الى : جريدة الجمهورية اليمنية الغراء
(
حق الرد
)
رد على (
مقال ستة اعوام على احتلال العراق )
لكاتبه السيد نزار العبادي

 

 

شبكة المنصور

الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

أكاد اجزم ان السيد العبادي يكتب منطلقا من عدم دراية كافية، ولن اقول انه يكتب بطريقة الاشارات والرسائل المخابراتية التي تفتقر الى ادنى مستلزمات المبادئ الاخلاقية للكتابة العلمية الموضوعية. ورغم ان اكثر من عراقي شريف قد خاطبه بردود سابقا، وانا واحد منهم غير انه ظل يتمترس خلف هذا التصحر الفكري الذي يغذي وهاد التظليل ومجافات المنطق والحقائق. ويشاركه العديد من الكتاب العرب والمحللين الفضائيين، وتجار الاعلام في هذا النهج الذي اختطته أياد معروفة في مرحلة الاعداد للغزو وتوفير مستلزماته على ارض العراق منذ عام 1989 بعد تحقيق النصر العراقي العربي على شراهة التمدد الصفوي في قادسية العرب الثانية التي امتدت لثمان سنوات. نسوق ذلك لاننا ابناء العراق ممن عاشوا احداث الثلاثين عاما التي سبقت الغزو والاحتلال وعاشوا ايضا سنوات في ظروف الاحتلال الغاشم حيث نجد ان الكثير من الكتابات تنشر عرجاء او عوراء وتتناول ذات المفردات، التي روجت لها وتبنتها احزاب الاحتلال واطراف اقليمية مضافة الى اميركا وحلفاءها من الصهاينة والصفويين المستفيدين من اغتيال النظام الوطني العراقي ومنها مقولات (الانهيار السريع) و (الخيانة)، وغيرها مما بنى عليه السيد نزار هيكل مقاله الاساسي.

 

يقول السيد العبادي (انسحب الجيش الى داخل المدن واحتمى وسط المدنيين)، وهذه مغالطة كبرى وفريه تسئ الى العراق شعبا وقيادة وجيشا باسلا وتتعارض مع دموع التماسيح التي بللت كلمات المقال متباكية على العراق وشعبه، بل وأمر من ذلك  تباكي على قيادته الشهيدة والاسيرة وكانه يحمل عشقا وولاءا لهذه القيادة !!. وانا متيقن من ان ضباط الجيش العراقي الابطال سيردون عليها من منظار عسكري، لا اجيده انا. غير اني عراقي عشت الحدث تفصيليا في جنوب العراق وشهدت بعيني معارك في اكثر من محافظة جنوبية. وشاهدت ايضا كيف تقوم الطائرات الامريكية بقصف دبابات الجيش في مناطق تمركزها في منطقة الرزازة عند الطريق الاستراتيجي المتوقع لتقدم ارتال الغزو وفي ام قصر والمثنى والرضوانية والنجف والهندية والكفل مثلا .. وكان القصف الجوي في هذه الاماكن في الغالب يحصل من ارتفاعات عصية على المقاومات الجوية الارضية التي كانت تحرق السماء في ردها العاصف ولكن الطائرات تقصف احيانا حتى من خارج حدود العراق!!. وقد قاتل الى جانب الجيش في معارك بطولية شرسة كتائب من تنظيمات الحزب وفدائيوا صدام  وجيش القدس في معارك ضد الدبابات التي كانت تنزلها الطائرات في الحافات الصحراوية للمدن ونموذجها على سبيل المثال لا الحصر تلك المعركة البطولية التي خاضها بعثييوا النجف واستشهد فيها قائدهم مسؤول الحزب عضو قيادة قطر العراق الشهيد البطل نايف شنداخ واستشهد معه مئات من مناضلي الحزب ومعركة شارع الحبوبي في الناصرية التي قاتل فيها الشهيد البطل عادل الدوري وعدد من رفاقه وهو يهتف يا محلى الموت بشارع الحبوبي ...... ومثلها معارك صحراء وقصبات كربلاء والهندية والمثنى والكفل وملاحم ذي قار وميسان، وكان رجال البعث وفي مقدمتهم اعضاء قيادة قطر العراق يخوضون غمارها. نحن شهود عيان في جوانب من هذه المعارك يا سيد نزار ولسنا منّظرين. وعليه فان اطلاق الكلام بهذه الطريقة المجانية لا يخدم الحقيقة ولا يعبر عن مصداقية الاعلام التي يقف عليها اعلام اليمن الحبيب والذي تنتمي له انت الآن ولا يحق لك حرفه عن مبادئه واخلاقياته العروبية المسلمة.

