لا تلوموا إيران !! لوموا أمريكا وإسرائيل وأنفسكم سادتي المسؤولين العرب !!

 
 
 

شبكة المنصور

اللواء الركن الدكتور نوري غافل الدليمي

على مدى الأشهر الماضية كانت هناك تصريحات ومناقشات وندوات ومحاورات عن النفوذ والتدخل الإيراني في العراق والمنطقة العربية. حديث عن الهلال والبدر الشيعي وآخر عن الحملة الإيرانية لتشييع المنطقة وثالث تحدث عن تقديم أمريكا العراق هدية لإيران على طبق من فضة و ذهب، ورابع يتحدث عن الأمة الشيعية وآخر عن كون إيران نمر من ورق والأخير أن إيران نمر من ورق لكن مخالبه من رصاص في إشارة إلى نفوذ إيران في حزب الله اللبناني وحماس ومع الحوثيين في اليمن. وبقدرة قادر انتفض البعض(واكرر البعض) من القادة والمسؤولين العرب يهدد إيران بضرورة إيقاف حملاتها التوسعية والحد من نفوذها ويطالب حماس وحزب الله والمنظمات الأخرى في الدول العربية بضرورة الخروج من الحضن الإيراني والعودة إلى أمتهم العربية، بل والأكثر يطالب من الحكومة العراقية التخلي عن علاقاتها مع إيران والعودة إلى إخوانهم العرب. ثم يأتي الدور الأمريكي محموما ومطالبا الدول العربية بضرورة دعم الحكومة العراقية برئاسة المالكي وعلى ضرورة إرسال السفراء وإقامة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية مع العراق بل ويذهب أكثر من ذلك مطالبا العرب بالتحرك(لملئ الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأمريكي وإلا فان إيران جاهزة لملئ الفراغ)(نقول لهم صح النوم وبعد وقت!!).

 

السؤال الذي أودُ طرحهُ والإجابة عليه بكل جرأة هو(مَنْ الذي طالب أمريكا ودفع لها المليارات وتوسل بها لغرض احتلال العراق وإسقاط نظامه؟ ومَنْ الذي نفذ هذه الرغبة ودمر العراق؟ومَنْ الذي هيئ الفرصة لإيران لتحقيق احلامها؟

 

إن بعض الذين يُصرحون ويَصرخون ويُحذرون من إيران (وأطماعها التوسعية) اليوم هم نفسهم الذين تآمروا على العراق ...هم نفسهم الذين قدموا المليارات... هم نفسهم الذين توسلوا الأمريكان...هم نفسهم الذين رفضوا عودة العراق إلى حضن أمته طيلة اثنا عشر عاما منذ حرب 1991...هم نفسهم الذين أرسلوا عملائهم مع القوات الغازية...هم نفسهم الذين أرسلوا ضباطهم مع قوات الاحتلال كمترجمين وأدلاء وقتلة...هم نفسهم الذين سمحوا باستخدام أراضيهم وأجوائهم ومياههم لضرب العراق...وهم نفسهم الذين وجهوا بتدمير تراث وتاريخ وحضارة العراق وحرق متاحفه ومكتباته وقتل رجاله الأفذاذ... وهم نفسهم الذين يقدمون ملايين الدولارات للمليشيات والإرهابيين لقتل العراقيين وإثارة الفتن الطائفية والعرقية؟ إذن الجواب هو بعض المسؤولين في الأقطار العربية !!

 

 ومَنْ الذي سمح لإيران باستباحة العراق وقتل ضباطه وطياريه وأطباءه وعلماءه ورجال دينه وشيوخ عشائره من باب الانتقام ليس إلا ؟ومَنْ الذي سمح لإيران بالتغلغل في الأجهزة الأمنية والحكومية والتدخل السافر في اتخاذ القرارات؟ مَن ْالذي يحاور إيران على ارض العراق؟ مَنْ الذي شكل مجلس الحكم على أسس طائفية ؟ مَنْ الذي حل مؤسسات الدولة؟ مَن ْالذي حل الجيش العراقي؟ مَنْ الذي اوجد قانون اجتثاث البعث؟ مَنْ الذي كتب الدستور؟ الجواب هو أمريكا!!!

