النشاط ألدكاكيني .. ظاهرة مقصودة افرزها الاحتلال

 
 
 

شبكة المنصور

هـــداج جــبـــر
قبل الاحتلال، كان النشاط الاقتصادي، في العراق، يرتكز على تنمية متوازنة، وشاملة، لكل قطاعات الاقتصاد الوطني.ولم يكن هناك فوضى في الأداء الاقتصادي في السوق، لأي نشاط تجاري مرافق. حيث كانت الأمتدادات الأمامية للنشاط الاقتصادي في البلد، تعتمد في توزيع مخرجاتها، على أجهزتها التسويقية مباشرة، أو من خلال قنوات توزيع مركزية أخرى، أو الوكلاء من القطاع الخاص.


ورغم الحصار الجائر، الذي فرض على العراق، وما افرزه من تداعيات، على الوضع في السوق المحلي، حيث كانت بعض الصناعات، تعاني من اختناقات شديدة، في توفير مدخلات  إنتاجها ،وما تركه ذلك، من اثر سلبي حاد، تمثل بشكل عجز واضح، بعرض السلع في السوق، وبالتالي اختلال واضح ،في دالة توازن السوق. إلا أن الاتجاه العام،لوضع الأسواق في العراق، بقي يحوم على هوامش نقطة التوازن، بفعل تدخل أجهزة الدولة، بمنظور مسؤول، لإسعاف حالات الاختناق، والعمل على إيجاد توازن، واستقرار دائم، برغم الصعوبات البالغة ،التي كانت تواجه تلك الأجهزة، بسبب الحصار الظالم، وصعوبة التحرك بمرونة لأختراقه.


وكان الهدف من ذلك المسعى النبيل من أجهزة الدولة، للحفاظ على استقرار السوق، وتوجيه النشاط ،بشكل مركزي، هو الحفاظ ،على تأمين لقمة العيش للمواطن ،وعدم التساهل، مع أي ظواهر سلبية، تعرقل تدفق السلع  إلى السوق،سواء بآليات الإنتاج المحلي، أو من خلال الاستيراد، لتعويض عجز الإنتاج المحلي.


ولم يكن الاهتمام المركزي بتحقيق التوازن العام، في الاقتصاد الوطني، هدفا مجردا، ينصب على مجرد تحقيق توازن السوق، والحفاظ على هيكل الأسعار، ومنعها من الانهيار، ولا فقط من قبيل الارتقاء بأداء النشاط الإنتاجي والتوزيع، في إطار نظرة اقتصادية مهنية صرفة، مع أن تلك الأهداف ،كانت كلها، دوما حاضرة ،في ذهن صناع القرار، إلا أن الهدف، كان منصبا ،على النهوض بالاقتصاد الوطني، بنظرة تنموية شاملة، تستهدف الارتقاء بالأداء، كما ونوعا، بمعدلات محسوبة، وبالشكل الذي يحقق التوازن العام قي الاقتصاد الوطني، ويحقق الرفاهية الممكنة، للمواطن، بأقل كلفة، و تخليصه من أي حالة استغلال.


ومع كل الضغط المركزي ،على قنوات السوق ،سواء تلك التي تنتمي منها إلى القطاع العام ،أو المختلط، أو الخاص، فقد كان التوجه العام للنشاط، في كل أروقة تلك الحلقات ،هو نبذ استغلال المواطن، والذهاب بعيدا ،في القبول، بفكرة النفقات الضائعة، في بعض حلقات النشاط الاقتصادي، وخاصة القطاع العام منه ،لان الأصل من وجوده، هو النهوض بأعباء التنمية  في البلد ،على أسس و أهداف اجتماعه، تتجاوز الأبعاد الاقتصادية، بحسابات الربح والخسارة،بمقاييس تجارية مجردة.


ويلاحظ انه مع بدء الاحتلال للبلد، وتدمير هيكل الدولة من قبل المحتل، ظهرت فجأة إلى الوجود، ظاهرة انتشار تجارة الأكشاك والدكاكين ،في كل زقاق من إنحاء العراق، وكأنها قد جلبت مع المحتل، على نفس الدبابة.  واللافت للنظر، أن النشاط ألدكاكيني، يأخذ طابع الفوضى، والنشاط الطفيلي، ولا يهتم إلا بحسابات الربح والخسارة المجردة، بنظرة القطاع الخاص الأناني فقط.


والملاحظ أيضا، أن هذا النشاط، طفيليا محضا ،حيث لا يهتم إلا بالتدفق المادي للسلع فقط، بغض النظر، عن دوره في المشاركة بتصنيع السلعة المتداولة بأي نسبة مهما كانت. كما انه لا يهتم ابدآ بموصفات السعة، ولا بجودتها، بل يركز على سرعة التداول، وما اصطلحوا على تسميته بالتصريف.


إن التوسع الهائل بهذا النمط من النشاط ،وبهذا الشكل الطفيلي، وتعطيل الصناعة الوطنية، وفتح السوق على مصراعيه، بدواعي الخصخصة ،هو مسلك هدام، يقوض أسس الصناعة الوطنية، ويشجع النشاط الطفيلي، ويقتل مستقبل البلد الصناعي، ويصب بالمحصلة في خدمة أهداف المحتل.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٢ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / حزيران / ٢٠٠٩ م