 

واستل عبارة اخرى من المقال هي (دخلت الدبابات بغداد ولم تُطلق عليها رصاصة واحدة) .. اذن .. اين هي معارك المطار يا سيدي واين هي معارك الرضوانية واللطيفية؟ اين استخدمت القنابل الفراغية وقنابل العنقود والفسفور الابيض وضد مَن؟ من اين جاءت مئات الاشلاء المتفحمة والمقطعة في المطار مثلا؟

 

وغير هذا .. لا يمكن لنا ان نتخيل كاتبا او اعلاميا يقف على اقل قدر من المعرفة والموضوعية ولا ينطلق من خلفيات شخصية او منهجية  معادية للعراق وقيادته وشعبه يمكن ان يتصور او يتخيل للحظة واحدة ان المخابرات الامريكية واعلام البنتاغون يمكن ان يقدم للاعلام في تلك الساعات دبابة تطلق عليها النار ... هذا محض وهم.

 

ونود ان نذكرك بان شهيد الحج الاكبر صدام حسين رحمه الله قد استبعد تماما نظرية الخيانة مع انه قد اشار ربما الى مَن وشا بمكان تواجده الى المحتل المجرم غير انه نزّه كل رجال العراقيين النشامى من الخيانة ...

 

ومن حقنا ان نتساءل ... لك ولغيرك .. ألا يكفي بطولة الابطال من اعضاء القيادة والجيش في الاسر والمحاكم الجائرة الباطلة وفي لحظات الاغتيال لتكون مصداقا لرصانة وصدق ومبدئية رجال العراق ورفاق الشهيد وابو الشهداء صدام حسين؟ هل قدر لك ان تستمع الى سيف الدين المشهداني وعلي حسن المجيد وعزيز الخفاجي وسبعاوي وبرزان وطارق عزيز مثلا وهم مكبلون بالاغلال ولا يتنازلون عن شرف المبادئ والرجال بكلمة واحدة؟

 

لقد كانت مواجهة غير متوازنة بكل المعايير والمقاييس يا سيد نزار ومن الاجحاف والظلم ان تقدَّم وتقيّم بهذه الطريقة السطحية، بل والساذجة التي اقل ما يقال عنها انها تشي بشماتة باهلك ووطنك حتى لو كنت لا تعنيها.

 

ثم اين انت من المقاومة التي قصمت ظهر امريكا واجبرتها على البحث عن وسيلة للهرب ؟

 

اما بكاء سعد الدين الشاذلي الذي استشهدت به فلقد اضحكنا بمرارة .. كان الاجدر به وبسواه من المصريين شعبا وحكومة, الا من رحم ربي, ان يقفوا دروعا بشرية تمنع مرور ادوات الموت عبر قناة السويس .... وان كان لهم في التآمر والغدر بنا امور لا نعرفها فان لنا في غزة ومجازرها الاخيرة دليل اخر على ان اهل مصر قد اذعنوا لنظامهم وان نظامهم هو احد اسباب ذبح العراق .... ومرة اخرى علينا ان نقر بان هناك تعاطف شعبي مصري مع العراق غير انه غير مؤثر ونحيي الاخ مصطفى بكري مثلا ومعه القليل من اهل مصر ممن رفعوا اصواتهم ضد الغزو والاحتلال ....

 

نطالبك بان تكفكف دموع الشاذلي وعمرو موسى علها لم تكفكف بعد يا رعاك الله.

 

لم افهم عبارتك التي تقول (أين توارى قادة العراق وتركوا الرئيس واولاده .... يسيحون في الارض ويرسمون سيناريو الفتنة) لم افهمها صدقا, لا اسفارا واشهارا ولا مضمون .... وان كنت قد استلمت جزء العسل الطافح ظاهريا منها فاني لا اعرف من هم الذين يرسمون سيناريو الفتنه ..... ما هي الفتنة وعن اية فتنة تتحدث؟

 

