الحزب الاسلامي العراقي ... احد رموز الخيانة في عراق ما بعد الاحتلال

﴿ الجزء الاول

 
 

شبكة المنصور

نبيل ابراهيم

إن الشيطان يحلو له دائما أن يتخفى خلف كثير من العمائم واللحى ،فإذا اشتقت إليه فانظر إلى بعض العمائم واللحى وابتعد عنهم مستعيذا بالله العزيز العليم من الشيطان الرجيم.

 

كنا قد وعدنا  بأننا سنستمر في فضح وكشف كل العصابات والأحزاب العميلة والخائنة التي شاركت وتعاملت مع الاحتلال , فبعد أن كشفنا وفضحنا العصابتين البرزانية والطالبانية في رسالتنا  السابقة , يأتي الدور الآن لان نكشف و نفضح دور الحزب الإسلامي العراقي كرمز من رموز الخيانة في عراق ما بعد الاحتلال.

 

أن الحاجة الضرورية لكشف وفضح هذه البؤر الخيانية تقتضي منا أن نبحث عن تاريخ وافعال وممارسات رموز هذه البؤر من الذين باعوا أنفسهم للشيطان وارتضوا المهانة والذل على حساب سيادة العراق  وعلى حساب مئات الآلاف من أبناء العراق الغيارى من المعتقلين والمظلومين الذين سجنوا بدون أي وجه حق واقتيدوا من وسط عوائلهم وابنائهم ليودعوا في معتقلات الاحتلال, لقد حان وقت المكاشفة والمصارحة وفضح هؤلاء و علينا كعراقيين أن نعرف عدونا من صديقنا, علينا أن نفتح أبواب الحقيقة أمام الجميع حتى لا ينخدع أحد آخر بهؤلاء الخونة , ففي الوقت الذي ينهب العراق و العنف يأكل الشارع العراقي وجرائم التشريد والتهجير تفتك بالمواطن العراقي, نرى زمر الخيانة  جميعها تتمتع بالنهب والسلب وتحكم رقاب المواطنين العراقيين بسلطة و بقوة الاحتلال.

 

تأسس الحزب الإسلامي العراقي على حد قول محسن عبد الحميد رئيس مجلس شورى الحزب الإسلامي ( الذي بقى رأسه تحت بوسطال أحد جنود الاحتلال الأمريكي لاكثر من عشرين دقيقة وعلى حد اعترافه هو شخصيا), في بغداد عام 1960م ولم يستمر وجود علنية الحزب طويلا إذ بدأت الملاحقات والمطاردات العلنية والسرية تطال أعضاء هذا التنظيم من قبل جميع الجمهوريات العراقية المتعاقبة بسبب ارتباطات هذا الحزب المشبوهة بجهات أجنبية ضد مصلحة العراق, حتى اضطر الحزب الإسلامي (والكلام مازال على لسان عبد الحميد), آنذاك إلى العمل السري قبل عام 1968م  وانتقل عدد من أعضائه المؤسسين والناشطين إلى خارج العراق لإدامة عملهم , وبعد احتلال العراق جاءوا هؤلاء مع من جاء من خونة العراق خلف الدبابة الأمريكية محتمين بها واعلن عن علنية هذا الحزب من جديد بعد ذلك.

تعود جذور و أصول الحزب الإسلامي العراقي إلى جماعة الأخوان المسلمين وحتى نفهم طبيعة هذا الحزب وأهدافه علينا أن نعرج قليلا على الأخوان المسلمين وعلى أفكارهم ومعتقداتهم وطبيعة تأسيسهم و ولائاتهم.

