خارج التغطية

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد
كل هاتف مصوت, والصوت هي أوّل وسيلة اتصال استخدمها الإنسان, وهي الوسيلة المعتمدة إلى يومنا هذا رغم تغير وسائل ووسائط نقله المتطورة التي  شهدها العالم.  والعرب تسمي المصوت (الهاتف) والهاتف كان هو أداة التواصل الأولى بين أبناء الحي الواحد فيصعد احدهم إلى مرتقىً رافعاً صوته لتبليغ أم,ر,والهاتف قد يعني وحي أو الهام الهي  لما نزلت وانذر عشيرتك الأقربين قال لما عاد رسول الله من رحلة الإسراء والمعراج : أتى جبلاً فجعل يهتف: يا صباحاه فأتاه من خفَّ من الناس ورسل البعض من ينيبهم يتبعون الصوت فلما انتهوا إليه قال :إن منكم من جاء لينظر ومنكم من أرسلَ لينظر من الهاتف فاجتمعوا وكثروا قال أرأيتكم لو أخبرتكم إنَّ خيلاً مصبحتكم من هذا الجبل أكنتم مصدقيَّ؟ قالوا ما جربنا عليك الكذب فقص عليهم ما رءاه فكان أول من صدقه الصديق أبا بكر وكان هذا أول عملية إخبار عن رحلة غير مرئية عبر التاريخ وأول سورة نزلت هي( اقرأ باسم ربك الذي خلق ...

 

ورغم دخول الناس في هذا الدين  افواجاً   إلاّ أن الكثير منهم لم يصدقوا هذه العملية الاتصالية الجديدة وما يأتي به الوحي من أخبار السماء وبعد انقطاع الوحي كانت هناك لغة تخاطر من نوع خاص انفرد بها عمر بن الخطاب حين قطع خطبته ليقول يا سارية الجبل الجبل وبعد انتهاء الخطبة قال الإمام علي عليه السلام ما الذي قلته قال أوسمعتني فقال سمعك كل من في المسجد قال خطر لي ان جيش سارية قد حوصر وهو يتقدم باتجاه فساورا بجرد والذي كان يحاصر مجاميعهم في جبال فارس  جمعوا شتاتهم يعاونهم الأكراد واتوهم من كل جانب فلما سمع سارية هاتفاً يقول : يا سارية احتمي بالجدل فاتخذت الجبل خلف ظهري الأمر الذي أعانني على عدوي والانتصار في المعركة ان هذه اللغة يسميها العلم التخاطرعن بعد وظل حلم التخاطب عن بعد حلماً يراود الإنسان حتى جاء العام 1876 وقيام العالم الاسكتلندي( ألكسندر غراهام بيل) باختراع الهاتف السلكي ولكن الإنسان لم يقف عند حد التخاطب عبر الأسلاك فأراد أن يطور وسائل الاتصال فتمكن المهندس Engineer, a( مارتن كوبر) باختراع أول هاتف نقال وبعد إحدى وثلاثين عاماً على ظهور أول هاتف نقال -موتريلا- دخل العراق في قوائم الدول المشاركة في خدمة الهاتف النقال وأبرمت عقود مع شركات أجنبية لتقديم خدمة الاتصال اللاسلكي بعد دمرت الطائرات الأمريكية كل البنى التحتية للاتصالات في العراق ,وبعد السنة الأولى للغزو أبرمت العقود التي صرف عليها مئات الملايين من الدولارات لتأمين هذه الخدمة لتواصل الناس بينهم ولكن هذه الخدمة ليست على ما يرام فقد رافقتها رداءة الخدمة من تشابك للنداءات وإغراق السوق بأجهزة رديئة الأمر الذي عانى منه ملايين العراقيين في الداخل والخارج - ونحن شعب شاءت الأقدار أن يولي وجهه مهجّراً مشارق الأرض ومغاربها-  بحثاً عن الأمان المفقود وأنا في هذه التجليات التي زلزلت وارتعدت فرائصي فهتف بي هاتف ما سمعت أفظع من صوته يقول: تعساً لك وبؤساً قد قتلت وقتك وصدعت رأسك وأنت تبحث عن حياة لمحتضر وأنا أعلم انك منتظِر ولكني لك محتقر فأنا لست كما تتصور بعد أن مال بك الزمان وماء بئرك تغور فأنا وريث مالك وقاطع حبالك مع أهلك وعيالك ,صوتك ضائع في وادٍ سحيق اسمه (الاتصالات)  ولم تعد تنفع لغة الوعد والوعيد لا صوات من هنا وهناك والتذكير عما فقد وقد لا تفلح حتى التوسلات والاستغاثات في  تليين قلوب غلف، متمنعة في صياصي رماح، وليلي ملاح , تمنع أن يصل إليها هاتف ،يصدئ قلوبهم حواجز أن تصل إليها نداءات الخير والاستغاثة من شبكة خطوط اتصالات -مَصيدة- علق بها سبعة عشر مليون مشترك من مشتركي الهاتف النقال المتمثل في ثلاث شركات( كورك) (زين عراقنا)(آسيا سيل) وهذه الشركات الثلاث باتت عبئاً ثقيلاً على جيب المواطن وراحته وسبيلاً آخر من سبل الاستغفال الملتوية وطرق الاحتيال (الالكترونية) التي يعيشها العراق والصدارة التي تتمتع بها حكومته بين دول العالم الفاسدة ولم تشذ عنها اتصالات وشبكات الهاتف النقال والتي تعمل وفق طريقة المحاصصة الطائفية فشبكة كورك  مجال عملها المنطقة الشمالية وعراقنا زين بغداد وأطرافها وبعض المحافظات الجنوبية ) تليها شبكة آسيا سيل والتي هي الأخرى تلتزم بنفس النهج لزميلتها عراقنا , هذه الشركة (آسيا سيل) أوهمت الناس إنها شبكة تغطي كل العراق شماله وشرقه وغربه وبالفعل انتشرت هذه الخدمة في كل المناطق الجنوبية والغربية وبغداد وأطرافها لكنها ما أن انتهت من بيع كل خطوطها حتى عادت إلى درجة أسوء من شبكة زين في تأمين الاتصال وعند السؤال عن الأسباب يأتي الجواب من مسؤوليها أنها تشكو من قلة الأبراج ؟؟ّ

