الأمل بعراق آمن

 
 

شبكة المنصور

كامل المحمود

( لا نقصد بالعراق الآمن هنا عراق بدون تفجيرات أو تحسن الوضع الأمني..بل الأمل بعراق مستقر وآمن وعنصر مؤثر إيجابيا لأمن وإستقرار وتوازن المنطقة والعالم !)..

 

للولايات المتحدة الأمريكية (رؤيتها الخاصة) للوضع في العراق ..وهذه الرؤية قد تتطابق مع رؤية الكثير من الأحزاب والتيارات التي تعج بها الساحة العراقية اليوم ومنها الرؤية الحكومية والأحزاب المساهمة في العملية السياسية..أو تلك التي ترغب بدخولها..

وكل هذه الجهات لها الحق في التعبير عن هذه الرؤية ووفق قدراتها..

وبالصيغة التي تحقق اهدافها ..

ووفق الإمكانات التي بحوزتها ..

والتحالفات التي تشكلت لها مع قوى داخلية وإقليمية وعالمية..

 

والحكومة والحزاب الداعمة لها تستخدم السلطة والإعلام الرسمي والعلاقات الديبلوماسية لهذا التعبير طالما ترى إن الولايات المتحدة هي داعم أساسي لهذه الرؤية..

 

وفي موضوع مهم آخر من المواضيع العراقية التي تمثل أحد أهم القضايا التي تتبناها الولايات المتحدة كجهة (مسؤولة بشكل مباشر عن التداعيات التي ترسم حاضر ومستقبل العراق) هو حل المشكلة العراقية ..وهذا الموضوع هو وجود أمل متجدد ودائم للتقرب من الهدف الذي رسمته الولايات المتحدة لوجودها وتضحياتها في العراق .

 

والأمل بإيجاد حل للوصول بالعراق الى (أن يكون بلد آمن ومستقر ومؤثر في المنطقة والعالم وعامل توازن فيهما بحكم شراكته الإستراتيجية مع الولايات المتحدة)..كما ذكر الرئيس الجديد باراك أوباما في أكثر من مناسبة تأكيدا على ذلك.

فالأمل في الوصول الى هذا الحل الدائم للمشكلة العراقية يتجدد ..وتعتقد الولايات المتحدة بأن (كل الأمل بالحل ) تتحمله الحكومة العراقية الحالية! ..

 

ومرة أخرى هي إشارة غير مباشرة الى الآخرين بأن:

( الولايات المتحدة قد قامت بدورها وبما يلزم لحد الآن )!..

وإن (رجال ونساء الولايات المتحدة في القوات المسلحة ) قد نفذوا مهمتهم بنجاح وهي ( إسقاط نظام الرئيس صدام حسين)!..

 

( وتم خلق العملية السياسية ) التي كانت (حُلم العراقيين التواقين للديمقراطية!)..

وهذه العملية السياسية أفرزت مجلس نواب وحكومة (منتخبة بهذه الديمقراطية!)..

وهذه العملية السياسية والديمقراطية لها (أعدائها )!..

و(هؤلاء الأعداء هم الذين أوصلوا الأمر الى ما عليه الآن)!..

 

وقائمة الأعداء (للديمقراطية) طويلة تبدأ من القاعدة والتكفيرين و( منتسبي النظام السابق ) لينتهي بإولائك الذين شاركوا بالعملية السياسية ولكنهم يختلفون مع الحكومة في طريقة إدارة الدولة !..

 

 والولايات المتحدة ترى إن الحل اليوم (للمشكلة العراقية) إضافة الى كونه حلا سياسيا ..يجب أن يكون حلا عراقيا..

وإن أي أمل بالحل يعتمد بالدرجة الأولى على قرارات وإجراءات الحكومة العراقية ..

 

أما مَن قام بالغزو ..والتدمير ..والإحتلال..وهدم الدولة ومؤسساتها ..وما نجَمَ من تداعيات وإنقسامات ..ومَن هيأ الأجواء للإنتقام والإغتيال والموت والتشريد فسيكون واجبه في هذه المرحلة ( وبعد سحب القوات العسكرية ) يتركز على الدعم السياسي والديبلوماسي والتدريب وتقديم الخبرات فقط!..

 

وفي ساحة مليئة بالألغام والبراكين والأسلاك الشائكة ومسارات لا يجوز تجاوزها و(خطوط حمراء) وأجواء مشحونة بخطاب إعلامي عنيف ومتشدد وتخويني وأجهزة أمنية رسمية فقد الشعب ثقته بحياديتها وتحديات داخلية خطيرة من مقاومة مشروعة ومعارضة مسلحة وعمليات إرهابية تقوم بها جماعات خارجية للإساءة الى الحق الوطني في التصدي المشروع للمحتل وميليشيات خارجة عن سيطرة الدولة وتأتمر بأوامر أحزابها والكثير منها ينفذ أجندات خارجية ..وبوجود التدخل الإيراني السافر..والإملاءات التركية التي يناحرها الحزبان الكرديان بدون بعد نظر لمصلحة العراق وأمنه وإستقراره ..

 

في مثل هذه الساحة..سيكون من المستحيل الحصول على أمل متجدد بغياب نظرة شاملة للموضوع..

ويجب ان تكون الولايات المتحدة جزء أساسي من منظومة الدراسة والحل..

ولايمكن للحكومة العراقية لوحدها تجديد الأمل بعراق آمن ومستقر وشريك لدول المنطقة والعالم وبإمكاناتها الذاتية ونظرتها الحالية لشكل وطبيعة المعالجة !..

ويجب ان يشترك بالحل كل القوى والتيارات العراقية الوطنية ..

وان يُنظر الى إستحقاقاتها وثوابتها نظرة مسؤولة ..

وعدم السماح للعصبية والروح الإنتقامية والحقد والتضليل بالتأثير على أعقد وأصعب قرارات العراقيين ..

وأكثرها مصيرية ..

 

ومنها قرار العودة للحق والمنطق والعقل والذي يستند على الثوابت الوطنية..

 

أحلى ما في هذه الثوابت العراقية هو فسيفساء التنوع والتآخي والإنسجام التي عاشت لقرون سحيقة في ضمائر العراقيين.

 

وما يجري اليوم من سعي محموم لإعادة تقسيم خارطة العراق السكانية والحياتية والجغرافية وفقا للألوان أو لإعادة ترتيب مكونات الشعب العراقي وفقا للقومية أو المذهبية والطائفية أمر مرفوض لأن ما سيتمخض عنه بهذه المغامرة سيكون بلدا مقسما لايمكن أن نسميه العراق!..

 

وأهم هذه الثوابت هو إستقلال العراق الحقيقي وحريته ووحدته والتحكم بإرادته وسيادته ورسم مستقبله المزدهر بخطوط عراقية منصفة وعادلة وقانونية لإيقاف نزيف الدم الذي قطّع شرايينه..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٠ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٦ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م