البراغماتية الأمريكية .. بين مزاعم الحرية والديمقراطية.. وبين نهج الصدمة والترويع

 
 
 

شبكة المنصور

هـــداج جـبــر
تنصرف إستراتيجية المؤسساتية الأمريكية, في عرض أهدافها، على الشعوب، إلى التمويه، واستخدام أسلوب المعايير المزدوجة في حالة من البراغماتية الواضحة.


حيث يلاحظ ، أنها في تعاطيها مع قضايا الوطن العربي، تركز علي الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، ونشر قيم الديمقراطية، وتعد الجماهير بالرفاهية المزعومة. ولكنها في نفس الوقت، تعمل بجد على إعادة رسم خارطة المنطقة، تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد، من خلال المطالبة بما تسميه الإصلاح الداخلي.


وهذا يعني أن البراغماتية الأمريكية، تعمل وفق آليات تحقيق المصالح القومية الأمريكية، في التعاطي مع قضايا المنطقة، بغض النظر عن التداعيات التي تتركها هذه السياسة، من آثار سلبية على أوضاع الشعب العربي، وأسلوب حياته الخاصة.


وقد لا تتردد البراغماتية الأمريكية أبدا، من العمل على إسقاط النظم في المنطقة، إذا ما اقتضت حسابات المصالح ذلك.
ولعل ما حدث للقطر العراقي، بإسقاط النظام الوطني، والإطاحة به، بشكل عدواني، بالاحتلال المباشر، يؤكد صحة هكذا طرح وتحليل، عند التعاطي مع البراغماتية الأمريكية، العارية من قيم العدل والإنصاف.


وقد عاش الجميع، الأضرار التي ألحقها نهج الصدمة والترويع ،بالعراق شعبا وأرضا ومعالما ومنجزات، بناها الشعب العراقي بتضحياته ونضاله، في مسيرة تحرره الوطني والقومي.


ولعل اعتماد النهج الطائفي، من خلال أسلوب المحاصصة، الذي ابتدعه وفرضه( بريمر) سئ الصيت، والسعي العملي لتقسيم العراق، وإثارة الفتنة الطائفية، وإحداث الفراغ الأمني، بحل وتدمير أجهزة الدولة، لإحداث ما أسموه بالفوضى الخلاقة.. يعكس أن نهج الترويع والصدمة، هو إستراتيجية أمريكية ثابتة ومعتمدة، بصرف النظر عن الادعاءات، التي تطلقها مراكز القرار الأمريكي، وترويجها لمفاهيم الحرية والديمقراطية ،التي تتبناها مراكز البحوث، وسائل الإعلام الأمريكية، في حملة ضخمة، لتضليل الرأي العام، في بلدان الشرق، والوطن العربي، على وجه الخصوص.


 على أن حقيقة التوجهات الأمريكية في هذا المجال، قد انكشفت تماما، وبانت حتى للبسطاء من الناس، ولا سيما بعد ما لمسوه، من  ترويع، وقتل، وتهجير، وإفقار.. بعد أن أوهمتهم الدعاية الإعلامية الكاذبة ،بالفردوس المزعوم، من الرفاهية الكاذبة، والسعادة الفارغة، والإشباع الفقير.


ولعل المؤسساتية الأمريكية، باعتمادها نهج الصدمة والترويع، تحت غطاء الحرية والديمقراطية للشعوب، وبعد اتضاح حقيقة ممارساتها، في احتلال العراق، تارة بدعوى امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، وتارة بمزاعم تعاونه مع القاعدة، وأخرى بدعوى دكتاتورية النظام الوطني، وضرورة إسقاطه، لإشاعة الديمقراطية فيه، قد خسرت فرصة التاريخ ،في إمكانية إشاعة القيم الديمقراطية، بصيغة الإشعاع والنموذج. وبالتالي.. فإنها تركت أجيالا، من ضحاياها، ليس في العراق وحسب، بل في الكثير من مناطق الصراع في العالم، والتي صدمتها بالترويع، القوة الأمريكية الغاشمة، يشعرون بالأسى والكراهية، تجاه سياسة المعايير المزدوجة، التي دأبت البراغماتية الأمريكية ،على اعتمادها، في التعامل مع قضاياهم، وقضايا بلدانهم العادلة،وبالتالي فأنهم لم يعودوا يصدقون الادعاءات الباطلة،وخاصة فيما يتعلق منها بقيم الديمقراطية المزعومة، وحقوق الإنسان، التي تتشدق بها المؤسساتية الأمريكية، ووسائل الإعلام المرتبطة بها.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٢١ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / تمــوز / ٢٠٠٩ م