إنتخابات أكراد العراق  
لاشيء يحدث
.. لا أحد يجيء

 
 
 

شبكة المنصور

محمد العماري

من السذاجة وقصرالنظر الاعتقاد بان إنتخابات ما يُسمى باقليم كردستان العراق سوف تأتي بشيء من التغيير أو أنها ستحرّك المياه السياسية الآسنة منذ عقود في شمال الوطن. وكلّ ما يمكن أن يحدث, كما تشير جميع التوقعات, هو بعثرة وتفرّق بعض المقاعد النيابية هنا وهناك, خصوصا بدخول بعض الأحزاب والكتل بوجوه جديدة قديمةعلى مسرح الأحداث. وحسب ضرورات الاخراج المسرحي"الديمقراطي" الذي تقف خلفه أمريكا والكيان الصهيوني. فهذان البلدان يعوّلان كثيرا, كما هو معروف للقاصي والداني, على بقاء الاقليم الكردي"ممنوع من الصرف" وحكرا على عائلة البرزاني فقط. تلك العائلة التي لم تبخل يوما على هذا الكيان الغاصب, منذ أكثر من نصف قرن, بخدماتها الجليلة التي حوّلت شمال العراق الى بؤرة للتآمر وقاعدة متقدمة للعدوان بمختلف أشكاله على العراق وشعبه, ومصدرأساسي لعدم الاستقرار والبلبلة في المنطقة.


وبالتالي لا يمكن توقّع حدوث مفاجآت كما يحصل عادة في الانتخابات التي تجري في بلدان وأقالم أخرى. فهنا في إقليم"كردستان العراق" كل شيء قابل للحركة حسب قوانين الطبيعة على الأفل الاّ سلطة مسعود البرزاني. فهي خط أحمر بلون الدم. ولا يهمّ إن كان دم الأكراد أو العرب أو التركمان أوغيرهم هو الذي يُراق على عتبات قصر صاحب الفخامة وشحيح الابتسامة مسعود البرزاني.


ولا يغرّنكم عدد الأحزاب والكيانات المشاركة في الانتخابات, والتي تكيل التهم والانتقادات والتهديدات المبطنة الى سلطة عائلة آل بارَزانوف. فجميع هؤلاء السادة الغيرأشاوس تخرّجوا من نفس المدرسة الصهيونية المعادية والحاقدة على العراق. وكثير منهم كانوا, قبل بضعة أشهر, في وئام وغرام مع "الرئيس" العميل جلال الطلباني. وبعضهم تربطه به أواصر نسابة وعلاقات عائلية.


وليس غريبا أن يعمد أصحاب الأمر والنهي, في حزبي مسعود البرزاني وجلال الطلباني, الى اللجوء الى كل ما تجمّع لديهم من فنون التزوير والغش والتزييف من أجل توطيد وتعزيز سلطتهم اللامحدودة أصلا على الأقليم بعد أن وظّفا ورصدا ملايين الدولارات المسلوبة من المال العام - بعضها من ميزانية الشعب العراقي - مستغلين ومستخدمين نفوذهما الواسع وهيمنتهما على أجهزة ومؤسسات ودوائرالدولة والحكومة سواءا في المركز أو في الاقليم. فالطلباني"رئيس" الدولة والبرزاني"رئيس" الأقليم. ممّا يعني إن"عصفور كَفَلَ زرزور وإثنينهم طيّارة". أمّا أخوتنا الأكراد الفقراء فسوف يقبضون السراب والأوهام من مسرحية إنتخابات برلمان ورئاسة الاقليم.


إن فرص الأمل في حصول تغيير ولو طفيف في شمال العراق ضئيلة جدا. لأن العميل مسعود البرزاني وبدعم مادي ومعنوي وسياسي وإستخباراتي من أعمامه الصهاينة تمكّن من تخديرالغالبية العظمى من الأكراد البسطاء. فبالاضافة الى إبقاءهم في ظروف مترّدية من الفقر والجهل والتخلّف, باستثناء المقرّبين والتابعين له, دأب على حقنهم لعشرات السنين بامصال عنصرية مسمومة ضد أخوتهم في الوطن من العرب والتركمان والكلدوآشوريين وغيرهم, مستخدما كالعادة ذات الاساليب الصهيونية في تضخيم وتزوير وفبركة الحقائق التاريخية بغية الإبتزاز والتهديد وشراء عواطف الآخرين.


وبهذا وبغيره من وسائل الحرمة واللاشرعية إستطاع البرزاني العميل ان يجمع بيده, بعد أن عمّ اليأس والملل واللاجدوى في ربوع الاقاليم, جميع السلطات والصلاحيات المخوّلة له من قبل شخصه لا غير. فهو رئيس الاقليم بالوراثة ورئيس الحكومة والحزب بالتزكية, مع أن الحزب حاجة عائلية بحتة, وقائد عام لعصابات البيشمركة المجرمة, فضلا عن تملّكه لحصص كبيرة في شركات ومؤسسات تجارية ومالية وإعلامية خلف أسماء وعنواوين وأقنعة مختلفة. وبعبارات متواضعة إن مسعود البرزاني العميل حقّق حلمه العائلي بإقامة إمارة برزانية خاصة به على أكتاف ملايين الأكراد الفقراء المغلوبين على أمرهم.


لكن, وبالرغم من عمليات التطبيل والتزمير من قبل بعض وسائل الاعلام وعلى رأسها فضائية "الجزيرة" القطرية المغرمة على ما يبدو باكراد العراق دون غيرهم, ستبقى إنتخابات ما يُسمى باقليم كردستان العراق فصلا رتيبا ومملاّ, حتى بدخول ممثّلين وكومبارس جدد, من مسرحية "الديمقراطية" ذات المخالب والأنياب التي بذلت أمريكا كل ما كان في وسعها لآرغام المواطن العراقي, دون أن تحقّق أية نتيجة تذكر, على تقبّلها والاستمرار في متابعتها. وحتى لو جرت إنتخابات أمراء الحرب الأكراد بشكل نزيه وديمقراطي, وهو أمر مشكوك فيه مئة بالمئة, فاننا سوف نستيقظ في اليوم التالي لنجد إن كلّ شيء بقيَ على حاله في إمارة "مونتي كارلو" البرزانية.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٠٤ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / تمــوز / ٢٠٠٩ م