 

الأخوان المسلمون ...تأريخهم ونشأتهم وأهدافهم

 

إن تاريخ الأخوان المسلمين معروف للجميع, فقد نشأت هذه الحركة في مصر في العشرينات من القرن الماضي على أيدي البريطانيين, ويعلم الجميع أيضاً أن السادات ووكالة المخابرات المركزية الأميركية نظما عودة جماعية لعناصر الحركة وجمهورها من أماكن لجوئهم في السعودية بعد وفاة جمال عبد الناصر. ونحن جميعا على بينة من تاريخ حركة طالبان التي شكلتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية في باكستان لمحاربة "الشيوعيين" الذين فتحوا مدارس للجميع، ذكوراً وإناثاً.

 

في الحقيقة كان الإسلام السياسي سيواجه صعوبة بالغة في الانتشار خارج حدود السعودية لولا الدعم المتواصل والقوي والحازم من قبل الولايات المتحدة الأميركية. فمجتمع السعودية لم يكن بدأ بعد الخروج من التقاليد حين اكتشف النفط في أراضيها. والتحالف الذي تم إبرامه على الفور بين الإمبريالية والطبقة التقليدية الحاكمة أعطى الإسلام السياسي الوهابي فرصة جديدة للحياة . ومن ناحيتهم، نجح البريطانيون في كسر الوحدة الهندية من خلال إقناع القادة المسلمين بإقامة دولتهم الخاصة [ باكستان] التي سقطت في شـَرَك الإسلام السياسي منذ ولادتها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن النظرية التي تم من خلالها شرعنه هذه "التحفة الفقهية "  المنسوبة لـلمودودي ، إنما وضعت بكاملها ، وبشكل مسبق ، من قبل مجموعة المستشرقين الإنكليز خدمة ً لصاحب الجلالة

 

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الإسماعيلية المصرية في مارس 1928 على يد حسن ألبنا . وتنتشر هذه الجماعة الآن في 72 دولة تضم كل الدول العربية و دولا إسلامية وغير إسلامية في القارات الست .

 

في عام  1939م أعلنت الحرب العالمية الثانية ، وكان لمصر وغيرها من بلدان العالم العربي والإسلامي نصيبهم مما صبته تلك الحرب من حمم في إطار الصراع الدائم ما بين القوى العظمى والذي عادة ما تكون الشعوب المقهورة وقودا له ،وثأر المصريين من المنتمين إلى جماعة الأخوان لدينهم وأوطانهم التي قام المستعمر بتقسيمها بما يخدم مصالحه ويرضي أطرافه ،وحملوا السلاح واطلقوا الرصاص في الهواء وهم يستقبلون زعيمهم في إشارة إلى رغبتهم في الجهاد في سبيل الله ،إلا أن ألبنا وكما يقول في مذكراته... ( نظرت إلى الأخوان وقلت لهم : على رسلكم ،يا أخوان ، ليس الميدان هنا وليس اليوم، وان يطل بكم الزمن فسترون الكثير،فاصبروا وصابروا) ...وهنا يحق لنا أن نسأل جماعة الأخوان وأتباع ألبنا أن لم تكن تلك هي معركة ألبنا وأتباعه وان لم يكن السلاح أعد للمستعمرين والغزاة وان لم يكن الميدان حرب كونية جاءت بالفرصة الذهبية لطرد المستعمر الإنكليزي والفرنسي من مصر العروبة والإسلام فأين هو الميدان إذن؟. وهنا وفي ما قاله القرضاوي ما يؤكد ما ذهبنا إليه من شرح للفكرة الرئيسية التي حكمت نشاطات الأخوان المسلمين ونظرتهم الدينية إلى القضية الفلسطينية، التي تنطلق من مقولة إن للبيت رب يحميه وان إرادة المولى هي التي جاءت باليهود إلى فلسطين... وان أي اعتراض على إرادة المولى أو مقاومة لهذا الوجود لا يقتصر على كونه اعتراضا على إرادة الله و إنما يذهب بصاحبه إلى ما هو ابعد من ذلك وأعظم !!!! .

