استقراء  لبعض من جوانب بيان  القيادة القوميّة لحزب البعث العربيّ الإشتراكي الذي صدر  بمناسبة  ذكرى ثورة ١٧ ٣٠ تموز عام ١٩٦٨ المجيدة .. بعد أن كانت تشاغل الكيان الصهيوني  وتزلزل كيانه ؛ سكتت بفضل حزب  ''الله''

 
 
 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

السكون والهدوء والسكينة وبحبوحة الأمان المتحقّق بشرب دماء من ضحّوا وكأنّ شيئاً لم يكن ؛ يسود  حدود الجبهة الوحيدة التي كان بإمكانها أن تبقى بوّابة جهاد مفتوحة للعرب وللفلسطينيين  تعمل على استنزاف  كيان العدو الصهيوني المجرم المزروع في قلب الأمّة العربيّة والإسلاميّة , جبهة جنوب لبنان  التي كانت في يومٍ ما , وقبل أن يغزوها  ما يسمّى بحزب الله , هذا الحزب  "الثوري" , حزب المواجهة  مع الكيان الصهيوني ,  حزب تحرير  القدس , كما يدّعي قادته  وملئوا  سمعنا  بنغماتها وبصراخ  قائدها  أبو فلاح  الذي تعالت  صيحاته  بها  ليسمع  أرجاء المعمورة  في كل مناسبة  يجدها فرصة  لسوق مبرّرات استيلاء حزبه , وبدون دعم  خارجي! على الجنوب اللبناني  , الجنوب اللبناني الجبهة التي كانت الأكثر استنزافاً  لجهد  الكيان الاستيطاني الإجرامي من بقيّة  امتداد  ما يسمّى اليوم  بالطوق الأمني للكيان الصهيوني ,  فقد  كنّا  نسمع  "أيّام  زمان" , وقبل  التحاء  وجه  المقاومة في  هذا الجنوب  وقبل  تعمّمها ,  كنا  نسمع  الكثير عن  أخبار  التفجيرات  التي كانت تستهدف  جهد  الكيان الغاصب التعبوي  وتستنزف جهده العسكري وتزلزل أركانه في المدن الفلسطينيّة المغتصبة  المحاذية , أو تستهدف  المدن الأبعد من  الجنوب اللبناني ,  وكانت  كذلك تصل العالم  يومذاك  أخبار الهجمات  الفدائيّة  المستمرّة التي كانت تعالج المواقع العسكريّة  للصهاينة  من هذه الجبهة  وتعالج جهده الاقتصادي ومرتكزات تمويله المختلفة   "رغم أن منفذوها كانوا بأغلبهم مقاتلون غير معمّمون وغير ملتحون  بل  إنّ  أغلبهم   كانوا  منهم حتى  "متخنفسون" !  

 

بل ومنهم حتى  "ملحدون"  من الذين نجد بقاياهم  اليوم  , أو ممّن يدّعون انتمائهم  إليهم ! ولكنهم  الآن نراهم  يدافعون باستماتة  لاهبة  مع  أحمرار  كثيف  يعلو الوجنتين  وعصبيّة ثقيلة  تكتنف  غضبتهم إذا ما مسّ أحدهم  جوانب أذيال  حسن  نصر الله  "أبو فلاح"  أو تحدّث عن  "كفنويز"  التيّار في مدينة صدّام  بسوء وهم حاضرون !  ويا سبحان الله  يا سبحان جامع الشامي عالمغربي! كما يقول المثل المصري  ,  فقد  كنّا نسمع  من  هذه المنطقة التي تطلّ  على أرض فلسطين المغتصبة , في تلك الأيّام  ,  ومنذ نعومة أظفارنا  ,  أصداء  العمليّات البطوليّة الخارقة التي كانت تسلخ جلد العدوّ  في المناطق الحسّاسة  منه وترهقه وتُعلي صراخه  , وتجعله بفضل تلك الهجمات الفلسطينيّة ـ العربيّة  , وهي وحدها كانت كافية ,  على الاستنفار والنفير  المستديمان , عسكريّاً  ومدنيّاً  واقتصاديّاً  , ممّا  كان  يكلف هذا الكيان   بالتالي  الأموال الطائلة  وتستنزفه استنزافاً معنويّاً مميتاً !  ,  إضافة  إلى حالة  الرعب  والهلع  التي كان يعيشها  من طول  حالة  الترقّب  والانتظار المُرهَقين ...

