الاعتذار للشعب العراقي أم الاعتذار للخونة

 
 
 

شبكة المنصور

أبو محمد العبيدي
قبل بضعة أيام وأثناء تواجدي في احد الأسواق الشعبية البغدادية , وقفت أمام محل لشراء سلعة ما وإذا بصاحب المحل يسب ويلعن والناس من المتسوقين والباعة يستمعون إليه وكأنه خطيب الجمعة ,وإذا بي اسمعه يذكر اسم البعث والشهيد القائد وكأنهما المعنيان ,فغضبت ولكني تمالكت نفسي وهممت لأسأله عن أسباب هذا اللعن وقبل أن أتكلم بادر يكمل كلامه وكأنما يجيب عن تساؤلات الناس وبطريقة العتب على الآباء ,لماذا تركت بعضهم يهربوا ليعودوا و ينهشوا لحومنا وأعراضنا وشرفنا  كان يجب أن تنهيهم ,لماذا لم تكمل عليهم .


تذكرت هذه الحادثة وأنا استمع إلى السيد عبد الحميد الضايع مقدم برنامج في البغدادية وهو يطلب من الرفيق أبو محمد ,اعتذار الحزب عن 35 سنة من الأخطاء بحق الشعب ,إن الجميع يطالب بتقييم مرحلة حكم الحزب وأكثر الجميع هم البعثيون ولكل أسبابه وغاياته من هذا التقييم ,فالعملاء والخونة وأعداء البعث يريدون التشهير بالحزب والقائد ومسيرة 35 سنة وهي حكم الحزب وما إلى ذلك مما يجعلنا ورغم حاجتنا الملحة لهذا التقييم لأغراض البعث ومستقبله ,أن نطلب تأجيل مثل هذا التقييم رغم علمنا باستحالة إجرائه في هذا الوقت لأنه من واجبات المؤتمر القطري والذي لا يمكن أن يعقد في هذه الظروف ,ونحن نطالب بالتأجيل لنضيف سبب إضافي لبقية الأسباب التي تحول دون إجرائه.


أما البعثيون فينقسمون إلى قسمين في طلبهم إجراء تقييم المرحلة الماضية
الأول يريد تحديد الأخطاء من خلال التقييم لكي تتم معالجتها بغض النظر عن نوعية هذه الأخطاء أو من تسبب بها وبغض النظر عن حجمها ومجالها ,وهذا يتطلب جهد كبير فالموضوع لا يخص إجراء أو موقف محدد بل مسيرة كاملة, فكرية وسياسية وتنظيمية اقتصادية واجتماعية قطرية وقومية, تقييم مسيرة الحزب من جانب وتقييم مسيرة السلطة من جانب آخر والعلاقة بين الاثنين ,فهل من الممكن إجراء مثل هذا التقييم في مثل هذه الظروف,ربما, ولكنه سيكون ناقص وسطحي ولن يكون إلا نوع من إرضاء الذات أو إرضاء الأعداء ولن يكون تقييم موضوعي بأي شكل من الأشكال إضافة إلى وجود استحالة في عقد المؤتمر القطري والذي هو الوحيد القادر دستوريا(حسب ما نص عليه النظام الداخلي ) على القيام بهذه المهمة,والاستحالة في عقد المؤتمر تأتي من عدم تمكن الغالبية العظمى من أعضاء المؤتمر من مناضلي الداخل الحضور لهذا المؤتمر لظروف الجهاد أولا ولان ابسط قواعد السرية والأمنية تفرض ذلك ,وان مستقبل الحزب بل مستقبل الجهاد بل مستقبل العراق أهم بكثير من عقد مؤتمر ,حتى ولو كان مؤتمر الحزب وبالتالي فان من يريد ويصر على عقد المؤتمر ويعتبره أولوية قصوى لا يريد الفوز بمنصب حزبي فقط,والذي ربما ظاهر الأمور يشير إلى ذلك, بل يريد تدمير الحزب والجهاد من خلال كشف كل قيادات الحزب ولا نقول تسليمها للمحتل لتكون الساحة خالية له ولجماعته لسرقة الحزب في حالة عدم تمكنهم من ذلك من خلال الانتخابات في المؤتمر المزعوم.وهؤلاء هم النوع الثاني من البعثيين(سابقا) فهم يريدون إجراء هذا التقييم بسرعة وبأي طريقة ليرموا اللوم والأخطاء على شخص أو قيادة معينة ,ليكون الطريق سالكا أمام إزاحة من يريدون ليسيطروا على الحزب وعلى قيادته وبطريقة مقبولة ظاهريا أي من خلال عقد المؤتمر القطري وإجراء انتخابات ,وبذلك يضمنوا سيطرتهم على الحزب والتخلص من قادته والتخلص من أعباء المرحلة الماضية برمي كل أخطائها على الآخرين (بغض النظر عن وجود هذه الأخطاء أم لا,وهم بذلك ينفذون مخطط الأعداء ).