 

كما أن هناك علاقة حميمة بين جماعة الأخوان المسلمين والفرس الصفويين، وهي علاقة امتدت منذ تأسيس الجماعة على يد ألبنا، وتواصلت بل توثقت عراها إلى درجة إن الفرس الصفويين كرموا بعض أعلام هذه الجماعة واستندوا في ردتهم عن الإسلام وسنة نبيه على بعض الكتب والمؤلفات الاخوانية ومنها مؤلفات القطب، وفي ذلك نستشهد بطابع بريدي إيراني حمل صورة سيد قطب، تعبيرا عن امتنانهم لمل قدمه من إثبات لحقيقة ادعاءاتهم كما يزعمون، ولما قام به من سب وشتم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

كل المصريين يعرفون السيد البدوي وإبراهيم الدسوقى وأبو الحسن الشاذلي وأبو العباس المرسى .. الخ ، ومعظم المصريين يعتبرونهم أولياء مقدسين... الذي لا يعرفه معظم المصريين إن السيد البدوي ورفاقه كانوا في الحقيقة زعماء لتنظيم سرى لقلب نظام الحكم في مصر منذ سبعة قرون ، وقد امتد هذا التنظيم من مكة إلى العراق والمغرب واتخذ قاعدته في مصر، واعتمد هذا التنظيم سياسة النفس الطويل في تربية الاتباع و إعداد القادة ، وبعد قرن تقريبا كان البدوي والرفاعى والدسوقى والشاذلى والمرسى هم قادة المرحلة الأخيرة من التنظيم.


و إن كلا منهم كان له اسمه الحقيقي المختلف عن اسمه الحركي ، وكانت لهم شفرة للاتصالات ، وعندما فشلوا في إقامة دولتهم انتقموا من الدولة المملوكية القائمة.

 

أثناء حركة البدوي كان العالم الإسلامي يرزح تحت حكم عسكري ويواجه الاستعمار الغربي ،. والعرب المسلمون يحلمون بدولة عربية إسلامية قوية بدلا من الحكام المتفرقين . هي نفس الظروف تقريبا التي نعيشها الآن والتي أدت إلى نشأة الأخوان المسلمين . حركة السيد البدوي اعتمدت على النفس الطويل في التربية والأعداد الثقافي والديني ونشر التنظيمات السرية والعلنية، وكذلك يفعل الأخوان المسلمون الآن.

 

هذا التشابه بين الأخوان وحركة البدوي يؤكد أن الأخوان ليسوا مجرد تنظيم سياسي بل هم ثقافة دينية يجرى إعداد المجتمع على مهل للأيمان بها وللتضحية في سبيلها باسم الإسلام وبها يتم تقسيم الوطن والعالم كله إلى معسكرين معسكر الإسلام ومعسكر الكفر لتتحول الحرب المحلية إلى حرب عالمية بدأنا نحس بها الآن بعد إلحادي عشر من سبتمبر .

 

ولو سأل أحدهم حول ما إذا كان الأخوان المسلمون يمثلون الإسلام ؟ فالجواب يكون بالقطع لا.. فالإسلام  دين ، أي نظرية ومبادئ، وأوامر و نواهي تشمل العقائد والسلوكيات. الأخوان المسلمون في عقائدهم وسلوكياتهم يتناقضون مع دين الإسلام . أبسط تناقضهم مع الإسلام أن القرآن الكريم يؤكد إن من يستغل الدين لمطامع دنيوية فهو عدو لله تعالى . أي أنهم أعداء الله حين يستخدمون الإسلام حجة للوصول للحكم. كما إن الأخوان المسلمون لا يمثلون كل الطائفة السنية , فالسنة أربعة مذاهب مشهورة : الأحناف ، المالكية ، الشافعية ، ثم الحنابلة. أيضا فالأخوان لا يمثلون  مدرسة ابن تيميه , فمدرسة ابن تيميه فيها تيارات مختلفة، والدولة السعودية الراهنة التي أنشأها عبد العزيز آل سعود هي التي أنشأت تنظيم الأخوان المسلمين في مصر على يد الشيخ رشيد رضا وصديقه الشيخ محب الدين الخطيب وتلميذهما المصري الشاب حسن ألبنا سنة 1928 . 

