الأستاذ المناضل الرفيق : علي الريح الشيخ السنهوري عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي وأمين سر قيادة قطر السودان

﴿ الحلقة الأولى ﴾

 
 

شبكة المنصور

 

  البعث فى العراق كان يعرف أنه لا يستطيع أن ينتصر على امريكا في الحرب النظامية؟!!

  الحركة الشيوعية عبرت عن المعاصرة دون ان تهتم بالعمق التراثى والروحى والقيمى لشعبنا .

  القاعدة لها وجود محدود في العراق...ولماذا تطارد امريكا حزب البعث ؟

  شعار الاصالة والمعاصرة شكل حلاً حال دون الإنعزال عن العصر وسمح بالتفاعل الحي مع التراث

 

يسرنا ان يكون ضيف «اخبار اليوم» الاستاذ المفكر على الريح السنهوري امين حزب البعث القطرى وعضو القيادة القومية .. مناضل قديم عرف دروب النضال من اجل فكرة آمن بها وعمل بها .. فترة طويلة من الزمان .. محاور ذو افق قوى واسع وشخصية سودانية في طباعه وبساطته .. صريح وواضح في حديثه متواضع في تعامله .. نحاول ان نبحر معه في دروب السياسة ونتابع رحلة حياته الثرة .. موثقين لاحد الاحزاب العقائدية التى شكلت ارثاً من القيم والفكر في الساحة السياسية السودانية .

 

** حزب البعث منافذه مغلقة بينما الاحزاب الاخرى متاحة وتواجده في الساحة الاعلامية عن طريق شعاراته علي الحوائط بينما يجهل الكثير من الناس كنهة الحزب وبرامجه .. ماهو التفسير لهذه الحالة ؟

 

هناك عدة اسباب لهذه الظاهرة وانا اشكرك لانك تطرقت لهذا الموضوع لانه موضوع مهم .وهم يمثل اشكالية قائمة في السودان ومن اهم الاسباب أن حزب البعث نشأ في ظل ( ديكتاتورية) نظام عبود فقد تأسست اول خلية لحزب البعث 1960 وبدأ نشاطه في القطاع الطلابي في الجامعات والثانويات ..وكان اعضاؤه يتعرضون للاعتقال مثل محمد سليمان محمد الخيلفة أول أمين سر للحزب وبدرالدين مدثر امين السر السابق رحمهما الله وغيرهما الذين اعتقلوا ابان ديكتاتورية نظام عبود .وللفصل من الدراسة كما فصل الشهيد محمد سليمان الخليفة واضطر للهجرة الى سوريا للدراسة هذا جانب . 

 

** ماهو الجانب الاخر ؟ 

 

الجانب الاخر ان حزب البعث  قد نشأ في السودان بعد قيام تنظيمين عقائديين هما حركة الاخوان المسلمين والحزب الشيوعى وكلا الطرفين كان يعتقدان ان حزب البعث يمكن ان يزاحمهم في ساحة الحركة الطلابية .. من جانب الاسلاميين كانوا يعتقدون ان حزب البعث بتعبيره عن ( الاصالة والمعاصرة) يمكن ان يسحب البساط من تحت اقدامهم لانهم حصروا انفسهم في الجانب (الماضوى) من التاريخ العربى والاسلامى هذا التعبير الذى يجمع بين الاصالة والمعاصرة يشبع عند الانسان حاجته ( للتمترس) وراء تراثه دون الانعزال عن العصر .. 

 

لذلك رأوا في البعث بديلا لهم .. بديل تاريخى وبديل ايدلوجى وبديل سياسي .. كذلك الحركة الشيوعية التى عبرت عن المعاصرة دون ان تهتم بالعمق التراثى والروحى والقيمى لشعبنا  , أى انها تجاوزت اصالة هذا الشعب , كانت تري في البعث الذى يعبر عن المعاصرة مع التعبير عن عمقه الاصيل ايضا بديلاً تاريخيا وفكريا وسياسياً لذلك عمل التنظيمان الاسلامى والشيوعى علي محاصرة وخنق التيار القومى منذ نشوئه وناصبوه العداء الشديد . 

 

من ناحية ثالثة : فان حزب البعث لم يكن حزب قبيلة او طائفة ولم يستظل بانتماء جهوى قبلى حتى يكون له قاعدة جماهيرية وانما اعتمد في كسب عضويته علي القناعة بفكر البعث . 

