العراق الجديد ... شركة مُساهمة
لانتاج وتركيب وتخزين ألأحزاب السياسية

 

 

شبكة المنصور

محمد العماري
في العراق الجديد المتعدّد الاحتلالات والولاءات أصبح تشكيل حزب سياسي, مع تحفّظنا الشديد جدا على التسمية,أبسط ما يكون كما يُقال. ويكفي لأي متسيّس أو هاوي سياسة أو دخيل عليها أو باحث عن أمجاد زائفة أن يزعل على حزبه الأصلي ويخرج منه لكي يقوم بتأسيس حزب أو كيان سياسي جديد تابع له. خصوصا وإن قوانين العراق الديمقراطي جدا تسمح لأي تافه أو منحط أو مجرم أو نكرة أن يؤسس له حزبا أو كيانا إذا حصل على توقيع 500 شخص فقط ! بغض النظر عن أي شيء آخر. باستثناء شرط واحد أساسي ومهم جدا, وهو أن يربط صاحب الحزب الجديد نفسه, كالدّابة المسلوبة الارادة, بحضيرة المنطقة الخضراء ولا يعترض أبدا على نوعية العلف الذي تقدّمه له السفارة الأمريكية في بغداد المحتلّة.


وباستثناء عراق اليوم فان ظاهرة تكاثر وإستنساخ وترميم ألاحزاب والكتل السياسيةغير موجودة في أي مكان في العالم, لا في الدول المتحضّرة ولا في الدول المتخلّفة. فعدد الأحزاب والكيانات السياسية الموجودة في العراق الجديد,550 بين حزب وتكتل وكيان والحبل ما زال عالجرار, تزيد عن عدد الأحزاب والكيانات السياسية الموجود في أكثر من تسعين دولة مجتمعة.


ومعنى ذلك إن كل قرية أو حارة في عراقهم الجديد تستطيع أن تشكّل لها كيانا أو حزبا سياسيا خصوصا في بلد محتلّ تغلغلت الفوضى والفساد في أدق تفاصيل حياته. فوضى في برلمانه وفوضى في حكومته وفوضى في مجلس رئاسته. وفوق كل هذا وذاك فوضى في قوانينه وتشريعاته ومراكز القوى المتعدّدة والمتناقضة التي تمسك بزمام الأمور فيه. ناهيك عن الدور الأساسي الذي يلعبه المال الحرام, مال السرقات والنهب والسلب في السر والعلن, لشراء ذمم وضمائر وأصوات الناس البسطاء.


وآخر ما أنتجته شركة (العراق الجديد) المساهمة لأنتاج وتركيب وتخزين الأحزاب والكنل السياسية ذات الماركة المسجّلة, هو إعلان رئيس الوقف السنّي أحمد عبد الغفور السامرائي عن تأسيس كيان سياسية مستقل سمّاه (تجمّع الميثاق العراقي) . وقد صرح جنابه التعيس, كما فعل من سبقوه من(قادة) الدكاكين والمحلات والورشات السياسية العراقية, بان كيانه الجديد(يضم شخصيات وطنية مستقلة بعيدة عن أي توجّه طائفي أو عنصري... مفتوح للجميع وليس هناك خط أحمر نحو أي حزب أو تكتّل من القوى الموجودة على الساحة العراقية).


وباحتصار مفيد أن هذا الحزب سيكون عبارة عن مزبلة مكتظّة بالأوساخ, خصوصا لأولئك الذين لم يجدوا لأنفسهم مكانا شاغرا في مزابل الأحزاب السياسية الأخرى التابعة للمنطقة الخضراء. ولا شك أن حظوظ أحمد عبد الغفور السامرائي وحزبه الجديد سوف تكون أسوء بكثير من حظوظ رفاقه في العمالة والخيانة والتبعية المذلّة للمحتلين الأمريكان والمجوس الصفويين, أمثال خائن الوطن والمباديء حميد مجيد موسى واللص والحرامي الدولي أحمد الجلبي والصهيوني مثال الآلوسي وهلّم جرا. وقد ينطبق عليه وعليهم المثل الشعبي القائل(ضاع أبتر بِين الِبتران).


