الاسلام والعروبة في فكر القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمه الله واسكنه فسيح جناته

﴿ الجزء الثاني

 

شبكة المنصور

رأفت علي  / بغداد الجهاد

انصافا للرجل العظيم والمفكر الاصيل والمسلم الحق ...
الرجل الذي انار الدرب لامة العرب في عصرنا هذا ..
الرجل الذي انصف امة العرب خير انصاف ..

 

***

 

الرجل الذي كتب عن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مالم يكتبه غيره ، ومالم يتجرأ غيره على البوح به علنا في وقت كان الاخرين يعتبرون الدين افيون الشعوب ..

 

***

 

الرجل الذي عاش ومات وهو يــردد
(( كـــــان مـحــــــمـد كـــل العــــــرب ،
فـليــكن كــل العـــرب اليــوم محمـــــــــــدا ))..

 

***


المسلــم الـذي لم يولــد وهو مسلـــم ...
ولـــكنه فــاق الكــثـير مـن المســلميـن ،
فـهـمــــــــــــا وحـــــــــبـا لـلاســــــــــــلام ...

 

***

 

انه القائد المؤسس احـمـــد ميـشيـــل عفـلـــق رحـمــــه الـلــــه واسـكـنــــه فسيـــح جنـاتــــه ، اعيد نشر بعض ماجاء في كتابته العظيمة :

 

انسانية الاسلام
ولكن هل يعني هذا ان الاسلام وجد ليكون مقصوراً على العرب؟ اذا قلنا ذلك أبتعدنا عن الحق وخالفنا الواقع.
فكل أمة عظيمة، عميقة الاتصال بمعاني الكون الأزلية، تنزع في أصل تكوينها الى القيم الخالدة الشاملة. والاسلام خير مفصح عن نزوع الامة العربية الى الخلود والشمول فهو اذن في واقعه عربي وفي مراميه المثالية انساني ..فرسالة الاسلام انما هي خلق انسانية عربية.

 

ان العرب ينفردون دون سائر الأمم بهذه الخاصة : ان يقظتهم القومية إقترنت برسالة دينية،او بالاحرى كانت هذه الرسالة مفصحة عن تلك اليقظة القومية.

 

فلم يتوسعوا بغية التوسع ولا فتحوا البلاد وحكموا استناداً الى حاجة اقتصادية مجردة، أو ذريعة عنصرية، او شهوة للسيطرة والاستعباد..بل ليؤدوا واجباً دينياً كله حق وهداية ورحمة وعدل وبذل. أراقوا من اجله دماءهم ، واقبلوا عليه خفافاً متهللين لوجه الله.

 

وما دام الارتباط وثيقاً بين العروبة والاسلام، وما دمنا نرى في العروبة جسماً روحه الاسلام، فلا مجال اذن للخوف من ان يشتط العرب في قوميتهم.انها لن تبلغ عصبية البغي والاستعمار...

 

وطبيعي ان العرب لا يستطيعون اداء هذا الواجب الا اذا كانوا أمة قوية ناهضة، لان الإسلام لا يمكن ان يتمثل الا في الامة العربية، وفي فضائلها واخلاقها ومواهبها.

 

فأول واجب تفرضه انسانية الاسلام اذن هو ان يكون العرب اقوياء سادة في بلادهم.

 

الاسلام كائن حي متميز بملامح وحدود ظاهرة بارزة، والكائن الحي المتميز الراقي في مراتب الحياة يكون هذا الشيء ولا يكون ذاك الشيء، هو يعنى هذا المعنى ويناقض ذلك المعنى ويعاديه:

 

الاسلام عام وخالد ولكن عموميته لا تعني انه يتسع في وقت واحد لشتى المعاني والاتجاهات بل انه في كل حقبة خطيرة من حقب التاريخ وكل مرحلة حاسمة من مراحل التطور يفصح عن واحد من المعاني اللامتناهية الكامنة فيه منذ البدء،

 

وخلوده لا يعني انه جامد لا يطرأ عليه تغير او تبدل،وتمر من فوقه الحياة دون ان تلامسه، بل انه بالرغم من تغيره المستمر، ومن استهلاكه لكثير منالاثواب، وافنائه لعديد من القشور واللباب،

 

تبقى جذوره واحدة، وقدرتها على النماء والتوليد والابداع واحدة لا تنقص ولا تفنى،

 

هو نسبي لزمان ومكان معينين، مطلق المعنى والفعل في حدود هذا الزمان وهذا المكان. فهل يدري اولئك الغيورون الذين يريدون ان يجعلوا من الاسلام جرابا يسع كل شيء، ومعملا ينتج شتى المركبات والادوية، انهم بدلاً من ان يبرهنوا على قوته ويحفظوا فكرته من كل تغير طارئ، يقضون بذلك على روحه وشخصيته ويفقدونه مميزاته الحية واستقلاله وتعيينه،

 

وانهم من جهة اخرى يفسحون المجال لدعاة الظلم وأرباب الحكم الجائر، كي يستمدوا من الاسلام اسلحة يطعنون بها مادة الاسلام نفسه، اي الامة العربية ؟.

 

فالفكرة القومية المجردة في الغرب منطقية اذ تقرر انفصال القومية عن الدين.

