رد على مقالة موفق محادين

 

 

شبكة المنصور

صلاح المختار
قرأت مقال الاستاذ موفق محادين المعنون بـ (بين حارث الضاري وصلاح المختار) في يوم 18 / 4 / 2009 وبعد شكر الاستاذ محادين على ملاحظاته القيمة اود التنبيه الى ما يلي:


1 - يقول الاستاذ محادين (اولاً: ليس دقيقا وليس مفيدا الخلط بين اي شعب وحكامه وسياساتهم ومن ذلك الخلط بين الشعب الايراني وبين السلطة القائمة. فالشعب الايراني بما في ذلك القومية المتنفذة »الفرس« شعب جار في التاريخ, والجغرافيا مثله في ذلك مثل الترك والاكراد والارمن... الخ.. وبخلاف ذلك يجري الانزلاق الى المفاهيم العنصرية والعرقية.. ولذلك ما كان على المناضل المختار ان يهاجم الشعب الايراني برمته ويشكك في ايمانه حين قال ان الايرانيين دخلوا الاسلام منذ اليوم الاول من باب التشيع لتدمير الاسلام من داخله).


ان هذه الفقرة ملتبسة وفيها يبني الاستاذ محادين على خطأ كنت اتمنى لو لم يقع فيه, وهو انني اخلط بين الشعب الايراني والحكومة الايرانية, ولا ادري من اين اتت هذه الفكرة لاننا منذ عشرات السنين من الصراع مع ايران كنا نميز بدقة وبتكرار ممل بين الحكم والشعب, سواء في عهد الشاه او عهد الملالي. وفي مقابلتي مع الجزيرة كنت اتحدث تارة عن ايران, وهي ايران الدولة كما هو واضح وليس ايران الشعب, لان ايران حينما تذكر فان ذلك واضح المعنى انها ايران الدولة بكل ما تنطوي عليه تلك الكلمة من معنى, او كنت اتحدث عن النخب الفارسية الحاكمة, ولم اهاجم الشعب الايراني باي شكل من الاشكال. وتسجيل البرنامج متاح للجميع ويمكنهم من التأكد مما اقول.


وحتى لو قلت (الايرانيين) فان المعنى المقصود هو النخب التي تقود الحملات الصليبية من بلاد فارس منذ مئات السنين ضد الامة العربية وليس الشعب الايراني, وتلك حقيقة موجودة في تراثنا الفكري كبعثيين وتجلت اكثر ما تجلت في المقولة الشهيرة للقائد الشهيد صدام حسين وهي ان ايران جار لنا لا نستطيع نحن ازالتها من الخارطة كما لا تستطيع هي ازالتنا من الخارطة, لذلك فان التعايش هو الحل الصحيح لمشاكلنا معها.


وبناء عليه فان كل استنتاج بناه الاستاذ محادين على هذا التصور بعد هذه الفقرة خاطئ ويقوض ذاته بذاته تلقائيا كقوله: (أما خطورة هذا الخطاب فأبرزها -1- ان هذا المنطق ينسحب على كل جماعة اسلامية او مسيحية اختارت هذا الدين او ذاك -2- ان الشيعة يشكلون معظم سكان عرب الاحواز بل انهم يشكلون نصف العراقيين انفسهم وهو ما يعني انه لا يحق للمختار ان يدعو لتحرير الاحواز, كما يخدم المشروع الامريكي - الايراني لتمزيق العراق على اساس مذهبي.). ان هذه الاستنتاجات للاستاذ محادين, بالاضافة لخطئها, تبدو مقحمة باصطناع واضح لذلك فهي يتيمة وغريبة على تاريخنا وممارساتنا وفكرنا, وعلى ما قلته في المقابلة مع الجزيرة.


