عبيد الاوهام في حكومة جمهورية المنطقة الخضراء

 
 
 

شبكة المنصور

د.مثنى عبد الله / باحث سياسي عراقي
ليس كل مايلمع ذهبا , هكذا قالتها العرب وهي تصف الوهم والواهمين الذين يركضون وراء السراب متخيلين أن باستطاعتهم التحليق عاليا باجنحة الشمع التي ركبت لهم والوصول الى الشمس .


ولو أسقطنا هذا المفهوم على الواقع السياسي لوجدنا بان البعض ممن يتصدرون المواقع الاولى في صدر السلطة والذين وصلوا اليها هرولة خلف دبابة محتل , وبحسابات طائفية دقيقة , وتحاصصات حزبية ضيقة , ليس فيها أدنى حد من الوطنية والحرص على الوطن كوجود وهوية وقيم عليا , فاننا سنجدهم لايستحقون حتى أن يكونوا في الصف العاشر أو حتى المئة حينما نصف هذا بانه سياسي من الصف الاول والاخر من الصف الثاني وهكذا ,فالقيادة قيم سامية ومبادئ عليا ورجولة مسؤولة وترفع عن الصغائر والاحقاد والانانيات والمصالح الضيقة ونظرة أبوية الى أسرة كبرى , وتوافق بين القول والعمل وسيفا مسلولا في اوقات المهمات الصعبة ,وكفتي ميزان لايعرف الاكل من جرف هذا لحساب ذاك , عندها يصبح من يحمل هذه الصفات هو الملاذ الوحيد والمنقذ للامة وقد عبر الخليفة الراشد علي بن ابي طالب عن ذلك حين قال (كنا نلوذ برسول الله عندما يحمي الوطيس) معبرا ابلغ تعبير عن أهمية القائد الصالح والحقيقي لشعبه , وهو السبب نفسه الذي دفع علماء الامة الى منع القائد صلاح الدين الايوبي من الذهاب الى الحج بالرغم من أنه عقد الصلح مع قلب الاسد معللين ذلك بان الحاجة اليه كقائد لازالت مطلوبة حتى في وقت السلم , مغلبين مصلحة الامة على فروض العبادة التي هي عبادة ايضا .


لقد توهم زعماء الطوائف في العراق بانهم أصبحوا قادة يشار لهم بالبنان بعد أن أوهمهم البعض بان (صولات الفرسان , وزئير الاسد , ومطاردة الجرذان, وبشار الخير 1 , وبشائر الخير 2) ضد المواطنين الابرياء و ضباط الجيش العراقي السابق , هي معارك حقيقية كفتح عمورية والقسطنطينية , وان التصريحات الهوائية المرتدية ثياب الوطنية زورا وبهتانا والتي تخفي تحتها سعيا غير شريف لكسب مصالح حزبية ضيقة , هي التي ستسدل الستار على تاريخهم المخزي الممتد عبر سنوات الحصار الظالم الذي قتل أكثر من مليون ونصف المليون طفل عراقي بسبب نقص الغذاء والدواء , والتي كانت لهم فيه بصمات واضحة في استمراره وديمومته من خلال تسريب معلومات كاذبة عن ترسانة اسلحة نووية وكيماوية لاوجود لها الى مرجعهم الاعلى البيت الابيض , ثم قيادتهم عمليات الابادة الجماعية ضد أبناء شعبنا منذ العام 2003 وحتى يومنا هذا بمليشياتهم وفرق الموت التي عرضت علينا أبتكارات لامثيل لها بالقتل بالمثقاب الكهربائي وبالاسيد والاعدامات السرية في سجون الطوائف والاحزاب وغيرها , لكنهم تناسوا بأن شعبنا لن ينسى تراثهم الثر في الجرائم التي ذاقها منهم و قد أشار لهم بما أشار به الصحفي العراقي الى المجرم بوش مرجعهم الاعلى لان البنان يانف أن يشير لهم .


وايغالا من هؤلاء في حقدهم الاعمى على ابناء شعبهم وتخليهم حتى عن أبسط قواعد الاصول واللياقة والحصافة التي يجب أن يتحلى بها من يتصدر الموقع السياسي , نقلت الينا بعض القنوات الفضائية الحكومية قول مايسمى (رئيس وزراء ) في تعقيبه على أغتيال النائب حارث العبيدي من أنه كان يتمنى لو أن القتيل هو حارث الضاري .


أننا نقول بان السقوط دائما مايبدأ في النفس وان النفس الامارة بالسوء والمغلوبة بالهوى تاخذ صاحبها الى فضح نواياه الخبيثة دائما وقد فضح هذا نواياه وأثبت في هذا التصريح بانه ليس أهلا للمكارم ولايمت الى القادة بصلة , كما أن القيادة بمواصفتها الشريفة تأنف أن يوصف بها .


