تفجيرات وانتخابات عراقية

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الجبار الجبوري / كاتب واعلامي عراقي
فضحت التفجيرات الدموية الاخيرة في العراق كذبة الانسحاب الامريكي من المدن العراقية وجاهزية الحكومة في السيطرة على الوضع الامني وايقاف دورة العنف التي تضرب البلاد شمالا وجنوبا ، ولم يمض يوم واحد على الانسحاب المزعوم والتي سمته الحكومة (يوم فرح عراقي) وعلى لسان رئيس الوزراء نفسه عاد في اليوم الثاني ليقول بأن(بأمكان الحكومة استدعاء قوات التحالف عند الحاجة)ثم انفظحت قوات الغزو الامريكية عندما حصلت التفجيرات المروعة لتظهر ثانية في شوارع العاصمة ومدن العراق مثل ديالى ونينوى وكركوك وكأن الامر (دبر بليل) ،وقد تزامن هذا كله مع حملة انتخابات اقليم شمال العراق واعلان دستوره الانفصالي الذي ولد ميتا فيما بعد ، حيث تصاعدت تصريحات المسؤولين الاكراد يتقدمهم(جلال ومسعود) بشكل هلامي ودعائي حيث صرح جلال طالباني (ان من لم ينتخب مسعود ليس مواطنا كرديا لان مسعود صمام امان الكرد)جاء ذلك في سياق انشغال (الرئيس) في زيارات ميدانية الى اقضية محافظة السليمانية لحث المواطنين هناك لانتخاب قائمة كردستان التي يتزعمها مسعود حيث مضى على تواجده للدعاية الانتخابية اكثر من شهر ،تصوروا رئيس جمهورية يغيب عن العاصمة شهرا كاملا لغرض الداعاية الانتخابية لقائمته ولم نسمع له تصريح واحد عن التفجيرات التي تضرب طول البلاد وعرضها وكأنها تحصل في دولة مجاورة ثم جاءت تصريحات مسعود برزاني لتؤكد نزعته الانفصالية وشهوته لاشعال حرب بين العرب والكرد عندما قال عن كركوك ( كركوك كردستانية اولا) و(على العرب والتركمان الابتعاد عن اللعب) و(ان كركوك خط احمر وهي قدس الاقداس) اذن كل هذه التصريحات النارية تدخل في باب (البروباكاندة) اي الدعاية الانتخابية ثم جاء دور رئيس الوزراء ليعقد مؤتمرات دعائية لقبائل وعشائر عراقية ارسل من خلالهم رسالة واضحة مؤداها ان لامصالحة مع البعث والبعثيين وان من يقوم بالتفجيرات هم فلول البعث والقاعدة وانه لن يتحالف مع قوى طائفية ، ثم عزز هذا التمويه بزيارة مفاجئة الى الانبار والالتقاء مع رئيس صحوة الانبار احمد ابو ريشة في اشارة انتخابية مكشوفة لاستمالة (عرب السنة) والتظاهر انه ابتعد عن الطائفية وحرض في زيارته على محاربة الطائفية وعد انتخاب الطائفيين ويقصد بذلك عمار الحكيم والمجلس الاعلى الذي زار ابو ريشة قبله بأيام لنفس الغرض ، هكذا تجري الدعايات الانتخابية بأجتراح الصراعات السياسية في العلن والتخطيط الطائفي لمابعد الانتخابات في السر ، كما جاء في تصريحات نائبي الائتلاف( عادل عبد المهدي وسامي العسكري) التي اكدا فيها ان قائمة الائتلاف الجديدة سوف تعلن قريبا وتضم اليها قوى جديدة وقد عادت اليها كتل الفضلية والتيار الصدري ، وكان المالكي قد اعلن لاحقا انه ( لاينضم الى قائمة طائفية وسوف يدخل بقائمة وطنية ) ويقصد الابتعاد عن المجلس الاعلى ماهذا اللعب السياسي بالالفاظ اليست هذه ( تقية مالكية ) كل هذا يجري والعراق مرجل يغلي بالجراح والدماء ويسبح ببحر من المأسي والفساد المالي والاداري وسوء مزمن في جميع الخدمات ودفاع مستميت من الحكومة عن