 

ومرحلة مابعد ثورة اكتوبر 1964التى توفرت فيها اجواء للممارسة الديمقراطية كانت مرحلة صعود الناصرية ومرحلة المد الناصرى القوى في السودان وهذا المد قد تسلقته كافة الاحزاب السياسية ولو رجعت لبرامج حزب الامة والحزب الاتحادى وبشكل خاص الحزب الشيوعى في تلك الفترة ستجد ان برامجهم هى برامج ناصرية لذلك استطاعوا ان يحتووا الى حد ما المد الناصرى الذى كان ينبغى ان يصب في اتجاه البعث باعتبار (الفكر الواحد والخندق الواحد) او تمكنوا من تحييد هذا المد من خلال تسلقهم له . ومن خلال تبينهم لشعارات واهداف حركة الثورة العربية في والوحدة و الحرية والاشتراكية.

 

كذلك في مرحلة نميرى  والانقاذ كان حزب البعث باعتباره حزباً متمسكا بالمبادئ ومستعدآ للنضال .. الاكثر تعرضا للقهر والتعذيب  والعسف .. فقدم كواكب من الشهداء في مختلف القطاعات المدنية والعسكرية . وعانى المناضلون من التشريد من الخدمة ومن عدم التوظف في دوائر الدولة ...... لهذه الاسباب فقد تكالبت أوسع القوى علي محاصرة هذا الحزب جماهيريا والتعتيم على دوره النضالي وذهب البعض الى تشويه سمعته واختلاق افكار غير صحيحة عن تاريخه وتجربته واهدافه وعن نواياه، !! يضاف لذلك عوامل اخرى .

 

هى الموقف من تجارب البعث خارج السودان فالأحزاب التى تتكئ علي الغرب او الشرق اتخذت موقف سلبى تجاه حزب البعث لان حزب البعث التزم (بالاستقلالية) إلتزم الدفاع عن استقلالية الامة العربية. واستقلالية قرارها واستثمار ثرواتها ورفع شعار نفط العرب للعرب . وان ثروة العرب للعرب . ولان هذا الحزب كان يسعى لتوحيد هذه الامة . وبناء نظام تقدمى لذلك وجد محاربة من الكتل الدولية الطامعة في السيطرة او في ايجاد مواطئ  قدم للنفوذ داخل الوطن العربى . واتفق الغرب والشرق علي محاصرة تجارب البعث واضعافه بالرغم من استعدادها للتعامل مع تجارب لا تنسجم  في ممارستها مع القيم المعلنة شرقاً او غربا .. لان التجارب الاخرى بحكم تركيبتها القطرية لم تكن تتعارض مع المصالح الاساسية للكتل الدولية والاقليميه ولا مع استراتيجياتها في المنطقة بينما البعث كان يتناقض معها تناقض جذرى . ويرفض هيمنة اية استراتيجية دولية علي هذه المنطقة . من هنا كان حزب البعث اول من حارب الاحلاف العسكرية . واول من حارب التبعية سواء للغرب او الشرق ودعا لاستقلالية هذه الامة . وتبنى فكرة ان هذه الامة امة اصيلة .. مرت بعهود من الإنحطاط ولكنها امة قابلة للتجدد قابلة للنهوض والانبعاث من جديد ..ليس بذات صيغة انبعاثها في عصورها القديمة قبل الاسلام سواء الحضارات العراقية او اليمنية والشامية والمصرية و السودانية..الخ  ولكن بما يتناسب مع ظروف هذا العصر . 

 

** أمة رسالة ..  ماهى خصائص ومعالم هذه الامة المنبعثة من جديد ؟

 

ان هذه الامة تذوقت طعم الرسالة اى انها ليست امة تعمل لذاتها وتنهض لذاتها وانما يقترن نهوضها برسالة انسانية لتحرير كل الانسانية للوقوف مع كل حركات التحرر .. مع العدل مع السلم في العالم.. انها امة ترفض الظلم لها ولغيرها وترفض العجرفة القومية والعجرفة العنصرية والعجرفة من اي نوع كان ، وانها الامة التي حطمت الامبراطوريات التي تسلطت علي الأنسانية من قديم الزمان . 

