نافذة  / زواج المقدسات .. الفجروالامل والثورة

 
 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
في هذا الصباح التموزي,ايقضتني صفعات على وجهي من يد حاكتها قدرالرب و من اشعة شمس لا تعرف الا حرارة العشاق,عشاق وطني العراق..

 

فانتفضت بكلي وكمن الهبت نار في داخله وماهي الا لحظات لم تلحقها حتى رمشة العين حتى ارتميت على نافذتي وكأني عاشق دفعه الشوق الى عتبة دار الحبيبة فاضاع فيها خطواته وجرته اسراب من الامل في لقاء اعزه حب وهيام لعشاق البعدين,وجرتني خيول اللهفة الى مرابي خضراء بيني وبينها ستة عقود من السنين امتلئت بها قصة عمري,فاذابي اطل على سهل نامت به مدينتي وجبل زينت قبته مقابر الشهداء ورمل صحراء يحكي قصة سفن الاجداد كانت قد ابحرت به ليلا تنيره قناديل فضية من السماء وبصبح شمسه تشعل الحجر وتلهب وتنيرالصحراء بالاضواء ,ووادي يحضن النهرين كما تحتضن ام وليديها التؤأمان ويحكي للاجيال حضارة وتاريخ مزقا رثة ثياب التاريخ والبساه جبة الملوك وزهو البشر واجلساه على عرش الملوك وخلود الملاحم من أور وكلكامش ونبوخذنصر واشور وحمورابي ومن بعدهم كل الانبياء..

 

انه العراق وطني الكثيرفي حبه للبشرية ككثرة مائه في دجلة والفرات وصيفه ثلج وحصاده كالمطر,كالعصفور و السنونو للطيران,وكذلك فيه اللعنة بلا سبب لا تأتي,وفيه السوط للفرس واللجام للحمار والعصا لظهر الجهال الكافرين,هذه هي حكمة الرب في الخلق فقد خلق الانسان ليتسلط على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب في الارض ,واما الجهال والعميان من البشر المخلوقين فقد اوصانا ان نغضب ولكن لا ان نخطئ...فالسهل والجبل ورمل الصحراء النهروكلهم تشاوروا وتعانقوا وتعاضدوا واقسموا ان يأخذونني الى ماضي قريب في بلدي الذي كان عرس تموز يعد له من ايام وايام وتتزين فيها الطرقات وبيوت الاخوة والاحباء كما يتجملن ويتصبغن بكل الالوان العروسات في يومهن ليكونن لائقات بالعرسان القادمين من كل مصنع ومشفى وحقل ومدرسة علم ومعبد لرب السماء والارض ,وكلهم ينشدون اغاني الحب وللوطن وللانسان وللبعث الخالد انها ذكريات تعثرت بها وانا الهث وراء الامل في ان ارى ما كان يرسمه التاريخ ,وما هي الالحظات انتظار,ولتقفز بي هذه الذكريات لايام حلوة و ترى شعبي كله يسبح في فرحة الاحتفال والكل قد اقسم ان لا يسمح لاب وايلول ان يمرا وعراقي لم يصوت بالبيعة للكرامة والسيادة وللبناء والعلم وللاصالة في انتماء الانسان,انها كلهاعناوين لثورة تموز, و فهنالك فنان يدندن ويداعب وتري الحنجرة والعود ليغنيا سوية,وهذا اخر قد عانق بذراعه لوحة وبالاخرى يرسل من خلالها ومضات فنية لتسقط على اللوحة كاشكال من عرس تموز,وهذه ماجدة تكرم جحافل المناضلين بوجبات من طبخات ام عراقيةشيعية و سنية و مسيحية وهي كالنحلة تنتقل من خلية لاخرى,وهذا مهندس وذاك طبيب وذاك من هذا الشعب وذاك من هذه الجحافل المناضلة ,وحتى السماء تحتفل بميلاد تموز لليوم السابع عشر من عمره, فتزداد تلاءلاء بنجوم واقمار والكل يحتفل والكل يفرح والكل يهنئ الكل,هذا ما رأيته في كل تموز..الى اليوم الذي امطرت فيه السماء دموع الملائكة وامتلئت شوارع مدينتي بفجور الزنادقة,في هذا اليوم اقفلت السماء بوجه الادعياء,وصلب وطني بمسامير الغزاة,و ماتت الضحكة بين شفتي اطفالنا,وبكى دجلة والفرات مع شعبي بالنكبة,وتوشحت سماءالعراق بالسواد ,واصبحت الاعراس مأتم للشهداء ,ولا تسمع في ازقة بغداد بعدذلك الاطبول الموت وقهقات عاهرات الاجنبي,واعراس احياها الاجنبي الذي اسكرته مشاهد دباباته في ازقة بغداد وقد افترشت شوارعها اجساد طاهرة من الرفاق الشهداء,وكان حلم له ولاسياده في تل ابيب وطهران ان يمس مليمتر من ارض العراق وهو اليوم يجول كالكلب المسعور يبحث عن محبي الوطن والامةمن رفاق الدرب والعقيدة عساه يعض ايمانهم لينزفه فيقلبه الى مسعور مثله وخاب وخاب هذا الكلب المسعور,وارتد ليعض من قطيعه ويرتوي من دمه الوسخ ودم اصحابه ممن رمى لهم ببساطيله الغداء.