2 - ويصل الالتباس لدى الاستاذ محادين مستوى يبعث على التساؤل: هل قرأ حقا تاريخنا مع الفرس بشكل عام وتاريخنا مع ملالي ايران منذ عام 1979 بشكل خاص ليقول العبارة التالية: (وكان على المختار ان يتجنب »هذا الانفصام« بين التأكيد الصحيح على ان النظام العراقي الشرعي الذي اسقطه الغزو كان خليطا من كل المذاهب, وبين اعتبار التشيع قناعا فارسيا...)? مع كل احترامي للاستاذ محادين فانه يبدو هنا وكأنه لم يسمع ولم يقرأ ولم يعش اتعس فصول علاقة العرب بايران في كل تاريخ هذه العلاقات وهو تاريخنا معها منذ وصول خميني للسلطة.


نعم ان التشيع الايراني الذي تروجه الدولة تشيع فارسي قح لا لبس فيه, وما مفهوم ولاية الفقيه الا تعبير عن فارسية التشيع الايراني وقيامه على انشاء صلة تبعية مطلقة وحتمية بين المرجع الاعلى, وهو الان علي خامنئي, والمقلدين له خارج ايران ومنهم بعض العرب, وهي صلة طائفية شكليا وظاهريا تتغلب على الصلة الوطنية والقومية للمقلد التابع. كنت اتمنى لو ان الاستاذ محادين قرأ كتاب علي شريعتي الذي يوصف بفيلسوف ما سمي بـ (الثورة الايرانية) وهو كتاب (التشيع العلوي والتشيع الصفوي), والذي يميز بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي, لانه عند ذاك كان سيصل الى استنتاج افضل وفهم صحيح لموقفنا المعلن والمكرر وهو اننا ضد التشيع الصفوي الفارسي الهوية والخدمة.


ورغم انني اعرف ان الاستاذ موفق محادين قرأ وتابع وعايش الاحداث الخاصة بايران الا انه لم يقرأ بدقة وصواب, كما يشير فهمه في هذا المقال, ممارسات النظام الايراني منذ اسقاط الشاه وحتى غزو العراق وما بعده, من سعي رسمي ومحموم وواضح لنشر التشيع الصفوي في الوطن العربي كاداة تفتيت للاقطار العربية, ووصل ذلك الى الاردن بالذات, فهل كان هذا التوسع الايراني قوميا ام شيعيا في الواقع? مرة اخرى: نعم التشيع قناع فارسي واداة من ادوات الاستعمار الايراني, لذلك يجب ان يسمى بالتسمية التي يستحقها وهي انه تشيع فارسي صفوي وليس تشيعا علويا. وهنا لا بد من طرح سؤال مهم جدا وهو اذا لم يكن التشيع الذي تنشره ايران فارسيا فما هو اذن? هل هو تشيع علوي حقيقي هدفه نصرة آل البيت? لقد رأينا الجواب في العراق المحتل من قبل امريكا وايران وتيقن شعبنا, خصوصا شيعة العراق بأغلبيتهم الساحقة, بان ايران لا صلة لها بالتشيع العلوي وانها تستخدم التشيع غطاء وقناعا يخفي الفتوحات الاستعمارية الفارسية.


3 - ولعل اوضح مثال على وجود خلل واضح في مقال الاستاذ محادين هو العبارة التالية (ومن اشكال الخلط الاخرى, الخلط بين الجماهير العربية وبين حكامها حيث لم يقل المختار كلمة واحدة عن الحلفاء العرب الرسميين للغزو الامريكي مركزا كل خطابه على ايران.) ! ان هذه العبارة تجبرني على التساؤل التالي: هل حقا ان الاستاذ موفق شاهد حلقة الاتجاه المعاكس? يبدو لي ان الاستاذ محادين إما كان غير منتبه الى الحلقة ولم يواصل متابعتها او انه انشغل بامر ما ولم يسمع بعضا مما دار فيها, لانني قلت بوضوح تام بان الانظمة العربية وايران شاركت في غزو العراق. وسؤالي هو كيف يقول (لم يقل المختار كلمة واحدة عن الحلفاء العرب الرسميين للغزو الامريكي) مع انني قلتها بكامل الوضوح والدقة والتسجيل موجود بالصورة والصوت? من اين جاءت فكرة انني لم اذكر الانظمة العربية التي شاركت في غزو العراق مع انني قمت بذلك?


