جولةٌ أخرى يدها وصدرها عراقي

 

 

شبكة المنصور

حديد العربي
مسرحية عام 2006م سيعاد عرضها بوجوه جديدة وعلى ساحة أخرى، فلا تقطعوا لها التذاكر أبناء العراق، فالمؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين.


في عام 2006م أوصلت المقاومة الباسلة جيوش الاحتلال وعملائه حافة الانهيار التام، وكنا والعالم أجمع ننتظر إعلانا من قائد جمع الكفر بوش الصغير بالهزيمة وركوعاً مدوياً لأعتى قوة تملّكها الشيطان في تاريخ الشعوب والأمم، وكان الشعب العراقي وأبناء الأمة يرون بأم أعينهم الهاوية السحيقة التي نبشتها أكُف المجاهدين على أرض العراق بعد أرطبوا تربتها بدمائهم السخية لجمع الكفر والضلال.


وما كان الكثير ليتصور أن الغزاة لن يستسلموا قبل أن يجربوا كل مكر الشيطان وأحابيل اليهود والمجوس، فهم ما جاؤوا وفي أذهانهم خروج، إلا الذين استقذرت عقولهم الدعايات والتضليل، فشوهت وعيهم، إن كان لديهم وعي أصلا، فصدّقوا الكذبة القائلة أنهم جاؤوا لرفع الظلم عن الشيعة والأكراد ونشر الديمقراطية في ربوعهم ثم يعدوا أدراجهم من حيث أتوا.


في ذلك العام الكبير بعناوين الاقتدار العراقي المبهر، كان الغزاة قد أنضجوا فكرة الحرب الطائفية، بعد أن تجند الفرس المجوس ليكونوا أداة ومحركا لها، فاشتعلت أرض العراق تحت أقدام أهلها تأكل منهم الأخضر واليابس، فتحققت فيها ومن خلالها أهداف مشتركة لأطراف الغزو جملة واحدة، لعلنا نجملها بالآتي:


1-  لفت أنظار العراقيين والعالم وشعوب الدول المحتلة عن جهاد المقاومين والخسائر المهولة التي تكبدها الغزاة في عمليات متواصلة وعلى مساحة تتسع يوما بعد يوم.


2- تشويه صورة المقاومة الشريفة من خلال تصويرها على أنها مقاومة سنية وليست عراقية، وإنها كانت وليدة تهميش هذا المكون وليس مقاومة عراقية لمحتل كافر غزى بلدهم دون وجه حق، كما أمر الله تعالى، وكما هو حال الشعوب الرافضة للاحتلال وغصب الأرض والمقدرات.


3- منع توسع رقعة المقاومة وفعل الجهاد ليشمل مناطق الفرات الأوسط وجنوب العراق.


4- إلهاء بعض فصائل المقاومة عن مواصلة أداء دورها في جهاد المحتل، لينصرف إلى ساحة الحرب الطائفية المفتعلة، أو المصورة على أنها كذلك، فيخفف بذلك الضغط الهائل على علوجه المنهارة معنوياتهم كليا.


5- إرباك العمل الجهادي المقاوم عن طريق تقييد حركة الناس، بعمليات القتل العشوائي وعلى الهوية، مما يجعل من حركة المجاهدين وأجهزة رصدهم والمناورة بالأسلحة والأعتدة أمرا في غاية الصعوبة، وهذا أيضا يساعد على تخفيف الضغط المسلط على جيوش.


6- التمهيد لعملية الفصل الطائفي المناطقي، الذي يسهل على الغزاة حصر المقاومين في مناطق بعينها، لتفعيل عمليات المتابعة والرصد.


7- إفقاد المقاومة لخطوطها الخلفية أو البيئة الحاضنة لها، من خلال تشويه صورتها وإظهارها بمظهر طائفي يأنفه العراقي ويمقته.


8- القضاء على أي عدد ممكن من رجال المقاومة على يد من أعدهم للقيام بما سمي بالحرب الطائفية، لكي لا يتحمل الغزاة مزيدا من الاستهجان من شعوب الأرض لسلوكه الإجرامي وإيغاله في دماء العراقيين.


9- إلهاء الناس بعمليات السلب والنهب للدور والممتلكات التي يهجرها أهلها بسبب عمليات التطهير الطائفي، ليخرّج مزيدا من خبراء السرقة والإجرام، كجزء من عمليات مسخ الشعب وإفقاده لكل عناصر قوته وفخر أبنائه.


