حول خطة الإنسحاب الأمريكي من العراق .. الى أي أهداف تتقدم  الخطى الواثقة ؟

﴿ الجزء العاشر

 

شبكة المنصور

كامل المحمود

( خطوة متعثرة بالإتجاه الصحيح أفضل من خطوة واثقة تحيد عنه )

 

في 27 شباط 2009 طرح الرئيس الأمريكي الجديد في خطابه الموجه للشعبين الأمريكي والعراقي  وللعالم عدد كبير من المواضيع الخاصة بالعراق ..

 

منها ما يتعلق بالأهداف ومنها ما يتناول الوسائل الكفيلة من وجهة النظر الأمريكية للوصول الى هذه الأهداف ..

وفي المفهوم الإقتصادي والسياسي قال أوباما :

 

(And even as Iraq’s government is on a surer footing, it is not yet a full partner – politically and economically – in the region or with the international community).

 

(ومع أن الحكومة العراقية تسير بخطى واثقة ،إلا أنها لاتزال ليست  شريكا كاملا سياسيا واقتصاديا في المنطقة  أو مع المجتمع الدولي).

 

وقلنا..إن الشراكة الإقتصادية تحتاج الى تفاهمات سياسية ..

والدخول في الشراكات الإقليمية والدولية تحتاج (من العراق) أن يكون بلدا (آمنا ومستقرا ومستقلا في إرادته وأهلا لثقة الشركاء بإتخاذه القرارات المصيرية التي تعزز هذه الشراكة) ..ومن الناحية العملية لايمكن تحقيق ذلك الآن وهناك مَن يتدخل في الشأن العراقي سواءا كان بفعل الإحتلال أو بسبب تداخل المصالح وقوة تأثير الدول المجاورة ..وبسبب وجود صراع حقيقي على كل الأرض العراقية ..

 

وأي مستثمر او شريك يحتاج الى بيئة آمنة لكي يفكر بالإستثمار أو بالشراكة ..وقبل كل ذلك علينا أن نفكر بالعراقي الذي لازال وهو في وسط بيئة الخوف والترقب والموت والعوز والحاجة لست سنوات مضت وهو ينتظر (بناء النموذج العراقي الفريد الذي سيشع بإزدهاره وأمنه وإستقراره على كل دول المنطقة )!..

 

وهذه البيئة العراقية (الآمنة والمزدهرة المنشودة) تحتاج من العراق أن يكون بلدا قويا وموحدا ومستقلا وأن يكون له جيش حديث وقوي وأمن داخلي وطني لا يعرف الطائفية والعرقية والمناطقية والولاءات للأشخاص والجماعات وينظرالى جميع العراقيين نظرة مساواة بلا مفاضلة بغض النظر عن دينهم وطوائفهم وفكرهم ..

 

لكي يتمكن العراقيون حينئذ بالتعهد والإيفاء بكل متطلبات الشراكة الإقتصادية والتحالفات السياسية ..

 

وعدم إستقرار العراق يمنعه من أن يكون شريكا سياسيا وإقتصاديا كاملا في المنطقة والعالم ..

وقلنا إن على الإدارة الأمريكية والحكومة إتباع أحدى الوسيلتين التاليتين لحل الموضوع جذريا وهي : القضاء نهائيا على هذه القوى (لإجتثاثها ) من أرض العراق بشكل كامل أو حتمية الإقرار بوجودها وأهميتها وضرورة التفاوض معها كونها العنصر الفاعل في الحل . وقد أثبتت الحالة في الميدان العراقي فشل الوسيلة الأولى بعد ست سنوات من سياسة الإجتثاث والتهميش والإقصاء والفصل والطرد وقطع الأرزاق والتدمير والقتل والمداهمات والإعتقالات والحملات العسكرية وتضمين العقاب الجماعي في فقرات ومواد الدستور والقوانين والقرارات والإجراءات الحكومية والذي جعل هذه القوى تزداد إلتصاقا بارض العراق وتمتد في تربته بالعمق وتتعاظم قوتها..

ومَن يقول عكس ذلك ..لا يريد حل دائم للمشكلة العراقية ..

 

اليوم نتحدث عن موضوع مهم آخر وهو توصيف الرئيس الأمريكي للخطى التي تتبعها الحكومة في جعل الشراكة الإقتصادية والسياسية في المنطقة والعالم (شراكة كاملة).. وقوله بأنها: (خطى واثقة) أو (إن الحكومة تتصرف بخطوات واثقة تجاه هذا الموضوع)..وهي (تعرف الى أين تسير)!..

