عندما يكون الحمار قائداً

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد

كما إن لكل شعب من الشعوب خصوصيات وثقافات تعتز وتدافع عنها ,تميزها عن بقية البلدان الأخرى ,وقد تكون ضمن المحلة الواحدة والشارع الواحد هنالك اختلافات وتباين في تسمية الأشياء ينسحب ذلك على الرموز الدينية والعلامات الرمزية كل يفسرها وفق ما اعتاده أبناء البلد أو القبيلة فشعارات الأحزاب تعلو راياتها وتزين مقراتها والشوارع هذه الرموز لم تكن وليد صرعة(الموضة) فقد اتخذت أحزبا كبيرة تتناوب حكم دولة عظمى مثلاً ,الحزب الديمقراطي شعاره الحمار فهو رمز التحمّل والمطاولة في ثقافتهم , أما في أغلب ثقافاتنا العربية فإن الحمار يستخدم كنية للبلادة والغباء وشتيمة  قد توصل لخلافات شديدة .

 

يعتقد ان الحمار وجد أول مرة  في الصومال  قبل حوالي (12) ألف سنة ولذا فان الحمار الصومالي هو جد الحمار الحالي حسب موسوعة (كلوتون بروك) وقد استخدم رسم الحمار في الديانة المسيحية وتظهر السيد المسيح وهو راكباً حماراً ,ويقول انس رأيت النبي  محمد صلى الله عليه وسلم راكباً حمار خطامه من ليف في غزوة حنين, وفي لسان العرب حَمَرَالسّيْريَحْمرهُ حَمْراً سَحا قشرْه وَقال يعقوب حَمَرَ الخارِز سَيْرَهُ هُوَ وهوَ أن يُسجّى باطِنَهُ ويَدْهنهُ وقد سمت العرب حمار فقد كان لرجل مسلم عشرة أبناء خرجوا للصيد فضربتهم صاعقة أماتتهم جميعا فكَفر وقال لا أعبدُ من فَعَلَ ببنيَ هذا فأهلَكه الله تعالى وأخرب واديه فضَرَبَ بكفره المثل,وفي خلافة الإمام علي  كان حارثة بن بدر عاملا له(رضي الله عنه) على (دير كوار) في فارس وكان صاحب شراب ونساء فكتب إليه علقمة بن معبد المازني:

 

الم تر إن حارثة بن بـــــدر       يصلي وهو اكفر من حـمار

وان المال يعرف من حواه       ويعرف بالزواني والـــــعقار

 

وابرز الروايات العربية التي كان بطلها(حمار) رواية الكاتب المصري توفيق الحكيم والتي اختار لها عنوان( حمار الحكيم لصاحبها توفيق الحكيم) تدور أحداثها حول صداقته له ,والتي اعتبر التفاهم مع الحمار أسهل من التفاهم مع البشر, وقد ظهرت جمعيات تدافع عن حقوق   الحمير وشمولها بالإجازات الأسبوعية – هذه الإجازات أصبحت حلماً في عراق ما بعد الاحتلال – أسوة بالموظفين والعاملين-  وان يراعى في ذلك عدد ساعات العمل فقد عملت  مدينة (بلاكبول) الانكليزية  بتطبيق قواعد صارمة للحفاظ على الحمير وعلى ان لا تتجاوز أيام العمل الأسبوعية عن الستة أيام تتخللها فترة استراحة لمدة ساعة يومياً لتناول وجبة علف مع اختبارات صحية ؟!!

 

