الى جريدة القدس العربي الغرّاء .... ( العراق تاريخ لا يلغيه نزق )

رد على مقال  - الراديكالية الرثة والمفهوم التاريخي للمقاومة العراقية

 
 

شبكة المنصور

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

أسجل في البداية ملاحظة سريعة او هي بالحقيقة اعلان لمفارقة غير عجيبة في زمن الغرائب والعجائب وهي: هنالك منع مطلق لإعلام المقاومة من قبل اميركا واعوانها يسري على كل اجهزة الإعلام الحرة وغير الحرة يحضر النشر والمقابلات مع المدافعين عن المقاومة، وان ما يخرج الى الناس من جهاد المقاومة هو ضغط نتائج فعلها البطولي، وبعض ما ينشر في بعض مواقع شبكة الانترنيت ... فلماذا لا تتبنى جريدة مثل القدس العربي منع نشر المقالات التي تسئ للمقاومة ولشعب العراق وللعراق لانها جريدة تتبنى موقفا وطنيا وعروبيا ومقاوما، ولان لاعداء المقاومة كل الاعلام عدى القدس العربي إن تفردت؟.

 

أين الرث وأين الوسيم ؟

 

مقدماً نقول (فاقد الشئ لا يعطيه)!! ... في حوار ذاتي تنقصه الكثير من أدوات الموضوعية والصدق مع الذات يصف المقال الفعل المقاوم العراقي بانه ينتمي الى (راديكالية رثه)، لا لشئ، بل لان الكاتب يرى هذه المقاومة بلا فكر وبلا اهداف وطنية لأن من يديرونها من وجهة نظره، وتوافقا مع النهج السياسي المعروف له، هم بلا تاريخ وطني، إلى جانب سمات وصفات اخرى مبنية على نوع من التعالي الشخصي والنرجسية لا غير.

 

ونحن هنا لسنا بصدد مماحكات كلامية فارغة، بل بصدد مخاطبة عقول الناس ومنهم بشر تجيد التفكير والقبول والرفض على اسس منطقية ... نقول .. هل ان الغزو الامريكي واحتلال العراق عمل وسيم وتفوح منه روائح المسك؟ وهل إن ما ترتب عليه اجمالا من خراب وتدمير ممثلا في .....

 

1-  الاختلال والاعتلال في العلاقات الدولية لاختراقه الشرعية والقانون الدولي.

2-  قتل ما يقارب مليون ونصف المليون عراقي من الابرياء وما زال درب القتل سالكا.

3- زرع وتغذية الفتن الطائفية والعرقية التي مزقت نسيج البلد الاجتماعي والجغرافي والسياسي وحولت العراق الى غابة يسوسها وحوش.

4-  نهب ثروات البلد من المحتل واعوانه.

5- ممارسة كل انواع الارهاب والاغتصاب والترويع في بلد نزعت عنه عنوة كل مقومات السيادة والكرامة وحقوق الانسان.

 

هل كل هذا وسواه كثير من نتائج كارثية للاحتلال اعمال وسيمة لكي توصف مقاومتنا بالتطرف الرث؟

إن كان المقصود بالراديكالية الرثة هو ايمان فصائل الشعب المجاهدة بالكفاح المسلح طريقا ناجعا للتحرير والخلاص وان المقاومة الوسيمة هي التي تدحرج الى مستنقعها السيد الركابي وسواه من خريجي المدرسة الاوربية لتطوير وتجديد قدرات المنطقة الخضراء بعد ست سنوات من الاحتلال البغيض والحياة الكارثية لشعبنا، فان الحديث عنها بحد ذاته هو اطراء للمقاومة لان المقاومة الوطنية العراقية بكل فصائلها لا تنتظر من رواد المنطقة الخضراء ان ينظروا لها، بل انهم ينظرون للمقاومة بالمفهوم الذي عرفه شعب العراق العظيم وهو مفهوم الخضوع والخنوع للعملية السياسية التي فرخها الاحتلال وما زال يرعاها.

 

ان ما حققته المقاومة العراقية البطلة الى اللحظة هو محل فخر واعتزاز وتقدير وتفهم جدي من كل الاحرار والشرفاء ومن يتنكر له تحت اية ذريعة كانت فهو فاقد لأبسط معاني الوطنية والكرامة وعزة النفس.

