية الثانية فهي إستراتيجية المسيحيين كمواطنين عراقيين أصيلين و مخلصين لبلدهم و تتمثل هذه الإستراتيجية برفع جميع الحواجز بينهم و بين إخوانهم في الوطن سواء كانوا على دينهم أو غيرها والمساهمة الجادة في النشاط السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي الذي يخدم تقدم الوطن و عزته و تسخير إمكانياتهم لخدمة البلد لقد ثمن هذا الدور المؤرخ العراقي العالم سيار الجميل في مقاله البارع الموسوم بوقفة تاريخية عن دور المسيحيين العراقيين الوطني و الحضاري و لحسن الحظ إن الموجة الدينية السياسية الضيقة السائدة في يومنا هذا لم تغري أي مسيحي لإقامة كيانات سياسية طائفية تستغل الدين و الطائفة لتحقيق مكاسب سياسية كما هي الموضة السائدة هذه الأيام بل إن أغلبية العاملين في الحقل السياسي من المسيحيين كانوا و لا يزالون يعملون في إطار الأحزاب الوطنية العلمانية رغم انها تستمد تعليماتها من قوات الاحتلال و لقد ذكر الجميل في مقاله المشار إليه أعلاه أسماء لامعة من المسيحيين لعبت دورا في تاريخ العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي مثل الياس بن حنا الموصلي الذي انطق من بغداد إلى روما وإلى أمريكا الشمالية و كان أول رحالة من الشرق يصل العالم الجديد و كذلك العالم يوسف عتيشة الموصلي المولد عام 1599

 

و الرحالة خضر بن الياس الموصلي 1679 – 1755 الذي كتب رحلة من الموصل إلى روما و بسبب تواجد البعثات التبشيرية الفرنسية تحول الكثير من مسيحيي العراق إلى المذهب الكاثوليكي و أعلنوا اتحادهم بكنيسة روما المركزية رسميا و بهذا الأعلام أصبح بابا روما هو الحبر الأعظم إلى أغلبية مسيحيين العراق .

 

برغم من عهود القهر المار ذكرها فقد تعايشت الثقافتين الإسلامية و المسيحية في العراق واستطاعت التغلب على المصاعب التي كان يؤججها متطرفو الطرفين بين الحين و الأخر و كان لكل منهما خصوصيتها و أدواتها ففي الوقت الذي كان العلماء و الاختصاصيون المسلمون العراقيون ينشطون باسطنبول كانت أديرة الموصل تنشر العلم في الموصل و بقية الولايات و قد ذكر سيار الجميل بأنة كشف عن سجلات مهمة تبرز اتصالات أدبية كانت تجري بين أدباء عراقيين و لبنانين في القرن التاسع عشر و اتضح من هذه المراسلات إن العراق عرف المطابع منذ عهد طويل عل أيدي المسيحيين العراقيين و قد أسس هؤلاء مدارس تعلم فيها المسلمون و المسيحيون و بقية العراقيين و يكفي بروز العلامة اقليمس يوسف داود 1890 – 1925 و كان بحرا بالغة العربية إضافة إلى اللغات الأخرى و ألف 85 كتاب في مختلف العلوم و قد انتخب عضوا عاملا في الجمعية الأسيوية الملكية البريطانية عام 1890 و يؤكد الجميل بأنة لا يبالغ عندما يقول بان العراق هو الموطن الحقيقي للمسيحية الشرقية و إن مدينة الموصل هي مركز لاهوت الشرق على الإطلاق .

 

لقد كان ولا يزال لمسيحيي العراق مكانة اجتماعية مرموقة في نهايات العهد العثماني وفق ما تعهدت به السلطنة العثمانية في خط شريف همايون وقد انتهج الحكم الملكي المؤسس في عام 1921م خطا يضمن حقوق هذه الأقلية الصامدة بالمشاركة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الدولة والمجتمع فكان منهم عددا من الوزراء والنواب والمدراء العامون وضباط الجيش والمحامين والقضاة.

 

أما الدور السياسي لمسيحيي العراق فيجب أن نذكر أسماء لامعة في الحركة السياسية العراقية مثل: داؤود يوسفاني الذي كان له دور أيام الاتحادين وبداية تشكيل العهد الملكي ونيقولا عبد النور ورؤوف الوس وشخصيات في الحزب الوطني الديمقراطي مثل الشهيد كامل قزازي وخدوري خدوري ونائل سمحيري وكان الأخيرين نوابا في البرلمان العراقي عن الحزب الوطني الديمقراطي.

