المهنية تُعزّزّ المعتقد ..

 
 
 

شبكة المنصور

كــامــل المــحمـــود

قد يفسر البعض بأن ( المهنية ) شيء و( المعتقد أو الإنتماء السياسي وحتى الديني ) شيء آخر وليس هنالك أي علاقة بينهما ..

 

وهذا غير صحيح لأن (الطبيب) يبقى طبيبا حتى لو أصبح رئيسا للجمهورية أو رئيسا للوزراء أو مديرا لجهاز الأمن أو المخابرات!..

 

إلا إذا أراد أن (يتبرأ) من فطرته ولا نقول (يترك ويهمل تخصصه)!..

 

والمفروض أن (إنسانية) هذا الطبيب ستطغي حتما (إن كان فعلا وفيا وأمينا للقسم الذي أدّاه) على تعارض إنسانيته مع معتقده ومنهج إنتماءه السياسي أو رغباته الشخصية (بالإنتقام من خصومه) الذين يقبعون في الأسر بقبضته عندما يحتاجون إليه كطبيب !..

 

وهنا يضع السياسي صاحب الإختصاص المهني كل حياته على المحك ..

فإذا تقَدّم المبدأالسياسي وتراجعت المهنية فهنالك خلل في المبدأ حيث لايجدر بمهني صاحب ضمير وقيَم أن يؤمن به!..

 

وإذا سبقت المهنية وتراجع الموقف والمعتقد والمبدأ السياسي طوعا ورغبة فقد تغلب المنطق وساد العقل..

وهو إنتصار وتعزيز لروح  المبدأ وإن تراجع..

 

لأنه وإن تراجع المعتقد فهو إنتصار للحق..وإنتصار لمنهجه ..

عندئذ ستكون ساحة المهنية إختبار حقيقي لروح المبدأ السياسي والمعتقد ..

 

فإذا كان المعتقد يُلزم من ينتمي له من الأطباء بتصفية خصومهم وهم بأمس الحاجة لهم كأطباء فتبا لهذا المعتقد وتعسا لكل تلك السنوات من التثقيف والتحليل!..

 

وقد لمس العراقيون ذلك عندما كانت القوات المحتلة والحكومية تعتقل الأطباء والممرضين الذين يقومون بمعالجة المسلحين الذين أصيبوا خلال تصديهم لقوات الإحتلال عندما طلبوا معالجتهم!..

 

وهكذا بالنسبة للمهندس والمحامي والكيمياوي والصيدلي والشرطي والمعلم والموظف والتاجر وصاحب المهنة الحرة..

ولو تصورنا مجتمعا يتفنن فيه المهندس ببناء دور سكنية لمواطنين يتفقون معه في المعتقد السياسي ويجهد نفسه بتأمين متطلبات السلامة والأمان لهم في حين لايهتم بتلك الدور المخصصة لشرائح أخرى تتعارض معه في الرؤية والإنتماء السياسي !..

 

ونتخيل أن المعلم أوالمدرس في الجامعة يحارب خصومه السياسيين من الطلاب ويضع ضميره المهني والإنساني جانبا ويغالي في حجب حقهم ليس في التفوق فقط بل في النجاح لأنهم ينتمون الى جهة سياسية يناصبها العداء أو يتقمص دور (المحارب )لهذا التيار السياسي سعيا وراء مكسب مادي او معنوي أو تنفيذا لأمر الجهة السياسية المهيمنة على الوضع العام!..

 

ولو تصورنا أستاذ جامعي آخر في مكان آخر في نفس الجامعة وينتمي الى نفس التيار السياسي الذي ينتمي اليه الأول ولكنه يرفض بشدة تنفيذ (أوامر قيادته السياسية) بمحاربة الطلاب الذين ينتمون الى تيار سياسي معارض ..

 

فهل هنالك مجال للمقارنة ( وطنيا ونزاهة وحبا للعراق ) بين كل من الأستاذين؟..

 

والى متى سيستمر الأستاذ النزيه ملتصقا بهذا التيار السياسي الذي يصدر مثل هذه الأوامر والتعليمات؟..

 

وماهي جذور هذا التنظيم السياسي وظروف نشأته والذي يحارب الناس في حقوقهم ومستقبلهم وأرزاقهم وحريتهم ويغبن إستحقاقاتهم؟..

 

وإذا كان لهذا التيار قواعد كبيرة وواسعة ويتباهى بها ..

فعلى أي مباديء وقيم تمت تربية هذه الحشود والى أي مدى سيقاوم قادته إرتداد هذه القواعد عليه؟..

 

وإذا كان من صيغة متقدمة للمهنية فهي السلطة..

 

ولقد وجدت السلطة بكل مفرداتها وأشكالها وصيغها لخدمة كل الشعب..

 

والشعب بكل اطيافه وإنتماءاته ..أحراره ومعتقليه وسجناءه لهم الحق بالهواء والماء والكهرباء والتعليم والصحة والأمن والرزق والثروة..

 

وإذا لم تستطيع كل هذه التيارات السياسية التي تنادي اليوم بشعارات حقوق المواطنة من تأمين جزء يسير منها ..

فربما تستطيع المهنية المُغيبة أن  تبعث فينا نسمة جديدة من الأمل بأن نكون شيئا آخر غير الذي تثقف عليه الجيل الذي ننتمي إليه !..

 

عدا ذلك فسينقسم شعبنا المظلوم الى مجموعتين .. 

مجموعة تَدّعي أن لها الحق وكل الحق بكل شيء في العراق .. 

ومجموعة أخرى بلا ماء وبلا كهرباء وبلا رعاية صحية وبلا تعليم وبلا مستقبل عدا حق إستنشاق الهواء!.. 

الذي تطاردهم عليه كل قوات المحتل وأجهزة الدولة!..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٢ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / حزيران / ٢٠٠٩ م