 

أن من  أنشأ حركة الأخوان المسلمين هم السعوديون حيث يعتبر عبد العزيز آل سعود هو المنشئ للدولة السعودية الثالثة الراهنة فيما بين 1902ـ 1932 بعد استيلائه على الرياض سنة  1902قام بتجميع شباب البدو وتلقينهم إن الجهاد هو تكفير الآخرين وغزوهم واستحلال دمائهم وأموالهم ونسائهم واحتلال أرضهم ، وكل يهودي ونصراني فهو كافر، ولا بد من جهاد الجميع. هؤلاء البدو اشتهروا باسم "الأخوان " وكان اسمهم يرعب الجميع فى الجزيرة العربية والشام والعراق بسبب المذابح التي اعتادوا ارتكابها. وبهم استطاع عبد العزيز توسيع ملكه فضم معظم الجزيرة العربية وهزم اليمن وخرب جنوب العراق والأردن واستولى على الحجاز سنة 1926 .  أراد الأخوان السعوديون  بقيادة زعمائهم  فيصل الدرويش وابن بجاد وابن حيثيلين استمرار غزو العراق ولكن بريطانيا حذرت عبد العزيز وهددته أن لم يكف الأخوان عن الهجوم على العراق، وبنى البريطانيون حصونا على الحدود لتحمى العراق من هجمات الأخوان. اعتبر الأخوان بناء تلك الحصون الدفاعية في الأراضي العراقية مانعا لهم من استمرار الجهاد وطالبوا عبد العزيز بالتحرك معهم ضدها فرفض خوفا من البريطانيين، فاتهمه الأخوان بموالاة الكفار " الإنكليز ".

 

كان عبد العزيز قد ضم إليه الحجاز بسيوف الأخوان ومذابحهم، وسيطر على موسم الحج والحجاج، فانتهزها فرصة لتكوين تنظيمات أخوا نية خارج الجزيرة العربية عوضا عن الأخوان البدو المشاغبين ، ولينشر مذهب الأخوان في بلاد المسلمين مع التركيز على مصر والهند . وعن طريقه تحولت الجمعية الشرعية في مصر إلى الوهابية بدلا عن التصوف، وأنشئت حركة الشبان المسلمين كتنظيم شبه عسكري نبغ فيه حسن ألبنا، ثم جماعة أنصار السنة يقودها الشيخ الأزهري حامد الفقي صديق عبد العزيز آل سعود . وفى النهاية أنشئت حركة الأخوان المسلمين بديلا عن أخوان عبد العزيز وتحمل اسمهم . وكان هدفها المعلن هو التربية الإسلامية ، وهدفها المستتر هو الوصول للحكم. وقد سارت العلاقات بين الأخوان المسلمين والسعودية


عن طريق الدعم السعودي استطاع ألبنا، إنشاء الجهاز السري العسكري إلى جانب التنظيم الدولي للإخوان ، وكان من أعمدته الفضيل الورتلانى الجزائري المساعد الغامض لحسن ألبنا، وهو الذي فجر ثورة الميثاق في اليمن لقلب الموازين فيها لصالح السعودية، وقد نجحت الثورة في قتل الإمام يحيى، ولكن سرعان ما فشلت وتنصلت منها السعودية، ورفضت استقبال الورتلانى بعد هربه من اليمن وظل الورتلانى في سفينة في البحر مع الذهب الذي سرقه من اليمن ترفض الموانئ العربية استقباله كراهية لدوره في اليمن، إلى أن استطاع بعض الإخوان المسلمين تهريبه في أحد موانئ لبنان، وانتقل منها إلى تركيا، ثم ظهر بعد ذلك كالرجل الثاني في قائمة جبهة التحرير الجزائرية حين توقيع ميثاقها في القاهرة سنة 1955 وكان بن بيلا في ذيل القائمة.