 

ولا يفوتني أن اذكر وأنا بصدد إنهاء هذا السجل بعض الأسماء اللمعة مثل الأب انستاز ماري الكر ملي الذي يعتبر من ابرز علماء اللغة العربية والذي ساهم مساهمة جدية باغناء اللغة العربية ومجلته المشهورة والمعروفة بلسان العرب وكانت علامة بارزة في تاريخ النهضة العربية وقد ساهم مسيحيو العراق في الحقل الصحافي حيث ساهموا منذ نشأة الصحافة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين ولا يزالون.

 

ولا بد أن نذكر أسماء لامعة في هذا المجال أصدروا الصحف وكانوا رؤساء تحريرها ومحرريها مثل روفائيل بطي وتوفيق سمعاني وفتح الله سرسم سليم حسون وفائق بطي .

 

أما في مجال العلم فلابد من ذكر أسماء لامعة ليس على نطاق العراق بل على نطاق العالم العربي والعالم مثل د.متى عقراوي أول رئيس لجامعة بغداد والمؤرخ مجيد خدوري والأستاذ فؤاد سفر والدكتور وليد خدوري والدكتورة روز خدوري والدكتور فاضل عجاج والاستاذ بشير عجاج والباحث بشير فرنسيس.

 

أما في المجال الرياضي فلا بد من ذكر أسماء عمو بابا ويورا وباسل كوركيس وأكرم عمانؤيل وعمو يوسف وشدراك يوسف وناصر جكو وكوركيس إسماعيل وأيوب اوديشو.

 

وقد ساهم مسيحيو العراق في النهضة الثقافية والفنية والأدبية ويكفي إن نذكر أسماء منير بشير واخيه جميل بشير وسيتا هاكوبيان وعازفة البيانو العالمية بياتريس اوهانسيان والفريد سمعان ويوسف متى وناظم بطرس المذيع الاول في اذاعة بغداد والمخرج عوني كرومي والمخرج عمانؤيل رسام والشاعر جان دمو وسركو بولص والمصور أرشاك والمغنيتين الشهيرتين عفيفة إسكندر وأختها أنطوانيت اسكندر والمغنية الخالدة زكية جورج

 

ان ما نعيشه اليوم من صراع طائفي هو مرض زرعه الأجنبي في وطننا وعلينا الا نستهين بالدور السلبي للاجنبي المحتل بسبب مصالحه في العراق وأعني إيران والولايات المتحدة  

 

اننا ناسف اليوم ان هؤلاء الناس قد أصبحوا هذه الأيام في قاموس بعض رجالات الحكم جالية بعد ان كانوا مواطنون عراقيون اقحاح مصرون على تقديم كل إمكانياتهم لخدمة العراق العزيز على قلوبنا جميعا كما آمل أن تصف حكومه السيد المالكي هذه الفئه الاصيله من شعب العراق بالاصاله لعلها تنصف شعبنا المناضل بكل قومياته وأديانه وطوائفه وتمنحه حقوقه بالكامل وتكف عن طلبها منهم تقديم الواجبات وأخيرا إن ما جرىمن تعسف وإرهاب وتخويف بالضد من المواطنين أتباع الديانة المسيحية سوف لا يؤدي إلا إلى صلابة إرادتهم ويزيدهم إصرارا على المواقف الوطنية البعيدة كل البعد عن الطائفية .

 

واخيرا وليس اخرا اود القول ان اكثر الفترات التي تنعم بها المسيحيون العراقيون بالامان والسلام كان في العهد العباسي الثاني وخصوصا في عهد الخليفه هارون الرشيد ومن بعدها الفتره مابين عام 1972 الى عام 2003 رغم انهم قدموا مشاركين الشعب العراقي الالف من الشهداء من اجل العراق الوطن الذي لا بلد اعز وافضل منه لانه بلد الاجداد.

 

المصادر المعتمده  

تاريخ العرب (د فيلب حتي، د.أدور جرجي، د.جبريل جبور)

تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية ثلاثة أجزاء (الأب ألبير توما)

المؤرخ البيزنطي (أبرسيوس) معجم الآثار المسيحية

مروج الذهب (المسعودي)

الأغاني (لأبي فرج الأصفهاني)

دراسة في طبيعة المجتمع العراقي(د.علي الوردي)

د.سيار الجميل (المسيحيون العراقيون وقفة تاريخية عند أدوارهم الوطنية) مقالة نشرت في صفحة عراق الغد الالكترونية.

د.عبد الخالق حسين (العراق والانتخابات الأمريكية) مقالة نشرت في صفحة عراق الغد الالكترونية.

ألجاحظ(كتاب الحيوان)

دافنشي كود (لغز دافنشي) قصة روائية للكاتب الأمريكي دان براون.

محاضره الدكتور موفق فتوحي (مسيحيو العراق عبر التاريخ)

 

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٢ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / حزيران / ٢٠٠٩ م