هروب وهزيمة القوات المحتلة أم انسحابها من المدن ؟

 
 
 

شبكة المنصور

أبو محمد العبيدي
قبل أن نتحدث عن تزوير الواقع الحالي الذي نعيشه يوميا ,والأحداث التي تقع أمام أعيننا ونحن جزء منها ,وكيف يتم محاولة تزويرها وقلب الحقائق بطريقة لا يمكن التصور بأنها ممكنة الحدوث والحصول,أي هل من الممكن أن تقلب الحقائق بهذا الشكل وبهذه الكيفية ,بل يصل الأمر إلى حد سرقة هذه الحقائق بعد قلبها وبهذه الطريقة وأمام أعين الجميع,نعم هذا ما حدث ويحدث, صحيح من قال( إن كنت لا تستحي فافعل ما تشاء ).


ولكن أولا لماذا يريدون سرقة نصر المقاومة ؟


1_لقد اعتمدت إستراتيجية المحتل والتي ينفذ جزء منها عملائه في العملية السياسية على شقين الأول تشويه سمعة المقاومة من خلال القيام بعمليات التفجير القذرة واتهام المقاومة بها من اجل ربط المقاومة بالإرهاب وجعل المصطلحين متلازمين في المعنى ,وثانيا استثمار نصر المقاومة لصالح عملاء المحتل لتبييض وجهها على أساس أنها هي التي أجبرت المحتل على الانسحاب من المدن كخطوة أولى نحو الانسحاب الكلي ,ومحاولة تمرير الاتفاقية القذرة وتسويقها على إنها نصر لصالح الشعب العراقي وأنها تحققت نتيجة إمكانيات المفاوض العراقي ووطنيته ؟!!!.


2_بعد الهزيمة المنكرة للقوات المحتلة على يد المقاومة العراقية,إضافة إلى الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الأمريكي وضياع هيبة الولايات المتحدة وهيبة جيشها ,وزيادة العداء لأمريكا في العالم وبداية لصعود أكثر من قوة عالمية إلى المسرح العالمي أي نهاية هيمنة القطب الواحد ,وكذلك بداية تمرد الدول الأوربية بما فيها بريطانيا على السياسة الأمريكية واتخاذها مسار بدأ ينحرف تدريجيا عن المسار العام الأمريكي ,كان لا بد لها من التفكير في كيفية الخروج من المستنقع العراقي لتحتفظ بما تبقى لها من قوة ومكانة عالمية ولإيقاف الاستنزاف المستمر لاقتصادها ولجيشها ولسمعته وسمعتها ,فتصورت إن الاتفاقية هي الحل السحري لكل مشاكلها بل ولمشاكل النظام الذي أوجدته من خلال إعطائه دفعه وطنية وإظهاره بمظهر المحرر للوطن من الأجنبي ,وها هي المرحلة الأولى من الاتفاق تتم وتصور وكأنها شاهد على مصداقية أمريكا في الانسحاب من العراق وفي نفس الوقت تشهد على جدية ووطنية سلطة العملاء ,وإحراج المقاومة من خلال إجبارها على إيقاف عملياتها داخل المدن لعدم وجود مبرر بعد انسحاب القوات المحتلة خارجها أو اللجوء إلى مقاتلة القوات العراقية وترك قوات المحتل ,وبالتالي رفع الغطاء عنها الذي كان يبرر عملياتها أمام البسطاء من الشعب, وفي نفس الوقت إتاحة الفرصة للقوات الحكومية بالقيام بتصفية قوى المقاومة وإنهاء وجودها من خلال الاعتقالات والتصفيات الجسدية .


أي نقل المعركة من طرفيها السابقين وهما المقاومة والقوات المحتلة إلى طرفيها الجديدين وهما المقاومة والقوات العراقية وبذلك يمكن إخراج القوات المحتلة من طرفي النزاع بعد أن أدخلت القوات الحكومية بدلها ليكون الدم عراقيا صافيا ودون أي خسائر من المحتل , ومن المؤكد إن قيادة المقاومة قد أعدت الخطط التي تجهض هذا المخطط وحتى قبل أن تنفذ وقد كانت في بعض توجهاتها واضحة وكما يلي :


1-القيام بضرب معسكرات القوات المحتلة وقصفها ومن المدن أي جل ما تحتاجه هو صواريخ بعيدة المدى نسبيا ,أي الاحتفاظ بحاضنتها الطبيعية واستثمار الشعب كغطاء لها .


