نضال الجبنة الفرنسية والكافيار

 

 

شبكة المنصور

عنه / غفران نجيب

 بسـم الله الرحمن الرحيـم
(( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً، ودوا ما عنتم، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ))
صدق الله العظيم



لي مدخل هو غير محبب قطعا في هكذا مقام ، ولكن لكل فعل غير مؤسس على حقيقة وقياس واضح ومتفق عليه بإجماع ، رد فعل مشروع لصده وتعريته ، وإنا أطالع بيان (التيار الوطني الديمقراطي العراقي)، والذي جاء تعقيبا على خطاب قائد الجمع المؤمن خادم المجاهدين المعتز بالله أبا احمد لمناسبة تأسيس البعث المجاهد وذكرى الاحتلال الأمريكي لوطننا الحبيب العراق ( جمجمة العرب ورمح الله في أرضه ) وغدر الغادرين من عراقيو الجنسية أمريكيو وإيرانيو الهوى ولكل من ناصب نظامنا الوطني العراقي العداء يهزجون ، وعرب لسان بعضهم يمثل النظام الرسمي العربي والتوابع له وكذلك البعض من دول الإقليم ، لا اعرف لما ورد حينها في ذهني ذكر شخصية محلية يعرفها الكثير من أهلنا في بغداد العز والنصر وبالأخص منهم أهلنا في الأعظمية المجاهدة . ولمن لا يعرفه ، هو شخصية بسيطة جدا استهوتها بهرجة الحياة الأمريكية تأثرا بإعلامها ،وعدّ العدة بكل ماله من إمكانات ليعيشها ومهما كانت الكلف ، لذا نراه بعد عودته قد تقمّص شخصية نجوم السينما الأمريكية في المأكل والملبس والسلوك وبكل التفاصيل الأخرى ، فكان الكلب رفيقه ، ودراجة السباق وسيلته ، والبنطلون القصير وال (تي شيرت) ما يرتديه ،وقصة جمس دين هي قصة شعره المفضلة .

 

ولنا أن نتخيل ردود الفعل على هذا السلوك في منطقة مثل الاعظمية في منتصف القرن الماضي .والرابط بين الموضوعين هو التنكر للحالة الوطنية وتجهيل النفس عمدا بها والركون إلى غيرها ما هو ذو بهرجة وذائع صيت بصرف النظر عن مدى مطابقتها للواقع ، وعن حجم الكلف التي تترتب عليها ، وهنا يحضرني كيف أن الأبطال من أبناء شعبنا الأبي كانوا يتسابقون لفداء الوطن والتضحية في سبيله بالمال والروح ويقدّمون الدم مدرارا لنصرته وحمايته ، في ذات الوقت الذي آثر فيه آخرون ممن يجيدون الكلام فقط وليس غيره أن يتسكعوا في الشانزيليزيه وزوايا بوا دي بولون المعتمة ومواخير سانت دني . تتقاذفهم دول وأبواب سفارات وتأمرهم وتصرف عليهم أجهزة مخابرات معادية هي للوطن تتحين الفرص ، بدعوى النضال ، وهم الذين ارتضوا حين أفل نجمهم وطاردتهم الحقيقة أن يكونوا عملاء صغار يديرهم حراس سفاراتنا في الخارج ،يقدموا المعلومات عن رفاقهم مقابل الرضا أو اجر ضئيل إن حصل .


إذا هؤلاء هم من يطلبون من البعث أن يقييّم مسيرة الأخطاء التي سار عليها حسب قناعتهم ، ويرعبهم الانجاز الذي حققه البعث ، ويبرؤون الاحتلال من النتائج الكارثية التي آل إليها العراق وشعبه جراء الحقد الصهيوني الأمريكي عليه وحقد أنظمة عينها غير قادرة أن ترى نور الشمس . وحقدهم الذي لا حدود له تجاه البعث وقيادته وانجازاته .
وكي لا نأخذ موقع غيرنا في تقييم ذلك , والذي لقيادة البعث المجاهد حتما رأيا فيه ، فأننا كمناضلين في هذا الوطن لامسوا العمل الوطني منذ أواسط القرن الماضي وعاشوا نجاحاته ومآسيه ، وحجم الحقد على كل ما هو عربي والذي غلف بالوطنية ومعاداة الامبريالية والحرية والسلام حينا وتحت عنوانها سحق الآلاف من أبناء شعبنا ، حين كان الاتحاد السوفيتي قوة دولية صاعدة ، واعتقد لا نخطئ إذا ما اشرنا إن البعض من كتبة البيان هم أول من رفع شعار الكفاح المسلح ضد السلطة نهاية الستينيات ولم يثنهم تسلم البعث للسلطة حينها حيث زادوا من أعمالهم الإجرامية ضد المؤسسات وأبناء شعبنا والعمل بكل الحقد على صبغهم بصبغتهم ، واليوم وفقا للمشروع الأمريكي التفتيتي للشعب والوطن ، نرى البعض منهم تنكر للمفاهيم الشيوعية وتعايش مع الاحتلال و لبسوا لبوس الطائفية وتبجيلهم للانجازات السياسية الأمريكية من تنصيب عملاء صغار كحكومة أو مجلس نواب ، وليعرضوا استعدادهم الرخيص للنضال تحت قبة هذه الكيانات المسخ .هؤلاء هم أدعياء الديمقراطية اليوم وهم لا يختلفوا ولو بمقدار شعرة عن السلوك الديمقراطي الأمريكي الذي أتحفنا بديمقراطيته ، مئات آلاف من الشهداء وملايين من المهجرين والمشردين ومئات آلاف من الأسرى في أقفاصه وسراديب أذنابه .

