شكراً إسبانيا نتفهم استماتتكم في الفوز على جنوب أفريقيا  الكروي رغم أن التعادل كان سيكفيكم

 
 
 

شبكة المنصور

طلال الصالحي
كرة القدم  ً , نظراً لشعبيّتها الكبيرة , لا يخلو  جوّها العام من  الوقوع تحت  التأثيرات والتقلّبات السياسيّة في كثير من الأحيان , بشكل أو بآخر..


 وبطولة القارّات , هي البطولة الأكثر أهمّيّة عالميّاً  بالنسبة للفريق العراقي  أو غيره من الفرق ذات المستويات  الغير ثابتة , كون مثل هذه البطولات  فرصة لا تعوّض , لما تتمتّع  من ميزة  عامل الاحتكاك الجاد  سيعرف أهمّيّتها  من ستسوقه  حظوظه  للوصول إليها  ليتبارى أمام أقوى الفرق العالميّة , ممّا سيسهم  بالتالي , في رفع مستوى الكرة في بلاده  , ومنها الفريق العراقي الذي يكفيه  فخر الوصول  إليها  بكل تأكيد , بعيداً  عن ضيق أفق دائرة الكرة الأسيويّة  التي   تعتبر الحلقة  الأكثر ضعفاً  على المستوى العالمي  , وهذه  من  الأسباب الرئيسيّة  التي أبقت طبيعة الإحتكاك  بمستويات فرقها المتواضعة , الفرق العراقيّة , بين المدّ والجزر , رغم تاريخها الطويل  الأعمق آسيويّاً  وأفريقيّاً ... "عدا العصر الذهبي  في العراق  بعد ثورة  السابع عشر الثلاثين من تمّوز  وبعد  التأميم  العظيم   الذي  ترك بصماته  بكافة مجالات الحياة  العراقيّة , ومنها  ما وصلت  بفضله الرياضة العراقيّة عموماً  وكرة القدم  خصوصاً من تقدّم ورقيّ تشهد  لها الساحات الدوليّة قبل المناطقيّة  , نتيجة التخطيط السليم والعلمي الذي كان طابع الرياضة المميّز في تلك الفترة" ...


فلو  تركنا جانباً  التحليل  الفني  لمستوى الفريق العراقي  الذي ظهر عليه  في هذه البطولة  التي خرج منها الفريق من  مرحلتها الأولى  عقب ثلاث مباريات خاضها الفريق  لم يكسب منها سوى نقطتين  جاءتا  من تعادلين  سلبيّين  من مباراتين  خاضهما  الفريق , وخسارة واحدة أمام  المنتخب الإسباني الأقوى عالميّاً , والتي ظهر فيها الفريق العراقي  بمستوى خططي عالي , تطبيقاً وتنفيذاً  , وهذا  نتركه للمختصّين بالشأن الكروي , فلهم  تحليلاتهم  وتشخيصاتهم  الأكثر دقّة  ممّا  نتطرّق  نحن  إليه , غير أن  المستوى الأخلاقي العالي  للفريق الأسباني , وهو الجانب الأكثر أهميّة بالنسبة إلينا , والذي ظهر عليه اللاعبون الأسبان  أمام  الفريق الكروي لجنوب أفريقيا  في آخر اللقاءات الكروية بين الفرق في مرحلة البطولة الأولى  , أثار فينا الإعجاب  تجاه هذا الفريق , وذلك عندما  عبّر  بنواياه  الإنسانيّة  عن قيمة الروح الرياضيّة العالية  التي يجب أن تتمتّع بها جميع الفرق , خدمةّ للأهداف السامية المتوخّاة  من اللقاءات  الرياضيّة  بين الشعوب والدول  ,  فإضافةً  للروح  العالية  التي ظهر عليها الفريق الإسباني لعباً وأداءاً  , إلاّ أن   للجانب  الأخلاقي  كان  لهذا الفريق  الحصّة  الكافيّة  التي عبّرت عن  القيم المعنويّة  الإنسانيّة التي أراد  أن يظهر عليها , خاصّة  استماتته  في مباراته الخيرة  من  المرحلة الأولى من البطولة  أمام فريق جنوب أفريقيا من أجل  أن يخرج , وبكل ما أوتي من قوّة , ويبعد  نفسه  عن دائرة  الاتهام  التي  طالما  لاحقت  فرق  ذات مستويات عالية  خانت  الشرف الرياضي لأجل إغراءات ورشاوي مادّيّة  أو لأجل استعلاء معيّن على فرق  يجب أن  يقدّر لها  أن تبقى في ذيل  القائمة الرياضيّة  إلى الأبد ! ..

 

