تأملات / لكي لا تضيع ثورية المبادئ بين زحام الانفعالات

﴿ الجزء الخامس ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
ان الانعطاف بالثورة عن مسارها الصحيح هو بدايات انحرافها وعلى المناضلين ان لا يسمحوا بمسك دفة قيادتها من قبل اناس لا يؤتمونون على مصالح الجماهير ممن يعتلون سدة خطابات النفاق والمراوغة السياسية وأستخدام التعابير النارية المبنية على ردود الافعال والتي تخدم اعداء الثورة وتضعف الخطاب السياسي للثوارسواء كان ذالك بوعي أو بدون قصد وهذا النمط من المتثورين موجود في كل مراحل حياة الثورات,ولابد هنا من التاكيد على التكوين المعرفي للخطاب العربي الثوري وخاصة الذي يصدرعن المقاومة العربية والذي يعاني من ازمة الاختلاطات في تحديد هوية الثورة المقاومة,فمن الصعب ان نفهم خطابا ثوريا لمن يدعي لمقاومة العدو الصهيوني والامبريالية العالمية وبهدف تحرير ارض عربية وهو في نفس الوقت يبرر أو يعطي صكا باحتلال ارض عربية لقطر عربي من قبل اجنبي طامع لا يختلف في اطماعه عن الطامعين الاخرين الا بالباس والموقع الجغرافي.. فهذا الحول السياسي يتطلب أولا تعريته انصافا بالثوارالمقاومين والمقاومة العربية الثوريةفعلى المستوى الايديولوجي الذي تقوم عليه هذا النوع من ما يطلقون عليها بالمقاومة ,فالازدواجبة واضحة جدا,فالذي يدعي للثورةالمقاومة ولتحرير شعبا عربيا بل الامة العربية وهو يحمل فكرا طائفيا وتنظيما طائفيا متطرفا يضيق في القطر الذي تعيشه بل تضيق عليه قدرته في الاستيعاب الجماهيري في المحلة الواحدة,فكيف الحال بقضية مصيرية تمس الامة بكاملها كقضية تحرير فلسطين؟  فاين هذا الفكر من  الثورة المقاومة والتي لا تقبل الا بالبعد الشعبي العربي؟  بل يعلن الولاء والوفاء لمرجعية أجنبية وبنفس تبعيةالاخرين ممن يمتلكون نفس نبرات الخطاب,انها شوزفيرينيا السياسة,وهذا هو اخطر انواع التداخلات في المقاومات أو الثورات لانها تنهش في بناء الثورات من الداخل وتشوه حقيقة الثواروتظهرها بمظهر المزاجية في تحديد الافعال الثورية وتحديد اعداء الثورة العربية.

 

هنالك اختلاط كبير في خطاب الثورة المقاومة بل هي ازمة يغذيها كل الاجانب الطامعين في وطننا العربي .فمشروعية الخطاب العربي المقاوم الثوري في  هذه المرحلة تحديدا ,يمربوقت حرج وذلك للحاجة الى تحديد ادق لمضمونه  وهو يعيش حالة من التضاد والتصادم المفاهيمي بعد انكفاء الثورة الفلسطينية والتي كانت في القرن الماضي واجهة للمقاومة العربية الثورية وبالرغم من تعدد الايديولوجيات لفصائلها ولكنها كانت متوحدة باتجاه هدف التحرير,وهي اليوم تعاني من انقسام  حاد في مكوناتها الحقيقية ,بل الى التضاد وحتى الى الصراع والقتال, وتراجعها في الساحة الفلسطينية والعربية واندفاع حركات تشددية ومتطرفة لتشغل الفراغ السياسي والعملياتي الثوريين للمقاومة الفلسطينية البطلة ,

 