 

إذن ألا تتفقوا معي أخواني أن سبب كل كوارث العراقيين هي أمريكا وإسرائيل وبعض اتباعهم من العرب؟ لماذا تلوموا إيران؟؟ أليسَ الذي يجب أن يُعاقب ويُلام هو الذي دمر العراق وكان سببا في احتلاله؟؟

 

أما الذي نَفذ لهؤلاء العرب رغباتهم الجامحة فهم رجال الكاوبوي الأمريكان والأفعى الرقطاء الكيان الصهيوني والاستعمار القديم الخبيث البريطانيين... نعم إخوتي إن الذي رفض كل الحلول السلمية هو اللوبي الصهيوني المتمثل باليمين المتصهين الأمريكي أمثال بوش وتشيني ورامسفيلد وولفيتز ورايس وبضغط من الدوائر الصهيونية في الكثير من الدول ... وكل ذلك بإلحاح وتوسل شديد ورشاوي من  بعض الذين يَصرخون ويُصرحون ويزعقون ويتباكون على العراق ويخشون (النفوذ والتوسع الشيعي الإيراني)!!!...وبتخطيط الخبيثة بريطانيا.

 

نعم إخوتي كان الجنود الأمريكان أداة لتنفيذ مطامع الكيان الصهيوني في إزالة العراق البلد الوحيد الذي كان يقلق بيغن وشامير ورابين وشارون واولمرت ونتنياهو وغيرهم....

 

والآن تم احتلال العراق وتم إسقاط نظامه وحل مؤسساته واستباحة خيراته وانتهاك أعراض ودماء وممتلكات وحضارة ودين أهله...دمرتم كل شيء الزرع والضرع والعرض والدين...ماذا جنيتم أيها العرب؟(واقصد الذين تورطوا واحترامي واعتذاري واعتزازي بالأُصلاء الآخرين وهم الأغلبية الخيرة).

 

أنا أقول لكم(واقصد الأقلية المتورطة) لقد جنيتم لعنة الله والتاريخ على كل من ساهم أو شارك أو توسل أو عاون أو كان سببا في تدمير العراق..ألا تعرفون أن العراق عظيم بأهله وتاريخه؟ ألا تعلمون أن العراق ارض الأنبياء والأولياء والصالحين والأئمة الأطهار؟ ألا تعلمون انه بلد التاريخ والحضارة والقوانين؟ ألا تعلمون أن رجاله المسلمون الأوائل جماجمة العرب في نشر الإسلام؟ وأخيرا ألا تعلمون أن العراق يصدر مرضا خطيرا لا شفاء لمن يصاب به انه (لعنة العراق)... ثقوا إخوتي أن ما حدث في العراق من تدمير سيطال الدول التي سهلت وهللت وصفقت لتدميره(وهي معروفة) ...بل سيطال كراسي حكام هذه البلدان.

 

والآن لماذا هذه الهجمة على إيران؟

أنا أقول لكم لأنكم تريدون أن تصرفوا أبناء الأمة العربية عن أخطائكم وخطاياكم وتبعيتكم للأجنبي من خلال إيجاد عدو جديد اسمه (إيران)...نعم كانت إيران في حالة حرب مع العراق استمرت ثمانية سنوات إلا أنها انتهت وبدأت العلاقات تعود إلى طبيعتها...إيران لم تشارك بشكل مباشر في الاحتلال ..نعم قدمت المعلومات .. وسهلت دخول الأحزاب المعارضة الموجودة فيها ..ودخلت بعد الاحتلال وقتلت وخربت وتغلغلت.