 

وانها ورب العباد شمس تموز احرقت في اول يوم كست ارض الرافدين دبابيب الدجى والالم والغدروالغوغاء ,انها شمس تموز يحمل رايتها المقاومة العراقية البطلة,والتي نزعت عن نيسان السواد والبسته ذهب تموز ولبيقى نيسان العطاء وللخير والميلاد العظيم ,فلا يمكن ان يضم نيسان المولد والعطاء والخيراي غدروغوغاء وصورالغزو والسرقة وبدون حياء.فكان تموز يحرق بثورته كل عفونة الشيطان الذي دخل في نيسان الخير والعطاء والامل..فهذا هو زواج المقدسات,فالفجر من تموز والامل من نيسان والثورة حبلت من نيسان دمشق العرب وولدت في تموزبغداد,و منهما سيكون العرب ,لتكن ذكرى ثورة تموز لكل الطيبين من عرب ومن الاعاجم الاصدقاء ومحبين الطبلة والمزمار والفرجال والمنجل والمطرقة وصيديلية الدواء,فرصة نوقد فيها القلوب المحبة الى الصلاة ,ونقيم البخور ولتكن صلاتنا كذبيحة مسائية لرب الجلالة,ونصعد التسابيح لله الفريد ونقدم السجود والركوع من ارض المقدسات ونملائها دعاءا بنصرة ووحدة ارض الانبياء العراق الحبيب .ولنفترش ارضنا الخضراء ونلتحف السماء ونملاء كوؤس الفرح بالماء من دجلة والفرات ومن كل بئر يفيض بالماء ,ونرفع بالدعاء للمالك والواحد الاحد بنصرة اهل العراق من النجباء,وتموزنا القادم سيكون في بلدي العراق بعد ما سرق الاوغاد منه الاسم والحقيقة وحول ذكراه الى مأتم وبكاء وعويل النساء, ولست هنا الا ان اشارك كل واحدا أو واحدة عراقيا في الحزن والالم وان اذرف دموعا على شهدائنا وفي نفس الوقت انا اضحك مع الطفل والابن والابنة والام والاب والخال والخالة بان الله منحنا فرصة لنخلد الوطن كما كان,ونعم لدمعة على  رحيل شهيد وضحكة بقدوم وليد ,وهذا هو اعظم انواع التحدي ان نضحك والدموع نذرفها من عيوننا .

 

ولنا موعدا معك يا تموز في تحريرك وغسل نجاسات المحتل عنك وبايدي باركها رب السماء والارض من المقاومة البطلة وهي تحمل البندقية و القلم,واننا لا نشكو لان الله جعل تحت الورد أشواك..

 

ولكننا نشكره لانه جعل فوق الشوك وردا.. ولتعود زاهيا وحلو كما انت يا تموز الخير والعطاء .... امين

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٢١ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / تمــوز / ٢٠٠٩ م