 

انها مؤهلة الان لتحرير العالم من سيطرة هذه الامبراطوريات وعندما انهار المعسكر الشيوعي وتفتت الاتحاد السوفيتى وتمكنت الولايات المتحدة قائدة الامبريالية العالمية من التربع علي عرش القطبية الاحادية وجهت عدائها بالدرجة الاولي للامة العربية .. ان عدائها للاسلام مقصود به في الدرجة الاولي الامة العربية . لأن العرب هم قلب الاسلام ..  وهم الملاك الذي حمل الرسالة والقادر علي حملها من جديد اتساقأ مع تاريخ الرسالة وطبيعتها ولغتها ودورهم الاساسى فيها . وبحكم تراث هذه الامة التي عندما نهضت استطاعت ان تستوعب اقوام مختلفة انصهرت كلها في بوتقتها اي ان هذه الامة العربية لم تتكون من الاساس تكونا عنصريا . فهى ليست امة عرق او عنصر انما هي امة حضارة وثقافة ولغة .. والرابط بين ابنائها هو الحضارة والثقافة واللغة والتاريخ والمصير المشترك .. اى هى امة منفتحة وبالتالى امة قابلة للتمدد ولكن هذا ليس هدفها .. ..التمدد يأتى نتيجة لانها تحمل رسالة انسانية عادلة .

 

** بكل تلك المقومات التى تحملها الامة العربية كيف هى مع نظرة الغرب لها .. علي ضوء الواقع القائم العالمى منها وخلق صراعات ضدها ؟

 

ذاكرة الغرب بشرقه وغربه تختزن هذه المعلومات عن هذه الامة وعن دورها التاريخى ولذلك وجدت الامبريالية العالمية بعد انهيار المعسكر الشيوعى وتفتت الاتحاد السوفيتى . ان صراعها الاساسى ينبغى ان يوجه لهذه الامة . وصدرت افكار كثيرة ( صراع الحضارات .. والاسلام هو العدو  الخ) وانت تعلم ان الغرب لايميز بين الاسلام والعروبة .. وهذه حقيقة لان الاسلام والعروبة وجهان لعملة واحدة.. مترابطان عضويآ.. بينما نحن في بلادنا نجد ان بعض الشعوبيين يميزون بين الاسلام والعروبة يريدون ان يخلقوا تناقض مصطنع بين الاسلام والعروبة .. وهذه الدعوة البعثية لانها دعوة عميقة ، لانها دعوة تسعى لتغيير جذرى في الواقع العربى نحن نستخدم مصطلح الانقلاب علي الواقع . ليس المقصود بالانقلاب علي الواقع كما يروج اعدائنا ( بالانقلاب العسكرى) الانقلاب علي الواقع اى التغيير الجذرى للواقع .. نريد ان نغير واقعنا كعرب .. وان نغير واقعنا كافراد وكمواطنين . اى ان الانسان يجب ان ينقلب علي مفاهيم الواقع الفاسد الموروث من عهود الانحطاط .. وبالتالى ان تنقلب الأمة علي هذه المفاهيم وتحرر نفسها وتنبعث من جديد حتي تكون مؤهلة وجديرة بحمل رسالتها تجاه الانسانية .. هذه المفاهيم العميقة تجعل الفكر البعثى يصطدم بقوى متعددة .. يصطدم بالتخلف كواقع وبالقوة التى يفرزها واقع التخلف الموروث وتصطدم بالقوى الجديدة التي أستلبت ثقافيا من قبل الغرب سواء كان الغرب الرأسمالى او الشيوعي ....أستلبت ثقافياً بحيث انها صارت ترى النموذج والقدوة في تجارب الغرب الرأسمالي أو الشيوعى .. لقد اصطدمت الامة العربية في نضالها من أجل الوحدة والتحرر والتقدم كما اسلفت باستراتيجيات القوى العظمى الطامعة في المنطقة . واصطدمت الي جانب ذلك كله وفي المركز ببناء كيان صهيوني يفصل بين مشرق الوطن العربى ومغربه . كيان عنصرى عدوانى كان الهدف الاساس من اسناد الغرب له وتعزيزه هو ان يلعب دوراً معوقاً لوحدة ونهوض هذه الامة . 

 

القضية ليست قضية حدود في صراعنا مع الكيان الصهيونى .. بان ياخذ دولة في جزء من فلسطين وياخذ بقية الشعب دولة في الجزء الاخر ان هذا الكيان له هدف والقوى التى زرعته لها هدف في هذه المنطقة.. ومن بين اهدافها الحيلولة دون نهوض هذه الامة ,  فتكالب مجموع هذه القوى كان من شأنه ان يضعف حركة الثورة العربية .

 

ويمكنك ملاحظة ان بعض الانظمة الرجعية تقبل باحتضان احزاب مثل الحزب الشيوعى وتنمى وتغذى الحركات الاسلامية . وان قوى مناهضة للاسلام مثل القوى الرأسمالية الغربية تتبنى حركات اسلامية معينة وتدرب كوادرها بما فيها كوادرها الامنية في الولايات المتحدة ولكنهم جميعاً يسعون لايجاد بدائل لفكر البعث ولتجربة البعث .. فاحتضان هذه الحركات والترويج لها الهدف منه هو محاصرة تجربة البعث . وعندنا الان تجربة حية في العراق .

