العراقيون هم من سيحقق السلام لبلدهم

 

 

شبكة المنصور

سلام الشماع
كيف سيتحقق سلام للمجتمع العراقي في ظل حراب المحتلين؟..


من يحقق السلام في بلد دمر وحطمت بناه التحية؟


هل المحتلون أنفسهم؟.. أم صنائعهم؟.. أم الشعب المغلوب على أمره الذي مزقت وحدته الوطنية ومزق نسيجه الاجتماعي شر ممزق؟..


هل تنفع برامج دولية لإعادة السلام إلى وطن أصبح في كل بيت من بيوته صوائح ونوائح؟


أم هل تجدي جهود العالم كله في ذلك وقد ارتفع السافل في العراق وانحط العالم؟


تلك أسئلة ستواجه من يسعى للتقدم ببرنامج إحلال السلام في وطن مضيع..


عندما طلبت مني الصديقة نادية جبار أن أكتب لها في هذا الموضوع لم أستطع أن أرد لها طلباً فعلاقة الزمالة الطويلة تقضي أن أسارع لإجابة طلبها، وفكرت طويلاً في الناس والسياسات الخاطئة التي اتبعت بعد الاحتلال وفي الاحتلال نفسه وفي الأحزاب التي تسمي نفسها وطنية، وهي في مجملها أحزاب طائفية، لكل حزب منها ميليشيا مهمتها تمزيق العراقيين، بل أن بعضها نفذ جريمة لإبادة العراقيين، وفكرت حتى في الفساد المالي والإداري وفي الشهداء والأبرياء الذين يقبعون الآن في ظلمات السجون.. في المشردين والمهجرين وفي الأميين الذين احتلوا أرفع المناصب، وفي العقول العراقية الراقية التي يلوح لها بالقتل إذا هي اقتربت من وطنها، بل وفكرت حتى بملهاة المصالحة الوطنية، التي لن تؤدي بصيغتها المفروضة الآن إلا إلى مزيد من التشرذم والتفرق والتهميش والإقصاء.


وتعالوا نفكر في طريق يوصلنا إلى السلام في العراق في ظل الشروط التي تضعها الحكومة التي يسميها الكثير من العراقيين (حكومة احتلال)، وتسمي نفسها (حكومة وحدة وطنية).. حكومة يقول إعلامها إنها تريد المصالحة وتشي أفعالها بحقيقة نياتها.. حكومة جعل إعلامها من العراق جنة، ويقول واقع العراق غير ذلك.. حكومة مازالت تلاحق المواطنين على معتقداتهم وأبسط وسائلها في تصفية معارضيها ما تسميه (قانون مكافحة الإرهاب). تعالوا نسأل: هل تحقق مثل هذه الحكومة سلاماً حتى في مخبئها في المنطقة الخضراء.. حكومة كل أطرافها إما طائفي أو عنصري أو مناطقي؟.. هل ستستطيع مثل هذه الحكومة حقاً تحقيق السلام وقد سمع العراقيون بقصص معارضين حسني النية سليمي الطوية خدعوا بدعوات الحكومة للمصالحة فعادوا فكان مأواهم المعتقلات والتنكيل؟..


أنا لست يائساً من تحقيق السلام في العراق، لأني أعرف أبناء شعبي.. أعرف مستوى وعيهم الذي تجلى في الانتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات، ذلك الوعي الذي سيبرز في الانتخابات الجديدة بنحو أوضح وأعلى وسيزيح عن طريق حياته ومستقبله وجوهاً صنعت الكوارث للعراق الذي سلبوا تاجه وسلموه لمحتليه، ولا ننسى المقاومة المشرفة التي أبداها هذا الشعب الجبار في مقاومة السياسات والأجندات الاحتلالية والطائفية والعنصرية ليتمسك بالتالي بوحدته التاريخية التي ورثها من حضارات وادي الرافدين قبل التاريخ وحافظ عليها على الرغم من الأعاصير والهزات والمحن والكوارث والمصائب والاستبداد القديم والحديث.


لست يائساً، بل أني واثق أن العراقيين هم من سيصنع السلام بأنفسهم عندما يخرج الاحتلال وعندما يبعد عن الواجهة وجوه السوء التي صنعت مأساته المعاصرة.


وإذا تخيلنا أن الوجوه الحالية تستطيع تحقيق السلام أو هي تسعى إليه بالفعل فإننا نقع في وهم عميق، لأن العراقيين عرفوا بعد تجربة مريرة أن هذه الوجوه تعمل لطوائفها وقومياتها ومناطقها ولمصالحها الضيقة لا لمصلحة الوطن ولا لمصلحة شعب عانى ما عانى من سياساتها طيلة هذه السنين.


نعم تستطيع هذه الوجوه أن تفعل شيئاً إذا تحولت أحزابها إلى أحزاب وطنية.. ولكن من يضمن أن يستقيم بناء أساساته معوجة منذ نشأتها؟.. فضلاً عن أن معظم هذه الأحزاب هي في الحقيقة قيادات من دون قواعد، فالعراقيون أذكى من أن ينخرطوا في أحزاب تعمل لمصلحتها لا لمصلحتهم..


بقي ما يجب التنبيه إليه، وهو تطبيل الحكومة الدائم بتحقيق الأمن الذي هو من أولويات السلام، فهذا الأمن الذي تدعي الحكومة تحقيقه أمن كاذب، وهو سرعان ما سيتهاوى مع أول عاصفة تهب بفعل من همشوا وأقصوا، أو من لهم على سياسات الحكومة ألف علامة استفهام وألف اتهام.


أتوقع أن السلام لن يحصل في ظل مثل هذه الظروف، وأن مقاومة شعبية شاملة ستعم البلاد للتخلص من السياسات الحالية المتبعة عندما لن تجدي صناديق الاقتراع بإزاحة السياسيين المذكورين، الذين لن يتورعوا عن ممارسة التزوير لإرادة الشعب، وعند ذاك فقط سيختار العراقيون من يقودهم نحو بناء ما خربه السياسيون المرتبطون من وطنهم. 

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ١١ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / نـيســان / ٢٠٠٩ م