برلمانيوا الاحتلال والكويت ونهاية شهر العسل

 
 
 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

تصاعدت في الآونة الاخيرة لهجة التلاسن بالاتهامات المتقابلة بين بعض نواب الاحتلال في الكويت من جهة، والعراق من جهة ثانية. ونحن نجد انفسنا ارفع من ان ندخل في ذاك السجال العقيم لاننا كعراقيين مجاهدين مقاومين لا نعترف ولا نثق بالطرفين وننظر الى اي صراع شكلي او حقيقي بين الطرفين على انه صراع غير اخلاقي ومنطلقاته منطلقات نفعية ومادية بالدرجة الاساس مع اننا قد نتفق مع بعض التوجهات العامة لخلفيات الصراع.


المهم في الامر عندنا هو ان نرى الخلاف يعود الى المربع الاول او نقطة الصفر ليس شماتة منا فقط، بل ابتهاجا على رؤوس الاشهاد حتى لو كان مثل هذا الاعلان لا يمت الى الدبلوماسية او المناورة السياسية بأية صلة. اللهم اشهد اللهم انا نستمتع بهذه الازمة التي كثيرا ما تحدثنا عنها منذ لحظات الاحتلال الاولى واعلان امعات واذناب الاحتلال عن تجريم نظامنا الوطني وتبشيعه هو وقيادته وشن ابشع الحملات الاعلامية قبل وبعد الغزو والاحتلال المجرم, وقلنا انها آتية في ساعة لن يطول انتظارها. وشماتتنا الآن تأتي من باب واحد .. هو ان رجال الاحتلال وبعد ست سنوات من الانبطاح والتملق والتزلف للنظام الكويتي, بعد كل هذا, نجدهم يصلون الى القناعة بان الكويت تعتدي على ارض العراق وثروات العراق ... واهم من ذلك انهم بدأوا الان يصرحون علنا بالدور الاجرامي لنظام الكويت في عمليتي الغزو والاحتلال بشكل مباشر وغير مباشر.


هنا تسقط الاقنعة ويرفع اللثام الردئ .. هنا تعلن الحقيقة عن نفسها بان ما حصل عام 1990 لم يكن عدوانا من العراق بل دفاع عن النفس ازاء الدور الذي اضطلع به النظام الكويتي لتدمير العراق اقتصاديا بعد انتهاء الحرب ضد مشروع التوسع الايراني الفارسي. ولم تنفع كل محاولات العراق حكومة وقيادة لا مع النظام الكويتي ولا مع الانظمة العربية وقمتها المشهورة في ايقاف سحب النفط العراقي واغراق السوق النفطية العالمية بغرض خفض الاسعار وبما أضر بالعراق بمليارات الدولارات التي حسبها وعدها شهيد الامة الخالد صدام حسين حسابا وعدا امام القادة العرب في تلك القمة، في الوقت الذي كان فيه العراق يحاول ان يعبر مصاعب وهموم التنمية التي تاخرت واجلت خططها بسبب الحرب. وغير هذا .. كان النظام الكويتي قد حول ارض الكويت الى معسكر لاعداء العراق ممن باعوا انفسهم للمخابرات المركزية الامريكية واطلاعات الفارسية والموساد الصهيوني.


الآن تسقط الاقنعة .. ويماط اللثام عن طبيعة الدور الاجرامي لنظام الكويت الذي انيط به من قبل قوى معروفة لاضعاف العراق وانهاء دوره الوطني والقومي المشهود. وها هو نظام الكويت يتمادى في الدور الذي قبل ان يقوم به في حرق الاخضر واليابس في العراق بعد الاحتلال من خلال عملاءه ومرتزقته، وفي التصفيات الجسدية وفي تأجيج الفتن العرقية والطائفية ويستمر في حلب حكام الاحتلال في العراق مستغل سقوط هؤلاء الحكام الخونة بين مطرقة الخيانة وسندان شهوة السلطة, حيث وجد هؤلاء انفسهم في حال لا يمكنهم السكوت عليه بعد ان بدأ حلب التعويضات وسرقة الارض والثروات تؤثر على الثروة التي يسرقونها من خلال وجودهم في كراسي سلطة الاحتلال .... هكذا اذن يصبح االتقاطع هو تقاطع بين اللص الكويتي واللص العراقي .. بين اللص الذي كلف بسرقة ثروات العراق نيابة عن ايران واميركا حتى اجبرت الدولة العراقية لتمد ذراع التأديب واستعادة الحق المادي والاعتباري .. وبين اللص العراقي الذي انتجه الاحتلال ليدمر العراق ويمزقه، وكلا الطرفين ادوات في سلسلة حلقات تدمير الامة العربية. والمفيد فيه قدر تعلق الامر بنا انه يكشف جزءا من حقائق الصراع ويكشف ان هذا الصراع لم يكن من باب العدوان من طرف النظام الوطني العراقي وقيادته التاريخية، بل هو صراع تحكمه مرتكزات قائمة في النظام الكويتي كانت وظلت تحرك سلوكه وتصرفاته لانه اداة بيد الصهيونية والامبريالية الامريكية مذ قررت بريطانيا اقتطاع هذا الجزء الذي كان اسمه كاظمة وتابع لمحافظة البصرة لعزل العراق عن المنفذ البحري وتطويق التوجه القومي العروبي المسلم الذي كان العراق منذ القدم يمثل نقطة الاشعاع والانطلاق فيه وايجاد خنجر يمكن ان يطعن ثغر العراق وقتما شاء الاسياد.


نحن واثقون ومتيقنون ان ازلام الاحتلال في المنطقة الغبراء لو كان عندهم ذرة غيرة وشرف لما انبطحوا كل هذا الزمن لابتزاز واهانة واذلال الكويتيين .. ولو كان لديهم ذرة وطنية لبعثوا قبل اربع سنوات جزءا من ميليشيا جيش المهدي بمجموعة سيارات بيك آب لتاديب الجبروت الفارغ والعنجهية الصفراء لحكام الكويت ... لكن الغيرة قطرة وليس جرة كما يقول اهلنا .


نحن نراقب من سنتين على الاقل تداعيات التصريحات المتبادلة بين العملاء في كاظمة والمنطقة الغبراء والوفود التي تذهب الى الكويت لتقدم فروض الطاعة الجبانة للاقزام الموبوءون بالحقد والضغائن وندرك ان النهاية ستكون وفق توقعاتنا .. ليست في صالح المتخاذلين الخونة لان الكويتيين من ازلام النظام وليس شعبنا الكويتي مصابون بامراض الاستعلاء والعنجهية وظنوا ان فرصتهم بعد الاحتلال قد حانت للحصول على تخطيط الحدود الذي ظلوا وسيظلون يمنون النفس به الى يوم الدين لان الكويت جزء من العراق وفقا لادبيات واحداث وعوامل التاريخ والجغرافية .. ومَن يجد في هذا الكلام غرابة فاننا سنقلبه ببساطة ونقول ان العراق جزء من الكويت.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٠٩ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / حزيران / ٢٠٠٩ م