 

** لندلف الي الساحة العراقية ونستجلى حركة المقاومة التى هى في مواجهة مباشرة ..يومية فما هى قراءتكم لها من خلال تطورها اليومى ..؟ ومن خلال تحليلكم السابق لمحاولات طمس معالم البعث العراقى هناك ؟


في العراق .. لا اقول ان البعثيين ينفردون بالمقاومة ولكنهم اول من بادر بها في 9 ابريل2003 م وخططوا لها واعدوا لها عدتها ولذلك انطلقت من اليوم الاول للاحتلال باعتبارها الصفحة التالية فالصفحة الاولي كانت المواجهة شبه العسكرية لقوات الاحتلال وكان البعث وقادته يدركون انهم لا يستطيعون ان ينتصروا على الامبريالية العالمية ومن هم ورائها في حرب نظامية لذلك اعدوا الصفحة الثانية وهي الحرب الشعبية (حرب العصابات) مع ذلك نحن نعترف بان هناك قوى أخرى دخلت في هذا الميدان لأن كل العراقيين لهم مصلحة. وعليهم واجب وطني وقومي وديني في مواجهة  الاحتلال. فكان من الطبيعي ان أية مجموعة عشرة أو عشرين او مائة أومائتين أن نكون لها تنظيماً وان تقاتل ونعتبرهم جميعاً في خندق واحد ولكن انت لا تسمع في اجهزة الإعلام العربي المتأمرك إلا ما ندر كلام عن مقاومة البعث للاحتلال داخل العراق! إنما الترويج جله لتنظيم القاعدة ..التي هي تنظيم دخل العراق بعد عام ونصف من الاحتلال .. وله وجود ولكن وجوده محدود ..وجود فني ..يمكن ان يكسب مجامبع في مناطق مختلفه ولكن ليس لديه عمق شعبي فضلا عن انه يلعب دوراً طائفيا وهذا يعني ان امريكا تحقق ثلاثة أهداف من خلال الترويج للقاعدة في العراق.. الهدف الاول التعتيم على المقاومة البعثية والتي هي الأساس في المقاومة في العراق .. الهدف الثاني خلق اصطراع طائفي لأن القاعدة تمثل التطرف في وسط السنة. وهي لا تستطيع ان تكسب في الوسط الشيعي . الهدف الثالث اضعاف المقاومة من خلال اشغال الشعب العراقي بالفتن والصراعات الطائفية.

 

** حزب البعث مطارد في كل البلدان أو أغلب البلاد العربية.. ألا يكون هذا مبعث سؤال .. لماذا هذه الحرب ضد البعث بالذات؟

 

واذا نظرت إلى أية ساحة من ساحات الوطن العربي .. تلاحظ ان هناك ترخيصاً يعطي لمختلف الاحزاب السياسية المتطرفة . ولكن يحظر على حزب البعث العمل القانوني . فيما عدا قطرين هما (الأردن واليمن ) حيث يسمح لحزب البعث بالعمل مع القيود القانونية في قانون الاحزاب وفي لبنان أخيراً وباسم غير اسمه . في موريتانيا حل الحزب ما لايقل عن عشرة مرات وفي كل مرة يضر لان يأخذ الترخيص باسم جديد و بمؤسسين جدد. فلماذا هذا التوافق في كل الوطن العربي على محاربة البعث. هناك مركز يسعى لاجتثاث البعث وله سياسة معلنة هو المركز الامبريالي الصهيوني الرجعي الذي طرح قانون وخط اجتثاث البعث, وليس حظره وايقاف نشاطه انما اجتثاث, واجتثاث يعني انتزاع من الجذور وكل الأنظمة الخاضعة للامبريالية تنفذ هذه السياسة .. وليس الأنظمة وحدها إنما هناك نخب وافراد وقوى نافذة في بعض الأحزاب لها ارتباطاتها بالامبريالية والصهيونية عدا عن دوافعها الذاتية كلها تسعى لمحاصرة البعث.. ومع ذلك ظل البعث صامد.. غير قابل للاجتثاث وغير قابل للمحاصرة ولكنه يشق طريقه يوماً بعد الآخر... يحاصرونا في الإعلام ننتشر وسط الطلبة .. الآن حزب البعث في السودان هو القوة الطلابية الأولى إذا استثنينا المؤتمر الوطني! فحزب البعث هو التنظيم الأول في جامعات السودان !

