متى يتم  التطبيع الفضائي العربي مع  فضاء  المقاومة العراقيّة الواسع

﴿ الحلقة الرابعة ﴾

 
 

شبكة المنصور

طلال الصالحي
لابد وأن تكون لدى  القائمون على الإعلام  العربي  التابع  والمغرض خزين من رؤية إستراتيجيّة إعلاميّة  مغايرة تماماً  لما  هم عليه الآن , وأخص منهم القائمون على الإعلام  الخارج عن السيطرة الرسميّة للأنظمة العربيّة  الحاليّة والتي  نسأل الله  أن تتغيّر بعد تحرير العراق , ولا بدّ  ويمتلكون  خارج  طاولة المساومات شيئاً من الفطنة والكثير  من سعة الأفق لأجل  التحضير لمرحلة ما بعد تحرير العراق , الغير واضحة  تقديرات كميّة  نتائجها  التدميريّة  بعد  على مجمل الساحة الدوليّة والإعلاميّة  إضافةً للعربيّة لحد الآن بسبب تماهي  إدارات هذه الفضائيّات  السافر في الاصطفاف  ضد أمّتهم  ,  بغية  المحافظة  قدر  المستطاع  مع التغييرات المتسارعة التي  ستحدث لا محالة مع الهروب الأميركي  من أرض العراق  الإبقاء على  استمرار  وديمومة  بث هذه القنوات , لا  بالطريقة المخزية  التي هم عليها الآن  ,  بل  استبدالها بما يساعدها  على ترسيخ  الشعبيّة  والجماهيريّة التي  امتلكوها  ,  ولكن بالاستقطاب الصحيح  هذه المرّة  وليس بالطريقة الزائفة   المرافقة للمشروع الأميركي المهزوم والتي ما انجذب إليها  المغرمون  بها  لولا البهرجة الخبريّة  بعد حصر  مادّتها  المعنيّة  من قبل الراعي الرئيسي وخصّها بها  وحدها , فممّا لا شك فيه إذا  ما  أرادت هذه القنوات  البقاء متسيّدة الساحة الإعلاميّة العربيّة  , خاصّة  بعد أن  تكون  قد  استشعرت أن الحاجة إليها  قد انتفت بالنسبة  للمموّل الراعي  لها خصوصاُ إذا ما  شعر هذا الراعي  بإيجابيّات  الاستغناء عنها   وأن دورها المرسوم لها قد  انتهى مفعوله ,  أن يسارع من يمتلك خطوط اتصال  من البعض من الإداريين في هذه القنوات  مع جهات مموّلة أخرى  مستعدّة للمغامرة  الماليّة  ترافق  رؤيا  بديلة تسعف وضعهم  وتقلبه  رأساً على عقب  وتستعيد بوصلتها باتجاه  خدمة قضايا الأمّة  بعد أكثر من عقدين من الزمان من  التحريض والمخادعة والتزييف والتعميّة  ضد الحكم الوطني الشرعي العراقي  والتمهيد  لغزو العراق , وما قامت  فيه  هذه  الفضائيّات بعد الغزو من أدوار إجراميّة تحريضيّة بين فئات الشعب العراقي الواحد  ومن تحريض طائفي وعرقي ودعوات صريحة للإقتتال بين أبناء المناطق والحارات الشعبيّة في بغداد  