تأملات  /  لكي لا تضيع ثورية المبادئ بين زحام الانفعالات

﴿ الجزء الثامن ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
ان الحقيقة والتي ادركها العرب وقبل الشعب العراقي ان وضع العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى الديني,قبل الاحتلال افضل من الذي اوجده المحتل البغيض,وان العراق في ظل قيادة البعث كان افضل وبالرغم من ما كان يقاسيه العراقين من جريمة الحصار الشامل والتي فرضها الاشرارذاتهم اللذين قاموا بغزوه وتدمير كل البنى في العراق ,وذلك لان البعث  يمتلك خزينا كبيرا من التجارب في مسيرته نضالية عبر أكثر من سبعون عاما تنافس مع كل القوى الوطنية والقومية في كسب الجماهير,وكان ولا يزال يتصرف بمسؤولية ونضج ثوري,وليس كما يفعلون الان بالعراق من مراهقة سياسية قائمة على التقليد وعدم وجود اية خبرة ودراية في ادارة الدولة وبالرغم من الدعم اللامحدود من المحتل والذي اقام لهم اكبر هيئة استشارية في العالم ضمت الالاف من الاختصاصين ولكنه جعلها تحت يافطة أطلق عليها اسم ((السفارة الامريكية)) في المنطقة الملونة وجند لهذه المهمة الالاف من العسكريين لضمان استمرار هذه العلاقة الغير متكافئة .. ولكن البعث قدم التضحيات واغلى ما قدمه بعد الشهداء هو مصير حكمه الوطني من اجل الحفاظ على استقلال وكرامة العراق, ولم يلجأ يوما لحسد الاخرين ولسبب واضح يكمن في قوة فكره وعظمة تجربته الثورية الحقيقية وليس كما يفعل البعض باستخدام عبارات ديماكوجية لا تمت للثورية باية صلة في تحركه في الوسط الجماهري ويداري شيخوخته  اليوم بتحالفات لا تليق به ولا بتراثه النضالي ولا حتى بمرجعيته العقائدية ومرة أخرى يخطأ هذا البعض( ومع الاسف )في تقديراته بأختياره للوسط الغير الملائم له (تحالفه السياسي مع هجيني غريب و مكون سياسي من برجوازية عميلة ورجعية دينية ضيقة وشوفينية قومية معروفة والاكثر غرابة في هذا التركيب السياسي الهجيني أن يقادمن قبل اكبردولة امبريالية في العالم!!) والوقت الغير الصحيح(زمن انحسار للمد الثوري وتمدد لقوى امبريالية ورجعية دينية) والمكان الغيرطبيعي(فحسب الايدلوجية الماركسية اللينينية المستدحثة والتي تؤمن بالثورة الدائمة ,فالمفترض بهذه الاحزاب ووفق تراثها وايدلوجيتها المعلنة ان تكون في صفوف المقاومة العراقية البطلة التي تصارع الاحتلال والامبريالية الامريكية وحلفائها!) .


أن كل هذه التداخلات بالالوان السياسية والتحالفات الغريبة تؤثر على الفهم العام للثورة والثواروتؤثر في ثقة الجماهير بالثورة وديمومتها واستمرارها, وخاصة بعد غزو العراق في عام 2003 فان الجماهير تحتاج الى الكثير من التوضيحات والشروحات في استيعاب ازاحة نظام الثورة في العراق ,وبين ما يدعي به الكثيرين بتبنيهم للثورة وبقائهم واستمرارهم في الحكم وهم في حقيقتهم لا  يمتون باي صلة للثورة كمفهوم أو سلوك ,وعلى سبيل المثال نظام الملالي في ايران والذي يتعرض اليوم لاكبر هزة سياسية واجتماعية منذ شباط عام1979ولسبب واحد هو ان الحتمية التأريخية تقر بنصرة التقدم على الرجعية, وان الاوليغارشية الدينية الحاكمة في طهران امام مفترق طرق اليوم فأما زوالها و بالكامل وقيام ثورة شعبية حقيقية في ايران أو انقاذ ما يمكن انقاذه من الفكروالسلطة الدينية. فالانتخابات الايرانية الاخيرة كان سلاح ذو حدين لرجال الدين في ايران ,فهم ارادا ان يلعبوا لعبة الديمقراطية امام شعوبهم والعالم وبتصرف حذر وظمن محددات تضمن ظهور نظامهم امام العالم بانه ديمقراطي وفي نفس الوقت سيعطون حقنة لنظامهم المتهرئ والمتمثل بولاية الفقيه, ويفرضون ممثليهم كحكام وهم لا يعدون الا صنيعة ايديهم ,ولكن كل المؤشرات من التظاهرات والاصطدامات مع الشعب تدل على انفلات الامر من ايديهم ,وانا اقول سيكون امام رجال الدين خيارين اما ثورة شعبية تطيح بنظامهم المتخلف ,وسقوط شعاراتهم العدائية المتمثلة بتصدير الثورة الى الدول العربية والاسلامية ومن ثم الى العالم .

 

أو التوجه بقبول الجناح الاخر أو ما يطلقون عليه بالمعتدلين وهو أهون الشرين والقبول بأعادة الانتخابات أو اجراء أي اصلاح يستطيع امتصاص نقمة الجماهير الغاضبة.ان كل هذه التداخلات بين الشعارات وبين السلوك جعل الامر في غاية الخطورة بالنسبة للخطابات الثورية الحقيقية والمزيفة.هذا جانب يتعلق بالتشوه الخلقي لولادات التجارب الثورية,اما فيما يتعلق بنمو التجربة,ومسيرته فان الكثير من الثورات انحرفت عن مسارها الصحيح ولمختلف الاسباب فاما بسبب قيادتها وكما ذكرنا سابقا أو بسبب فقدانها لهويتها ومنذ تفجيرها وضياعها في البحث عن هويتها وضعفها في مواجهة مؤامرات اعدائها, وفي كل الاحوال والاسباب ستدخل الثورة في صراعات قد تكون في بعضها مفروضة عليها أوهي تختارها بفتح جبهات قوية لم تكن الثورة بعد مستعدة للمواجهة , وهذا الامر جعل الجماهير الكادحة المؤمنة بالتغير لمصلحتها تتحول من حبها وثقتها وصيانتها للثورة الى مستوى تمقت وتكره الثورات وكل ما يرتيط بها من اهداف(للتغير والبناء والتنمية) وادوات (كالحزب أو التنضيم الثوري أو الجبهات الثورية),وتكون سهلة في قبول فكرة التخلي عن من ينادي بالثورة والتغيروليتطابق هذا التحول الجماهيري مع غايات المتحالفين من الرجعيين والصهاينة والامبريالين والخونة بالتشكيك بالثورات وتحقيق اهداف الجماهير.ولاجل ذلك يحتاج الثوريين لتحقيق فصل واضح بين الثورة والثوار من جهة وبين المتاجرين بالشعارت الثورية من جهة اخرى.واول خطوة بهذا الاتجاه تحديد مفهوم الحزب الثوري, لان هذا الامر سيضع الانتهازيين والمتاجرين بالشعارات في موقف يركدون فيه في حين يتسامى المناضلون الثوريين الى اقنة النقاوة,أي اعتماد نصل سيف العقيدة الى الحسم العقائدي والنضالي, وليكن عدد المتسامين قليلا ولكنه بالتكيد سيحمل ثقلا نضاليا يعوض القلة العددية بالثقل النضالي..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٣ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / تمــوز / ٢٠٠٩ م