 

ألم  تنتبه  هذه المنظمات والقوى ! ...  ألا تنتبه من الذي يشغل الإعلام  حاليّاً عن هذه الحقيقة  الساطعة ومن يجبره على  عدم النطق بها ! ألا ينتبه الشعب العربي ألم  ينتبه  لهذه الحقيقة  مثقّفوا اليسار  وقوى  النهوض  من الغير مرتبطين  بدوائر الحكم السياسي في بلدانها , هلا  لاحظوا  الفرق بين جنوب الأمس  وبين جنوب اليوم الصامت  والذي فصلته عن ماضيه  الملعلع  لعبة  شارونيّة  إيرانيّة صفويّة  لإسكات  بنادق الجنوب بها !  , نحن  يأسنا من  أنظمة الخيانة والعمالة  , أنظمة  "الطوق والبوق" الأمني  للكيان المجرم الغاصب , وهي معروفة  , ولكن ... ألا تنتبه  القوى العربيّة  ومنظّماتها  التحرّريّة  والعروبيّة  والإسلاميّة الحقيقيّة  , إن وُجدت , الغير  مرتبطة  بالدوائر البريطانيّة والصهيونيّة  الّتي صنّعت الحزب الإسلامي المرتدّ  ...  وهو متى كان إسلامي فعلاً  لكي يرتدّ! .... 

 

وصنّعت  من قبل حزب أخوان المسلمين  وأحزاب  بدر والمجلس الأعلى الكيسنجري وصنّعت بأوامر صهيونيّة   حزب "الدعوة"  إلى  تخريب العراق ! وإلحاقه بإيران بقيادة  المجرم دولة نوري جمجم  , ألا تمارس هذه المنظمات والقوى  العربيّة  الخاملة  وتستيقظ  بما فيه الكفاية  لكي  تمارس واجباتها  ودورها  المطلوب منها  في  عمليّات  الضغط الإعلامي  , وهو أيسر الجهاد ! ,  وتجبره على  فتح  قنواته  لهذه الحقائق  والنطق  بها  ولو ببعض  من جوانب منها  أمام الملأ ! , أم أن السكوت عنها  , إضافة  لانشغال  الكثير  من أقلام  الرخص والابتذال   تدّعي العروبة واليساريّة  ولمن يدفع أكثر , بات  من مكمّلات  التطبيل  لإيران  الحليف القوي  للغرب الاستعماريّ  المجرم ! , ألا تناقش  هذه  المنظمات والقوى  العوامل الملفتة للنظر في صمت  جبهة  جنوب لبنان وانكفائه على نفسه  بعد أن أصمّت آذاننا  التصريحات الكاذبة لنائب الولي الفقيه في الجنوب  والتي أشبعنا فيها تهديدات  بإزالة "إسرائيل" من الوجود ! , هذا الصمت الذي  فضح الأهداف الحقيقيّة  التي  تشكّلت  من ورائها  الأحزاب الدينيّة  في جنوب لبنان , كحزب الله  ومن قبله  حزب "أمل" ! , ألا  يمكن البحث عن وسائل ضغط تمارس على وسائل الإعلام  المتصهين  لطرح الحقائق كما هي  لا كما  تراها العين الصهيونيّة ! ,  هل باتت هذه القوى والمنظمات الغير مرتبطة ووسائل الإعلام العربيّة  من  التدهور  المريع  والذلّ والعقم  المستكين  لمقوَد  الإعلام  التخديري  بكافّة وسائله  تعجز عن الوقوف أمام الذات  ومصارحتها  بهذه الحقيقة  وبجملة الحقائق الأخرى المماثلة ! ,  هل أعمتها عن رؤية الحقيقة  الحقن الدسمة الاستهلاكيّة  التي ينبح  بها الإعلام الهزيل  الداعي إلى البلادة  والدياثة  عبر  برامجه  الإعلامية الغازية  والمسيّرة من قبل قوى الغرب الاستعماري  وما تحمله هذه البرامج المنظّمة من كم هائل  من أنواع المعاجين والصوابين  القاصرة  القادرة على غسل أدمغة الشعوب العربيّة   ومن ثمّ غزوها   بعد تهيئتها بكل ما يزرع فيها  الرضا بالذل والتعوّد عليه  والاستكانة  للمهانة  والانقياد الأعمى  واعتبارهما  من  الحالات المعتادة التي لا يمكن  الاستغناء عنها  وبالضبط كما لا  يمكن الاستغناء عن عادات  التدخين وتعاطي المخدّرات على اختلاف درجاتها ! , ألا  يمكن  لهذه  القوى  أن تنتبه  إلى أنّ  الركون إلى  إعلام الغرائز المنشّط   بمختلف  البرامج  الإعلاميّة التي باتت تغزو كل ركن من أركان تواصلنا اليومي مع الحياة  , وهي  عديدة ومتنوعة , هي  من أسباب تلقّي المصائب والكوارث والنوازل التي تحيق بالأمّة وإنزالها في نفوسنا بالتالي  ومع مرور الحَقن  مع الوقت  سنعتبرها حالات طبيعيّة  معتادة  تعوّدنا عليها  وعلى مناظرها  الدمويّة  بل وازدادت كميّة  الجهوزيّة والاستعداد  لدينا  على  تقبّل مثل  هذه الأمور  مع  ازدياد  الضخ الإعلامي المتطوّر  والممنهج والمدروس , نفسيّاً  ومعنويّاً , للكم الهائل من مشاهد الدمار والقتل وأنهار الدماء التي تنقلها  مباشرةّ  "ومن مكان الحدث"  قناتي  "الجزيرة"  و "العربيّة"   يضاف إليهما أخيراً  قناة "الحرّة"  الـ"عراقيّة" هديّة  كولن باول  للعراق وللعراقيّين  !  والتي دفعت هذه القنوات  بمجملها   قنوات البث الرسمي العربي  إلى  الانقياد في حلبة التنافس في هذه المضمار  بعد  أن بلعت الطعم ! .. من المؤكّد , وسط هذا الجو  العربي الخانق  المليء بالدخّان  "الأزرق"   سوف  لا تعنينا في شيء  بعد الآن  ,