والمحافظات العراقيّة  علناً  وعلى رؤوس الأشهاد  "والمذيعين منهم والمذيعات سيبقون  عشرات السنين  شهود  سيتم استدعائهم  ساعة الحاجة ابتداءً من  ما بعد التحرير  بإذن الله إذا ما استمرّوا  على اجترار  الجريمة بحق العراق والأمّة"  ذلك فيما عدى  كوادر المعدّين والمراسلين ومقدّمي البرامج  المغرضة  الذين  سيكون استدعائهم  فيما لو استمرّوا على نهجهم الاسترزاقي الدموي  في مقدّمة  قائمة الاتّهام  بعد أن  ثبت بالملموس  ضلوعهم   في العمل كمضلّة تضليليّة  ومروّجي   أكاذيب ليس إلاّ  , وذلك  وحده كاف وفق  الدساتير والمواثيق بين الدول  لمحاكمة  جميع هؤلاء الخونة والعملاء  وإنزال  القصاص  العادل بهم  جراء ما اقترفوا  بحق الشعب العراقي   من إجرام  دموي  أسفرت نتائجه  بمئات الألوف  من الشهداء العراقيين  الذين لا يمكن أن تضيع دمائهم هدراً  أو تتفرّق بين القبائل  كما  ظن  هؤلاء  المجرمون حين  أقدموا  على تنفيذ جرائمهم بحق العراق شعباً وقيادةً وأرضاً وممتلكات !  ذلك أن اقتناص مثل هؤلاء  السفلة , باعتبارهم  الخط الهجومي الأوّل للمخطّطات  الإعلاميّة الصهيوأميركيّة  ضد العراق وضدّ شعبه وضدّ دولته الشرعيّة ,  أسهل من بقيّة المجرمين في أميركا وغيرها , أيّ أن  عمليّة إحضارهم  قانونيّاً أمام المحاكم الدوليّة أو تصفيتهم  بشكل أو بآخر سيعتبر بمثابة  "بروفة"  وضربة استباقيّة  لا بدّ لها أن  تهتزّ معها  الخطوط الخلفيّة الإعلاميّة الإجراميّة  التي كانت ترعى  هؤلاء  , فأميركا  عندها ستحمي وستدافع  عن مَن ومَن  ومَن ! خاصّة بعد  هروبها من المنطقة !   كما ولا  ننسى  ما قامت به  هذه الفضائيّات  من أدوار قذرة أنيط  بها  من قبل  قادة مشروع القرن الأميركي  للعمل ضدّ التآلف الفسيفسائي الاجتماعي والعرقي داخل الوطن العربي  أيضاً  أو بدأت تلمّح إليه  بعد  أن ظنّت أن الأمر استقرّ  لأولياء نعمتهم  وأسيادهم , فهي  لازالت مستمرّة على هذا النهج من دون توقّف رغم ما  لحق  بجيوش الولايات المتّحدة الأميركيّة  من نكبات  وكوارث  اقتصاديّة  بسبب ضربات المقاومة العراقيّة وضربات أسود أفغانستان وباكستان  ,  ذلك لأن إرادة الغرب الاستعماري  تريد حرث  جميع  أعراق وطوائف  المنطقة   قبل  الشروع في ترشيح واحدةً  منها  بقصد  بذر ما يناسب  الخراب القادم عليها  ,  فهذه القنوات  هي المعول  الهدّام  الناعق ليل نهار  في أداء ما مرسوم  لها ..