ما هي أخطاء الحزب أو القيادة طيلة 35 سنة وهي فترة حكم البعث للعراق ؟    
من المؤكد إن 35 سنة لا بد أن تصاحبها أخطاء وهذا طبيعي جدا ,ولكن ما هي هذه الأخطاء ومن له الحق في تحديدها ومن له حق النقد والمحاسبة والتصحيح .


أعداء الحزب جميعا قالوا كلمتهم واعتبروا كل مسيرة البعث هي أخطاء .
والمطلوب الآن وهذا ما نراه ونسمعه من أبواق العمالة الإعلامية والسياسية أن يعترف الحزب بهذه الأخطاء المزعومة والتي حددت أساسا من قبل العملاء أعداء الحزب والوطن والقومية والدين,وما الإصرار على ذلك إلا مؤامرة يراد بها الإيقاع بالحزب وجره إلى معارك تبعده عن هدف الجهاد أولا وتسيء إلى تاريخه المشرف أمام الشعب والأمة, أي جعله في موقف المدافع عن أخطاء الماضي المزعومة والمحددة من قبلهم وترك واجبه المبادر في الهجوم على المحتل وعملائه.


وبالرغم من الإجابة المباشرة للقائد الأمين العام للحزب وبوضوح تام إلا إن دوائر العملاء ما زالت تصر على استغلال أي لقاء مع ممثلي الحزب لإعادة طرح هذا الموضوع والإصرار عليه لتفويت الفرصة على الرفاق من توضيح رأي الحزب بما يجري على الساحة عموما ,وهذا واضح فهل من المعقول بعد أن أصبحت الفضائيات تستضيف أم اللبن لا ترى وخلال سبعة سنوات لقاء مع ممثلي اكبر حزب قومي في تاريخ الأمة, إلا لقاءات بعدد أصابع اليد,وبالرغم من ذلك وبالرغم من هذا التعتيم الإعلامي فان الحزب ومسيرته داخل القطر يزداد قوة ,فليس أمامهم سوى العودة إلى أخطاء الحزب ؟


ونحن أيضا نعود إلى طرح هذا الموضوع وكما يلي :


1_ابتداء لقد حدد الرفيق القائد وجهة نظر الحزب والقيادة في ذلك ,حيث اقر بان مسيرة 35 سنة لا بد أن تصاحبها أخطاء .


إذن نحن لا نخاف من أخطائنا ,فالبعثيون الذين اشتهروا وتميزوا عن كل الحركات السياسية بشجاعتهم قبل كل شيء قادرون على الاعتراف بأخطائهم إن وجدت, ولا نعني هنا الأخطاء التي يؤشرها الآخرين علينا , بل نعني ما نراه نحن استنادا إلى فكرنا وليس إلى فكر الآخرين,فمن غير المعقول أن تقيم الأمور مهما كانت استنادا إلى ما يراه الآخرين (أعداء أو أصدقاء ).


2_إن تقييم مسيرة الحزب وسلطته واجب محدد بالمؤتمر القطري وهو الذي سيحدد الأخطاء والهفوات ,وعموما فهي مردودة على من ارتكبها وهو وحده يتحمل مسئولية ما ارتكب أمام البعث والشعب وهذا ما ذكره القائد.


3_لقد اشر الرفيق القائد نصف المشكلة إن لم يكن كلها عندما حدد سبب كل الأخطاء والهفوات التي حدثت خلال الخمسة والثلاثون عاما وذلك بخطابه بمناسبة الذكرى السادسة للعدوان الأمريكي_الصهيوني الغاشم  والذكرى الثانية والستون لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي, عندما ذكر ما نصه (وسيعود بل عاد البعث اليوم إلى منابع فكره الأصيل الطيب الشريف ) وهذا يعني إن أي خطأ أو هفوة ما كانت تحصل لو استندنا إلى فكر البعث ,فكلما ابتعدنا عن الفكر زادت أخطائنا وهفواتنا وكلما اقتربنا من الفكر كلما قلت أو انعدمت هذه الأخطاء ,ولا اعتقد إن هنالك ما يقال بعد هذا القول البليغ .


إن أبناء الشعب يطالبونا بالاعتذار ,لسان حالهم ذالك المواطن صاحب المحل الذي ذكرته في بداية مقالي .
وان العملاء والخونة يطالبونا بالاعتذار ,لسان حالهم مذيع البغدادية عبد الحميد الضايع .
فهل نعتذر للشعب أم نعتذر للخونة والعملاء ؟!!!!!!

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١٧ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٢ / حزيران / ٢٠٠٩ م