بداية ، و حتى لا يؤخذ هذا المقال إلى غير ما اقصد .. فأنا على قناعة
كاملة بأن المسيحيين العرب " مسيحيّو الشرق .. هم إحدى رئتي هذه
المنطقة .. و أنا كمسلم أفهم تماما ماهيّة التصرف الحكيم الذي قام به
خليفة المسلمين " عمر بن الخطاب " رضي الله عنه في عهده لأهل إيليا ..
و أنا كمسلم أيضا أقرأ حالتين .. و أعيهما بشكل كامل :
1 – محاولة إفراغ هذا الشرق من مسيحييه .. و أمامنا حالتين متمايزتين
" مسيحيو لبنان ، و فلسطين " ، و مسيحيو عراقنا المحتل .. و الحالتان
تشيران الى عرب وجدوا مذ وجد الإنسان في هذه المنطقة .. و كانت لهم
إسهاماتهم المشرقة في نهضة المنطقة .. و مقاومة الاستعمار الغربي ، و
إنّ محاولة التفريغ هذه لها أبعادها ، و مفاعيلها .. و خطرها على
مستقبل هذه المنطقة ، و أتمنى من الله أن يهيء من يقوم بدراسة ، و
تحليل ، و إظهار خطورة هذه المحاولة .
2 – محاولات إثارة الفتنة المذهبية " الإسلامية – المسيحيّة " في مصر ،
و من خلال مسيحيين " أقباط " ليسوا أكثر من أداة في يد من يخطط لتمزيق
هذا الوطن .. و هنا حالة ملتبسة يلعب بها النظام المصري .. و أقباط
المهجر لعبة بالغة الخطورة .. تهدد الأمن القومي ، و العربي المصري في
الصميم .. و تقتل بذرة التعايش القائم في المنطقة مذ أمصرت .. هذه
البلد .. و مذ فتحت ذراعيها للدين الجديد .
إنّ زيارة البابا بنديكتوس السادس إلى المنطقة .. تثير الكثير من
إشارات التعجّب ، و الاستفهام .. و لا تنفي الكثير من الأدوار
السياسيّة التي يقوم بها الفاتيكان على كل صعيد .. و بشكل سياسي بعيد
عن " الجانب الروحي " الذي يحاول أن يسوّق له هذا الرجل المرتدي لبوس
الدين .. و الذي يشير اختيار لقبه " بنديكتوس " الى نوعية ، و طريقة
تفكير هذا الرجل في نظرته الى الدين الإسلامي .. إذ اختار لقب اشد
الباباوات عداءا للإسلام ، و المسلمين .. ثم كانت البدايات مع محاضرة
هاجم بها رسول الإسلام " صلى الله عليه ، و سلّم " معتمدا على دراسة
اشد الناس عداوة للمسلمين .. ثم قام و بشكل سافر ، و مستفز بتعميد "
مرتد مصري " لا تعرف حتى حيثيته الإسلامية ، و على رؤوس الأشهاد .. و
أنا هنا أيضا لا أحاول أن أحرض على هذا الرجل من موقف ديني .. بل من
موقفه الشخصي المحض الذي يقوم به.. و بشكل يظهر تماما عداوته للإسلام
، و المسلمين .. بعيدا عن الدين .. و انّما بتركيبة " جعل الدين مطيّة
" للوصول إلى أهداف تظهر الدين الإسلامي بشكل متخلف ، و ارهابي ، و
عدواني .. و هذه سنّة الباباوات مذ ضج " بطارقة هرقل " عند وصول كتاب
رسول الله اليه .. مرورا بـ " اوربان الثاني " و دعوته لقيام " حروب
الفرنجة " أو ما يسمى " بالحروب الصليبيّة " وحتى اعتذار " بولس الثاني
" ، و انتهاءا بحملة هذا البنديكتوس على الإسلام ، و رسوله الكريم ...
و التي حاولت الدولة الوهابيّة " مسحها " بزيارة " خادم كل شيْ ما عدا
الحرمين " إلى الفاتيكان .. و تسويق كذبة ما عرف بحوار الأديان .. و
على الطريقة " الخيبريّة " المعروفة .. و التي تبتعد عن الدين ، و تدخل
في سياسة " دمج " الكيان الصهيوني في المنطقة .. و تسويق مسوّغات وجوده
الطاريء ...
إنّ عداوة " الباباوات " للدين الإسلامي .. لا يخفيها زيارة " بابا "
أو " رأس كنيسة " لمسجد ما .. أو جامع .. فهي مؤصّلة وتنبع في اعتقادي
من دراسة عميقة ، و متأنيّة تمّت " في الغرب " ..و تقوم على فهم الدور
الخطير للدين الإسلامي إذاما قام به أبناؤه ، و كما تقتضيه أصول
عقيدتهم .. و رحابتها ، و سماحتها.. و عندها لن يبقى هناك أي دور
للبابا أو الفاتيكان في خداع المؤمنين .. و عندها سيسقط هذا " الكهنوت
السياسي " .. و يظهر وجهه الحقيقي .. كما أنّ زيارة هذا البابا لفلسطين
.. لا تعني بالمحصلة " تقديم رشوة سياسيّة " للكيان الصهيوني .. بمقدار
ما هي مباركة علنيّة لدوره الإجرامي .. من خلال عداوته " للعرب ، و
المسلمين " و قيامه بابشع المجازر ، و التي لم يرف لها جفن أيّ من
باباوات الفاتيكان .. فتلتقي مصالح " العدو الخفي " و يمثله بابا
الفاتيكان مع " العدو الظاهر " و يمثله " الكيان الصهيوني " .. و إلا
بماذا نفسر صمت القبور الذي يمارسه هؤلاء الباباوات .. في التغاضي عن
عمليات القتل ، و التهجير لمسيحيي فلسطين ؟؟؟ عند سيدنا عمر الخبر
اليقين ...
إنّ البابا يعرف تماما مرحلة الكمون التي يمرّ بها الدين الإسلامي .. و
يعرف تماما ماهيّة الوضع .. عندما يشمّر المسلمون عن سواعد الدفاع عن
الدين ، و العقيدة .. و هم ذاقوا ماذا يعني " القيام " بأمر الجهاد "
لا علاء كلمة الله " و الذي هو ليس " الصائل " .. و يعرفون تماما ماذا
تعني " وحدة المسلمين " .. و التي يبدع " فقهاء الوهابيّة " الآن
بحرفها عن مقاصدها ..ارضاءا " لسلاطينهم ، و و لاة أمرهم " المتضامنين
مع اشد عدوين " للعروبة ، و الاسلام " .. خدمة للشيطان ، و طلبا لعرض
الدنيا .. و هذه صورة الإسلام التي يحبّها " البابا بنديكتوس " .. و
الذي يعرف حتميّة زوالها ما ان يعي المسلمون لحقيقة ما يجري من حولهم
...
و كنت كلما عدت لقراءة السيرة النبوية الشريفة .. أتأمل ثلاثة مواقف
تحدثت عن رؤوس الكنيسة المسيحيّة .. و اقصد النجاشي .. و المقوقس .. و
هرقل .. و كنت بحدس المسلم أفهم تماما ما الذي تعنيه هذه المواقف .. و
عليها كنت أقيس تصريح البابا " بنديكتوس " عندما قام بتوجيه كلمته و
التي قال فيها بأنّه " يحترم المسلمين " باللفظ ، و الدلالة .. و هناك
فرق كبير بين من يحترم " الإسلام " و بين من يحترم " المسلمين " .. ألم
نقل أنّ البابا " عدوّ للإسلام " !!!
|