 

وهنا علينا أن نطرح  تسائلاً  ضروريّاً  لهؤلاء الخونة  ونقول لهم  :

هل  يتصوّر العاملون في  هذه القنوات أن ما  يسكن  جيوبهم  من أموال سحت حرام يتمتّعون  بها  الآن  وما امتلكوه من شقق فاخرة  ومزايا أخرى لا يحصل على  عشرٍ منها  العاملون في بورصات لندن وباريس ونيويورك ! ,  هل  يحصلون  عليها هكذا  , تأتيهم  لمجرّد أن يتلفّظوا بكلمات من على شاشاتهم  من دون أن تأخذ موقعها  في الحفر  ولتجريف  الذهني والنفسي  لدى المواطن العربي !  ...

عامل آخر يمهّد طريق  التوبة  للإعلام  المتصهين  ,  حيث  أن  مثل ذلك  الذي تطرّقنا  له  وغيره  من الذي  سيستدعي  بالإكراه , إن لم  يكن اليوم  فغداً ,  كرهاً وجبراً  فيما لو أراد  الاعلام المرتدّ  استمرار  مراكزهم الإعلاميّة  والبقاء على الساحة الإعلاميّة  بعد التحرير وتبييض صورتهم  القبيحة وجعلها  مقبولة في نظر الشعوب العربيّة  وجب اتّخاذهم  سلسلة  إجراءات  وقائيّة  يحيطها  الحذر والاحتراز  لتبرير  استمرار  عمل هذه الفضائيّات بعد الهروب الأميركي من أرض العراق ! , والتمهيد  لهذا الأمر  الخطير والصعب جدّا في الجمع بين  النقيضين , برأيي ,  وكمرحلة أولى قبل الاستقرار على النهج البديل  "تبديل الوظيفة"  لا بدّ وأن  تشتغل هذه الإعلاميّات المنحازة  أوّل الأمر  بشكل إيجابي  والتعامل  بجدّيّة  مع  ما  تخرج  به يوميّاً  نتائج  التصاعد  المحسوب والمدروس  للخطّ البياني لعمليّات  المقاومة العراقيّة وضرباتها التي باتت أشدّ تأثيراً  على  العدوّ الغازي  وأشدّ بطشاً وفتكاً به  وبآليّاته  وبجنوده وبأذياله , خاصّةً   إذا ما رغب القائمون  المباشرون  على توجيه هذه الفضائيّات  الاستمرار أيضاً  على المحافظة على  "مكانتها الدعائيّة والاعتباريّة الذاتيّة"  وسعت إلى قلب صورتها   "ولو من باب النفاق"   للتفاعل  بشكل إيجابي  مع  مستحقّات ومتطلبات المرحلة القادمة للساحة  العربيّة والمناطقيّة  الخالية من التواجد الأميركي ! , مرحلة تحرير العراق , التي لا بدّ وستكون  حينها   قد هزّت  انتصاراتها الحاسمة جغرافية الوطن العربي  من أقصاه إلى أقصاه  والتي  لا بدّ وستهزّ  معها أيضاً  وستتغلغل بين ثنايا  بيئته الاجتماعيّة  وشرائحه  الانتمائيّة تجسير أقوى وأصلب بعد أن جلتها معارك الحرب الكونيّة على العراق  جلياً  لا شائبة  فيه   وما  زامنتها من معارك الحواسم التحرّريّة ,  وأن يستغلّوا ,  إستباقيّاً ,   من الآن  فصاعداً , هذا التحوّل الهائل  والمنطلق من العراق  إلى  وجهات ودول ليست ربّما على البال ! خاصّة في الظرف الكوري المستجدّ على الدوام ,  ليشمل هذا الخط المقاوم المتصاعد  المتوقّع , أيضاً  الكثير من الأقطار العربيّة , ومنها  ربّما أيضاً  ما  لم تخطر على بال ! , فمن  يعلم ؟ , فردود الأفعال  الغربيّة والمحلّيّة المناطقيّة والدوليّة  التي خلقتها ضربات المقاومة العراقيّة العنيدة  لا يعلم  أحد وجهتها وفي أيّة بقعة ستشتبك انفعالاتها الجانبيّة وأين ستتم عمليّات تصفية الحسابات بما ستسجدّ معها النكهة الدسمة للمادّة الخبريّة !  ...  وفق  كل  هذه الرؤية المعتمدة  على وقائع مشابهة  مقتطفة  من  حروب عصابات سابقة وحروب عالميّة  كان  قد  مرّ  إعلام  التضليل  التابع  الخائن  فيها  بنفس  ما  ستجري سنّته  على الإعلام  المضاد  هذا الذي تعاني  ساحاتنا الجهاديّة منه ,  لذا فإنّنا  ننصح  هذه الفضائيّات ,حرصاً أيضاً على ما تمتلكه من كوادر ومستلزمات حرفيّة عالية يجب أن يستفيد  منها الإعلام المقاوم  بعد التحرير  بدل أن يذهب  هدراً ,  أن تتلمّس  طريق تمويل  آخر  يساعدها في الخروج عن صمت ضميرها وعهره  تماشياً مع المتغيّرات الدوليّة  التي  لابد للشعوب العربيّة  أن  تكون  واحدة من مؤثّرات تلك المتغيّرات ,  وعليها  أن تحاول  ترسيخ  شعبيّتها  بتغيير  جذري يميل إلى المقاومة العراقيّة  لتميل معها الشعوب العربيّة غسلاً للعار الذي كست نفسها به طيلة عقدين من الزمن من التبويق  لأعداء الأمّة  ,  إذا ما أرادت  البقاء على قيد الحياة  وأن يشغل بالها رزق  عامليها  ومستقبل عوائلهم  بدل  استمرارهم على غيّهم  في الطريق الأعوج  المنحرف  الذي  يسلكوه رغماً عن إرادة الشعوب العربيّة  التي  يتعيّشون على آلامها ويسترزقون قوتهم اليومي الحرام من تضحيات  قواها التحرّريّة  الناهضة ومن دماء  رجالها  ! 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١٠ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٥ / حزيران / ٢٠٠٩ م