 

ما نريد تاكيده هنا ان معظم رجالات واحزاب الاحتلال يتحدثون عن مقاومة الاحتلال بما فيهم الجلبي وعلاوي والهاشمي والطالباني بطريقة المقاومة الوسيمة، والسيد الركابي لم يزد شيئا سوى انه اطرها لهم باطار لفظي يجيده دون شك رغم ان هذا الاطار يحتوي تناقضات لا حصر لها. ان ادعاءات عملاء وعرابي الاحتلال والماسكين بحبال عمليته السياسية لتحقيق اغراضهم واهدافهم الطائفية والعرقية على حساب وحدة العراق أرضا وشعباً بأنهم ضد الاحتلال، قد اسقطها العراقيّون وصارت مواطن للسخرية ومنطلقات للتحشيد الشعبي ضدهم ... وان دخول السيد الركابي على هذا الخط بعد ست سنوات من الاحتلال يضره ولا ينفعه بل ويسقط عنه سمة المقاوم التي يحاول ان يتلبسها من داخل منطقة التعامل مع المحتل وهي المنطقة الخضراء ... وان وجوده كرقم من ارقام هذه المنطقة يسقط عنه كليا حق الادعاء بالمقاومة او الحديث باسمها او نيابة عنها.

 

الراديكالية الرثة اسقطت المشروع الامريكي:

سواء أكان للمقاومة العراقية فكر تستنير به كما نؤكد نحن او انها بلا مفكرين ومنظرين من قلبها ونبضها كما سوّق السيد الركابي ..... وسواءا اكانت مقاومتنا راديكالية رثة او انها راية من رايات العروبة والاسلام كما نراها نحن, فانها في كل الاحوال وكيفما وصفت من هذا الطرف او ذاك ... شاء من شاء وابى من ابى .. قد اسقطت المشروع الامريكي في المنطقة وكبدته خسائر فادحة في البشر والتجهيزات والمال. وشاهدنا هو التخبط الذي تحدث عنه الركابي في مقاله قيد البحث دون ان ندخل بتفاصيل اخرى معروفة عن استحقاقات المقاومة الوطنية العراقية للقاصي والداني، واكثر مَن يعرفها ويقر بها هم الامريكان، وسبق لنا ان كتبنا مقالات استشهدنا بها بمواقع امريكية رسمية وشبه رسميه فضلا عن حقيقة الحقائق الكبرى وهي اعلان اميركا الرسمي عن فشلها في تحقيق نصر عسكري في العراق واستحالة تحقيقه..

 

ترى .... هل الراديكالية الوسيمة هي من:

قتل قرابة 40 الف اميركي محتل ..... جرح وعوق قرابة 70 الف امريكي .... واصاب بالجنون قرابة 30 الف ... واحرق مئات الطائرات والدبابات والاليات .... وقام بـ 700 عملية عسكرية اسبوعيا ضد الاحتلال وفقا لآخر إحصائيات البنتاغون في مرحلة اعتبرت فيها اميركا وعملاءها ان المقاومة في تراجع  .... ومن اجبر الحزب الديمقراطي على تبني افكار الانسحاب ليفوز بانتخابات الرئاسة حتى لو كانت دعايته تدليسا وكذبا ونفاقا .... ومن اسقط الصقور الصهاينة .... وما الذي جعل اميركا تلجأ الى العمل الاستخباري لتنتج الصحوات لمواجهة (الارهاب) والمقاومة ...

 

المقاومة العراقية وطنية وقومية واسلامية وكتّابها ومنظريها من قياداتها في الداخل ومؤيديها في الخارج وهذه حقيقة لن نجادل فيها كثيرا، لان مَن يطرح نقيضها فانه ينطلق من غايات رخيصة وموكل اليه دور تخريبي مكشوف ويسوّق لذاته وذاتيته في الرؤى والغايات التي قد تنتمي أو تمت إلى أي طرف، الاّ انها لا تمت بصلة الى المقاومة. وان عداء الركابي السافر للنظام الوطني الذي اغتاله الاحتلال وعملاءه تسقط عنه صفة الموضوعية في أية قراءات او استنتاجات يعرضها في هذا المنبر او ذاك، كما ان خلفياته الفكرية والعقائدية تضعه في خانة العداء للخط الاسلامي المقاوم، وان دخوله الاخير في العملية السياسية يسقط عنه صفة الوطنية، الا من زاوية وجهة النظر القائلة بان حكام المنطقة الخضراء وطنيون!! وتلك مقولة تقف على جبل من ثلج وتستند على تلال من الرمال المتحركة التي لا قرار لها، وان الغد الوطني القادم كفيل باظهار صورتها المتحللة العفنة.

