تأملات / في الذكرى .. الحب والالم والفرحة

 
 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
حملتني ذكرياتي على راحتي احلامي لتطوف بامالي الى زمن ليس ببعيد ,وهي في حيرة من مستقر يريده وجدان باعه بفلسين من تقلب مع بورصة نتنة لاخلاق حاضرة في اعمار تركت جذورها عطشت للحب بل ردمت هذه الاعمار بقمامة الغرباء خوفا من ورقة أو زهرة تدل على زمن الرجال والشرفاء والاحباء..ويطير بي وباحلامي هاجس المستقر الطاهر والنظيف لوطني المجروح بقيح اجنبي وسكين فيه وشم مسروق من عراقي مغفل ..انني ابحث عن الاحياء في مقيرة الاموات ,ابحث عن رفيق لي ولامتي وللانسانية ,ابحث عن سيد الكلمة العربية في زمننا الذي اضاع الاصل والخلق والايمان في شوارع تتلون بيوتاتها ودكاكينها مع اضواء الشهرة والمال وضحكات المومسات وبعد ان كانت شوارعا تلونها شمس تموز وهلال رمضان وتطربها اذان الجوامع واجراس الكنائس, وتهزك وانت في احضانها دعوات المؤمنين فمن يسارها بيوتات تنبع منها تسبيحات وقبلها وبعدها اقدس الكلمات( بسم الله الرحمن الرحيم) ,ومن يمينها بيوتات تصدح منها تسبيحات وقبلها وبعدها (بأسم الاب و الابن والروح القدس)..اما اليوم فصراخ وعويل وكما يقول الكتاب المقدس راحيل تبكي اولادها انه صرخات الثكالى واليتامى واهات الجياع والجرحى ,لقد حول الشيطان وجنده وطني الحديقة الى ارض الاغراب من الاموات والاحياء.تبا لك يا ابليس من شياطينك وجنودك فالرب قادم ومعه ملائكته وجنده الاخيار من المقاومة العراقية البطلة وسنعيدها ارض مقدسة ونظيفة وتعود في حديقتنا ازهارها الملونة والمحبة ولتعود تضيف كل واحدة للاخرى رونقها وتبرجها وحلاوتها ,هذا هو وطني مسلم يحلو بمسيحي وهما يبهجان النفس بالصائبي واليزيدي و الشبكي ,ومتى غاب واحدهما عن هذه الباقة الانسانية ضاع فيهم زهوهم و تناغم اللون والرائحة بهم ومنهم.


وانا في هذا الخضم من هذه الحصرات على ماض حلوالتأملات في حاضر مقرف وامال لمستقبل حلو ,جرتني الى الاعلى طيور الحب في ذكرى قائدا و مفكرا وفيلسوف ونبي الكلمة والحكمة العربية في زمننا ,وهو يستحق ان نعيش به ومعه يوميا وذلك بقراءة في كلمته وتفطننا لحكمته والطوف في بحور فلسفته ,ولست ممن يؤمنون بان نحي اية ذكرى له,هنا استجدي محبة رفاقي واطلب مغفرتهم لي واتمنى ان انجح في انتزاع محبتهم لي على نزوعي هذا ,لاني اقول ان الاستاذ والقائد والمفكر ميشيل عفلق لا يحتفل بذكرى ميلاده ولا بذكرى ونهاية جسده ,فحياة هذا العبقري موجودة فينا وفي كل كلمة زرعت في وجدان الاصلاء ,فيوم ميلاده أمسى عنوانا للتفائل العربي بمستقبل الامة الواحد,و اليوم نحن نتفئ بظلال تعاليمه وتوجيهاته الخالدة,بحيث اصبحت حكمته من مقاسات في الاخلاق للعرب الشرفاء والانقياءوكتاباته مرجعية قومية ثورية , كأن يضعون حدا بين السارق والامين ,وبين الشجعان و المتخالين,وبين الباحثين عن الحق والكذابين فكما هو يقول في جامعته للفلسفة العربية وكشوفات الواقع والماضي والمستقبل العربي (في سبيل البعث) وفي مقالة(عهد البطولة في تشرين اول عام 1935) حيث يقول القائد المؤسس ((حياة هولاء ستكون خطا واضحا مستقيما لافرق بين باطنها وظاهرها ولا تناقض بين يومها و امسها فلا يقال عن احدهم (نعم..انه سارق ولكنه يخدم وطنه) ولا يقودون في الصباح مظاهرة ويأكلون في المساء على مائدة الظالمين.الصلابة في الرأي صفة من اجمل صفاتهم,فلا يقبلون في عقيدتهم هوادة,ولا يعرفونالمسايرة.فأذا رأوا الحق في جهة عادوا من اجله كل الجهات الاخرى,وبدلا من ان يسعوا لارضاء كل الناس اغضبوا كل من يعتقدون بخطئه و فساده. انهم قساة على انفسهم ,قساة على غيرهم,اذا اكتشفوا في فكرهم خطأ رجعوا عنه غير هيابين ولا خجلين,لان غايتهم الحقيقة لا انفسهم.))* هذا بعض البعض الذي علمنا به مربي الاجيال وقائد الفكر العربي التقدمي.وهو اعطى للامة الامل في مستقبل تتحقق فيه رساتها للامم الاخرى,و هوفي هذا الصدد يبين الفهم الصحيح والعلمي للرسالة الخالدة لامة العرب ويقول ((فنحن لا نفهم من الرسالة أنها الحضارة التي لا نستطيع الآن تحقيقها بل ونكاد لا نحسن فهم حضارة الآخرين. الرسالة شيء أعمق وأصدق من ذلك. انها تجربة حية، تجربة أخلاقية ونفسية تقوم بها أمة عظيمة وتضع في هذه التجربة كل حياتها.))**                           


اما يوم فقداننا له حيث كانت ساعته في خلع رداءا اساء في ايامه الاخيرة معنا, لروحه الطيبة المحبة, ولعقله الراجح الكبير والى نفسه الحلوة ,ولكن عقله بقي في كتاباته وكلمته ,نعم خلع جسده وصعدت روحه للمالك والحكيم الاكبر ..الله المحبة. ولنفرح ببركة الرب لنا في هديه لنا لعقيدة والتي تفعاعلت معطياتها وعناصرها في واقع الامة في عقل عبقري للقائد المؤسس للبعث الخالد.


 رحم الله القائد المؤسس وجعل من يومنا كله ذكرى نحتفل بها لا للمؤاساة الاحبة بل للزهو بفكره القومي الحي والذي هو اكسير للفكر العربي المعاصر ..البعث العملاق, البعث الذي هو نبض الامة في حياتها الكريمة الحلوة القادمة ,حفظ الله البعث نتاجا صادقا لماضي وحاضر ومستقبل الامة العربية المجيدة , ورديفا في الخلود للفكر والعطاء الانساني مع مؤسسه الامين الاستاذ ميشيل عفلق ... امين

 
 
  • *  في سبيل البعث (عهد البطولة تشرين أول 1935)
  • ** في سبيل البعث ( الرسالة الخالدة في عام  1950) 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٤ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٧ / حزيران / ٢٠٠٩ م