نافذة /  ديمقراطية الاجتثاث او اجتثاث الديمقراطية

﴿ الجزء الرابع عشر

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
اذا جمعنا بين العقل المنصف والعقل الناضج في توصيف النظام الوطني العراقي قبل الاحتلال على مساحة المفاهيم الديمقراطية الحقيقية مع احتساب بعض الممارسات السلبية المقصودة أو غير المقصودة وقسمناها على عاملين اساسين يدخلان في تقويم اية تجربة حياتية وهما الزمن والضروف( الموضوعية والذاتية ) واللذين واكبا وتفاعلا جدليا مع التجربة البعثية العملاقة في العراق, بالتأكيد سنضع مسيرة الثورة البعثية العملاقة في الطريق العربي الاسلامي للديمقراطية,لان الخصوصية في التجربة الديمقراطية العربية الاسلامية تختلف في بعض مبادئها ومنطلقاتها عن  المسيرة الغربية التأريخية والمعاصرة ايظا,من حيث المبأدئ والمنطلقات,والاختلاف لا يعني في التقويم معنى من معاني الافضلية قطعا,وايظا لا يندرج في صفوف نضوجيتها,بل ان الابنيةالغربية لديمقراطياتها كانت منطلقاتها مبنية على الحاجة والفلسفة,واما عندنا نحن العرب فمنطلقنا كان ولابد ان يكون مبنيا على اسس الاخلاقية والقيم المستمدة من السماء وان المركزية في بعض اشكال الحكم(الديمقراطية)العربية في التاريخ العربي و الاسلامي لم يكن حاجة فقط بل هي بناء حياتي يستمد قوته وفعله من قيم السماء(المسيحية والاسلام).يكفي ان يسمى تلاميذ السيد المسيح (ع) بالحوارين(مشتقة من مصطلح ((الحوار)) ),وبنفس قوة المنطق يكفي ان يكون للرسول محمد(ص) له صحابة من عشرة يشاورهم الرأي والقرار.اذن تاريخنا العربي يحكي لنا بأن كل ادياننا السماوية العربية   احدى قوائمها هو المشورة والحوار وهو ما يعرف في القواميس المعاصر بالديمقراطية.

 

وهي تبدو للعقل البسيط (افترضه بسيط وليس حاقدا وذلك بحسب معاير حسن النية وهو افتراضا عربيا مخلصا)بان النظام الوطني كان ديكتاتوريا,ولكني دعوني اتكأء قليلا على التاريخ العربي الاسلامي من حيث المبأدئ وليس بالتركيبة,هل كان النظام الراشدين وحتى نظام الدولة الاسلامية في بداية تكوينها في زمن الرسول محمد(ص) والراشدين من الخلفاء الاربعة(رض) في مسك زمام الدولة ومن كل مفاصلها وهي تتعرض لهجمات الكفار و الطامعين والمرتدين عن الثورة الاسلامية المجيدة مع وجود الصحابة للمشورة والاستئناس بالحكم في ارائهم وافكارهم ,هل يحق من كان ان يطلق على تلك المرحلة بالدكتاتورية؟؟وان كان الجواب كلا... فهل النفي هذا مبني على قدسية النبي وصحابته الراشدين؟انا اقول ان تقديس الحاكم سواء كان الرسول الكريم (ص) او الصحابة الابرار(رض) شئ له علاقة بالنعمة الالهية وعطية من عطايا السماء ,ولكن نظام الحكم في تلك الفترتين الفريدتين في خصائصها وظرفها كانت نتيجة لعبقرية وقدرة وشجاعة الذين قادوا مرحلة من اصعب المراحل التي مرت بها الثورة الاسلامية,وهي مرحلة تثبيت الدعوة والدولة,ومعظم الغزوات والحروب التي خاضها الاسلام في تلك المرحلة كانت بها أوامر جاء بها القران الكريم .فهل هذه الاوامر والتي كانت تنزل على النبي على شكل ايات قرانية تحمل( فتحة على التاء ) صفة الدكتاتورية؟ بالتاكيد كلا. وبحسب المنطق والعقل .

 

انها مرحلة شهدت تكالبا داخليا (في الجزيرة العربية وحروب الردة)وخارجيا في الاطماع الفارسية والرومية.ومع ذلك كان المسلمون ومعهم العرب المسيحيون وكل الاديان الاخرى يعيشون حالة استقرار اقتصادي واجتماعي وقيمي ويتمتعون جميعا بالامن في ظل مبأدئ العقيدة الاسلامية ودولتها,أي ان مبأدي حقوق الانسان في المعيشة وممارسة حرية العقائد الدينية والتمتع بالامن العام وحتى في بعض الاحيان ممارسة الانتقاد و التوجيه للحكام بشكل مباشر أو عن طريق مجلس الشورى من الصحابة متحقق ايظا, اليست هذه الديمقراطية التي نبعت من تطلعات وارهاصات وخلجات الانسان العربي انذاك هي في جوهرها وشكلهاالعربي نموذجا طيبا لطريقة الحكم(الديمقراطية)؟؟.

 

واعتقد انا انه لو اتيح لاي عقل عربي ان يقوم الديمقراطية على الاسس التي قامت عليها اشكال الانظمة التي حكمت في المنطقة العربية وحتى قبل الاسلام سواء على مستوى القبيلة أو العشيرة أوحكومات المدن العربية ,لاقر بان العرب لهم تاريخ كبير وحافل في ديمقراطيات دولهم وانظمة الحكم المختلفة.وهذا يوصلنا الى النتيجة التالية باننا كعرب نمتلك تاريخا كبيرا في الديمقراطيات وعلينا ان نفتخربه ونستظل بمبادئه وليس بتركيبته وشكل مؤسساته وذلك بحكم تطورالانسان العربي ماديا ومعنويا, وفي نفس الوقت لا ضرر من الاستعانة والاستفادة من التجارب الديمقراطية للشعوب الاخرى.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٣ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / حزيران / ٢٠٠٩ م