 

واكتشفت الحكومة المصرية ـ بعد ما حدث في ثورة اليمن سنة 1948ـ خطورة حسن ألبنا وتنظيمه السري والدولي وكيف استطاع حسن ألبنا إجراء ثورة في اليمن. وبالصدفة وقعت في أيديهم الوثائق السرية للإخوان المسلمين فيما يعرف بقضية العربة الجيب التي أظهرت الجانب الإرهابي السري للإخوان مما سهل القضاء على حسن ألبنا سياسيا وجسديا سنة 1948 .ومعروف بعدها موقف الإخوان من تعضيد الثورة والخلاف بينهم وبين عبد الناصر، وهروب معظمهم إلى السعودية وخدمتهم لها ونشر حركة الأخوان المسلمين في العالم الإسلامي. ثم تحالف السادات مع الإخوان، فعادوا للسيطرة على أجهزة الدولة المصرية في التعليم والثقافة والحياة الدينية والأزهر والمساجد والإعلام تعززهم ثورة السعودية النفطية وسيطرتها الإعلامية والتليفزيونية ، و افرزوا تنظيمات مختلفة على نسق التنظيم العسكري في عهد حسن ألبنا كان أهمها الجهاد والجماعة الإسلامية. ثم اختلفوا مع السادات، وقتلوه، واستمرت سيطرتهم في عصر مبارك الذي آثر مطاردة الإرهاب المسلح مع تدعيم النفوذ السعودي.

 

أما سبب الوقيعة بين الأخوان والدولة السعودية فمنذ البداية رفض عبد العزيز منشئ الدولة السعودية الراهنة ومنشئ الأخوان المسلمين أن تعمل حركة الأخوان داخل بلاده محددا عملها في الخارج فقط. ولكن أدى تطور الأحداث إلى هروب معظم الأخوان إلى السعودية هربا من عبد الناصر يحملون معهم تربيتهم السياسية القائمة على النفاق وسياسة الوجهين والتقية. تلك هي خلفيتهم الثقافية التي أرساها حسن ألبنا طبقا لظروف الأخوان في مصر والمخالفة للطبيعة البدوية في الجزيرة العربية والتي ظهرت فيها الدولة السعودية. ومن الاختلاف حدث الاحتكاك وأدى إلى نمو المعارضة داخل المملكة وضد الأسرة السعودية. الأخوان ساعدوا في ولادة المعارضة السعودية، فأخذ النظام السعودي وشيوخه الرسميون يهاجمون سيد قطب وجماعته والأخوان.

 

تسلل حسن ألبنا إلى المجتمع المصري المسلم المتدين بفكرة تجميع المسلمين حول هدف واحد هو الحكم الإسلامي مع نبذ الخلافات المذهبية وتأجيلها، وعاونه في فكرته سقوط الخلافة العثمانية وحنين المسلمين الى استعادتها في ثوب عربي أصيل. واستغل الليبرالية المصرية وافتقارها إلى العدل الاجتماعي بأن تسلل للشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى وأوساط الأفندية المتعلمين الحالمين بالعدل والساخطين على التفاوت الطبقي فاجتذبهم إلى فكرة الحل الإسلامي بديلا عن العلمانية الشيوعية والغربية.كان يتحدث لكل فريق باللغة التي يؤثرها متبعا طريق التقية الصفوية ، وكان يرفع لواء التسامح والاعتدال محتفظا في نفس الوقت بتنظيمه السري المسلح ليتخلص من خصومه فإذا افتضح أمر بعضهم تبرأ منهم على الملأ قائلا : "ليسوا أخوانا وليسوا مسلمين". هذا ما تربى عليه الأخوان على يد حسن ألبنا طيلة عشرين عاما {1928 ـ 1948 }. وبهذا الفكر تسللوا إلى الأحزاب السياسية المعلنة والتنظيمات الشيوعية السرية وخلايا الضباط الأحرار الذين قاموا بانقلاب 1952 . وكان لا بد أن يحدث الاصطدام بينهم وبين عبد الناصر وهو الأعرف بهم حيث كان منهم يمارس نفس اللعبة. تغذى بهم عبد الناصر قبل أن يتعشوا به فهاجر معظمهم للسعودية التي كانت تواجه عبد الناصر ومشروعه القومي اليساري.