ربما طغى في ذهن الاستاذ محادين قولي بان التعليق على موقف الانظمة العربية يدخل ضمن علاقات الاسرة العربية, وهنا يجب ان الفت نظره الى حقيقتين بارزتين:


الحقيقة الاولى هي ان نضالنا القومي الان موجه ضد تحالف الشر الثلاثي الامريكي - الصهيوني - الايراني, فهذا هو العدو الرئيسي لامتنا العربية, اما الانظمة العربية التي شاركت في غزو العراق فهي ليست القوة الرئيسية في الغزو وانما هي قوة دعم ثانوية مقارنة بقوة ايران وامريكا ودورهما, ونحن في العراق ضحايا هذه الانظمة نعرف بأي سكين ذبحنا واي يد حركت السكين, ولذلك نعرف اولوياتنا الوطنية والقومية ونقول بالقلم العريض نحن انصار المقاومة العراقية المسلحة لسنا في حالة صراع مع هذه الانظمة, وكل قوة جماهيرية عربية في كل قطر عربي مسؤولة عن نضال قطرها, بل نحن في حالة صراع مع من يحتل وطننا الصغير العراق, ومع من يريد تقسيم اقطار وطننا العربي الكبير على اسس عرقية وطائفية ودينية, وهم امريكا وايران والكيان الصهيوني. ان المحافظة على عروبة الاقطار العربية ووحدتها الوطنية هي مهمتنا الرئيسية وليس الدخول في حروب مع الانظمة العربية وبغض النظر عن طبيعة هذه الانظمة.


حتى على مستوى الاستراتيجية والتكتيك فان الضرورة تفرض تنظيم وترتيب درجات الخطورة والعداء وتلك العملية تضعنا امام حقيقة بارزة وهي ان الانظمة العربية التي شاركت في غزو العراق كانت تابعة ومنفذة ولم تكن قائدة وتلعب دورا رئيسيا, بينما ايران كانت قائدة ورئيسية في الغزو اعدادا وتنفيذا ومواصلة حتى الان, والدليل هو انها تريد تقاسم العراق والمنطقة مع امريكا, اما الأنظمة العربية المقصودة فانها تبدو الان في اسوأ حالاتها وضعفها وتعرضها للتآمر. فهل هذه الحقائق لها قيمة وتأثير في تحديد اولويات العداء والخطورة?


الحقيقة الثانية هي ان تجنبي مهاجمة الانظمة العربية التي ساهمت في غزو العراق وعدها عدوا رئيسيا ليس موقفا بعثيا فقط, بل هو موقف كل المجاهدين العراقيين الذين يناضلون من اجل تحرير العراق, ولم يصدر عن اي فصيل مقاوم, باستثناء القاعدة, اي هجوم على الانظمة العربية. كما ان الشخصيات الوطنية الداعمة للمقاومة العراقية, ومنها الشيخ حارث الضاري, لم تهاجم الانظمة العربية, وفي ضوء هذه الحقيقة يفرض السؤال التالي نفسه: لم قام الاستاذ محادين بنقد موقفي القائم على تجنب مهاجمة الانظمة العربية ولم ينتقد مواقف كل الاخرين فصائل او شخصيات?


اننا نقول بفخر باننا ندافع عن الامة العربية بكافة اقطارها لان الخطر الاساسي الحالي هو خطر تذويب الهوية العربية واقامة دويلات قزمة على انقاض كل قطر عربي, والانظمة, سواء كانت وطنية او تابعة للغرب, زائلة والوطن باق, واذا ذهبت هوية الوطن العربية نتيجة العمل الواضح الامريكي - الصهيوني - الايراني فان وجود او عدم وجود انظمة متعاونة مع امريكا يصبح موضوعا تافها لاننا كاقطار عربية سنكون مستقرين في قيعان قبورنا.


ان شعارنا المبدئي والاول هو (العروبة اولا) وفي ضوئه تتحدد الاولويات الوطنية والقومية.


مرة اخرى كنت اتمنى لو ان الاستاذ محادين تأنى قليلا وشاهد الحلقة مرة اخرى قبل ان يصدر حكما تقويميا ظالما مبنيا على تصور وليس على ما جرى فعلا, عند ذاك فانه كان سيخدم الحقيقة والموضوعية.

