صباح النكبة يا وطني

 
 
 

شبكة المنصور

احمد ملحم الضفة المحتلة
صباح النكبة يا وطن الحزن والمراثي والاحلام المؤجله... صباح النكبة التي  تغلغلت في دهاليز وجهك، وفي مكونات دمك... وتفاصيل ملامحك وملامحنا... صباح النكبة يا وطن الانتظار الذي امتلئ صبراً وغصة وستون عاماً من الخيبةً صباح النكبة يا وطني....

 
تمر السنوات وما زالت الرياح تقصف جرحك المشتعل ... تعبث به على وقع ما كان ، وما لم ينسى ابداً... واحد وستون عاماً وما زالت النكبة توغل في روحك كسيف يماني، يعيد نقش ما كان فوق جبينك المعتق.

 
واحد وستون عاماً ... وما زالت النكبة يا وطني هي النكبة... ما زالت هناك في تجاعيد وجهك تحفر عميقا عميقا جراحاً ستبقى للتاريخ ولنا ولأجيال ستكون حتماً لك... في تشققات شفتيك الجافة التي تقطر صمتاً يقدح شرراً من خيبة زمن، حاضرة يا وطني في مياه عيناك الزرقاء التي تفيض اشتياقاً كجدول ماء في قرى وطن معتق تذكره وحدك، حاضرة في نمنمات يداك القاسية، المعجونة في تراب روي بدماء من كان هناك في اول المجد، واول الرصاص، واول الرفض.

 
واحد وستون عاماً يا وطني...
 ولم تزل يتيماً...
 تبحث عن يد تمسح دمعة معلقة منذ الفراق..
ما تزال تجلس على حافة بيتك الطيني
يداك الترابية تضم قلادة حديدية على شكل مفتاح ما كان لك وبقي...
عيناك  ... تروي بصمت صورة ما كان من اجمل الاوطان... وما زال

 
صباح النكبة يا وطن ما زال على ناصية الانتظار...
واقفاً كشجرة زيتون تأبى الانكسار...وتصرخ لا
صباح النكبة يا وطن ما زالت عيناه ترنو هناك...
الى سنابل القمح التي ما زالت تنتظر مناجل الفلاحين...
الى كروم البرتقال والليمون التي تصر ان تنتظرك...لانك عاشقها
الى بدر يداعب تلال الزعتر والياسمين كل ليل...
الى نسيم البحر الذي يعزف اغنيات المساء في الروح...
الى تراب الارض الذي اشتاق لكرمك ... ظمئاً لحبات عرقك .
من على حدود الخسارات والانتظار... اكتب لك ، واكتب عنك، واكتب بأسمك... محاولاً رسم فجيعتك وفجيعتي على ضوء العتمة التي احتلت السماء منذ واحد وستون عاماً، حين سرقوا قمر حيفا.

 
نكبة... يا سفرجله نضجت على غضب الرصاص وصرة المنفى وخيمة الانتظار... ماذا اكتب لك... وكل شيء فيكي يغريني للموت الجميل البنفسجي الذي عرفناه منذ زمن البرتقال والبحر... اكتب اليك جامعا كل التفاصيل المغيبه لكي تبقين في حضرة الذاكرة تجاعيد امرأة منحتنا في لحظة... فداحة ما فقدناه وخسرناه ذات يوم.

 
نكبة... يا كلمة خارجة من عباءة كل الحروف المربوطة والمرفوعة والمكسورة... كيف اكتبك في زمن الجاهلية الوطنية، وانت زهرة الياسمين الوحيدة التي خرجت من رحم الوطن...لتفضحي الان مدى قبحنا ورائحتنا النتنة... اين انت يا طفلة تموت قرب دمي دوماً، ارشديني الى كل الدروب التي تؤدي اليك... امنحيني بعض التفاصيل التي تقودني الى رائحتك... خذيني اليك فقد مللت من رحمي ومن حبلي السري وعالمي الهلامي ...واشتقت ان اولد ذات فجر على تراب مقصلتك... على تراب وطنك.

 
نكبة... يا حسرة الروح ، يا وجع الحاضر... يا جسر القلب...هل نسيناكي يا امنا الصابرة... اعطيتنا الكثير من الوقت ...كي نفك رموز سحرك الغامض الذي كان ، كي نعانق ذكريات وطنك المنسي في دواليب التاريخ.

 
ا.................ه يا نكبة
 لم نعيد قراءة ما فاتنا من اوراق الحياة من قبلك...
لم نجمع صرة الوطن ... وبقايا الاحلام...
بقينا كأوراق الخريف المبعثرة في الفراغ...
 لم نعيد لأنفسنا شرعية الرفض... ورائحة التراب والزيتون...
 كي نستعيد انفسنا لتأخذينا اليك...

 
ا....................ه يا نكبة
نعم نريدك اليوم نكبة والف نكبة... نريدك كي يعود حلم العصافيرالذي يداعب سنابل القمح مع كل توشيحة... ويحمل بجناحيه رائحة الزعتر المنثورة فوق بيت طيني على حدود اجمل ما كان وبك سيكون... خذينا بقوارب الشمس الى حدود الابد واتركينا نعانق الوطن على حبال مقصلتك.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ١٢ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٨ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م