 

ويتساءل الناس ما يمنع الشركة من تقديم خدماتها بشكل أفضل فهي تنفرد  من بين مئات الشركات في العالم بسوء الخدمات فكل المتصلين في الفضائيات يمكنهم إيصال أفكارهم وشكاواهم إلا الاتصال الوارد من العراق؟! تتعللون بالإرهاب وقلة أعداد الهوائيات والأبراج ما أبسطها انصبوا الأبراج  فلنا في أعناقكم وعود سمعناها منذ سنين دون أن تتحركوا من معاقلكم لكي نؤشر ولو لمرة واحدة ونقول :إن في العراق مفصل فيه حياة ويبقى المواطن هو الضحية وإذا ما أراد أن يحظى ببريق أمل لنجاح اتصال فما عليه إلا أن يرتقي مرتفعاً من الأرض  ليحظى بفرصة له في أوقات ما بين صلاة الفجر أو أن يقوم ليله كله لينال فرصته المنشودة !فهل يستحق الشعب منكم وبسببكم  كل هذه المعاناة على حساب ماله المنهوب ووقته المسلوب؟ عسى أن يحظى بلحظة لسماع حبيب و دعاء أم أو فرحة تدفع عنه ألم الغربة  بعد انقطاع سنين عجاف ونحن نئن تحت حقيقة ( النهب الشامل ) بعد فشل فرية أسلحة الدمار الشامل.فمن المسؤول .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٩ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / نـيســان / ٢٠٠٩ م