مركب القنوط

 
 
 

شبكة المنصور

احمد النعيمي
أن تسير خلف وهم ، وتجري وراء سراب ، وتتوه مركبتك في صحراء التيه الأبدي ، وتبقى طوال حياتك تخرج من مصيبة وهزيمة لتقع فريسة لهزيمة أشد منها وأمر ، وتخرج من حفرة لتسقط في أخرى ، وأن تجري خلف كل ناعق ، وتكون مطية ً للآخرين مستحمراً من قبلهم يستخدمونك ليصلون منك إلى أهدافهم شعرت بهذا أم لم تشعر ، أدركت هذا أم لم تدرك ، كنت خلية ً نائمة ً أم لم تكن ، فالمهم أن تحقق أهدافهم وما يصبون إليه بدون جهد منهم أو تعب ، اللهم إلا لقيمات يرمونها لك كأي كلب أو عبد ذليل .

 

وأن تصنع المعروف في غير أهله ليكون جزاءك جزاء مجير أم عامر ، فإن مركباً مثل مركبك الذي أنت راكبه لهو مركب للقنوط والتيه ، فما بالك أيها التائه ما بالك أيها القانط ما بالك أضاعوا منك إيمانك وسلبوا منك عقيدتك فبات حالك كالأنعام بل أضل !؟ أين ذهب عقلك !؟ تدعو الناس إلى الرشد وأنت لست منهم ، تدعو الناس أن يصلوا إلى بر الأمان ومركبك أول الغارقين !؟ .


ما بالك أيها المسكين ، أما آن لك أن تستيقظ من أحلام الخيال واليقظة التي أوقعوك بها ، وجعلوك تعيشها موهمين لك أنها الحقيقة وأنهم الأمل ، وأي أمل وحقيقة تلك التي تروج لها أيها الساهر !؟ أوهموك بأنهم هم المخلصون ، هل خانك في هذا تفكيرك ورجاحة عقلك ، ما بك !؟ ألم تفكر أن تقف مع نفسك قليلاً ولو للحيظات !؟ ألم تسال نفسك ما بالها فضيحة إيران كيت ، وسط شعارات الكذب والضلال والموت لليهود والأمريكان !؟ ألم تسال نفسك ما بالها تصريحاتهم بأن لهم دور كبير في دخول قوات الاحتلال إلى أفغانستان والعراق كما جاء على لسان محمد ابطحي نائب الرئيس الإيراني الأسبق وعلى لسان الرئيس الأسبق رافسنجاني وكما صرح بهذا نجاد أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن العام الماضي !؟ ألم تسال نفسك كيف ينصب من يرفع مثل هذه الشعارات مساعداً لهم من خلال حكومة الخيانة والعمالة !؟ ألم تسال نفسك كيف يسيطر الإيرانيون على 70 % من أرض العراق وتحت نظر ومرأى الذين يرفعون شعارات الموت لهم !؟ ألم تسال نفسك عن تعاون السيستاني مع قوات الاحتلال بالخفاء كما كشفت عن هذه الحقائق مذكرات بريمر !؟ ألم تسال نفسك ما بال مشائي يصرح بأنهم أصدقاء لليهود عقب مؤتمر السياحة كما وصرح قبلها وفي حديث خاص " للحياة " : " أن الجمهورية الإسلامية في إيران هي مطلب أمريكي ، وخصوصا بعد إقامة دولتين إسلاميتين في كل من أفغانستان والعراق " !؟ ألم تسال نفسك لماذا صرح نجاد بأنه مستعد للاعتراف باليهود !؟ ألم تسال نفسك لماذا صوت يهود إيران لمن يرفع شعار المسح لهم !؟ الم تسال نفسك لماذا صرح شارون في مذكراته بأنه لم يجد منهم أعداء لليهود !؟ الم تسال نفسك لماذا يصرح أحد رؤساء الموساد السابق : " أن نجاد أجمل هدية لليهود لأنه يخدم مصالحهم " !؟  ألم تسال نفسك لماذا ينصون في دستورهم أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون أولاً فارسي القومية ثم يكون بعدها مذهبياً رافضياً جعفرياً !؟ ألم تسال نفسك كذلك ما سبب مذهبية أولياء الفقيه في إيران وقمعهم لحريات القوميات الأخرى غير الفارسية واضطهادهم لأصحاب المذاهب السنية من كرد وبلوش وأهواز !؟ الم تسال نفسك لماذا لا يوجد في طهران مسجداً لأهل السنة بينما يوجد في إيران قريب السبعين معبدا لليهود وهم لا يبلغون 200 ألف بينما يبلغ عدد أهل السنة ثلث شعب إيران !؟ أم أنك تريد للأفواه أن تكمم وللأفكار أن تقمع وللعقيدة أن تحظر ، أم أن اسمك موجود في قوائم الخلايا النائمة المدعومة من إيران والمروجة لنشر مذهبها البغيض في بلادنا ، وأنك تريد لدولة الرفض القومية المذهبية التي تفتخر بقوميتها الفارسية بدل أن تفتخر بالإسلام وتعلنها بأن الخليج هو الخليج الفارسي وليس الإسلامي وتمنع أي إنسان غير فارسي من التقدم إلى منصب الرئاسة ؛ أن تحكمنا وتذلنا ، أم أنك تريد أن تضع نفسك تحت سلطة ولي الفقيه ابن الإله ، لتكون من أتباع فرعون القائل مستخفاً بعقولهم : يا أيها الناس ما علمت لكم من اله غيري !؟ .

