نافذة
الخلود و الانحطاط خطين متوازيين
.. اين سيلتقيان

﴿الجزء الاول﴾

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
في البدء لابد ان اذكر انني لست بصدد التحدث عن الخلود الذي يعني بالوجود الابدي و التي تتسم بحالات اسطوريةوحالات خيالية يطمح الانسان ان يحققها ولكن لم تقدم هذه الحالة كحالة علمية متعلقة بالوجود الحقيقي للإنسان وعلاقته مع الموجودات الأخرى التي تحيط به.

 

وحيث هذا الطريق يحتم الخروج من محدودية الزمن وتجاوز المجالات التي تقع فيها الاحلام والتي هي الوسيلة المتاحة للانسان للخلود وتكوين الحلم المطلق من خلال اتحاد الزمن الانساني بالزمن المطلق الغير نسبي ليتولد حلما مطلقا.بالتاكيد ان فهمنا للخلود لا يعني الهروب الىالمستقبل بما يتمناه الانسان. .

 

الخلود الذي اريد ان اتطرق له هوالمعني بخلود الفكر ولكن ليس كل فكر بل الفكر الذي هو رسالة المستقبل والذي نصل اليه عبر عقل محسوس ومدرك للواقع الحالي وباضافة مجموعة التمنيات مع هذه التحسسات للواقع قد نصل الى حالة من اللازمن وهو يعطي فكرة الخلود .. وهذا يتطابق مع خلود رسالة العرب وارجو من الذي يطالع هذه الكتابات لا يعتبرها ترويجا لشعار حزبنا (امة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة) ومع كونه جزء من الحقيقة التي نؤمن بها ,ولكني اطلب التمعن بعلمية التحليل وان نرتفع عن صبيانية الاحكام المسبقة والاحقاد .. لاقول الخلود في رسالة الامة العربية وكما يقول القائد المؤسس حول الرسالة الخالدة): فكنت أجيب دوما بان رسالة العرب الخالدةليست للمستقبل و انما هي الان في طور التحقيق .

 

انها هذا الاقبال من العرب على معالجةمصيرهم و حاضرهم معالجة جدية جريئة وهذا القبول بان تكون نهضتهم نتيجة التعب و الالم,هذا التحسس بالافات و المفاسد التي انتابت حياتهم و مجتمعهم, هذه الصراحة في رؤية عيوبهم,هذه الجرأة في الاعتراف بها ,وهذا التصميم الرجولي على ان ينقذوا أنفسهم بقواهم الذاتية غير معتمدين على قوى أجنبية او على سحر,هذه التجربة المرة المملوءة بالكوارث). 

 

ان الرفيق القائد المؤسس(رحمه الله) تطرق للرسالة الخالدة كمفهوم فلسفي وايظا فعلا نضاليا في كتاباته المتعددة, والذي يراقب الحالة النضالية لحزب البعث وخلال لاكثرمن نصف القرن الماضية سيتأكد بان طورية التحقق للرسالة والذي اشار لها القائد المؤسس موجودة في حياة الحزب وفي هذا الاقتطاع الزمني من حياة الحزب الذي يبلغ الستين عاما يعطي شواهدا وادلة على قدرة الحزب في خلق كل الممكنات والكيفيات التي يمكن ومن خلالها انشاء مشهدا عربيا جديدا وايجابيا ونوعي ويطوره الى واقعا نضاليا حيا يمكن ان يوقف التراجع والتردي والاحباط, وينهض بالواقع العربي او يعيد له الحيوية والتوازن او يضعه على عتبات مرحلة جديدة يستبصر فيها واقعه المتردي ودوره الاممي الغائب ويجعله يعيد النظر بخياراته المتاحة والكامنة التي تعطيه المدد والقدرة على الانتهاض والتجاوزوهذه هي رسالة الخلود لدى البعث وكما وضع القائد المؤسس لتصورات هذه الرسالة والتي حولها الحزب في الستين السنة الماضية الى فعل وممارسة وقد عاش القائد المؤسس في بعض ازمنة التحقق لها , ولم يكن الحزب او مؤسسه يحدد الخلود بانها ازمنة تحقق امنيات اوان سمات المرحلة الخالدة هي  الخمود والتنعم والاستسلام للتطور الطوعي,ولكن كان واضعا في تقديراته دور القوى المضادة (اعداءالامة من الامبريالية والصهيونية والعقليةالرجعية والحركات المغطاة بالدين ومن الاجانب المعادين التقليدين لامتنا) في ايقاف زمن التحقق وهم وبقصوروعمى لفهم دور الحزب في حياة الامة وقلة الادراك لردود الطبيعة النفسية العربية في المواقف الاستفزازية للانتفاض والثورة والمقاومة وهي لان متجسدة في مرحلة غزو العراق وما بعد غزوه ,اي بمعنى ان غزو العراق استثار وثور النفس العراقية والعربية ,واستفزالواقع العربي لمقاومة فعل الغزو وتناغم هذه الحالة الاستفزازية للمقاومة مع جوهر الحزب الذي يعيش حالة التأهب للمقاومة في حياته والتي هي سمة من سمات الحزب وترجمتها العملية هي الحالة النضالية وهل هنالك فترة مرت من حياة الحزب سواء كان في السلطة او من دونها لم يعيش حالة تحدي من اعداء الامة,فهي حالة مستمرة ودائمة واذا ما ركن الحزب يوما لحالة التخامد (العطالة) فانه يفقد لهويته واولها اسمه (البعث) ,فالبعثيون حالة نضالية على مستوى الفرد البعثي وبالتالي حالة انبعاثية جماعية,ولذلك نلاحظ تركيز اعداء الامة في هذه المرحلة في حربهم ضد الحزب و بالتحديد ضد فكر الحزب لانه يمثل رسالة للمستقبل ايظا وما القانون السئ (اجتثاث البعث) الاهو صورة واضحة للحرب على  نموذج الامة المستقبلية والتي يجسدها الحزب في داخله على مستوى المجموعة (الحزب) والذي يقترب من النموذج لحياة الرسالة الخالدة التي نطمح لتحققها في حياة الامة العربية, وليس تحدي الحزب و فكره لاعداء الامة من خلال افعاله النضالية فقط بل في تأثيرات الحزب من تحوله من حزب عربي ثوري الى مرجعية نضالية متطورة خرجت من اقفاص تدجين الاحزاب والحركات الموجودة في الساحة العربية واصبح بالنسبة لاعداء الامة ظاهرة تمردية (في التعبير الامبريالي Trouble-maker اي مثير مشاكل, لاعداء الامة).