وللتأكيد على دناءة وإنحطاط (قادة) العراق الجديد وطبيعتهم المافياوية تجدرالاشارة الى أن احمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السنّي الحالي وصاحب المولود اللقيط المسمى(تجمع الميثاق العراقي) قام في فترة سابقة, مع عصابة مسلّحة تابعة له, باقتحام مقر هيئة علماء المسلمين في جامع أم القرى وأخرج أعضاءها بالقوة وحطّموا برج الاذاعة الخاص بها, وهم الآن أصحابها الغير شرعيين. وقد لقيّ هذا التصرّف الاجرامي المافيوي ترحيبا وإستحسانا من قبل جارة السوء إيران والاحزاب(العراقية) المنضوية تحت رايتها الملطّخة بدماء آلاف العراقيين.


ولو كان لدى عبد الغفور السامرائي ذرّة من الذكاء والاحساس بالمسؤولية وشيء من الشرف لسأل نفسه عن الحكمة المتوخاة من تشكيل كيان جديد في ظل وجود أكثر من 550 حزب وتكتل وكيان سياسي في عراق اليوم؟ وهل أن مشاكل العراقيين ومأسيهم اليومية منذ إحتلال بلدهم وحتى هذه اللحظة هي نقص في الأحزاب والكتل الساسية أم نقص وإنعدام ما هو أهمّ بالف مرّة من تشكيل حزب أو تأسيس تجمّع, وكلّها في نهاية المطاف نسخة طبق الأصل عن بعضها ومموّلة ومدعومة من نفس الجهات الأمريكية أو الايرانية أو الصهيونية, ولها نفس الأهداف والمخططات والمشاريع التي تسعى جميعها الى الهيمنة والاستحواذ والاستيلاء على خيرات وثروات الشعب العراقي وجعل العراق بلدا من الفقراء والبؤساء والمعدمين.


وبديهي ان جميع هذه الأحزاب, بنظر المواطن العراقي, لا قيمة لها على الاطلاق أزاء ما يعانيه من نقص في أبسط الخدمات الضرورية لحياته اليومية. نقص في الكهرباء والماء الصالح للشرب ونقص في الرعاية الصحية والتعليم والمواصلات, ونقص في المواد الغذائية والتموينية الأخرى ونقص بكل ما له علاقة بالحياة العادية, ولا نقول الحياة الكريمة, للمواطن العراقي. ناهيك عن إزدياد معدلات البطالة بشكل مرعب مضافا لها تفشي ظواهر كانت حتى وقت قريب غربية وبعيدة عن المجتمع العراقي, كانتشار مختلف أنواع المخدرات الآتية من جارة السوء إيران والزنى والفساد أيضا بمختلف أنواعه تحت غطاء وقناع الدين والتشيّع.


لكن يبدو إن المهنة الوحيدة الرابحة في عراق اليوم هي تشكيل أو تأسيس حزب أو كيان سياسي. فليس من المعقول أن يقف أحمد عبد الغفور رئيس ديوان الوقف السني مكتوف الأيدي بينما يقوم رفاقه في المنطقة الخضراء وما جاورها بالنهب والسلب والسرقات وتكديس ملايين الدولارات وشحنها بشكل علني الى دول الجوار وما بعد دول الجوار. ولعلّ أحمد عبد الغفور السامرائي هذا أدرك إن ساسة عراق اليوم, إبتداءا من العميلين الكبيرين المالكي والطلباني وإنتهاءا بالوزراء ونواب البرلمان, واعون للنهاية البائسة التي تنتظرهم وللمصير المشين الذي يترصّدهم بعد أن يسحب سادتهم الأمريكان البساط من تحت أقدامهم ويتركونهم حُفاة عُراة وجها لوجه أمام أسود وفهود المقاومة العراقية الباسلة. فاراد هو الآخرأن يطبّق الشعارالمفضّل لساسة العراق الجديد( يَمغرّب خَرِّب ) ليجرّب حظّه قبل أن يفوته قطاراللصوص والسراق والسماسرة وناهبي قوت الشعب العراقي, والباحثين عن أمجاد زائفة على أشلاء الألاف من أبناء جلدتهم.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢٧ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / تمــوز / ٢٠٠٩ م