هل القصد من كلامك ان تبرئ من دخل لاهثا وراء بساطيل المارينز من الاحزاب الصفوية وعصابات الجلبي والحزب الاسلامي ونماذج المتصهينين جلال الطالباني ومسعود البارزاني واطلاعات وقوات القدس الإيرانية من أحداث الفتنه لترميها هنا على من لم تسمهم وتركت خيال القارئ يضرب اخماسا باسداس معبرا عن تعاليك عليه واستعداءك لفطرته الانسانية الطيبة المعروفة عند شعبنا اليمني الحبيب؟ لا اظنك تقصد ذلك لانك حينها تصطدم بظلالك في مقطع اخر سنأتيه بعد قليل .. اذن.... هل تقصد المقاومة؟ عليك ان توضح مقصدك لان قرّاءك اذكياء ولا تفوتهم شاردة او واردة ومن حقهم ان تكون لماحا في مواقع التلميح ووافيا في كلمة مخيفة مثل الفتنة حيث يقتضي ان توضح. ان الذين احدثوا الفتنة في العراق يانزار هم الاحتلال وعبيده ....فلم تغالط الحقيقة ؟

 

وبعد: مَن هم الذين يرفضون الجهر بان اميركا لم تكن قادرة على البقاء في العراق لولا اتفاقها مع ايران؟؟؟ .. ان كنت تقصد اركان ومناصري النظام الوطني فانك تضع نفسك في دائرة الافتراء ومحدودية الافق والاطلاع .. فان رجال دولة العراق الشرعية الذين اتيحت لهم فرص محدودة وقليلة لا تزيد عن عدد الاصابع للحديث في عدد من الفضائيات عبر السنوات الست الماضية كان اول ما يعلنون عنه ويثبتون حقائقه الميدانية هو موضوع الاحتلال الصفوي للعراق تحت راية الاحتلال الامريكي الغاشم، وان هناك عدد كبير من المواقع الالكترونية التي تحتوي على عشرات الكتاب وآلاف المقالات التي توضح وتدين صور التدخل الفارسي في العراق. وجدير بالذكر ان هناك كوادر اعلامية ودبلوماسية بارزة تمارس عملا اعلاميا ممنهج ودقيق وامين وشفاف في تنوير العراقيين والعالم بتزوير الحقائق والتدليس الكبير الذي مارسه ويمارسه اعلام الغزاة واعوانهم العملاء الخونة .. فأين انت من هذا؟

 

اما ان كنت تعني اقزام وخنازير العمالة .. فهذه كارثة اذ لايعقل ان تطلب من هؤلاء الاقزام ان يدينوا الاحتلالات المزدوجة ومنها الاحتلال الفارسي الصفوي وهي التي منحتهم فرصة السلطة التي تآمروا مع اميركا والصهيونية والنظام الايراني السابق واللاحق اكثر من ثلاثين عاما ليصلوا اليها وسيلة لنهب المال العام وتدمير الدولة والمجتمع العراقي طبقا لمنهاج الصهيونية وادواتها المجرمة.

 

وفي فقرة ختامية لمقالكم تقول (ستة اعوام ونحن ننتظر مَن يجهر بلا خوف بان مَن دخلوا على دبابات الاحتلال عملاء وان من خذلوا بغداد يوم التاسع من ابريل ولم يقاوموا الاحتلال هم خائنون وعملاء .... فالعراق سيعود لابناءه الشرفاء ذات يوم) .. وهنا مرة اخرى تمارس جنابك تضليلا للقارئ وخداعا مكشوفا له وتغييب لفطنته وذكاءه لانك كما هو ديدنك في هذا المقال وفي ما قرأناه لك سابقا تترك الحبل على الغارب في تفسير محتمل على كل الاتجاهات وانت تعرف يقينا ان كتاب المقاومة العراقية وشعراءها وفنانيها واعلامها ومنظماتها وعشائرها وجيوشها كلها تعلن كل ساعة ان من دخلوا تسحلهم عجلات الغزاة هم ليسوا فقط عملاء بل اوباش وتجار عهر ودناءة وسراق وابناء متعة ... وغير هذا ان العراقيين يقاتلونهم بالسلاح يا سيد نزار قبل وبعد الغزو والاحتلال ... غير اني شخصيا لا اعرف مَن هم الذين خذلوا بغداد يوم التاسع من ابريل ولم يقاتلوا ....لانني اعرف ان العراقيين يقاتلون دفاعا عن بغداد منذ أممنا النفط ويوم وقعنا اتفاق الجزائر مع الشاه لوقف نزف الدم في شمال الوطن الذي كانت ايران الشاه تغذيه وتدعمه بحيث انه انتهى تماما قبل ان يوقع الشاه وشهيد الحج الاكبر على الاتفاقية في جزائر بومدين العروبي المسلم الاصيل رحمه الله عام 1975!!! وهم متواصلون مع الدفاع عن بغداد مع تعميرها وتحويلها الى قبلة للعرب والمسلمين ومع اطلاق الخميني لمشروع التمطط لتصدير الثورة الصفوية، وبعد ان انتصروا في حرب الثمان سنوات المجيدة دخلت اميركا بنفسها فدفعت الكويت لتبدأ مشروع العدوان المستمر في حرب اقتصادية معلنة ولاهداف معلنة ومعروفة.