أن التاريخ العربي لم يسجل شماتة بموت أحد ولا أمنية موت لاخر, لكن المراقب الحاذق سيجد بلا شك بان هنالك ترابطا واضحا بين هذا الحديث وبين تخويل عدد من الفصائل الجهادية للشيخ المجاهد حارث الضاري بتمثيلها في المحافل الدولية والاقليمية والتحدث باسمها , مما أثار حقده وجعله يتطاير من فمه دون أرادة منه لعلمه جيدا ماهو الدليل المعنوي لهذه الخطوة , وان الرمزية الوطنية لايمكن أن تؤخذ بدبابة محتل و بالاستيلاء على أسم طائفة و بالتخندق في جحر صغير في المنطقة الخضراء , انها تاريخ حافل بالبطولة موصول من الاجداد الى الابناء لايؤخذ بالاكتساب والتزوير, ويقينا أن مجال المقارنة بين السيوف الخشبية وسيوف الله المسلولة , وبين الدمى المتحركة باوامر امريكية وايرانية واحفاد ثورة العشرين لايمكن أن يستقيم في ظل المنطق والحق .


لقد نسي مايسمى (رئيس وزراء ) بان من أوصله الى هذا الموقع هي المحاصصة الطائفية والعملية السياسية الامريكية وأنه لم يكن في يوما ما راية بين الرايات ولا سيفا بين السيوف وليس له اية جماهيرية وان حزبه من اصغر الاحزاب وان كل أمنيته كانت أن يحتل منصب موظف في دائرة ما وهذا ماصرح به هو الى احد الاشخاص وهويستعد لمغادرة سورية والالتحاق بالعملية الامريكية .


أن حديثه الاخير الذي حاول فيه المسا س بفضيلة الشيخ الضاري لايمكن فصله عن تصريحاته الخائبة أثاء زيارته الى استراليا مؤخرا والتي عبر فيها عن أستهانته بدماء العراقيين وأنها ليست مشكلة كبيرة في تصوره أن يقتل اكثر من مليون ونصف المليون بريء عراقي على ايد القوات الامريكية ومليشياته مبررا ذلك بانها ضريبة التحرير مجافيا بدون خجل الحقيقة الدامغة بانه هو وأعوانه قدموا الوطن على طبق من ذهب الى الاحتلالين الامريكي والايراني وساهموا مساهمة فعالة في تدميره وقتل أبناءه على مدى السنوات السبع من عمر الاحتلال .


أن المنظومة الفكرية الطائفية التي تتحكم بنهج المدعو (رئيس وزراء ) تجد التحدي الاكبر لها اليوم في النهج الوطني الثابت الذي أختطه وسلكه الشيخ حارث الضاري الامين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق , لانه المنهج المقاوم الذي يعزز الوحدة الوطنية والذي يعبر حدود الطوائف والاعراق والمصالح الضيقة , لذلك نجدهم اليوم يجرموا المقاومة ويحاولوا الصاق افعالهم الدنيئة بسمعتها , ويتسولوا لدى دول الجوار العربي للتضييق عليها وأسكات أصواتها ومحرضين أسيادهم الامريكان على أرهابية كل من يدعوا الى الوحدة الوطنية .


لقد رفع من يتولى رئاسة السلطة التنفيذية في العراق الغطاء عن افكاره المريضة وأشهر أفلاسه وأسقط كافة تبجحاته الرخيصة بالدعوة للمصالحة الوطنية وسيادة دولة القانون والعراق الواحد ونصب نفسه قاضيا يجرم كل من يعارض نهجه الطائفي , وهو تعبيىر واضح عن عقدة العجز والفشل التي وصفه بها الامريكان والتي يحاول في كل مناسبة التغطية عليها , وتسويق نفسه بتصريحات عنترية فارغة وبشراء الولاءات بأموال الدولة وتخصيص قوات عسكرية وأمنية مرتبطة به متناسيا بانه يفتقد الى قوة الشرعية الوطنية التي هي جوهر القيادة والتي لاتشترى بالمال والسلاح , و أن المطلوب منه الان تصحيح نهجه الاخلاقي قبل نهجه السياسي وان يغادر مواقعه الطائفية ومحاولاته الانتقاص من الرموز الوطنية والدينية والاجتماعية العراقية , وان يتخلى عن حزمة الدعاية لنفسه التي بدأها منذ رحيل مرجعه الاكبر المجرم بوش , فالتصريحات لارصيد لها في عالم السياسة ولن تبني مجدا لآحد , وان محاولاته لتغييب الاخرين , و الطلاق بين القول والعمل والمراهنة على الوقت وفق أعتبارات تضليلية أنتهازية لن تؤسس دولة ولن تقيم ديمقراطية , فالاوطان تبنى بالعمل الوطني المخلص القائم على نكران الذات وليس بالافكار المريضة واستجداء المواقف من الاخرين لاكتساب الشرعية لان الشرعية تاتي بالفعل الواقعي المدعوم بالنهج الواضح .


أن اللغة التي عبر فيها مايسمى ( رئيس وزراء ) عن حقده الاعمى على فضيلة الشيخ الضاري والمدفوع بالحسد من تاريخ وحاضر هذه الشخصية الوطنية ,أنما هي لغة العراق الجديد الذي يدعو اليه , القائم على تغييب الاخرين وأجتثاثهم , وتهميشهم والانتقام منهم كلما كان ذلك ممكنا , وهي دعوة صريحة بالثبات على النهج الطائفي المقيت الذي يسير عليه ويدعو الاخرين له , وهو في حقيقته وهم قائم على أساس محاولة تغييب الذاكرة العراقية عن الجرائم التي اقترفوها بحق الشعب العراقي .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢٦ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢١ / حزيران / ٢٠٠٩ م