10- للفرس في هذا أهداف أيضا، فعملية تطهير المناطق الواقعة بين الفرات الأوسط والجنوب وبين مدينة بغداد من أي مقاومة، كانت قد فشلت جهود الفرس من تحقيقها، وهي المطلب المهم الذي شكل له الفرس بعد الغزو مباشرة لجنة سباعية برئاسة الفارسي عبدالعزيز الحكيم، ولم تُفلح الأموال التي عُرضت من أجل الشراء، وبهذه الخطة كانت أسباب النجاح متاحة أمامهم، ولهذا كانت المناطق المحيطة ببغداد من جنوبها وجنوبها الغربي مسرحا متقدما لعمليات القتل والخطف والسلب، وبخاصة قضاء المحمودية والنواحي التابعة له وقضاء المدائن والنواحي التابعة له وأحياء الدورة والسيدية وعرب جبور.


11-  للفرس أيضا مغنم في هذا، فمع هذه الصورة الدموية صار الحديث عن إقليم شيعي في الجنوب له ما يبرره، وذلك ما كانت تسعى إليه إيران بضم جنوب العراق الغني بالثروات إلى الأحواز العربي، وبهذا ستضع أقدامها على أعتاب جزيرة العرب.


12- للصهيونية في هذا أيضا منفعة كبيرة، فهي تخطط وتسعى منذ عقود لتمزيق أقطار العرب إلى فتات لا يقوى على مواجهتها، والدماء خير حاجز وأمنع عائق للوحدة الوطنية العراقية.


اليوم وبعد أن استعادت فصائل المقاومة عافيتها سريعا، وتخلصت من الذين التصقوا بجسدها، من الباحثين عن مكاسب الدنيا، أو استصعبوا طريق الجهاد إلى الدينار والدولار، ووجدوا جيوب الغزاة أقرب منه، وتصاعد فعلها المقاوم كما ونوعا، واقتربت كثيرا من أهدافها، بعد أن صار هاجس وحدتها ضرورة ملحة وحتمية، لحسم الصراع بالنتيجة المتوخاة، فإن الغزاة صاروا بحاجة أيضا إلى عملية جديدة لا تختلف عن سابقتها إلا في الأداة والمسرح.
الأداة هذه المرة ستكون أحزاب العمالة والجاسوسية الكردية ومليشياتها المعدة صهيونيا وفارسيا لأداء مهمة كهذه، والمسرح سيكون محافظات نينوى والتأميم وصلاح الين وديالى، والتمهيد لهذه العملية بدأ منذ أشهر، ولم يتبق إلا إشعال فتيلها والشروع بتنفيذ صفحاتها.


والأهداف ذاتها التي بُنيت عليها سابقتها، ولن تختلف عنها شيئا، فحتى الفرس لهم فيها مكسب ومغنم، فالكرد وفقا لرؤاهم الطائفية من أهل السنة، وإشغال العرب من أهل السنة بهم أمر في غاية الأهمية، لكي تعيد ترتيب الأوضاع في جنوب العراق بما يعزز من هيمنتها، كما إن إضعاف الأكراد سيقلل من خطورة سعيهم للانفصال عن العراق ليفتحوا بابا لأكراد إيران.


فصائل مقاومتنا المجاهدة مدعوة اليوم للاستفادة من أحداث عامي 2006و2007م لتضع الخطط والبرامج الناجعة والفاعلة في إفشال هذه الصفحة القذرة من صفحات الاحتلال وأتباعه قبل شروعهم بتنفيذها، ونعتقد أنها فعلته.


فلا نضنّ أن الإدارة الأمريكية الجديدة أقلّ دموية وكفرا من سابقاتها، وليست أقل تحمسا من سابقتها بالسعي للبقاء في العراق أمداً طويلا، ولن تخرج منه إلا كما فعلت سابقتها، بتدمير كل شيء فيه، ونهب كل ما يمكن نهبه، فأمة الكفر لن تلد رهبانا وقديسين، والجواسيس نمطُ واحد، لا يملك إلا الانصياع لأمر سيده وتنفيذ رغبته.


والله المستعان على ما يعدون.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٧ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٣ / نـيســان / ٢٠٠٩ م