العرب .. بين مخاطر الاستفراد الأجنبي لهم بالقطرية ... والملاذ الآمن لهم بالوحدة

 
 
 

شبكة المنصور

هداج جبر

لعل الملاحظ الآن ، تصاعد نشاط الاستفراد الأمريكي بشكل واضح، ليس على مستوى العراق المحتل فقط، وإنما على مستوى الساحة العربية بالكامل، بدءا من ا لسودان، مرورا   باليمن، وانتهاء بالسعودية ، وأقطار الخليج العربي. حيث بدء  فعل الاستفراد الأمريكي، المتواطئ مع الصهيونية و الشعوبية، يتجاسر بشكل سافر، على الكثير من محرمات الأمة، التي تمس أمنها، وسيادتها، ووحدة أراضيها.


وتمر الأمة العربية، اليوم، بحضيض الإحباط والانكفاء، بفعل التجزئة، وترسيخ الحالة القطرية، التي أضعفت هيبتها إلى حد كبير، وعطلت إمكانات النهوض في الأمة، وأشاعت في وسطها، حالة الهوان والضعة، أمام الغير.


إن تجاوز الاستفراد الغربي ،المتواطئ مع الشعوبية، على ثوابت الأمة، والمس بمقدراتها، والاستخفاف بدورها الحضاري،  بعد أن تم استباحة العراق بالاحتلال المباشر.. إنما يؤشر بوضوح، استهداف الوجود العربي، هوية وكيانا.. وبالتالي فان التحدي، أصبح، مسالة تقرير مصير، بكل الحسابات.حيث تعمل إستراتيجية الاستفراد ،على الساحة العربية، وفقا لقاعدة (حول بيدرك عن فرسي) كما يقول المثل الشعبي العربي،إمعانا في الاستهانة بقدرات الأمة، واستخفافا بواقعها المنكفئ والمحبط .


ولقد بلغ الاستفراد أوج استهتاره، وغطرسته الشنيعة، عندما قام باحتلال العراق عام 2003، غير آبه لابالعرب كأمة ولا بالشرعية الدولية كمنظمة للشعوب.وبذرائع زائفة، لا أساس لها من الصحة، كما أثبتت الوقائع فيما بعد.


وقد أشاع الاحتلال الأمريكي للعراق، جوا من الإحباط ،عند الإنسان العربي، واهتزت ثقته، بالوضع العربي الراهن، المرتكز على التجزئة والقطرية، ولم يعد يتطلع إلى النهوض والرفعة، الابالمشروع الوحدوي للأمة، ومغادرة الصيغة القطرية الراهنة ،التي صنعتها اتفاقية سايكس_ بيكو، كآلية للاستفراد، والإبقاء على الأمة منهكة وضعيفة.


على أن تداعيات الوضع في السودان، وما يحاك الآن من مؤامرة ،للاستفراد به، والتآمر على سيادته، ووحدة أراضيه، بدعوى مشكلة دارفور، هو مظهر آخر، من مظاهر الضعف المزري، للواقع العربي المؤلم.


ولعل استهداف وحدة اليمن، والتآمر عليها، وارتفاع الأصوات المشبوهة، مطالبة بالانفصال، وفي هذا الوقت العصيب بالذات ،الذي تعاني فيه الأمة، من أوجاع التجزئة والقطرية، وتدفع ثمن الاستفراد الأجنبي،  لهذا الوضع المتردي، مزيدا من الإذعان والهوان، إنما يندرج في إطار إستراتيجية الاستهداف المتعمد ،لإنهاك الأمة والإمعان في تمزيق أوصالها.    


على إن تصاعد الفعل المقاوم في العراق المحتل ، في جهاده البطولي، لدحر  الاحتلال،   وتحرير العراق منه، وإسقاط مشروع الاستفراد البغيض، المتواطئ مع المد الشعوبي، المحلي والإقليمي، الهادف إلى سحق قدرات الأمة، حيثما توثبت للنهوض ، و ضرورة مناصرة السودان واليمن، في تصديهما لمؤامرة المس بسيادتهما، وتمزيق بلديهما.. إنما يتطلب، وعي العرب، بشكل جاد، والانتباه بشكل عاجل، إلى خطورة  تحديات الاستفراد  المزدوج، الرامي إلى إضعاف الأمة، وتعطيل حركة نهوضها، بشتى الوسائل.. وان يقفوا بقوة ،ضد محاولة تمرير مشروع الاستفراد ، التي تعني هزيمة الأمة، والإبقاء المتعمد على الحال العربي، بكل ملامحه السلبية.


وإذا كان طالع العرب سيئا، عندما غضوا النظر، عن مؤامرة الانفصال، لوحدة مصر وسوريا.. وأغمضوا أعينهم، عن جريمة الاحتلال الأمريكي للعراق والسماح باستفراده..فأنهم، هذه المرة، وبغض النظر، عن النوايا والمصالح ..لا يجوز لهم، إطلاقا، أن يقفوا مكتوفي الأيدي، تجاه المؤامرة المبيتة، للانقضاض على السودان، وإجهاض  وحدة اليمن،والسكوت المطبق ،على احتلال إيران، للجزر العربية الثلاث ، وتدخلاتها في الكثير من الشأن العربي.    

  
ولا شك، أن العرب، أنظمة وجماهيرا، إذا هادنوا مخطط الاستفراد المتآمر، على وحدة السودان، والمساس بوحدة اليمن، وربما التحارش بوحدة السعودية في القادم من الأيام.. ولم ينتفضوا، هذه المرة، لحماية هذه الأقطار من مخاطره  ، مهما كانت التضحيات، فإنهم، بعد أن خسروا العراق، رأس الجسد العربي ،سيساهمون عن عمد، في قطع أطرافه،  ويضلعون في تمزيقه فوق تجزئته، إلى أوصال، لاتقوى على الحياة، في عالم لا مكان فيه إلا للأقوياء.


لذلك.. فان المطلوب، من العرب، التحرك بثقل جمعي، للاقتراب المتجسد، من حالة التوحد، ومغادرة القطرية ، حتى بالصيغ الفنية، المحسوبة بوعي تام، كخطوة أولى على الطريق، ورفع الصوت بالرفض المطلق عاليا، رسميا وشعبيا، واستنفارا لقدرات العربية،المنظورة منها والكامنة، وزجها في معركة المقاومة، لتحرير العراق، من المحتل الأمريكي، و الدفاع عن وحدة اليمن ، وحماية امن السودان من أي تدخل  أجنبي دون تردد..وإلا ، فان المصير العربي كله، اليوم معرض لمخاطر الاستفراد، التي باتت معروفة للجميع .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٩ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م