 

تاريخ العراق لا يشطب بجرة قلم نزقة:

إن ابتدأنا بالبديهي الذي يتداوله يوميا مَن دخل الركابي في ساحتهم من حكام الدولة الخضراء مدنيون ودينيون وطائفيون، بل وحتى العرقيون الشوفينيون، يقرون بفضل ثورة العشرين المجيدة في انجاز التحرر الوطني من الاحتلال الانجليزي واجبار الانجليز على التستر وراء التاثيرات السياسية، حتى فجر ثورة 14 تموز المباركة حيث انتقل العراق الى مرحلة الاستقلال الناجز ... وان الاساءة لتاريخ ثورة العشرين ووصفها باوصاف النقص وووسم رجالها بالضعف وعدم الشجاعة سيضع الركابي في موقع تصادم وتعارض مع المؤسسة الدينية الحاكمة مثلا التي تتفاخر بكونها احد اهم اركان قيادة وفعل ثورة العشرين .... هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان تاريخ العراق كله حافل ببطولات اسطورية مثبتة وبقدرات خارقة على التطور والنمو والانتاج الحضاري. ان شعب بابل واشور واكد وسومر والقادسية وذي قار والقادسية الثانية، لا يمكن ان يوصف بالجبن الا من جبان افاك. ان شعبا تأسست على أرضه حضارات ما قبل التاريخ وبعده وكان له حضور حيوي في صدر الرسالة المحمدية المباركة ودولة الخلفاء، ودولة بني أمية وبني العباس لا يمكن الا ان يكون شعبا بطلا بكل المعايير وان استحضار جوانب وشخصيات غير نموذجية من التاريخ لا تتم الا من قبل مَن لا تاريخ لهم من الموتورين والادعياء والساقطين في تيه الانانية والذاتية والنرجسية المرضية.

 

لقد اعتدى الركابي في مقاله على العراق تاريخا وحاضرا، وتجاسر على شعبه بما ليس فيه ... ونحن نعلن من هنا ان العراق الذي انتصر في قادسية صدام المجيدة هو العراق وشعبه الوطني فنحن لا نتحدث هنا عن تاريخ يصدق او يحرف بل نحن شهودها العيانيين والمكانيين. لقد انتصر العراق عربا وكردا وسنة وشيعة وتركمان وكلد وآشوريين وايزيديين وصابئة .. كلهم قاتلوا واستشهد من استشهد منهم تحت لواء العراق دون حساب لأثنية او عرق .... ومَن ينكر هذا فهو دعي ومتحامل وساقط في جحيم الحقد السياسي والفشل المركب.

 

أين ألركابي من المقاومة ليتحدث عنها ؟

في مقالات سابقة تطرقنا الى السيرة الذاتية للركابي ولن نعيدها هنا. الركابي احد عرّابي الاحتلال كونه احد من يسمون انفسهم معارضة للنظام الوطني وكان طرفا في معظم ما خُطط مخابراتيا ضد العراق. ونحن لا نعرف أي لافتة مقاومة يتحدث الركابي من تحتها ... الا اللهم ما اشرنا اليه اعلاه من مقاومة لفظية كاذبة يتحدث بها اعوان المحتل للتمويه والضحك على ذقون خلق الله من العراقيين البسطاء.

 

الركابي لا يعرف مقاوما واحدا لا من حملة البندقية ولا من حملة الاقلام ولا يعرف قطعا مَن منهم في الداخل يكتب بدم االرجال ونزف جراحهم الحرة الطاهرة ولا مَن يكتب من خارج العراق من العراقيين المجاهدين بالفكر وهم اساتذة جامعات واطباء ومهندسين وكوادر ادارية بناها العراق بالمال والعرق والدم .. وقد تصادم الركابي قبل ايام مع الدكتور العراقي الجراح البارع والشريف عمر العاني لانه رد على مقال وطني شريف للدكتور بذات الطريقة او قريبا منها من اسقاط الهوية الفكرية والوطنية.

 

ونؤكد هنا .. وهذه وجهة نظر ليست شخصية بل هي موقف شريف .. ان أي منبر اعلامي شريف يجب ان يُغلق بوجه الركابي وامثاله لان ما يطرحونه لا يقع في باب الرأي، بل هو موقف سياسي تابع وعميل، ومدفوع الثمن سلفاً لأنه يحقق أهداف كل أعداء المقاومة الوطنية في العراق.

 

وننتهز الفرصة لنعلن على العالم كله ان المقاومة العراقية تستهدف الاحتلال وعملاءه وهي تعمل على كل ساحة العراق العظيم وتضم عشرات الجيوش البطلة تحت قيادة وطنية موحدة وبعضها ينسق مع بعض، ان لم تكن موحدة بالكامل لهذا الظرف او ذاك وهي مقاومة ذات هوية وطنية وقومية واسلامية وتكبد الاحتلال المجرم خسائر جسيمة يحظر الاعلان عنها وان ما يعلن هو جزء فقط من تلك الخسائر التي تسقط له في المدن .وما عداها لايعلن حيث يقتنص الرجال الشجعان دباباته وآلياته ودورياته في طول العراق وعرضه. وقافلة التحرير تسير على بركة الله والله اكبر.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٠١ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٧ / نـيســان / ٢٠٠٩ م