2_تحذير القوات الحكومية وإعلامها بأنها غير مستهدفة من المقاومة على شرط عدم تدخلها لحماية قوات المحتل ,وفي هذه الحالة ستعامل معاملة القوات المحتلة .


3_دعوة كل أفراد القوات الجيش والشرطة ممن أجبرتهم الظروف المعاشية على الانخراط في قوات العملاء ترك هذه القوات أو عدم تنفيذ أوامر ضرب المقاومة والتهرب من مثل هذه الأوامر بالطريقة التي ترتئيها أو غض النظر عنها .


4_نصب كمائن للقوات الحكومية التي تروم تنفيذ المداهمات داخل المدن ضد مجاهدي المقاومة .


5_جعل معسكرات القوات الأجنبية المحتلة معسكرات اعتقال وسجون لها من خلال السيطرة على كل مقتربات هذه المعسكرات وزرعها بكل ما يحدد أي تحرك لهذه القوات .


6_استهداف بل التركيز على ضرب كل ما له علاقة بالمحتل والمحمي من قبل الشركات الأمنية والتي لا يمكن أن تخرج إلى معسكرات القوات المحتلة لان طبيعة عملها يفرض التجول في داخل المدن.


7_ضرب خطوط الإمدادات لهذه المعسكرات وفرض استخدام الطيران في نقل المواد التموينية والتجهيزات وغيرها .


وأخيرا لا بد من نصيحة إلى الولايات المتحدة وجيشها المحتل ,وكذلك إلى حكومة العملاء والى كل العملاء المشتركين في العملية السياسية وهي إن التاريخ قد يزور البعض منه ولكن حتى هذا التزوير له شروطه وعوامل تساعده على إخفاء الحقيقة بل وحتى على سرقتها وقلبها في بعض الأحيان ولكن لا يمكن سرقة نضال وجهاد شعب كامل مهما كانت قوة مكانتكم الإعلامية ومهما كانت ادعاءاتكم, فالمقاومة وعملياتها وجهادها وتأثيرها لم يهز أمريكا وحدها بل العالم كله, لقد غير النظام العالمي ,شئتم أم أبيتم ,لقد دمر اقتصاد أقوى إمبراطورية في العالم بل في التاريخ لقد أعاد كتابة التاريخ العربي والإسلامي الحديث واظهر الإمكانيات الكامنة وفجرها وأعطى دروس لكل الشعوب بغض النظر عن الإمكانيات المتاحة للشعوب أو للمحتلين ,إن كل هذه وذاك وأكثر بكثير يفرض عليكم إما الاستسلام أو تحمل المزيد من الذي لقيتموه, وقد تحصلون على أي شيء إلا النصر ونصركم هو الخروج بماء الوجه كما يقولون وليس أكثر وهذا لن يتم لكم إذا ما استمر عنادكم واستمر دعم عملائكم واستمر تغافلكم عن حقيقة انتصار المقاومة وإنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي ,أما النصر فهو من حصة المقاومة وقد حسمته المقاومة منذ اختيارها حرب الاستنزاف التي أنهتكم ,فمكانتكم الإعلامية لن تستطيع سرقة النصر منها بل إن ادعائكم وعملائكم ذلك ما هو ألا مزيد من الغوص في المستنقع الذي تريدون الخروج منه .


أما حكومة العملاء في المنطقة الخضراء والتي طبلت للانسحاب وكأنه نصرها ,فإنها ستحاول تدمير كل من يقف أمامها وستحاول ضرب المقاومة بكل ما تستطيع ودون أي رادع أو قانون أو قيم يمكن أن تحددها وهذا معروف ولكن الذي ستضيفه أيضا هو القيام باعتقالات واسعة في صفوف القوى الطائفية الأخرى مثل جيش المهدي لإجبار الصدريين على الائتلاف معهم في الانتخابات القادمة بشرط أن تكون القيادة للمالكي وستساومهم على هؤلاء المعتقلين في سبيل تحقيق هذا الهدف ورغم هذا وذاك فنحن بانتظار خطاب القائد ليقول كلمة الفصل للمرحلة القادمة .


إن التاريخ لا يصنعه الجبناء ولا الخونة ولا العملاء بل يصنعه الأبطال والمجاهدين ,وان المقاومة قد استعادت شرف العراق وسيادته بنصرها والذي سجله التاريخ بأحرف من نور .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٠٧ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / حزيران / ٢٠٠٩ م