 

ان مقالك قد جانب الحقيقة التي يعرفها كل منصف واع من العرب والمسلمين ... فالهجوم على بغداد من قبل اميركا قد بدأ عام 1989 وان بغداد قد قاتلت اميركا 14 عام يا استاذ نزار ونحن شهود، وأنت لم تشهد ذلك لأنك هربت من العراق عام 1991 مفضلاً تحقيق مصالح شخصية بدلاً من الدفاع عن العراق الذين علمك، وما زلت تتاجر في تكريم رئيس الجمهورية ، ووزير الدفاع رحمهما الله عندما تصدر كتبك في اليمن ، وتكتب على أغلفتها سيرة حياتك، من أجل أن تكسب تعاطف أبناء شعب اليمن الذين أحبوا الشهيد صدام حسين ، ووزير دفاعه الشهيد عدنان خير الله رحمهما الله.... فلمَ تتنكر وتصير شاهد زور يدوس على صدر امه ويضغط بوحشية ليفقأ عينيها ؟

 

ندعو الله لك بالهداية لتحترم اذواق الناس وعقولهم ..... وتنقل بصرك الى افق ابعد من لحظتك الآنية لتحسب حساب وطن وشعب لا يستحق منك كل هذا الجحود. واياك ان توهم نفسك ان الاسلوب المعسل يمكن ان يحجب حقيقتك الحاقدة على العراق وشعبه، وتعاطفك الضمني مع منتجات الاحتلال. وما يؤكد ذلك تكرارك كل عام هذه الاسطوانة المشروخه التي حتى الأمريكان تنصلوا عنها ، لكنك يبدو أصبحت ( ملكي أكثر من الملك)، ومنهجك هو عدم الاستفادة من المعلومات التي يجري توضيحها لك في كل مرة من خلال الردود التي تنشر من قبل القادة العسكريين ، ورجال العراق الذين عاشوا الأحداث على ما تكتبه ، وتحاول تسريب بعض المعلومات من خلاله التي كانت تخدم المحتل ، ومن دخلوا معه من العملاء مختفين في بساطيل جنود المحتل كالجرذان، وكأنك لا تدري أن مثل هذه المعلومات أصبح من يذكرها كأنه يذكر ( قصة السعلوه) وأنت تعرف جيداً ماذا تعني  (السعلوه) التي كانت جداتنا تحدثنا عنها على أساس أنها جنس من عالم آخر. أو نادرة تريد من خلالها أن تضحك قراء مقالاتك.فلو:

 

1-  كنت حقاً تبحث عن الحقيقة ، وتعتبر نفسك إعلامي متابع ، فكان يفترض أن تطلع على كتاب موجود في مكتبات أسواق اليمن، وهو أيضاً مطبوع في اليمن ، وأنا على قناعة بأنك مطلع عليه ، لكنك لاتريد تغيير احكامك المسبقة ومواقفك المعادية للعراق التي تغلفها بثوب فضفاض لغرض في نفسك، أو لأنك مكلف من قبل جهة معينة ، استغلت حرية حركتك في يمن الديمقراطية، كونك تحمل صفة ( صحفي) لترويج ما كتبته وكررته لأكثر من مرة.

 

2-  إن هذا الكتاب ( يا نزار) عنوانه ( حقيقة احتلال العراق...بين الطغيان الجائر..  والبركان الثائر)، تأليف الدكتور داود الشيخ. أنصحك الإطلاع عليه لتعرف ما هي خطة الدفاع من حافات المدن، وما هي أسبابها في المنظور العسكري، ولتعرف أيضاً أن العراق قصف ب ( سبعون قنبلة نووية في عشرين يوماً)، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي: ( لقد استخدمنا عشرة أضعاف ما أستخدم من متفجرات عام 1991).ولكي يكون لنا اسلوب اخر في الرد عليك ان لم تغادر اسلوبك في تظليل اهل اليمن الكرام ومحاولاتك البائسة لتغيير قناعاتهم المعروفه .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ١٨ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / نـيســان / ٢٠٠٩ م