الـتبرير

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد
كلنا يود لو أن جميع تصرفاته تظهر مقبولة ,متوازنة تنسجم مع متطلبات الواقع الأمثل.

 

ولهذا فإن أي تصرف لأحدنا يتجاوز الحد المعقول ولا يتم الإقرار أوالاعتراف بنسبتها إليه, فانه يريد أن يظهر للناس إن سلوكه هذا اعتيادي لا غبار عليه, وان ما دفعه إليه ما هو الاّ مقبولية الناس له, وبذلك يلتمس لنفسه الأعذار ولحن  التسويغات والحجج , وهذا ما يصطلح على تسميته بالتبرير Rationalization والأمثلة في ذلك كثيرة فرسوب الطالب وإخفاق المهندس وتلكؤ الجندي في أداء واجباته غالباً ما يبرر ليعكس الفشل في أداء الواجبات المنوطة بهم  ومن أمثلة ذلك ما أعلنه الناطق باسم خطة فرض القانون عن إصدار التعليمات إلى الأجهزة المختصة أو السيطرات لا لقاء القبض عمليات إلقاء القبض على كل من أُفرج عنهم من السجون الأمريكية وإصدار توجيهات تتضمن هذا الأمر وبالفعل تم توزيع قوائم تتضمن أسماء هؤلاء!؟ وقد بررت الناطق إن أعمال العنف الأخيرة كانت السبب وراء إصدار هذه التعايمات  لان هؤلاء المفرج عنهم هم السبب في تردي الوضع الأمني, وبذلك تبرر فشل الحكومة غي السيطرة على الأمن الوطني ويعزى ذلك طبعا إلى هشاشة الأسس التي بنيت عليها العملية السياسية  والبناء الطائفي للأجهزة الأمنية, وافتقارها لمهارات وخبرات ألأكفاء منهم الذين  طالتهم إجراءات الطرد والاجتثاث والإقصاء, يضاف إلى ذلك نكوص الحكومة عن وعودها في تطبيق قانون العفو وأقوال وأفعال لم يجني منها المواطن سوى الوعود ويحصدون بالنتيجة الهواء , ففي كل إخفاق للحكومة سرعان ما تبرر هذا الفشل على الإرهاب , ولكن عمليات الفساد والإفساد التي تمارس من أعلى مستويات السلطة جعلت الناس تتململ وترفع الصوت عالياً مطالبة الحكومة بتوفير الأمن, والصحة, والخدمات,  والتعليم وتوفير لقمة العيش, والقضاء على البطالة التي أصبحت تنذر بخطر كبيرلانها باتت تشكل رقماً مخيفا وهؤلاء لا يجدون بداً إلا أن يسلكوا الطرق الصعبة للحصول على ما يحتاجونه من للوصول إلى ما يسد احتياجاتهم المعيشية ورغم ادعاءات التحسن في الوضع الأمني ولكننا لا نرى على الأرض ونسمع سوى صرخات الاستغاثة والتفجيرات في مناطق مسيطر عليها امنياً فلا يمكن لدولة سلاحها التبرير أن تستمر وتتقدم ما لم تنزع  منها سرطان الحقد والطائفية و(الأنا) التي أضحت الهاجس الذي يراود القابضين على سلطة الورق .

 

ولكن هل التبرير كله شر؟ الجواب ان التبرير ليس كله شراً إذا سارفي حدود المعقول لأنه يساعد الفرد على الاحتفاظ بثقته بنفسه ويعمل على خفض حالات التوتر ولكن الإكثار من تسويق التبريرات قد يلحق أشد الأذى بالمستقبل فالذي يمتهن التبريرات ولا يعمل على تلافي الإخفاقات فان مستقبله سيكون مظلماً , فالفرق بين الكذب والتبرير إن التبرير هو اعتقاد الشخص صحة ما يفعله ,أما الكذاب فانه يعلم علم اليقين انه يقول غير الحق.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ١٦ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٢ / نـيســان / ٢٠٠٩ م