الفاسدين فيها من الوزراء ومسؤولي الاحزاب الطائفية الكبيرة التي نهبت وتنهب ثروات البلاد تحت نظر واشراف ودعم الحكومة نفسها وما قضية ( وزير التجارة الهارب حاليا الى لندن) و( ومفتش عام وزارة الصحة ) الا امثلة بسيطة على مايشار من اصابع الاتهام الى الحكومة ، وهيئة النزاهة غارقة الى اذنيها بالملفات الدسمة لاسماء حكومية كبيرة فاسدة واحزاب متنفذة دون ان تستطيع ان تفعل شي لهم في حين تغرق الحافظات ودوائرها بالفساد والصراع على المناصب الحكومية ، في ظل غياب كامل للقانون وكأن كل محافظة هي ( دولة قائمة بذاتها ) ولنعود الى التفجيرات ومن ورائها ولمصلحة من يذهب العراقيون ضحايا لهذه الانفجارات في مدينة الثورة وكركوك وتل عفر وبعويزة والرشيدية بالموصل وغيرها من الاماكن المأهولة بالسكان ولماذا هذه الاماكن حصرا نقول بثقة كاملة ونحن شهود المأساة ان من يقوم بهذه التفجيرات هو الاحتلال وعملاءه ممن يتحكمون بمصير البلاد والعباد في العراق ، وعليهم تقع مسؤلية حماية حياة العراقيين الذين يذهبون ضحايا الارهاب الامريكي والحكومي ثم نضع المسؤلية ايضا على من له مصلحة في بقاء الاحتلال وادواته وتدخل في هذا الدعايات الانتخابية لاقليم شمال العراق ومجلس النواب القادم ، واشارة امريكية لخلق اسباب وتبريرات لبقاء امريكي طويل الامد في العراق وان الانسحاب من المدن العراقية ماهو الا انتشار مؤقت خارج المدن لعودة قريبة ولايهام الرأي العام بأن ادارة اوباما ملتزمة بالانسحاب المنظم الشفاف ، ولكن الواقع على الارض هو غير ذلك تماما فعودة (14000)الف جندي امريكي الى العراق هو اثبات على عدم جدية ادارة اوبامة في الانسحاب وان الانسحاب هو ( خدعة امريكية ) للرأي العام العراقي والعالمي هدفها تمرير اهداف ومشاريع حملها بايدن في زيارته الاخيرة للعراق ، ثم زيارة رئيس اركان الجيوش الامريكية الى كركوك واجتماعه مع القوى العربية والتركمانية والكردية وتصريحه ( بأن امريكا عاجزة عن حل مشكلة كركوك ) هذا يعني ان مشروع ( بايدن ) قيد التنفيذ وانه رسالة الى الاخرين داخل العراق ممن يؤيدون مشروع بايدن التقسيمي بعد ان وصلت الاوضاع الى قاع الفشل الامريكي في العراق بفعل المقاومة العراقية الباسلة التي احبطت المشروع العسكري الامريكي لقيام الشرق الاوسخ الكبير ومرغت احلام بوش وادارته ومن جاء بعده في وحل الهزيمة والاحباط وجعلته يبحث عن مخارج اخرى للهروب  ، الادارة الامريكية وحكومة المالكي في مأزق حقيقي في العراق وخوف من مستقبل قريب يقلب الامور رأسا على عقب الا وهي انتخابات مجلس النواب القادم وادراكهم ان الحكومة الحالية كلها ستكون خارج العملية السياسية بعد ان اوصلها الفساد الاداري والمالي الى ضفة الهروب الى الامام .... والتفجيرات والانفلات الكبير في الوضع الامني وسوء الادارة وفسادها كان كفيلا بجعلها ليس خارج العملية السياسية فحسب بل راحلة مع رحيل قوات الغزو الامريكية الى دول كانوا فيها قبل الاحتلال ... يبقى العراق للعراقيين .. لا للطائفيين والظلاميين والقتله ولصوص البلاد ...
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٣ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / تمــوز / ٢٠٠٩ م