 

وأذا ما استمرّ الوضع كما هو عليه ,  لا جبهة الجنوب اللبناني المكتظّة  بالمخيّمات الفلسطينيّة  ولا أمر ما  يعتمل في داخل نفوس  أبنائها  من احتقان  وشوق   العبور إلى  ربوع  الأرض  الأمّ  "فلسطين" بهدف  اقتلاع وحرق  ما يمكن اقتلاعه وحرقه من  دنس  وقاذورات  تمّ  زرعها  ورميها  قسراً على  أرضه , خاصّة  بعد أن تحوّل الجنوب اللبناني إلى  جبهة مساومات  إيرانيّة  ـ  صهيونيّة غربيّة  سيطرت تماماً على الجنوب  وأغلقت  معابر الجهاد فيه , وباسم الجهاد! ,  إلاّ ما  تأمر بفتح هذا المعبر أو ذاك  أوامر الوليّ الفقيه  "عند اللزوم"  ووفق ما ترى فيها عيناه  الحارستان  لمصلحة النظام  الإيراني العليا !  ولا نسمع  من أخبار الجنوب الآن  , بعد عمليّات  تبادل لإطلاق النار مع الكيان الصهيوني طيلة عقود من السنين  ,  سوى  تبادل للنعوش  وللأسرى  ولكل ما  يفسح المجال  لدخول  جمهوريّة حزب الله في أحضان  "المجتمع الدولي" !  ولا تخلوا  مشاهد  "التفاوض" طبعاً  من مشاهد ابتسامات  أصحاب العمائم وفرحهم الغامر بعمليّات التسلّم والتسليم !  لتعميم  فوائد  الركون إلى  "الدين"  بشكله  الطائفي  "المنتصر" ! وهي  طريقة  فنّيّة  ونفسيّة مدروسة  بعناية  من قبل الدوائر الإعلاميّة الصهيونيّة  لتمرير استسلام  لبنان  بجميع مكوّناته  حتّى الرافضة منها بغية غلق وإسكات مصادر نيران الجهد الفلسطيني ـ العربي  المجاهد الحقيقي  فيه  , وإلى الأبد , وبعد أن تكون  قد  بدأت تتشكّل من أرض  العراق ومن لبنان  أولى ملامح  الدولة الكسرويّة  الساسانيّة  بشكلها الجديد الملتحف  بالهيام  والغرام  بحبّ آل البيت  بالتزامن مع  العودة الميمونة  للروم  لاستعادة المنطقة برمّتها  وإخضاعها  للقوى التي كانت مهيمنة  عليها  قبل ظهور الإسلام  !

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢٦ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٩ / تمــوز / ٢٠٠٩ م