 

وهو حزب احد اهم سماته الرئيسية قدرته على التطور والاضافات ونستدل من ظواهر و احداث ووقائع عاشها الحزب وتفاعل معها ومست تجاربه النضاليةو اضافاته الفكرية وحتىبنيته التنظمية وكلها باتجاه لتخدم حركته وتواجده وايظا تطوير القدرة القبولية من قبل الجماهير والواقع الذي يعيشه العرب و العالم بشكل عام(ومن الممكن جدا ان نطرح كل الذي قلناه وايظا بتفصيل فلسفي وفي المجال التطبيقي ان تطلب الامر ,وذلك لان حزبنا يمتلك خاصيتين اساستين ومهمتين جدا هي المرونة الثورية وقدرة عظيمة في تفاعل حيوي بين النسغ الصاعد والنسغ النازل في بنيته التنظمية) . واعود لطبيعة الحزب في معاندة الضروف وقد تكون ضروفا موضوعية او ذاتية وقد تكون تحديات فكرية او قوى متعددة الهوية (القوى الامبريالية والصهيونية ورجعية اوهي نتيجة لهذه التحديات) وخير مثال على هذه المعاندة البعثية هو تكراره للثورات (ثورة 8 شباط في عام 1963 وثورة 17-30 تموزفي عام 1968 والان قيادته لثورة القوى الوطنية والقومية والاسلامية ضد الاحتلال وان المقاومة العراقية البطلةالان تمثل الحجاب المتقدم لهذه الثورة الشاملة).الا يعكس هذا الاصرار مفهوم الانقلابية وترجمتها العملية النضال.ويأتي فعل المقاومة العراقية البطلة في مقاومة الاحتلال متوافقا مع مقولة القائد المؤسس بالاقبال العربي في معالجة مشاكلهم بقواهم الذاتية.

 

اذن نستطيع ان نستنتج بان الخلود في فكر البعث الخالد متحقق من اول فعل له في مجابهته للضروف المعيقة لنهضة الامة و في مقاومته لاوجه الظلم والذي ينضوي تحته الاحتلال والعدوان ايظا..ففعل الثورة التي قادها البعث في مراحل مختلفة من حياة الامة وكذلك دوره القيادي اليوم و من خلال الجبهة الوطنية القومية الاسلامية في قيادة الثورة الشاملة والمسلحة ضد الاحتلال ,وهو في الواقع يجسد تحققا لرسالة الامة العربية الخالدة والتي بالنتيجة ستحقق وستسبب بنهضة شاملة في حياة العرب وهي الان في تصاعد في تأثيراتها وافرازاتها النضالية الايجابية...

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ١١ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / نـيســان / ٢٠٠٩ م