الحقود لا يقود

 
 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد
الحقد لغةً حقد حقدا أي اضمر العداء وتحين الفرصة لإيذاء غيره أما اصطلاحاً فهو العداء القلبي, الغِــــل وقد وَرَدَ الحقد في القرآنِ الكريم بمعنى آخر كما جاء في سورة الحجر (ونزعنا ما في صدورهم من غل اخواناعلى سرر متقابلين 47) والغل المخلوط باللطفِ فيقال انغــلَّ به  أي دخل إلى ما أراد بلطف, فهو عكس الحُب وكلاهما يتشرب بشغاف القلوب المريضة والحقد محرمٌ تحريماً قطعياً وواجب الحقد على الكفار الذين يمكرون مكر السوء للمسلمين والعرب وقد ورد الحقد في مواقف كثيرة من أمثال العرب حين قالوا (أحقد من جمل)(وعند الشدائد تذهب الأحقاد) والحقد ثمرة من ثمرات الغضب ينام في القلوب ويعشش فيها ونتائجهُ  مدمرة فالحقود أكبر أمانيه زوال نعمة المحقود عليه,ويتحين الفرص لفشِّ غيض نيران الصدور على الخصوم ,والحقد إذا ما تأصلّ في النفوس يمنع حامله من صلة رحمه فكامن ناره في صدور الرجال كضب الإبل تضرم الصدور, والحقود تراه اقل الناس راحة, وللتفريق بين الحقود وغيره إن الحقود لا يرضى بسرعة بينما الشخص السليم تراه سريع الرضا ونرى الحقود النقود تحل عقد الحقود وليس أبغ من صور ما يجري في العراق وفلسطين وغلبة المال على الثوابت من قيم وسمو نفوس, والحقود معروف أيضاً فهو يشتري ما لا يحتاج إليه ويبيع مالا بد منه, وفي الحديث الشريف إن الله يطلع ليلة النصف من شعبان يباهي عباده فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد وقال رجل في وصف رجل:أنت والله ممن  إذا سأل الحف وإذا شئل سوّف وإذا  وعدَ أخلف  وإذا حدّث حلف,وإذا حَلَفَ خَلَف, وإذا صلى اعترض, وإذا صلى ربض ينظر نظر الحقود ويعترض اعتراض الحسود  يقول ابن الرومي:

 
وكفى الحقود مهانة وغضاضة               إن لست تلقاه عدو جهار
لكنه يمشي الضراء بحـــــــقده               ليلا ويلبد تحت كل نــهار


ما بالنا اليوم نرى الحقد قد ملأ قلوب رجال داخلها وتداخلها غيض وحسد فهل يمكن لهذه القلوب السوداء إذا ملِّكت أمر الناس أن تجد بُد من فسحة التفكير وأن يجد لقلبه فرصة من التأمل في مآل الأجسام وكراسي الحكم بعد أن يقضي الله الأمر في محكمة قاضيها الله ومحاميها الرسول   على ذلك يأتينا من أعطر فم انه فم الرسول الذي قال قولته البعيدة عن كل أنواع البعد من خبايا الصدور ولنتعلم من سيرة نبينا وننهج نهجه القويم ,في فتح مكة وتمكن الرسول من أعدى أعداء الإسلام منهم من  قتل عمه وقتل أصحابه وكان سبباً لهجرته دار من أحب الديار إلى نفسه,وهو القادر المؤيد بالشرع , لكنهُ آثر إلاّ أن يسجل للتاريخ منقبة ترن على مدى الدهور ولتبقى الهادية لبني البشر  وليعلم الإنسانية درساً في الصفح والعفو عند المقدرة ولا مكان لحقود وحسود بين صفوف من يتولى أمرنا فما بالك بأُناس جعلوا من قلوبهم خزانة رفوفها تزدحم بآثار ثارات عفى عليها الزمن وأدت سياساتهم إلى انقسام المجتمع انقساماً خطيراً فإما أن تكون متهماً أو ضحية....  

 

فإلى متى يبقى الناس في حيص وبيص (فتنة تموج موجاً) ومتى يأتينا الفرج ؟؟.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٠٩ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٥ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م