 

** بعد هذه المرافعة التي شملت حزب البعث في مسيرته وفكره لابد أن نطرح السؤال بكل وضوح وصراحة... وهو: هل معني ذلك ان حزب البعث بكل هذه القوة حتى يحاربه الغرب وتحاربه الدول وتفرد له المخططات من اجل اجتثاثه؟!

 

أقوى ما في البعث هو فكره.. فكر البعث يخاطب الفطرة السليمة عند الإنسان .. الفكر الذي يوحد الشخصية العربية .. فأنت حينما تكون بعثيا فانك لا تعاني من أن انتمائك هذا سوف يجعلك تخسر دنياك أو تخسر آخرتك .. لان حزب البعث هو حزب الايمان البعث مع الإيمان ضد الإلحاد وفي نفس الوقت لا يغفل عن الواقع ...ينطلق من تراثه ومن قيمه الروحية ولكنه منفتح على الواقع المعاصر فهو حزب المعاصرة وحزب التحرر وحزب الاشتراكية . فهو الحزب الذي يوازن بين الدنيا والآخرة. يجد فيه الإنسان العربي ضالته ولكن لايجد هذ التوزن أو هذا الفكر الذي يوحد شخصيته في أي فكر آخر .. إضافة لذلك فحزب البعث قد شخص الواقع العربي تشخيص دقيق وعميق وانطلق من هذا الواقع..  لكنه لم يستسلم له...  فهم الواقع وانطلق منه لتغييره . هناك قوى تفهمت الواقع العربي ولكنها عملت على تكريس هذا الواقع . هي مجرد تعبير عن الواقع القائم الآن ,الواقع الفاسد , وليست حركة انقلابية على هذا الواقع .. وهناك قوى ليس لها جذور في هذا الواقع .. لم تدرس هذا الواقع ولم تستوعب هذا الواقع.. ولم تغوص في الجذور أنما تطفو في السطح.. ففكر البعث هو اقوى ما في البعث وتجارب البعث قد اثبتت مصداقية البعثيين .. لأن البعث يفعل ما يقول وإذا عاهد صدق وإذا وعد وفا... وهذه تجربتنا الاخيرة في العراق خير دليل على ذلك. فحزب البعث في العراق كان حزب يحكم واحدة من اغني الدول العربية ومع ذلك عندما وضع على المحك ان يختار بين المبادئ وبين السلطة اختار المبادئ.. ان يكون اميناً لمصالح الجماهير أو ان يبقي على كراسي السلطة يتمتع بخيرات العرق اختار ان يلتزم بقضايا الشعب ومصالحه .

 

البعث كان يعرف في العراق انه لا يستطيع ان ينتصر على امريكا في الحرب النظامية ولكن تعاهد البعثيون على ان يستشهدوا أو ان ينتصروا وانهم سوف يقاوموا حتى النصر وقدموا الدليل على ذلك ابتدءا من الامين العام للحزب القائد الشهيد صدام حسين والى اليوم ..لقد استشهد في العراق اكثر من 120 ألف من كوادر البعث العربي الأشتراكي ولايزال البعثيون متمسكون بمبادئهم.. وبدون تحسر على فقدان السلطة.. لان السلطة في نظر البعثيين هي وسيلة لاغاية ,  هي وسيلة لتحقيق أهداف الامة العربية . وان المقاومة تعني تجديد قوى الشعب وتجديد حركة البعث وان الثمن لذلك هو تقديم التضحيات . حزب البعث لم يعِد اعضائه ولم يعِد الامة العربية بان طريقه هو الطريق السهل بل كان مؤسسه المرحوم احمد ميشيل عفلق بؤكد دائمآ بان طريقنا هو طريق شاق ملئ بالتضحيات وانه ينبغي علينا أن نقدم تضحيات عظيمة في سبيل تحقيق أهداف الأمة العظيمة . فالاهداف السهلة لا تحتاج إلى تضحيات كبيرة  لآنها تتحقق بسهولة ولكن الأهداف العظيمة ، توحيد هذه الامة وتحريرها والنهوض بها في مواجهة كل القوى التي ذكرتها في تناقضها وتعارضها مع هذه الأهداف يتطلب تضحيات كبيرة بالنفس وبالمال وبكل شئ . فهذه التجارب الكبيرة والعظيمة. مواجهة الامبريالية والصهيونية .

 

والقوى التي يفرزها واقع التجزئة والتخلف والتبعية في بلادنا هي التي تجعل البعث يواجه قوى واسعة جداً .

 
 
صحيفة أخبار اليوم السودانية بتاريخ ١٠ / تمــوز / ٢٠٠٩ م
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٠٧ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٩ / تمــوز / ٢٠٠٩ م