حادي الجهاد : جزاك الله تعالى عنا وعن أمتك خير الجزاء

 

 

شبكة المنصور

حديد العربي

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}( فصلت، الآية: 30).

 

قد أفلس المحتل وأذنابه والله، فما عاد المكر والدهاء ليفيدهم بخدعة جديدة، ُتمرر على عقول العراقيين، وحتى السذَّج منهم والجُهلاء، بمكرٍ من اليهود وأتباعهم  وأخلص حلفائهم الفرس الأراذل، فعمليات تفجير السيارات المفخخة، على التجمعات البشرية، خلال الأيام القليلة الماضية، والتي سبقت وترافقت مع ذكرى مولد البعث المجاهد، وبخاصة المناطق التي يشكل أهلنا ممن يتعبدون وفقاً لمذهب التشيّع، وفي مقابلها أهداف لحلفاء خونة يجب – وفقا للعبتهم السياسية القذرة – تحجيم أدوارهم في عملية اللهاث خلف الغُزاة، ماهي إلا دليل قاطع وبرهان واضح على خواء العقول الماكرة، التي لا تنضح إلا بكل فعلٍ خبيث، لأنها تمكر بهوى الشيطان وكفره، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } (الأنعام، الآية: 123)، فقد أرادوا بها تشويه صورة البعث ورجاله المجاهدين الأُباة، كما كانوا يحاولون في كل مرة خلال الزمن الذي سبق ورافق وتلا الاحتلال، حينما زامنوا توقيتاتها مع احتفالات شعب العراق الوفي بذكرى ولادة فجر عزِّهم وعنوان مجدهم والحادي بهم إلى حيث العلا والسؤدد، وكما أراد الله تعالى لهم أن يكونوا، أمة العدل والإنصاف، أمة الخير والبذل والعطاء، مولد حزبهم الجهادي، حزب الشهداء، البعث العربي الإشتراكي، في ذكراه الثانية والستين، ليقولوا أن هذه هدية البعثيين لكم في عيدهم.

 

لكنهم خابوا وخسئوا كما في كل المحاولات السابقة وآخرها التي أرادوا بها النيل من سمعة البعث بأفواه بعثية، أو كانت فيما مضى تنطق باسم البعث أو تحمل بعض ملامحه، لكن الله تعالى أعاد كيدهم إلى نحورهم، يوم انتفض رفيقنا ابو نصير ليفضح ألاعيبهم وخسة نفوسهم ودناءتها، وزيف دعاياتهم وأضاليلهم الماكرة.

 

اليوم وقد أصبح شعب العراق بفضلٍ من الله ورحمة أكثر تماسكاً وأقوى عزيمة وأشدّ تمسكاً بخياراته الشريفة الكبيرة، التي أراد الغزاة وحلفهم ثنيه عنها وحرف مسيرته لغير اتجاهها الصحيح، والتراجع إلى حيث الرذيلة والخنوع ومعصية الله تعالى ورسوله، فقد أرادوا بكل أحابيلهم تمزيق شعب العراق وطمس هويته، وبذلوا لأجل ذلك الكثير الكثير، لكنهم وهم يمكرون نسوا مآل من فعل قبلهم: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} (سورة الرعد، الآية: 42)، وقوله تعالى: { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً* اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا } (سورة فاطر، الآية: 42،43)، وها قد مكر الله سبحانه العزيز القدير، ناصر المؤمنين، فأعاد سهام الكفر والغدر والنفاق إلى نحور أهلها، فكانت تلك التفجيرات حافزاً ودافعاً قوياً للابتهاج بالذكرى، والحنين العارم كالسيل، لأيام أهلها وصولاتهم، وسواعد بنائهم، وأكفّ عفتهم، وصدق محبتهم، وملاحف حدقاتهم، فقد ضجّت فضاءات العراق بالتهاني والأمل الكبير برجال البعث الأصلاء ومن رافقهم على دروب الجهاد والتضحية، تتبادلها الأفواه والأذان أو يحملها الأثير على أجنحة محبته مبتلَّة بقطرات الغيث النيساني المعطاء.

