الطائفية وأحزابها .. الاحتضار وحقن الانعاش

 
 
 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس  / أكاديمي عراقي

يبذل طرفي احتلال العراق الاساسيين, اميركا وايران, جهودا استثنائية لبعث الروح في جسد الطائفية الذي يتداعى وينهار بشكل متسارع كون الطائفية والعرقية هي الورقة الاهم التي يلعب بها الطرفان لابقاء العراق تحت سيطرتهما الاحتلالية. فالجانب الامريكي دأب في الآونة الاخيرة بدءا من قمته الادارية ممثلة بأوباما عبر كلماته وخطبه في التاكيد على عرقية وطائفية التشكيل السياسي العراقي بعد الاحتلال وعلى ما يسميه هو ومن ثم تبعه نائبه بايدن بـ(توافق المكونات) في تقاسم السلطة وواردات النفط في احط اسلوب يمكن ان يتبعه محتل لتمزيق بلد يحتله بقوة السلاح. أحاديث اوباما الاخيرة كلها تدعوا وبشكل صريح وواضح الى ترسيخ العملية السياسية الامريكية الصهيونية الفارسية في العراق طبقا لمنطلقها وجوهرها العرقي _ الطائفي. وقد توج توجهاته هذه بارسال نائبه بايدن الى العراق تحت عنوان يتوافق مع هذا النهج التقسيمي البغيض، ألا وهو عنوان التوافق العرقي الطائفي والاتصال (بكل الاطراف العراقية السنية والشيعية والكردية). وقام الرجل فعلا بلقاء رموز هذه الاطراف، وقد صاحبت لقاءاته ضجة اعلامية افتعلها حكام المنطقة الخضراء تهاجم بايدن باللغة العربية الفصحى التي لا يعرف منها حرفا واحدا مع ان المهاجمين كلهم يجيدون اللغة الانجليزية والجنسية الانجليزية ويتحاورون بها مع بايدن خلف الحجب, على طرحه مجددا قضية المصالحة الوطنية ... ولم يبقى امام تلك الغوغاء الاعلامية الممجوجة الا ان تمنح درجة عضو قيادة شعبة في حزب البعث العربي الاشتراكي لبايدن مصداقا لاتهامه بانه يحاول فرض حزب البعث على العملية السياسية الاحتلالية، متناسية تماما ان البعث اطهر وأعف واشرف وانقى من ان يكون جزءا من عملية امريكية صهيونية فارسية مريضة ولن تسمح له مبادئه وعقيدته العروبية المسلمة ان يكون اي شئ سوى مقاوما للاحتلال وعمليته السياسية وان قيادته ورجاله ابعد ما يكونون عن الركوب في سفينة الخيانة والعمالة والاجرام. تدليس وتزوير يهدف الى تعمية الناس عن الطبيعة القذرة لمهمة بايدن المرتبطة بانعاش التوجهات الطائفية للعملية السياسية الاحتلالية التي ستوصل في نتيجتها النهائية الى تطبيق خطة بايدن لتقسيم العراق والتي يدعمها منطق رئيسه عبر تاكيداته على هذا المسار السياسي الشاذ والمنحرف في العراق المحتل.

 

اذن تصريحات قادة اميركا تؤكد على ان طريق التوافق الطائفي هو الحل لانجاح العمل السياسي المخابراتي وهي رسالة واضحة الى حكام المنطقة الخضراء بعدم الابتعاد عن النهج الطائفي حيث بانت علامات واشارات لهذا الابتعاد نتيجة وصول القوى السياسية الطائفية الى ادراك عميق وجلي وواضح ان شعب العراق قد بدأ يدوس ومعه مقاومته الباسلة على وجود الطائفية فكرا وتمثيلا سياسيا وميليشاويا. اي ان الطائفية وبرامجها قد وجدت نفسها الآن بين ( حافر الفرس ونعلها ) لان اميركا تريد وشعب العراق يرفض ويقاتل ...

 

اما المحتل الايراني فقد اخذ على عاتقه تطبيب مريض الفيدرالية والطائفية عبد العزيز الحكيم بطريقة الحقن الكيمياوي لمكافحة السرطان الذي اقعده ينتظر اجله في طهران وبطريقة انعاش آماله ببعث الروح في جسد الائتلاف الحكيمي الطائفي المتداعي هو الآخر. ايران تقوم بدور بارز في اعادة تشكيل الائتلاف الذي انفصمت عراه وعقده تدريجيا لاسباب كثيرة منها الخلافات والتجاذبات الفطرية بين اركانه والتي تصل الى حد التناقض العقائدي حول ولاية الفقيه وحول درجة الارتماء في وحل الاحتلال وحول قسمة الكعكة المناصبية في المركز والمحافظات والموقف من الفيدرالية ... والاهم من ذلك كله هو سحب شعبنا العظيم للبساط من تحت اقدام وحوش الطائفية والفيدرالية، الامر الذي استدعى كل طرف للبحث عن ركن آمن يلوذ به قبل ان تحين ساعة الحساب، فسقط الجعفري في حفرة والحكيم في حفرة والمالكي في حفرة ومقتدى في اكثر من حفرة والفضيلة في حفرة وظل مدرسي ومنظمته الاستخبارية المشهورة يدور في عجلة بضعة عشرات من الانتهازيين والمنتفعين في حدود واحدة من اصغر محافظات العراق وهي كربلاء التي خسرها الجميع امام العضو في حزب البعث قائمقام ونائب محافظ كربلاء في عهد الحكم الوطني السيد يوسف الحبوبي. وما زال الجهد الايراني بكل اشكاله يبحث عن فرصة لاعادة تشكيل الائتلاف ليواجه به كتشكيل طائفي (استحقاقات) المرحلة القادمة الانتخابية تحت حراب اميركا المحتلة.

 

اذن .. ايران تحاول تعزيز دور الطائفية جنبا الى جنب مع جهد اوباما وبايدن حتى ولو اختلفت ألوان قماش اليافطة، بل انها تتناغم في تحركها التابع ببغاوية مؤطرة ومغلفة بالباطنية الفارسية المعروفة لتجاوز السقوط المدوي لدور العائلة الحكيمية وزوائدها السرطانية الطائفية في العراق تحت ضربات المقاومة الباسلة واهمال شعبنا العظيم.

 

مثلث بات يشكل المشهد العراقي تحت الاحتلال والجميع ينتظر لحظة الحسم. العملية الاحتلالية المقسومة بالتساوي بين اميركا والكيان الصهيوني وايران وادواتهما من جهة, والعرقية _ الطائفية كدرب لانهاء العراق كبلد طرفا ثانيا في المشهد, يقابل ذلك شعب العراق ومقاومته الباسلة بكل اتجاهاتها الوطنية والقومية والاسلامية. منطق التاريخ والحق ومعطيات واقع العراق تسطع بانتصار حتمي للشعب والمقاومة مهما كانت حقن ايران واميركا لانعاش الطائفية القذرة والعرقية البغيضة التي اسقطناها لانها لم ولن تكون خيارا لعراق الاحرار ومجد الحضارات العتيدة ابدا.

 

النصر لمقاومتنا البطلة ... أو النصر ... ولا شئ غير النصر

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٢٥ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٨ / تمــوز / ٢٠٠٩ م