إيران خطر على من ؟ سـؤال وجيه !!... واستفهام في محله..

 
 
 

شبكة المنصور

سيدي ولد محمد فال / كاتب صحفي ـ موريتانيا

على صفحة منوعات يومية "السراج" الصادرة في انواكشوط، وعن طريق التفاتة خاطفة وقع نظري على مقال للكاتب الإخواني التونسي راشد الغنوشي، تحت عنوان: << إيران خطر على من؟>> فشد انتباهي ذلك؛ لتصفح تلك اليومية المعروفة وقراءة مقال الكاتب. ولم يكن الاهتمام كبيرا ولا هو سيكون.

 

إلا أن مغالطات كثيرة وردت في هذا المقال الذي من الواضح أن كاتبه ومن خلال استخدامه لخلاف دولة مصر العربية والمملة العربية السعودية مع منظمة "حزب الله" الإيرانية الولاء والأهداف، تطاول على الأمن القومي العربي عموما الذي يعنينا جميعا كعرب، ولا هو هم الحكام وحدهم، لا في الدولتين ـ موضوع الخفة ـ ولا في غيرهم من الأقطار العربية الأخرى التي  تحاشى الغنوشي مهاجمتها في هذا المقال، رغم أنه وتماشيا مع نظريته، وتتبعا لكتاباته وهو العتيد في مجال المقال "الدعوي والنهضوي الإخواني" لم يكن ليستثني نظاما عربيا، رسميا ولا شعبيا، إلا لارتكاسة هزيلة تخفي النوايا وتظهر الاستجداء.. وليس الغنوشي وحده من طبل وزمر للفرس، واستنكر الدفاع عن الأمن القومي العربي في حركة مريبة يعترف أصاحبها بحق الفرس (إيران) في الحفاظ على أمنهم القومي وحتى في تصدير عقيدة حوزة "قم" للآخرين. وردت في مقال الغنوشي الفقرة التالية والتي سنعيد نشرها بدون تعليق: ( .. ولأن التشيع بمفهوم محدد قد غدا عقيدة لدولة لا يستبعد أن تجعل من نشره ودعم جماعاته ـ حتى وسط المذاهب السنية للإفادة من ذلك ـ عملا مبرمجا من أعمالها، على غرار الملحقات الثقافية للدول الأخرى..) .. إلا أن هؤلاء المزمرين المتناقضين في كل شيء، فكرا وعقيدة وسياسة، لا يريدون أن يعترفوا بأن إيران الفارسية، العدو للعرب، وللإسلام العربي المنشأ والمنتهى، والتي من أكبر خصائص ـ أو خسائس ـ  عدائها المكين لنا، أن المطبلين لها وأبواقها فينا، لا يجدون أنسب من مقارنتها مع الكيان الصهيوني، مما يدل دلالة كبيرة على أن كلا الكيانين ـ الصهيوني والفارسي ـ عدو لنا ولا يهم بعد ذلك أيهما أشد عداوة للذين آمنوا!!..

 

أيها الغنوشي :

إيران خطر علينا نحن العرب .. وليس على الأنظمة العربية

 

بداية موفقة توفرت لمقال الغنوشي، حيث تناول بشيء من الخفة المعتادة، صراعات الدول، وتجمعها تفرقها... جلبا للمصالح ودرءا للمفاسد، وهذا طبعا ليس جديدا ولا هو خاص بعصر دون آخر، فطبيعة الوجود والاستقلالية والتقوِّي، تقتضي التعامل مع الظروف المعينة التي تنشأ فيها الدولة، فتنظر أين مصلحتها فتوليها الاهتمام، وأين المضار المحدقة بها فتتجنبها ـ هذا إذا لم تكن دولة الفرس القديمة الجديدة قامت على مفاهيم غير مألوفة في العالم، مثل التعاون مع "الشطان الأكبر" لجلب المصالح ـ وطبعا مثلما تحافظ (إيران) و(وتركيا) وغيرهم من الدول في العالم، على مصالحها وأمنها، ودرء المفاسد والمضار عنها، تحافظ الأمة العربية بكل أقطارها مجتمعة أو متوحدة ـ وحدة عربية فطرية راسخة نعم، ولكن؛ ليست ممزوجة بالحقد الفارسي الذي ظاهره يعرفه الغنوشي، وباطنه الخزي ـ على أمنها القومي ودرء المفاسد عنها، والتي من أبرزها في هذا العصر الذي يعيش فيه الكاتب، المد الفارسي الشعوبي وأطماعه التوسعية.. فأي شيء يعيبه الغنوشي على العرب إن هم دافعوا عن أمنهم، ووقفوا بحزم ضد الفرس، وهل يرى الغنوشي أن مشكلتنا مع الكيان الصهيوني أو الاستعمار الغربي الإمبريالي عموما، ستشغلنا عن عدو ماثل ـ طامع وحاقد وله ثأر مع الدولة العربية الإسلامية التي أسسها القائد العربي النبي الكريم محمد ابن عبد صلى الله عليه وسلم، منذ دحر الفاتحون العرب دولة الفرس الكافرة ـ يتحين الفرص ويزرع الشوك في طريق تحررنا ووحدتنا المصيرية الحتمية، ويعمل جهده المبتور للنيل منا ولو عن طريق دعم الاحتلال في العراق، أو دعم منظمة "حزب الله" في جنوب لبنان، والعمل على إضعاف الوجود الإسلامي في الشرق ـ في باكستان وفي أفغانستان وفي الشيشان ..الخ ـ ولو بالتمالؤ مع الأجنبي الغازي.