 
وفيما يلي مقالة الاستاذ موفق محادين المشار اليها اعلاه المنشورة في العرب اليوم الاردنية تاريخ 18-4-2009

موفق محادين


بين حارث الضاري وصلاح مختار


الشيخ حارث الضاري, مجاهد اسلامي عروبي عراقي من عائلة مجاهدة ويتمتع باحترام كبير نابع من شجاعته الوطنية ووقاره الجليل وحكمته التي لا تساوم على الثوابت الوطنية والعربية.

وصلاح المختار, مناضل بعثي معروف لعب دورا إعلاميا بارزا في اسناد المقاومة العراقية ضد الغزو الامريكي ومليشيات العمالة المزدوجة الامريكية الايرانية. فكل الشكر والتقدير والاحترام للشيخ المجاهد امين عام هيئة العلماء المسلمين في العراق, وللمناضل المختار وبعد....


فأما الشيخ الضاري, فهو مدرسة في الاداء السياسي والاعلامي ايضا, واما المناضل المختار, فليتسع صدره لهذه الملاحظات المشتقة من مشاركته في برنامج الاتجاه المعاكس حيث توقعنا ان يكون بمستوى »حواري« مختلف عما شاهده ملايين العرب..


اولاً: ليس دقيقا وليس مفيدا الخلط بين اي شعب وحكامه وسياساتهم ومن ذلك الخلط بين الشعب الايراني وبين السلطة القائمة. فالشعب الايراني بما في ذلك القومية المتنفذة »الفرس« شعب جار في التاريخ, والجغرافيا مثله في ذلك مثل الترك والاكراد والارمن ... الخ..


وبخلاف ذلك يجري الانزلاق الى المفاهيم العنصرية والعرقية .. ولذلك ما كان على المناضل المختار ان يهاجم الشعب الايراني برمته ويشكك في ايمانه حين قال ان الايرانيين دخلوا الاسلام منذ اليوم الاول من باب التشيع لتدمير الاسلام من داخله.


اما خطورة هذا الخطاب فأبرزها -1- ان هذا المنطق ينسحب على كل جماعة اسلامية او مسيحية اختارت هذا الدين او ذاك -2- ان الشيعة يشكلون معظم سكان عرب الاحواز بل انهم يشكلون نصف العراقيين انفسهم وهو ما يعني انه لا يحق للمختار ان يدعو لتحرير الاحواز, كما يخدم المشروع الامريكي - الايراني لتمزيق العراق على اساس مذهبي.


وكان على المختار ان يتجنب »هذا الانفصام« بين التأكيد الصحيح علي ان النظام العراقي الشرعي الذي اسقطه الغزو كان خليطا من كل المذاهب , وبين اعتبار التشيع قناعا فارسيا...


وهذا ليس صحيحا, ولا اعرف اذا كان المناضل المختار, يعرف ام لا ان ايران ظلت سنية حتى القرن السادس عشر وان البويهيين الشيعة ظهروا في بغداد وليس في طهران التي كانت تحت حكم السلاجقة المتشددين للمذهب السني.


كما لا اعرف اذا كان يعرف ام لا ان احد ورثة صلاح الدين الايوبي السني »الملك الكامل« هو الذي سلم القدس للصليبيين وان الخوارزمية الايرانيين هم الذين اعادوا تحريرها اخيرا, ومن اشكال الخلط الاخرى, الخلط بين الجماهير العربية وبين حكامها حيث لم يقل المختار كلمة واحدة عن الحلفاء العرب الرسميين للغزو الامريكي مركزا كل خطابه على ايران.


وهو يدرك ان التواطؤ الايراني مع الغزو لم يكن ممكنا - بالمحصلة, لولا تواطؤ رسميين عرب سبق ان كال لهم الشتائم المحقة بعد دخول العراق للكويت...


ومن قبل ومن بعد سيبقى العراق اكبر من الغزو الامريكي وتواطؤ طهران وعواصم عربية يعرفها المختار جيدا.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٧ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٣ / نـيســان / ٢٠٠٩ م