ان اندفاع هذا التياربفكر ديني متطرف وتوظيفه للجهاد المقدس بكسب سياسي , وملئه بعض الجيوب القتاليةللمقاومة العربية وبعمليات انتحارية,هذا التطرف الديني الطائفي في حقيقته لا يمكن ان يعبر الا عن نفسه فقط أما الجماهير الفلسطينية العريضة فهي اكبر واوسع في النضج السياسي من هذه الحركات الطائفية المحدودة ,وذلك من خلال تضيق اهدافها المعلنةوالتي ناضلت عقودا وقدمت الشهداءمن اجل اقامةالدولة الفلسطينية وعلى التراب الفلسطيني والتي تضم كل مكونات الشعب العربي الفلسطيني,ويطرح اليوم البديل الغريب عن الثورة العربية كاقامة دولة دينية والامر الذي اعطى شرعية للعدو الصهيوني بطرح اقامة الدولة اليهودية,فاي خطاب تحمله هذه التشكيلات الدينية السياسية؟ 


ان نجاح السياسي لهذا الولادة والوجود للتوجه الطائفي السياسي المقاوم ,شجع اطرافا طائفية اخرى ان تختار نفس الاعداد السياسي والعملياتي في المزايدة على القضايا الوطنية والقومية,وبالرغم من ان التطور التاريخي للحركات السياسية والتي لا تعالج قضية الوطن والشعب في القطر الواحد بمنظورعربي شامل تنتهي أما بالتفكك أو باعادة ترتيب شعاراتها واعادة تنظيم تشكيلاتها,فما بالك من الحركات المغطاة بالدين وبالتحديد الطائفية.وبنفس   الاستراتيجية المعادية للامة العربية ما يحصل في القطر اللبناني اليوم والذي بدء به منذ العقد السابع من القرن الماضي ,كانت المؤامرة عليه اكبر منه ,فتحالف الاعداء في تحويله الى كانتونات تحكمها ميليشيات ومن ثم اعادوا ترتيب البيت اللبناني الداخلي بعد معارك تصفية اضعفت الكل,بحيث جعلت الكل يضعف ويرضى بالاجندات الاجنبية,وفي خضم هذه الاجواء القتالية عهدت مهمات بتصفية الاحزاب الوطنية القومية والتي كانت هي الهدف الرئيسي في الحروب بابعادها عن الساحة السياسية,فقد تم ملاحقة كوادرالبعث وكل الوطنيين والقوميين وذلك لتهيئة الساحة اللبنانية للانشطة الطائفية وبكل انتماءاتها ومرجعياتها الدينية ولتحول ديمقراطية لبنان الى ساحات عراك سياسي دينيةتكون مهيئة للطروحات الطائفية, ومن خلال هذه المناخات تنفرز مجموعة طائفية لتصعد الى منبر الخطاب المقاوم وتدعي باهداف تحرير كل شبر لبناني محتل,ولتعلن وبكل صلافة ولائها للاجنبي الطامع في ارض العرب, ولان هذا كله مسموح به ضمن التجاذبات السياسية في المنطقة العربية وتوزيع الادوار في خلق البؤر المعادية للامة العربية واعادة ترتيب الوضع السياسي والاقتصادي ومن خلالهما الوضع العسكري في المنطقة العربية وخاصة بعد ازاحة النظام الوطني في العراق الذي كان يشكل حجر عثرة لانسابية الافكار الطائفية واعادة ترتيب الوضع الاقليمي وبما يرضي كل الاجندات الاجنبية .ان المقاومة العربية وفي كل مكان من الارض العربية مدعوة لدراسة تحليلية وواقعية وبعقلية الثوار للنموذج العراقي للمقاومة بعد غزو العراق في عام 2003,

 

والتي ابتدئت منذاليوم الاول للاحتلال واقامة جبهة وطنية قوية اسلاميةوتحت قيادة موحدة,ولعب البعث الخالد دوره القيادي والمصمم له في كل محنة تواجهها الامة أو اي قطر عربي, في قيادة المقاومة العراقية البطلة مؤهلا من خلال فكره الثوري وتجاربه العديدة في المقاومة و قدرته على استقراء الوضع في العراق وفي المنطقةلامتلاكه لكل الوسائل الستراتيجية والتكتكية في التعامل مع الاحداث, وايظا قدرته في الاضافات النوعية ووالعددية للنضال المقاوم الثوري,و النوعيةمن خلال مناضليه المتمرسين في الكفاح والجهاد في سبيل العقيدة,والعددية حيث تشكل تنظيمات الحزب زخما قويا و مسندا للفعل المقاوم الثوري..    

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢٦ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٩ / تمــوز / ٢٠٠٩ م