على مَن إنتصرت حكومةُ المنطقة الخضراء حتى تحتفل بالثلاثين من حزيران ؟!

 
 
 

شبكة المنصور

محمد العماري

لقد دأبت قوات الاحتلال الأمريكي وعصابة المنطقة الخضراء على تقديم فصول ( الكوميديا العراقية ) كل بضعة أشهر, دون أن تأخذ بنظر الاعتبار مستوى الضّجر والملل المتزايد لدى الجمهور الذي ضاق ذرعا بزمرة تجهل كلّ شيء الاّ التمثيل السيء, رغم رداءة الاخراج والسيناريو وتخلّف الممثلين أنفسهم. وها نحن اليوم مرغمون على مشاهدة فصل كوميدي جديد تحت عنوان إنسحاب القوات الاجنبية خارج المدن. لكن حكومة العملاء في بغداد أضافت له عنوانا جانبيا وبالخط العريض هو ( يوم السيادة ) وأعلنته عطلة رسمية في العراق. ولا ندري على من إنتصرت حكومةالعميل نوري المالكي وكيف؟ّ!

 

ويصعب على المتتبع لمجرى الأحداث في العراق, منذ اليوم الأول للغزو وحتى هذا اللحظة, أن يجد دليلا واحدا, ولو بحجم حبّة الرمل, يثبت أو يؤكد إن للحكومات, التي نصّبها الاحتلال الأمريكي وجميعها حكومات تصريف أعمال, علاقة من بعيد أو من قريب في عملية إنسحاب القوات الأمريكية المحتلة الى خارج المدن. رغم قناعتنا الراسخة بان العملية برمّتها لا تعدو أكثر من كونها إنتشار قوات عسكرية أنهكت تماما ولم تعد قادرة على المواجهة في الميدان مع فصائل المقاومة العراقية الباسلة. بل لم يعد لديها الوقت الكافي حتى لالتقاط الأنفاس. ولا ريب أن جيش أمريكا العرمرم, وباعتراف كبار ضباطه وقادته الميدانيين أُصيب بالصميم, وسوف يُفكر ألف مرة  قبل أن يقدم على إرتكاب جريمة جديدة كجريمة إحتلال العراق.

 

إن انسحاب القوات الأمريكية خارج المدن, لو حصل فعلا لا قولا, كان يمكن أن يتم قبل أربع أو خمس سنوات لولا الخدمات الجليلة التي قدّمها ( قادة ) ما يُسمى بالعراق الجديد الى أرباب نعمتهم وأسيادهم من أمريكان وصهاينة ومجوس, والتي أدت الى تصفية وإغتيال  المئات من خيرة أبناء الشعب العراقي ضباطا وإساتذة وعلماء وكوادرفنية مختلفة, وسجن وتهجير وإختفاء الملايين من العراقيين في الداخل والخارج, وزرع بذورالفتنة والشقاق والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد. بل إن ما إرتكبته الميليشيات التابعة للأحزاب الطائفية والعنصرية الحاكمة في المنطقة الخضراء وفرق الموت والاجرام الآتية من جارة السوء إيران لا يقلّ فضاعة وبشاعة وهمجية عمّا فعلته قوّات الاحتلال الأمريكي بحق الشعب العراقي.

 

لقد تكبّدت أمريكا, بفعل ضربات فصائل المقاومة العراقية الباسلة وصولاتها وجولاتها في سوح الوغى, أفدح الخسائر مّما جعلها تستنجد بالشياطين والأبالسة من أجل إخراجها ولو جزئيا من الجحيم العراقي. فقد خسرت أكثر من 50 ألف عسكري بين قتل وجريح وأضعاف هذا العدد من المجانين والمهوسين والمصابين بأكثر من خلل نفسي وعقلي وأخلاقي. فضلا عن مئات المليارات التي أحرقت في حرب إجرامية لا أخلاقية ولا شرعية وكانت مرفوضة من غالبية الشعب الأمريكي, ودون أن تحقق واحد بالمئة مما كان ينوي المجرم بوش الصغير تحقيقه في العراق. ولا ندري ما علاقة العميل نوري المالكي وحكومته الطائفية بكل هذه الخسائرالمادية والبشرية التي لحقت بامريكا حتى يحتفل جنابه التعيس بيوم 30 حزيران ويعتبره ( إنتصار تاريخي ) ويجعله عطلة رسمية؟

 

هناك طرف واحد يحق له, دون أدنى شك, الاحتفال بانسحاب القوات الأمريكية الى خارج المدن, الا وهو المقاومة العراقية بجميع فصائلها وتشكيلاتها, وخلفها الشعب العراقي الذي إحتضنها منذ إنطلاقتها في أيام الغزو الأولى, ووفّر لها كل مقومات الصمود والبقاء والاستمرار والابداع المذهل في مقارعة أقوى وأعتى قوة عسكريةعرفها التاريخ. وإذا كان ثمة من يستحق أن يعلّق على صدره وسام النصر من الدرجة الممتازة فهو الشعب االعراقي بكافة أطيافه ومكوناته, ومعه أبنائه الشرفاء الذين وقفوا كل حسب قدرته وإمكانياته وجهده ضد المشروع الاحتلالي وما جلب معه من خدم وحشم وحكومات عميلة. ويمكننا إعتبار إنسحاب القوات الأمريكية خارج المدن, مرغمة مهزومة منهكة القوى, بمثابة السطرالأول في صفحة الانتصارالكبيرالشامل لعراقنا الحبيب, ومقدمة رائعة للجولة الأخيرة  لطرد آخر جندي أجنبي أو عميل ( عراقي ) ورميهم جميعا في مزبلة التاريخ التي تنتظرهم على أحرّ من الجمر

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ١١ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / تمــوز / ٢٠٠٩ م