ان  مايميز الحمير عن غيرها من الحيوانات الأخرى : صوتها الحاد المزعج الذي يسمى (النهيق) الذي يمكنها من التواصل فيما بينها على بعد ثلاثة كيلومترات وهي بذلك أكثر تواصلاً من بين بعض قادة البلدان ... ممن لا تواصل بينهم منذ سنين والحكمة في ذلك ان الحمير لا تجامل على حساب حقوقها الخَلقِيَّة ...  وهناك إحصائية تقول ان عدد حمير العالم44 مليون  منها( 11) مليون في الصين ,واقل منها في باكستان ,أثيوبيا ,المكسيك, مصر ولكن العدد الحقيقي  أكثر بكثير من هذا العدد لعدم وجود إحصائيات في الدول الأخرى،وللحمار أهمية كبيرة ويعتبره المهربين  صديق صديقاً لهم ،ويستخدم في تهريب بنزين، أسلحة أو مواد غذائية فاسدة خاصة بين العراق وايران،.ولا زالت بعض الدول تستخدم الحمير  في بعض مهامها خاصة عبر الجبال ,وقد استخدم الحمار في نقل الحجارة بين الحارات والقرى أثناء انتفاضة الأقصى في  فلسطين , وكان للحمار الدور الكبير في بث الرعب لدى القوات الأمريكية من خلال عشرات العمليات التي يدخل في أسباب نجاحها عربات تجرها الحمير انطلقت منها صواريخ مستهدفة الوجود الأمريكي فكانت ردة الفعل الأمريكي المتهورة تستهدف هذه المرة كل ما يصادفهم من الحمير ليقتلوها لكنهم هذه المرة باتوا يخافون من جيفها  فأدركوا ان الحمير سواء أكانت حية أو ميتة تشكل خطراً وتهديداًً لوجودهم,  في كلا الحالتين أصبح ( الحمار) رعباً جعل ارتالهم تقف لساعات عندما تصادف جيفة حمار اعترضت مسار آلياتهم إلى أن يتأكدوا عن طريق (الروبوتات) وأجهزة الرصد الجوي خلو هذه البقايا الحيوانية من المتفجرات.  

 

أما أمراض الحمير(التهاب الحوافر ) هو ناتج عن أكل وجبات فائضة عن حاجته  وهي تشبه إلى حدٍ كبير نفس الأعراض التي  تصيب السياسيين في العراق الذين الذين أكثروا من سرقة أموال الشعب وباتوا مصابون بعدم التوازن السياسي فهم يلبسون ثياباً ليست على مقاساتهم فتشبثوا بآراء فاسدة تعشش في عقولهم المريضة وباتت أيديهم مغلولة إلى أعناقهم فقعدوا محسورين ملومين وهم قاب قوسين أو أدنى من هاوية تطيح بكل آمال بائعة اللبن .سبحانه وتعالى هو وحده الذي يستطيع جمع النقيضين فقد كشفت  فقد بحوث طبية عن فوائد طبية مثيرة تمثلت باستخلاص عقاقير ومنشطات جنسية من جلود الحمير دون أيّة آثار جانبية , وقد خلدت الحمير شأنها شأن القادة الكبار وأخذت نصيبها من التماثيل فقد خلّد الحمار في تمثال( لجون كير كباتريك سيمسون) القائد العسكري الأمريكي مع حماره الذي أنقذ به العديد من الجنود الجرحى  في الحرب العالمية الأولى وكذلك يضطر الجنود لأكله في الظروف القاهرة.

 

وبعد احتلال العراق عام 2003 لم يجد المحتلين من يقبل المشاركة في عملية تشويه الحقائق التي انتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية  ووسائل إعلامها إلا أن تزين لمجموعة من اللصوص الدوليين مطلوبين دولياً أن تستنجد بما يسمى بالمعارضة للنظام الوطني تقدموا  قوات الاحتلال كإدلاء- ورماح غدر- في جريمة العصر- احتلال العراق- فنالوا مكافأة المحتلين بأن نصبوهم مواقع متقدمة حاروا في كيفية تدارك أمرهم وباتوا كأقزام على مسرح أسموه (العملية السياسية) تحت ظل حراب الاحتلال فانقلب السحر على الساحر فمن يقود من ؟! كحكاية الجمل الذي حملوه أحمال ثقيلة نهض بها فلما وصل الطريق اتخذوا حمارا ليكون دليله وقدوته  فأحس بإهانة كبيرة فكيف لجمل صبور ,غيور, جسور أن يقوده حمار فما كان منه إلا انتفض وأطاح بالحمل  رافضا أن يتقدمه الحمارالى أن  يتغير الأمر ويصحح الحال بخروج الاحتلال .   

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٢ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٨ / نـيســان / ٢٠٠٩ م