تأملات / لكي لا تضيع ثورية المبادئ بين زحام الانفعالات

﴿ الجزء الحادي عشر ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

ولكنني اردت ان أقول ان الثورة لا تعني الفوضى والاندفاعات والانفعالات والتشنجات في المواقف,بل ان من سمات الثورة الرئيسية هي صلتها الحية بالواقع وتحسسها بمتغيراته أي بمعنى ان لا تعميم في المواقف بل دراسة كل حالة بضرفها وانعكاساتها السلبية والايجابية على الثورة.

 

وكل هذه الخصال الفوضويةيحاول دائما ان يلصقها اعداء الثورة بها ,لتصويرها بالهمجية واللا تخطيط وبامتلاكها للروح الانتقامية الثأرية,وان انجرار الثورة الى هذه الفوضى يمكن ان نعزوه الى الافتقار للعقيدة الراسخة والايمان الصحيح وتغليب المصالح الذاتية والانية على المصالح العامة والستراتيجية وتغليب الجاه والسلطة على المبادئ التي انطلقت منها الثورة وتأسست عليها,وفي حالة الثورات التي يقودها حزب أو تألف من الاحزاب يمكن ان تشهد نفس هذه المظاهر في حالة احلال انشاء مؤسسات دولة الثورة على اسس غير عقائدية واقامة المؤسسات وخاصة الامنية على مبادئ غير الثورية,وهذا كله لا يشكل الخطرالكبير على مستقبل الثورة ,بل الخطر الاكبر حينما تدخل هذه المعايرأوالمقاييس في منح الصفات النضالية واعطاء الهبات بالمراكز القيادية في داخل اداة الثورة على اسس وولاءات لغير اهداف الثورة بعينها وبالتالي هذا سوف يساهم في انشاء مؤسسات الثورة وخاصة الامنية على التعددية في الولاءات لغير الثورة واهدافها وتدخل الثورة في مراحل التأكل وتتشجع العناصر الانتهازية والمصلحية في تسلق المراكز القيادية في دولة الثورة ولتتولى الامساك بدفة قيادتها ناس لا يؤتمنون على مصالح الشعب أو الامة وينعطفون بمسارها لتحقيق مصالحهم ومصالح طبقتهم,وتتغير الولاءات من الولاء للمبادي الى الولاء الى الافراد والمجموعات الاجتماعية او السياسية وهكذا تبدأ الثورة تفقد جماهيرها الحقيقيةوتتجمع حولها مجاميع غريبة عن مبادئها ,وكما يتجمع النمل على قطرة العسل وبعد نفاذها تتفرق عنها وبشكل دراماتيكي ومحزن ومؤلم ولتنتهي الثورة كمؤسسات (نظام حكم) على ايدي من تسببوا في تسميم جسدها وانحرافها وبنفس قوة الطلقة التي اطلقها العدو الغادرواصحابه الخائبون عليها في يوم الجريمة..

 

ولكنها أي الثورة تبقى وكما قلنا سابقا متأججة ومتحفزة في نفوس المناضلين ينتظرون لحظة الاتقاد,وهذه المرة سوف تتسيد المبادئ على اية مصلحةومهما اعطيت لها من مبررات أو اسباب ,ويترجح العقل على الاندفاعات أو الانفعالات,وخاصة في موضوعة التحالفات واقامة الجبهات والتي ستقوم وبقدر الايمان بمبأدئ الثورة وقيمها ,ولايعني هذا السحب باتجاهها وجعل اقدامنا طافية بالهواء,فلابد من ركائز متينة لتحقيق اهداف الثورة. والنموذج الصيني امامنا ويمكننا ان ندرسه ونحلله ونستخرج منه ما يفيدنا في كيفية التعامل مع اعدائنا ,فالصين من وجهة نظري الخاصة تعيش ثورة سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية,فهي وخلال السنوات القليلة الماضية قد حققت مالم تستطيع ان تحققه أي ثورة بروليتارية أوراديكالية شعبية,لان الوضع الدولي حتم على القادة الصينين ان يغيروا من شكل التعامل مع عدوهم وكل التحديات التي تواجههم باتجاه التغير ,ولا اعتقد انهم سوف يتخلون عن تضادهم الفكري مع الامبريالية العالمية يوما,لان العقيدة الاشتراكية التي يؤمنون بها تؤكد على هذا التضاد ولكنها تعطيه شكلا غير الذي كانت الصين تتعامل به في العقود الخمسينات والستينات من القرن الماضي,فمسئلة التعايش السلمي بين الافكار والاحزاب مسئلة يجب ان يؤمن بها,لان قوة الفكر وصلاحيته تكمن في مقدار تفوقه وتقدمه في تمثيل طموحات الجماهير.

 

وان الاحتكاك مع الاخرين ومهما يكونون ومهما يحملون من الافكار والاهداف يجب ان لا يؤرقنا أو يقلقنا وخاصة من يؤمن بالبعث الخالد الذي يمتلك فكرا ينزع الى المستقبل في انطلاقته الاولى فكيف الحال وهو يضيف الى فكره يوميا اضافات نوعيةودليلي المرحلة الجهادية التي يقودها في صراع القوى الوطنية العراقية الشريفة ضد الاحتلال وكل ما ترتب من الاحتلال من ثقافات ومعاير اجتماعية و سياسية ,انها مرحلة دقيقة وصعبة يجتازها هذا الحزب المناضل,وصعوبتها ليس في فدائية الجهاد بل في المظلومية  التي تعرض لها من قبل المحتل وعملائه ومحاولتهما الخائبة في تشويه سيرته بمجموعة من الاكاذيب والفبركات السينمائية الهوليودية,انها مرحلة سيجتازها بقوة و ايمان المناضل لينطلق الى الشوط النضالي التالي في ترسيخ وتأكيد عقيدته و تحليلاته لتطور حركة الواقع العراقي والعربي والعالمي . امين

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٩ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣١ / تمــوز / ٢٠٠٩ م