أما الاستراتيجية السياسية للإخوان فأنها تتلخص في كلمة واحدة هي التربية الثقافية الدينية للفرد والمجتمع وصولا إلى إخضاعه للسمع والطاعة بدون مناقشة لولى الأمر وفق مبدأ الحاكمية الذي يؤمنون به كعقيدة دينية وسياسية, فهم ليسوا مؤهلين للحكم الديمقراطي إذ لا يعرفون إلا الحاكمية التي تعنى أن يكون الحاكم مسئولا فقط أمام الله تعالى يوم القيامة باعتباره الراعى والشعب هو الرعية أو الأغنام.

 

إن أقلّ الاستنتاجات التي ينبغي استخلاصها من الملاحظات التي تم وضعها هنا  هو أن الإسلام السياسي ليس النتيجة التلقائية الناجمة عن القناعان الدينية الحقيقية للشعوب المعنية ، أو عن رغبة هذه الشعوب في تأكيد قناعتها من خلاله . فالإسلام السياسي جرى تخليقه من خلال  العمل المنهجي للإمبريالية ، المدعومة ـ بالطبع ـ من قبل القوى الرجعية الظلامية, هكذا  بالتالي  يصبح من السهل إدراك  مبادرة الولايات المتحدة إلى كسر جبهة الدول الآسيوية والأفريقية المتحدة التي تأسست في باندونغ العام 1955، من خلال إنشاء منظمة "المؤتمر الإسلامي" في العام 1957 ، المدعومة من قبل السعودية وباكستان . وبهذه الطريقة تغلغل الإسلام السياسي في المنطقة .

 

ولو قارننا سياسة الحزب الإسلامي العراقي و إستراتيجيته في العراق مع سياسة واستراتيجية الأخوان المسلمون, نراهما لا يختلفان قيد أنملة عن بعضهما منذ نشأة هذه الحركة والى يومنا هذا, فعندما تتحدث مع قيادات الحزب الإسلامي العراقي فهم يظهرون لك وكأنهم الوحيدون المسلمون الذين يطبقون الشريعة الإسلامية وهم القادرون فعلا على النهوض بهذا الدين من جديد, وبأنهم افهم واعلم  من غيرهم  بالفقه والشريعة والعلوم الإسلامية, وقد يقول أحدهم بان هناك من فيهم من يعرف ويفقه الدين الإسلامي و أمور الدين الإسلامي , لكن هذا العلم لم يتم تسخيره من اجل خدمة الدين و إنما ينفذون ما هو مطلوب منهم تنفيذا لرغبات أسيادهم في لندن فالكل يعلم إن الأخوان هم من صنيعة إنكليزية وبامتياز منذ تأسيسه ولحد الآن, فهو يسير باتجاه ما مطلوب منه والعمل على تنفيذه , رغم اختلاف التكتيكات المستخدمة من قبل الأخوان فتراهم يتصدون للإمبريالية والصهيونية في أماكن مختلفة وفي العراق نرى أيديهم بيد المحتل الأمريكي الصهيوصفوي بل وابعد من ذلك إنما يساعدونه في جرائمه وانتهاكاته بل هم من سانده وعمل على تحقيق جميع أهدافه بالعراق وهم من عمل على المحاصصة الطائفية وكرسها مع أعوانهم الآخرين  بالأحزاب الدينية الأخرى.

 

ـ يتبع ـ

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٤ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م