 

ومما زاد الفرح أريجاً طيبا ومسرات غامرة وتكبيرات يتردد صداها في كلّ الأرجاء مع صوت المجاهد الكبير المعتزّ بالله، وهو يحدو بركب العراق المجاهد والأمة العربية نحو النصر المؤزر، يستعيد إلى الأذهان بصوته الواثق الصادق المؤمن أمجاد التاريخ في كل محطاته الكبيرة، منذ عصر الرسالة المحمدية، بصولات رجاله المؤمنين، الذين بايعوا الله وصدقوا ، فبارك الله تعالى بيعهم وأثابهم جنات تجري تحتها الأنهار، خالدين فيها أبدا، ونزع من صدورهم الغلَّ والأحقاد، وملأها حباً متدفقاً لله ورسوله وللمؤمنين، وحتى عهد البطولات واستعادة الدور وشرف التكليف، عهد المجاهد الشهيد صدام حسين رحمه الله ورفاقه الحداة الأماجد، فخر العروبة والإسلام، فكان خطاب القلب المؤمن الصادق والسريرة النقيّة والبصيرة الثاقبة المستنيرة بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينير مسالك الطريق، ويُقيل العثرات، ويشير ويشخص بدقة متناهية وبصدق المؤمنين المجاهدين الصابرين وخبرة القادة الكبار إلى كلّ ما ينجي العباد من مزالق المسير، وتجنب العثرات التي توضع في الطريق.

 

حقا كان الخطاب النيساني ربيعاً مزهراً في دنيا العراق والأمة، بما حمله من تشخيص عميق ومبصر لما يحيق بنا من خطوب، وشروط تجاوزها للعبور بالشعب و الأمة إلى حيث الأمن والأمان، بما حمله من نفحات إيمانية صادقة، ودعوات المحبة لكلّ ما يُعزّ ويحمي من الشطط والزلل، وبما يعزز في نفوس الشعب من أمل كبير وثقة عالية بالنصر المؤزر، وما يُقارب بين خطى فصائل الجهاد لتحضى جميعها برضى الله تعالى ومحبته، القائل جلّ في علاه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} (سورة الصف، الآية:4)، ومن تغمره محبة الله فقد فاز وحاز وأحرز.

 

والخطاب أيضاً ردٌّ بدلائله الممتحنة في سوح الجهاد على المتعصبين الذين أعمى التحزب لرأيهم بصائرهم، والذين شوِهت قيم الإسلام في عقولهم ونفوسهم فشككوا في مصداقية جهادنا وجوهر إيماننا، وهو أيضاً تبصير لمن أعجزته الدنيا عن أداء الواجب، فنافق الغزاة الكافرين مطمئناً لقوتهم الغاشمة أن تحميه، وتناسى قول الله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً }(فاطر، الآية: 44).

 

فإلى حادي جهاد المؤمنين الصابرين المحتسبين، الموقنين بنصر الله وعونه ومدده، جزاك الله تعالى عنا وعن أمتك خير الجزاء، وسدد رميك، وأضاء بنوره بصيرتك، وثبّت على الإيمان فؤادك، وأثابك على سعيك للشهادة بنيلها أو بنصرٍ مؤزرٍ على أعدائه، يثلج صدورَ قومٍ مؤمنين، ويكبت أعداءه الصليبيين والصهاينة والفرس المجوس ومن والاهم وتحزّم بكفرهم وشركهم، حرباً عليه وعصياناً لأوامره، ويُذلّ رقابهم، ويُفرق جمعهم، ويمزق أحلافهم، يخيّب نواياهم، قاتلي أخاك ورفيق دربك الشهيد صدام حسين، ونسأله جلّت قدرته أن يجلل صوتك وفؤادك ويدك برحمته، إنه أرحم الراحمين، فقد سبقت إليك رحمته بالشفاء، معجزةً انبلجت كالصبح الوضاء.

 

{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }( الإسراء، الآية: 111).

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١٣ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / نـيســان / ٢٠٠٩ م