 

لقد آن الأوان للجميع أن يعرف بأن الحل الدائم والنهائي لمشكلة العراق  يكمن في (الخطى الواثقة ) لجعله بلدا آمنا ومستقرا وموحدا ومتحررا ومزدهرا..لكي يكون (شريكا حقيقيا ومؤثرا ) في المنطقة والعالم وليس (تابعا ذليلا ومنفذا لمناهج الآخرين)..وهذه الشراكة لكي تكون (شراكة كاملة) عليها أن تستند على (إرادة وطنية حقيقية ) وليس بتطبيق نهج (الإرادات الخارجية المؤثرة في العراق)..

 

إذا ..نحن لسنا بحاجة الى (خطى واثقة) فقط لتنطلق من مركز الإشعاع الموحد وهي تتوجه عكس الهدف أو تحيد عنه ..

 

نحتاج لتحديد (الإتجاه الصحيح للخطى الواثقة )..

لأن كل  المتجهات تنطلق من نقطة واحدة ولكنها تسعى الى أهداف مختلفة!..

وعلينا أن نتفق إن خطوة متعثرة بالإتجاه الصحيح أفضل من خطوة واثقة تحيد عنه..

وهدف إنقاذ العراق غاية مركزية لمحبيه من أي طرف كانوا ..

ومَن يريد الخير للعراق عليه ان يضحي من أجله ..

ومَن يضحي بالعراق وشعبه وتاريخه وسيادته وإرادته من أجل مصالحه الخاصة لايستحق ان ينتمي إليه ..ولن يكون جديرا في أي يوم من الأيام لتمثيله والإدعاء بأنه صوت الشرعية والقانون حتى وإن صوّت له الشعب الذي يرزح تحت ثقل مشاكل الحياة والموت والتشريد والضياع..

 

وعلى الإدارة الأمريكية الجديدة التي طرحت شعارات (واثقة) في حملتها الإنتخابية للفوز بالرئاسة الأمريكية أن تتبنى كل الحقائق..

 

وأن لا تتصرف وكأنها غير معنية بالوضع العراقي الحالي ..بحجة إنها لم تخلقه ..أو تحت رغبة ( المضي للأمام وعدم النظر للماضي)..

 

لأنها وكجهة مسؤولة في العراق معنية (إذا كانت لا تريد النظر للماضي) أن لا تكون إنتقائية في التعامل مع الماضي وحسب مصلحتها..

 

وأن تأمر إدارات السياسة والمخابرات والإعلام الموجه والقوة العسكرية الأمريكية ان تتوقف فورا عن المضي والإيغال في (الغوص في هذا الماضي والبحث في  تفاصيله التي تعني في فترة محددة حتى في القوانين وتترك جزءا كبيرا منه )..

 

وعليها أن تفهم بأن هذا الوضع العراقي المعقد هو صنيعة الإدارات الأمريكية السابقة التي لم تتبن نهجا جديدا أساسه (التغيير الواثق من حتمية الوصول للاهداف)..

 

والوضع العراقي الحالي بكل تعقيداته يمثل وريثا شرعيا للإدارة الأمريكية الجديدة ولا يمكن نكران ذلك..

أو القفز فوقه..

 

إن المطلوب من الإدارة الأمريكية الحالية أن تتفهم (كل وجهات النظر المتصارعة) وأن لايكون قرارها يستند دائما على ما يقوله هذا الطرف أو ذاك ..

 

وأن يبقى في الذهن دائما إن العراق كان ضحية معلومات كاذبة وتضليل متعمد..

والقوة العسكرية الأمريكية التي يتحدث عن سحبها الرئيس أوباما اليوم من العراق قد أبحرت الى العراق ليس بحثا عن مصلحة شعب العراق بل لتحقيق هدف (حددته الإدارة الأمريكية في حينها فقط) والذي أفضى الى تدمير العراق وتهديم دولته وإسقاط نظامه ..

 

وإن هناك قرارات وقوانين وإجراءات أصدرتها الإدارة الأمريكية بحق العراق وشعبه في ظل الإحتلال ..

وهذه القرارات والقوانين قد تم التأكيد عليها وإعتمادها من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ مجلس الحكم ولحد الآن..وهذه السياسة قد ساهمت في الإيغال بإضعاف العراق وتقسيمه وإشاعة روح الفرقة والإنتقام والحقد..

 

وعلى جميع من يساهم بتوجيه (دفة سفينة العراق) اليوم في الحكومة أو الإدارة الأمريكية السياسية والعسكرية والإستخبارية أن يتذكروا أن الذي يزرع الخير هو وحده صاحب الخطى الواثقة ..

وسيجني مستقبل آمن وزاهر..

ومن لازال يؤثر زراعة الحقد ويستمر بالإنتقام سيحصد الندم..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٠٤ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / نـيســان / ٢٠٠٩ م