 

وفي معرض تطبيله للفرس، وبكم هائل من العبارات التي لا تعدو نفس التي تتكرر حتى يملها القارئ، وعن طريق توزيع المقال إلى نقاط لا يوجد مبرر لها لأنها تدور حول نفس الموضوع، يورد الغنوشي مقولة: أهل مكة أدرى بشعابها؛ العربية في شكل من الهزلية، قائلا إن غوغل أدرى!!.. طبعا هو يعني الإعلام الذي أشار له في موضع آخر من المقال، معبرا عنه بـ:"إعلام السحرة"، من خلال حديثه عن الأمة التي هي كالجسد الواحد، محرفا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم << المؤمنون كالجسد الواحد .....>> أو كما قال صلى الله عليه وسلم.. ليجد معنى للأمة يشمل (إيران) الفارسية.. إن الغنوشي يعلم أن الإعلام المسموع والمرئي في وطننا العربي تسيطر عليه الأممية الإسلاموية، التي هو في مقدمة كتابها، ولذلك يشاهد العالم والشعب العربي خصوصا كيف تشيح قناة "الجزيرة" بعدساتها عن وقائع الفعل المقاوم والمجاهد في العراق المنتصر بإذن الله.. تغييبها لفعل كثير من فصائل المقاومة العربية في فلسطين عن الخبر والصور، لئلا تضر الزخم الإعلام الذي تتمتع به "حماس" ما دامت تمثل ذلك النهج الأكثر جعجعة من طحين، كما هو الحال مع منظمة "حزب الله" الإيرانية الولاء والأهداف، والتي تصور ساحرها الأكبر "نصر الله" أنه قادر على خداعنا بتكرار كلمة "مقاومة" بلكنة لا تخفي سرها الفارسي.

 

أيها الغنوشي..

 

مصداقا للقول؛ أهل مكة أدرى بشعابها، أقول لك إن كل ما ورد في مقالك له فكرة واحدة حاولت من خلاله الدفاع عنها، وهي أن "إيران" الفارسية، دولة إسلامية تريد الصالح العام للمسلمين، وتهدد الكيان الصهيوني، وأنا أقول لك؛ إن "إيران" لا تريد مصلحتنا لا كعرب ولا مسلمين، وإنها ـ أي دولة الفرس ـ لم ولن تحارب الكيان الصهيوني من أجل تحرير أرض العرب فلسطين، إلا إذا كانت تريد اغتصابها هي أيضا.. كما أنه عليك أن تذهب "لإخواننا" في الدين الفرس "الإيرانيين"، وتوصيهم بالآية الكريمة: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ واتَّقُواْ الله إِنَّ الله شَدِيدُ العِقَابْ. ﴾، إذا علمت أن "الإيرانيون" يدعمون الاحتلال في العراق، بكل ما تعني الكلمة!!.

 

كما أود لفت انتباهك مرة أخرى، إلى أنني لا أرى في منظمة "حزب الله"، عملا مقاوما، وإنما هي فقط عمل فارسي مجهد على كل فعل عربي مقاوم.. ولك أن تقول لي: هل أهل "قم" أدرى بشعابها؟، أم أن الغنوشي أدرى؟!..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ١٥ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١١ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م