تصدع سلطة ولاية الفقيه .. وفرص أحمدي نجاد لمغادرة سياسة ملئ الفراغ في العراق بالتوسع

 
 
 

شبكة المنصور

هداج جبر
ما من شك، أن  السياسة الأمريكية، للمحافظين الجدد، مسئولة بشكل  أساسي، عن  الاضطراب في السياسة الخارجية، للولايات المتحدة ، وما ترتب على هذا الوضع المضطرب، من انتشار للعنف والعنف المضاد، لهذه السياسة الهوجاء، في العالم العربي والإسلامي، وخاصة بعد الغزو ألأمريكي للعراق واحتلاله، رغم المعارضة الدولية الشديدة له شعبيا ورسميا.   

 

ولعل ما يجري اليوم في الداخل العراقي، وانعكاساته بتداعيات سلبية في الإقليم، هو نتاج  الاحتلال  الأمريكي . وقد زاد الطين بلة، انحياز الولايات المتحدة الكامل إلى إسرائيل، في إطار الصراع العربي الإسرائيلي، ودعمها اللامحدود له بكل الوسائل العسكرية والمالية والسياسية. مما أثار الغضب الشعبي العربي والإسلامي، إلى ابعد الحدود ،ووسع نطاق الكراهية، للسياسة الأمريكية، في الشارع العربي والإسلامي.


ولقد جاء احتلال العراق من قبل أمريكا، بالصورة الوحشية، المعروفة للجميع، وبذرائع كاذبة، بدءا من مزاعم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، مرورا بفرية تعاونه مع الإرهاب، وانتهاء بدعوى دكتاتورية النظام الوطني .. ليشيع في البلد، الخراب والدمار الشامل، وحل الدولة، وتمزيق وحدة النسيج الوطني بالمحاصصة الطائفية، وإشاعة الفوضى الخلاقة ،وترك فراغ امني، وفلتان مفتوح.


ولقد شجع هذا الوضع المضطرب، إيران، للتدخل لملئ الفراغ، بأسلوب يتوافق مع مفردات المخطط الأمريكي، لاحتلال للعراق, لتشكل بذلك تهديدا خارجيا آخر للعراق، عصف بوحدة النسيج الاجتماعي، للشعب العراقي، باستخدامها أسلوب تأجيج الاحتراب الطائفي  .

 

ولقد مكن هذا الوضع ،إيران، من إدارة الكثير من المتغيرات، في الساحة العراقية،بعد أن تحولت إلى لاعب رئيسي، صار بمقدوره ،أن يعلن بدون تردد،استعداده صراحة،لملء الفراغ في العراق،بعد الانسحاب الأمريكي منه، حيث بدء المحتل يترنح في الميدان، بفعل عمليات المقاومة.

 

إن تورط أمريكا،في مستنقع الاستنزاف العراقي،للقدرات العسكرية الأمريكية، المادية منها والبشرية،وانهيار الاقتصاد الأمريكي،وعجزه عن تحمل المزيد من أعباء إدارة عمليات الاحتلال ،دفعها إلى قبول فكرة مشاركة وكلاء إقليميين، للقيام بإدارة الأمن عن بعد.فكان التدخل الإيراني في الشأن العراقي، بالطريقة الراهنة، ثمرة من ثمرات هذه التداعيات.  

 

والآن .. وقد ظهرت نتائج فرز أصوات الناخبين ،في انتخابات الرئاسة في  إيران ،حيث فاز احمدي نجاد بأغلبية الأصوات ،الأمر الذي أغاظ أنصار المرشحين الآخرين، وعلى رأسهم موسوي، بسبب ما يرونه تلاعبا بها،مما حدى بالمعارضين لهذه النتائج، إلى النزول إلى الشارع، بتظاهرات احتجاج عنيفة، والاشتباك مع الشرطة ورجال الأمن، بالرغم من ترحيب المرشد الأعلى الإيراني بنتائج الانتخابات،في إشارة إلى موافقته على سير العملية الانتخابية، والقبول بنتائجها.      

 

إن النزول إلى الشارع ،خارج إرادة المرجع ،وبهذه الطريقة غير المألوفة، يعتبر خروجا بالمألوف عن القاعدة،وتجرؤا سافرا على سلطة الفقيه في سابقة خطيرة، يعني معارضة صريحة لما يراه الولي الفقيه ..مما يعني بداية تصدع مبدأ ولاية الفقيه، وتداعيها في عقر دارها.


إن هذه التطورات، يمكن أن تعطي احمدي نجاد، في ولايته الثانية، فرصة تاريخية، لإعادة النظر بسياسة ملئ الفراغ في العراق، بعد الانسحاب الأمريكي منه، والتخلي عن مشروع إيران التوسعي في المنطقة ،والتوجه لصياغة حال جديد، من العلاقة مع دول الإقليم، يقوم على التوازن، والمصالح المتبادلة، المرتكزة على المشتركات الجغرافية، والتاريخية ،والدينية، وحسن الجوار. وبذلك يعزز الثقة المتبادلة، ويزيل المخاوف، و يبدد الشكوك السائدة، عن المشروع التوسعي، والأطماع الإيرانية، في العراق والإقليم.

 

ولا ريب أن المقاومة الوطنية العراقية ،عند إشاعة مثل هكذا أجواء بناءة ،ومن خلفها  الشعب العراقي ،والتي  شكلت رد فعل طبيعي على الاحتلال البغيض، و ما ألحقه بالعراق من ضرر بليغ وتدمير شامل ، حيث تمكنت بفعلها الجهادي، من إلحاق هزيمة بالاحتلال عسكريا ...ستكون قادرة ، بلا أدنى شك ،على أن تنهض بمشروعها الوطني، الذي سينقذ البلد ،من حالة التشرذم ،والضياع ،والتفكك ،والمحاصصة الطائفية ،ويحقق استقلال العراق الناجز، ويحافظ على وحدته أرضا وشعبا ،ويعمل على استعادة مكانة العراق في الإقليم، بالشكل الذي يعيد الاستقرار والتوازن للمنطقة ككل.وعندئذ ينعم الجميع بهذا الاستقرار، الخالي من التدخلات الإقليمية والدولية ،على حد سواء.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢٠ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / حزيران / ٢٠٠٩ م