الفريق الإسباني خرج  من هذا الشرك ,  وسعى لأن  يقدّم  مستوى كروي  عالي  لا يخلوا من قيمة خلقيّة سامية , إضافة  لما  يُفهم  من هذا الأداء المتكامل  , وهنا  بيت القصيد  من هذا المقال , وكأنّ الفريق الإسباني  أراد أن يقدّم  هديّة  ثمينة  وغالية  للفريق العراقي لأجل  مساعدته   للترشح للدور الثاني للبطولة ! ,  وهذا  بحدّ ذاته  لا  يخلوا بنظرنا  من  التأثير السياسي  الذي دفع هذا الفريق العظيم  ليؤدّي هذا الأداء المبهر  لعباً وخلقاً رفيعاً  ,  كان  ثمرته  فوزاً  مهمّاً على الفريق الأفريقي  كانت نتيجته هدفين للاشيء , رغم أنه كان يسعى بكلّ قوّة  لتسجيل الهدف الثالث ! , وهي نتيجة تكفي  الفريق العراقي  معها  لأن  يسجّل هدفاً واحداً على الفريق  النيوزيلندي لكي  يتأهل للدور الثاني ! ولكن الحظ لم يحالف الفريق العراقي  , وكأنّ الفريق  الأسباني  أراد بهذا الفوز  أن يعتذر للشعب العراقي , ممثّلاً بفريقه الكروي ,  عن الخطأ العظيم الذي  سبق وأن ارتكبته  قيادته السياسيّة   عندما  شاركت المجرم الدولي  بوش الصغير في غزو العراق وتدميره  وقتل وجرح وتهجير الملايين من شعبه   بحربه  الإجراميّة التي أذهبت   في النهاية  بريح مشروع القرن الأميركي وطوته مقاومة العراق الكونيّة  وداسته  بأقدامها وأرجعته ركلَةً  قويّة  في  نحور  عصابة  اللوبي الصهيوني المجرم ,غير  أنّ الفريق العراقي  جانبه الحظّ  , رغم   تميّزه بمستوى  جيّد جدّاً  من الأداء  كاد  يسجّل  نتيجته على الفريق النيوزيلندي أكثر من هدف لولا  الاستماتة   الكبيرة  التي ظهر عليها الفريق النيوزيلندي , وبشكل  يدعوا للاستغراب , والريبة  !   ويثير الشكوك  بمن  وقف  وراء  هذه الاستماتة  ووراء  روح  الاستقتال هذه  وهو  يوقف زحف الفريق العراقي ويحدّ من خطورته !  وقد كبرت علامة الاستفهام التي  تحوم حول الفريق  النيوزيلندي  أكبر  وأكبر  حول الأسباب الحقيقيّة التي حدت  بالفريق النيوزلندي لأن  يكون بهذا المستوى من الفدائيّة التي ظهر  عليها  لاعبوه  , خاصّة  بعد انتهاء المباراة بالتعادل السلبي , عندما  أخذ  يقفز مدرّبهم في الهواء , هو ولاعبيه ! , حتّى يخيّل  لمن يشاهدهم  وكأنّ  الفريق النيوزيلندي قد فاز ببطولة كأس العالم على فريق البرازيل ! ....


الروح الرياضيّة العالية  التي أدّاها االفريق  الإسباني  كان  يجب أن يستغلّها الفريق العراقي  ويشدّ على أيدي  لاعبي الفريق الإسباني بفوز يشارك  به أفراح الفريق .. ولكنّنا  نشدّ على أيدي الفريق الإسباني  ونشكره من أعماقنا  على هذا الخلق الرفيع  ونكران الذات العالي  التي ظهر  عليها .. ونكبر  فيه هذه الروح الرياضيّة  التي أبداها الفريق الإسباني  والتي , بالمقابل , وبعكس  الفريق الإسباني ,  حين  تعود  بنا  الذاكرة  إلى الوراء , حين نتذكّر ,  الفريق  البرازيلي ! ,  في أحدى بطولات كأس العالم الكرويّة , وما تركته تلك البطولة في نفوس الجماهير العربيّة من أسى وشعور بالظلم  عندما  تآمر الفريق البرازيلي الأقوى عالميّاً بالاشتراك مع الفريق الألماني الخبيث  وتضافرت  جهودهما الدنيئة  من أجل  إخراج  الفريق الجزائري الشقيق  من تلك البطولة العالميّة  ! ....


  فشتّان  ما بين  قمّتين  رياضيّتين  , ما بين الفريق الإسباني الرائع  بالخلق الرياضي العالي  إضافة لتفرّده  بالمستوى العالمي  الأعلى , إذ  أن  الفريق الإسباني  كان يكفيه التعادل أمام الفريق الجنوب أفريقي  لكي  يصعد  بالترتيب الأوّل  على مجموعته , إلاّ  أنّه , رغم ذلك , لم ينسى  الأهداف الحقيقيّة من اللقاءات الرياضيّة  ! , وما بين  فريق  عالمي  ساحر  الأداء الكروي  , كالفريق البرازيلي ,  لكنّه ترك الأسى  واللوعة في نفوس مئات الملايين من الجماهير العربيّة  عندما  طعن  الفريق  الجزائري بظهره  بعيداً  عن أدنى مستوى من  الأهداف السامية التي  وجدت الرياضة لأجلها ,  وبعيداً عن  والفروسيّة  وبعيداً عن الخلق الإنساني  المعهود في مثل هذه المواقف ! ...


وشكراً  أيضاً للمعلّق العربي الذي كان أكثر عراقيّة من الكثير من العراقيين! ؛ هتافاً  وأعصاباً  وأملاً  وترقّباً  وفرحاً  واسىً  وحسرةً ..


شكراً للحامي الهدف الرائع   والأحسن  حراسةً للمرمى  في البطولة ,  ( البطل محمّد  كاصد ) الذي أعاد  لنا الذكريات الجميلة والرائعة  لمستويات  حماة الهدف الأفذاذ  ـ حامد  فوزي  والمرحوم محمّد  ثامر  ولطيف  شندل والمرحوم ستّار خلف  ورعد  حمّودي  وفتّاح نصيّف  ..


 وشكراً للمتألق  يونس محمود  الذي  أشغل  , في جميع المباريات التي خاضها الفريق  في البطولة , لاعبين , إلى ثلاثة لاعبين ,  من فرق  الخصوم , يلازمونه ملازمة لا هوادة فيها  ..
وشكرا  لجميع اللاعبين ...

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢٦ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢١ / حزيران / ٢٠٠٩ م