 

لان الدين دخل على اوروبا من الخارج فهو اجنبي عن طبيعتها وتاريخها، وهو خلاصة من العقيدة الاخروية والاخلاق، لم ينزل بلغاتهم القومية، ولا أفصح عن حاجات بيئتهم، ولا امتزج بتاريخهم،

 

في حين ان الإسلام بالنسبة الى العرب ليس عقيدة اخروية فحسب، ولا هو أخلاق مجردة، بل هو اجلى مفصح عن شعورهم الكوني ونظرتهم الى الحياة،

 

واقوى تعبير عن وحدة شخصيتهم التي يندمج فيها اللفظ بالشعور والفكر، والتأمل بالعمل، والنفس بالقدر. وهو فوق ذلك كله اروع صورة للغتهم وآدابهم، أضخم قطعة من تاريخهم القومي، فلا نستطيع ان نتغنى ببطل من ابطالنا الخالدين بصفته عربيا ونهمله او ننفر منه بصفته مسلما. قوميتنا كائن حي متشابك الاعضاء،

 

وكل تشريح لجسمها وفصل بين اعضائها يهددها بالقتل فعلاقة الاسلام بالعروبة ليست اذا كعلاقة اي دين بأية قومية.

 

وسوف يعرفالمسيحيون العرب، عندما تستيقظ فيهم قوميتهم يقظتها التامة ويسترجعون طبعهم الاصيل،

 

ان الاسلام هو لهم ثقافة قومية يجب ان يتشبعوا بها حتى يفهموها ويحبوها فيحرصوا على الاسلام حرصهم على اثمن شيء في عروبتهم.

 

واذا كان الواقع لا يزال بعيدا عن هذه الامنية، فان على الجيل الجديد من المسيحيين العرب مهمة تحقيقها بجرأة وتجرد، مضحين في سبيل ذلك بالكبرياء والمنافع، اذ لا شيء يعدل العروبة وشرف الانتساب اليها.

 

***

 

أن الإسلام هو الذي يكون أولى مقومات الشخصية العربية وبالنسبة للثورة العربية، فقد رأى الإسلام روحها، وقيمها الإنسانية، وأفقها الحضاري.. إنه جوهر العروبة، وملهم ثورتها الحديثة..

 

ولذلك، فإن من الطبيعي أن يحتل الإسلام، كثورة عربية فكرية أخلاقية اجتماعية ذات أبعاد إنسانية، أن يحتل مركز المحور والروح في هذا المشروع الحضاري الجديد لأمة واحدة ذات تاريخ عريق ورسالة حضارية إنسانية..

 

***

 

عندما أقول. عروبة، تعرفون بأنني أقول .. الإسلام أيضا،لا، بل الإسلام أولا ،
العروبة وجدت قبل الإسلام، ولكنه هو الذي أنضج عروبتنا، وهو الذي أوصلها إلى الكمال، وهو الذي أوصلها إلى العظمة ، وإلى الخلود..

 

هو الذي جعل من القبائل العربية أمة عربية عظيمة، أمة عربية حضارية- فالإسلام كان، وهو الآن، وسيبقى، روح العروبة،

 

وسيبقى هو قيمها الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية. هذا هو الإخلاص للشعب، هذا هو حب الشعب، هذه هي الحقيقة .

 

بدافع من الحب للأمة العربية،
أحببنا الإسلام ، منذ السن اليافعة.
وبعد أن اقتربنا أكثر من فهم الإسلام،
أضحى حبنا لأمتنا يتلخص في حبنا للإسلام،
وفى كون الأمة العربية هي أمة الإسلام..

 

***

 

لقد ولد الإسلام في أرض العروبة، وضمن تاريخها وأهلها، لكنه أصبح هو أباها، لأنها ابتداء من الإسلام ولدت ولادة جديدة، وأضحت أمة عظيمة تاريخية، لها دور أساسي في تاريخ الإنسانية، وفى صنع مستقبل الإنسانية.

 

الإسلام أعطى للأمة العربية مسئولية الدور الإنساني العظيم، وأعطى العرب مذاق الخلود وطعم الحياة الحقيقية، التي هي جهاد قبل كل شئ، وفكرة ومبدأ وعقيدة، ولا خوف على العروبة مادامت مقترنة بالإسلام،

 

لأنه كفيل بأن يجددها ويوقظ فيها هذه النزعة إلى السماء.. إلى الخلود.. إلى الأفق الكوني.. إلى البطولة وحمل الرسالة..

 

إن الإسلام هو الذي حفظ العروبة وشخصية الأمة في وقت التمزق والضياع وتشتت الدولة العربية إلى طوائف وإلى ممالك ودويلات عدة متناحرة،

 

وكان مرادفا للوطنية وللدفاع عن الأرض والسيادة والداعي إلى الجهاد أمام العدوان والغزو الأجنبي،

 

وسيبقى دوما قوة أساسية محركة للنضال الوطني والقومي. وهو الذي خرجت من صلبه، ومن حركة التطور التاريخي فكرة القومية العربية، بمفهومها الإنساني السمح، وهو الذي يحيط الأمة العربية بسياج من الشعوب المتعاطفة معها

 

***

 

العروبة كثورة، فجرها الإسلام، فأصبحت ثورة إنسانية عالمية، وأعظم ثورة في التاريخ البشرى،
والعروبة كرسالة خالدة، لأن الإسلام، وهو دين هداية للعالمين ، كان العرب أول من حمل مسئولية نشره، وسيظلون مسئولين قبل غيرهـم عن حمايته ورفع لوائه وتجسيد قيمه في نهضتهم الحديثة

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٠٨ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م