 

إيران لديها أطماع توسعية في غربها وجنوبها في الدول العربية...إيران لديها رغبة قي تصدير ثورتها الإسلامية..إيران لديها رغبة في توسيع عقيدتها الأيديولوجية والمذهبية... إيران لديها رغبة في تقوية قواتها المسلحة...إيران لديها الرغبة في امتلاك السلاح النووي...إيران لديها رغبة في الدخول كشريك فعلي في إدارة المنطقة العربية بل والشرق الأوسط الجديد...إيران لديها رغبة لتحقيق مكاسب اقتصادية في مشاركتها في الهيمنة على النفط في المنطقة...إيران لديها رغبة في إقامة حكومات وأنظمة موالية لها في كل مكان...

 

أليسَ ذلك(من حق إيران)؟(هنا أضعها بين قوسين كي لا يُساء الفهم بالشرعنة لها)

لو كنت أنا في محل القيادات الإيرانية وأتيحت لي نفس هذه الظروف الملائمة لما ترددت في التنفيذ.الطبيعة البشرية والسيكولوجية عند الإيرانيين تتميز بعدم النسيان والثار والانتقام وبطولة البال..هذه فرصة إيران الذهبية لتحقيق أهدافها وأحلامها.هل يختلف اثنان على أن العراق كان سدا منيعا بوجه رغبات إيران في التوسع؟؟ هل يختلف اثنان في أن العراق كان حارسا أمينا للبوابة الشرقية للوطن العربي؟؟لماذا إذن هذا اللوم والصراخ حول التوسع والتهديد الإيراني وانتم احد أهم أسباب نجاح إيران من خلال مساهمتكم باحتلال العراق ؟؟ أنا أقول لكم لان الخطر بدء يقترب من أنظمتكم وكراسيكم!!

 

العراق وإيران جيران لا يمكن أن نُرحل احدهما إلى مكان آخر ...وإذا تهيأت النفوس الصحيحة وطابت الخواطر فبإمكاننا العيش بمحبة وسلام ولكن ماذا لو أصَرت أمريكا وإسرائيل على إغراء إيران للمشاركة في إدارة وأمن الإقليم وقدمت لها التنازلات التي تريد؟؟ عند ذاك الوقت لن ينفعكم الصراخ والعويل وستكون(too late)!!!

 

ما هو الحل أيها العرب القلقين الصَارخين المُصرحين المُهددين والمُتوعدين؟؟؟

بسيط جدا إطلبوا وألحوا بل (وتوسلوا كما توسلتم لاحتلال العراق) أن تخرج أمريكا بكامل قواتها وإيران بكامل نفوذها من العراق وبوقت واحد ،وأعملوا على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الاحتلال وأفسحوا المجال لأهل العراق أن يتصالحوا بينهم ويشاركوا سوية (قديمهم وجديدهم) في إعادة تأهيل بلدهم الجريح وعند ذلك سيرجع العراق إلى وضعه الطبيعي وترجع الأمة العربية عزيزة وستجنبوا المنطقة بأسرها الويلات والأيام السود القادمة.. وإذا لم تفعلوا ذلك فلا تلوموا إيران بل لوموا أنفسكم وأمريكا وربيبتها إسرائيل الصهيونية!!!

 

قد يتهمني البعض عند قراءته للمقالة بأنني عميلا إيرانيا أو أسوغ لإيران!! فأقول والله لست إيرانيا في الهوى والهوية!! واعرف واعترف كمؤرخ وعسكري أن العراق عانى ما عانى من جارته إيران في مناسبات عديدة ولكن اعرف هذه المرة دور أمريكا وإسرائيل وبعض العرب في احتلال وتدمير العراق وهم الذين فتحوا الباب أمام إيران لتفعل ما تريد(وظلم ذوي القُربى أشدُ مَضاضةً... على النفسِ من وقعِ الحسام المُهنَدِ).أتمنى على قادة إيران أن يتركوا الأحقاد جانبا ويتركوا العراق لأهله يقرروا ما يريدوا لنعيش بأمن وسلام واحترام متبادل. وأتمنى على أمريكا أن تأخذ قواتها من العراق والمنطقة وترحل وعلى إسرائيل أن تعترف بدولة فلسطين وحقوق الفلسطينيين التاريخية.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ١٤ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٠ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م