خطاب أوباما القادم في يونيو / حزيران

 
 
 

شبكة المنصور

جاسم الرصيف

" مصر تعدّ بلدا تمثل ، في العديد من الحالات ، قلب العالم العربي " هكذا قدم السكرتير الصحفي للبيت الأبيض خبر خطاب أوباما الموعود في الرابع من يونيو / حزيران القادم .

 

*  *  *

 

لايمكن للمرء أن يرجم بالغيب خطابا ، قد يحصل وقد لايحصل ، لأوباما في القاهرة ، في الشهر القادم ، ولكن المتابع لعادات وتقاليد أميركا في سياستها الخارجية قد يستقرئ مسبقا مالايقل عن نصف ، أو أكثر ، مما سيقال على طول وعرض نظرية ( كسب عقول وأرواح ) العالمين العربي والإسلامي لصالح أميركا مقابل لاشئ منها لشعوب هذين العالمين .

 

أولا : مصر في " أغلب الحالات " القومية ماعادت تمثل " قلب العالم العربي " ، كما يتوهم أو يتظاهر في التوهم البيت الأبيض ، بدئا من دورها اللاقومي تجاه القضية الفلسطينية التي تتلقى مليارات الدولارات سنويا رشوة أمريكية اسرائيلية عنها مقابل تنازلها عن دورها القومي تجاه الفلسطينيين ، وإنتهاء بدور مصر في المشاركة غير المباشرة على إحتلال العراق ، وأكبر الشواهد على ذلك سماحها للقوات الأمريكية الغازية بالمرور علنا من قناة السويس " العربية " وليست الأمريكية أو الإسرائيلية حسب التسميات.

 

بات من المعروف حتى لمجانين العرب أن النظام المصري ، مهما حاول التظاهر بدور العربي المستقل ، فإنه في نهاية الأمر نظام تابع لأميركا ، إهترأ في الداخل ، وبات موقعه بعيدا عن قلوب وأرواح الأمة العربية في الخارج ، وأميركا تعرف ذلك بكل تأكيد ــ واذا كانت لاتعرف فهذا غباء مطلق منها ــ ومن ثم فإن الردح بشعارات من موقع سقطت فيه كل الشعارات هو رهان خاسر جغرافيا في مضمار ( كسب وعقول واوراح العرب ) حتى لو جاء من أوباما نفسه .

 

ثانيا : وفي إطار السباق لكسب أوراح وقلوب العرب كانت إدارة إوباما قد سقطت قبل نهاية شوط ال ( 100 ) يوم الأولى عندما تسللت هيلاري كلنتون خلسة الى بغداد وأعلنت من هناك أن المضبعة الخضراء التي إستأجرتها ظلاميات مجرم الحرب بوش تسير في ( الطريق الصحيح ) ، حسب هيلاري ، كما أعلنت أن إدارة أوباما تدعم عملاء ، مجرمي حروب ، تلطخت أياديهم بدماء العراقيين ومازالت تتلطخ على جيوب لم تكن ولن تكون نظيفة من نهب ثروات العراق !! .

 

( نفس الطاسة ونفس الحمّام ) ، كما يقول المثل العراقي ، وعلى نفس الضمار الخاسر بكل تأكيد في سباق العقول والأرواح العربية التي تتساقط يوميا برصاص أمريكي مباشر أو برصاص عملاء محليين تابعين لأيران  وعصابات البيشمركة تبعيتهم لأمريكا الساعية (  للكسب ) في سوق تحجرت فيه القلوب وغادرته الأرواح الأمريكية في إدارة الشؤون الخارجية التي تأمل أن يتحول العراق الى مستعمرة ككوريا الجنوبية ، أو اليابان ، أو ألمانيا ،  قادرة على دفع كلفة ( 50 ) ألف جندي أمريكي يأمل أوباما في إستبقائهم هناك بعد 2011 وعلى نفقة الشعب العراقي العاجز عن تأمين نفقات معيشته اليومية من جراء الإحتلالات المركبة التي مهّدت لها أكاذيب بوش وزبانيته وتحاول إدارة أوباما التمديد لها بقوة السلاح .

 

وهذا رهان خاسر آخر سيعلن عنه خطاب أوباما ، الذي لن يتجرأ طبعا وطبعا عن تسمية ماجرى في العراق إحتلالا ، ولن يتجرأ على تسمية الجواسيس ( العراقيين ) الذين إستأجرتهم إدارة بوش جواسيسا محليين ، مع علمه الأكيد لدورهم الإجرامي ، وتواريخهم الشخصية المخزية ، وبذلك لن يأتينا بجديد عن العراق غير التشدق بأن قواته في حالة إنسحاب ، وحقيقة أمرها في حالة هزيمة هادئة ستمتد حتى 2011 .

 

وأكبر رهان على خسارة خطاب أوباما القادم من قلب العروبة المعطوب في الشأن العراقي أن الرجل لن يسمح للقوى الوطنية العراقية بإستعادة وطنها المحتل خاليا من العملاء مركّبي الولاءات ، وبذلك ستتم ورسميا من فم أوباما  خسارة كل القلوب والأرواح العربية العراقية ، لابل ستنقل العراق الى صفحة أكثر سخونة بين خندق إحتلال وخندق عراقيين خلّص لعروبتهم ولعراقهم .

 

ثالثا : أما في الشأن الفلسطيني ، وهي المشكلة الأقدم في معركة كسب العقول والأرواح ، فالخسارة الأمريكية مضمونة سلفا ، فلن يتجرأ السيد أوباما على الطلب من اسرائيل أن تنفذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي القديمة والعودة الى حدود 1967 ، أما عن أيمانه بحق عودة الفلسطينيين المجرين الى ديارهم فهذا المستحيل بعينه ، كما أنه لن يتجرأ حتى على مطالبة اسرائيل بحل دولتين مستقلتين حقا وصدقا ، لأنه أعلن إنحيازه المسبق لإسرائيل ولامجال للتراجع عن ذلك ،،

 

*  *  *

 

وبهذا يكون فشل المراهنة على كسب عقول وأرواح العرب مؤكدا ومسبقا عن سابق إصرار وتصميم من إدارة البيت الأبيض التي لاتريد أن تفهم معنى مفردة الإحتلال ولامعاني المعاناة الإنسانية للشعوب المحتلة .

 

*  *  *

 

سيد أوباما

خذها من عربي عراقي :

 إقرأ التأريخ قبل أن تذهب الى عاصمة عمر بن العزيز

وتمعن كثيرا في مفردة ( إحتلال ) قبل أن تلقي خطابك الموعود في قلب العالم العربي .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٢٦ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٢ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م