 

عد أيها التائه إلى رشدك وتفكر ، ما بالك تحسبهم جميعاً وتخافهم وتخاف قوتهم وترتعد فرائصك جزعاً وخوفاً فتسرع فيهم تمدحهم وتمرغ انفك تحت أقدامهم من حيث لم يدعوك لهذا أو دعوك إليه مقابل كسيرات ، ولسان حالك الكذب والتملق والخوف والوجل : " فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ " المائدة 52 ، فنحن أدرى الناس بهم واعرفهم بحالهم فهم الآن يتشبثون بالمحتل للبقاء في بلادنا لأنهم يدركون أن نهايتهم مع نهاية المحتل وان مصيرهم بات كمصيرهم ، وأنهم ليسوا سوى أصحاب قلوب شتى ، عد إلى رشدك فأين ستذهب من الله أولاً ومن ثم أين ستذهب من الدماء التي سقطت في العراق ، وأين ستذهب من الشعوب والمجاهدين الذين قال الله فيهم " عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ " الذين حملوا أسلحتهم واعدوا ما استطاعوا من عدة لمواجهة عدو الله وعدوهم وما هابوا وما خافوا ، رماهم الناس عن قوس واحدة فما ضعفوا وما استكانوا لما أصابهم في سبيل الله وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، يتوقون في هذا إلى نصر من الله وفتح قريب يُبشر به المؤمنون ، يشف به صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم .

 

أما آن لك أن تستيقظ من هذه الأحلام الزائفات أيها التائه وتدرك أن الأمريكان واليهود وإيران كلهم أعداء للإسلام أحدهم أشد خطراً من الآخر ، فنحن لا نريدهم ولا نريد من يتهم أم المؤمنين عائشة بالزنا ويلعن أبا بكر وعمر ويحكم على صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالردة ، نحن نريد أن يعاد للإسلام عزته نريد أن يظهر فينا قائداً مسلماً كصلاح الدين يوحد المسلمين تحت راية الإسلام النقية التي يقول أصحابها " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ " ويطهر هذه الأمة من دولة الرفض المبتدعة الكاذبة التي تدعي الإسلام وهي أشد أعدائه ويحرر بلاد المسلمين اليهود والصليبين ويردهم إلى كيدهم خائبين ، عد إلى رشدك قبل أن تدعو الناس إلى هذا ، وكن رشيداً كما تدعي فإن مركباً مثل مركبك ليس إلا مركباً للقنوط والتيه ، وإن شخصاً مثلك لن يكون جزائه إلا جزاء مجير أم عامر .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٣٠ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / حزيران / ٢٠٠٩ م