 

فأين انتم والبعث المجاهد الذي ضحى بأعز ما لديه في سبيل الشعب والوطن ، وجميعكم على إدراك ووعي كامل من إن البعث لو أراد أن يساوم على حساب المبادئ والكرامة والغيرة الوطنية والعربية ، لكان موقع الجميع غير ما هم عليه . وإذ كان أيها السادة للبعث من أخطاء فهي لم تكن أبدا سببا بل هي نتيجة لتراكم حجم الإجرام الكبير والأخطاء التي ارتكبتموها بحق الشعب والبعث ، وهو الذي كان مبادرا في فتح صفحة جديدة بعد قيام ثورة 17 تموز المجيدة وبمبادرة منه خالصة تفاجأ بها الجميع عملا دؤبا لتجاوز مخلفات الماضي رغم مرارته ،ونتيجتها كانت معلومة لأبناء شعبنا ، وان كان الغاية من بيانكم هو فتح صفحة جديدة وأرضية صلبة تكون منطلقا للقوى المقاومة لتعزيز الموقف الجهادي ضد المحتل ودحره والتأسيس لمشروع وطني يلبي رغبات جماهيرنا في الحياة والعيش الكريم في ظل حرية كاملة للشعب في إطار ما هو محدد شرعا وعرفا وفقا لأهدافنا الوطنية ، وفي ظل سيادة وطنية لا تثلمها تبعية لأي كائن كان أو دولة مهما كانت ، فعليكم أولا أن ترفضوا الاحتلال وما نتج عنه كأجراء محكوم شرعا وأخلاقيا ، وثانيا وان كان لابد من إجراء المراجعة وإعادة التقييم ، فأن صيغة الحقد المغلف بالنصيحة لا تجدي نفعا في هكذا مواقف وعلينا أن نضع أسسا وطنية واضحة لتقييم الجميع منذ قيام ثورة 14 تموز 1958 ولغاية اللحظة ، وسنجد حتما حينها إن البعث لم يخرج عن هذه الأسس التي سيختارها الشعب ، لان شعبنا لن يختار غير الوحدة الوطنية التي رسّخ عمقها البعث وان شعبنا لن يختار غير نظام عادل يحافظ على قوة وريادة الوطن وهذا ما حققه البعث ، وان شعبنا سيرفض كل تبعية مهما كانت ومهما غلفت ، وهذا ما قام به البعث ، وان شعبنا سيتشبث بنظام يحافظ على الشرف والعرض سالمين ويحافظ على ممتلكات المواطنين وأمنهم ويحول دون أي مأبون يتبوأ موقع قيادي أو تكون له سلطة على شرفاء العراق وهذا ما نفذه البعث بامتياز والذي تطيّر منه الكثيرون، وغيرها كثير ستجدون إن البعث كان المرآة الناصعة لما يكنه شرفاء شعبنا ، وخير دليل على ذلك أن الكثير ممن حاول أن يخطئ البعث لم يستطع أن يثبت ما يقنع به أبناء شعبنا وظلت اتهاماتهم ضبابية كما صاغتها أجهزة المخابرات المعادية وكما هو وارد في بيانكم والجميع طبل وزمر لها يشتركون بهدف واحد هو إزاحة البعث ومن ثم اجتثاثه .خسئوا والله فالبعث ضمير هذه الأمة إن شئتم أم أبيتم.


وليطمئن الجميع إن أصالة الشعب و أصالة البعث ستكون السد المانع أمام كل الانهيارات التي يراد أن تعم شعبنا ووطننا ،وان الشرفاء من وطننا لن يتخلوا أبدا عن التلذذ بجبن العرب أو جبن الكرد أو الو شاري وسيبقى كيمر السدة الحلم الذي يتلهف له الجميع وسيحافظوا على تذوقهم لأنواع التمور العراقية والكبة الموصلية ومنالسما الكردي ولبن أربيل واسماك البصرة والهور وحلاوة الدهن النجفية ولن يتخلوا عن ثوب قنعوا تماما بارتدائه لأنه أصيل بأصالتهم ، وتلذذوا انتـم بأنواع الجبنة والنبيذ الفرنسيين، وبأنـواع الكافيـار الروسـي ، والسكوتش الاسكتلندي وغيـره . وللعــراق رب يحميـه وشـعب وبعـث يفديـه . .

 

عاش العراق وطنـا محررا ســيدا يرفل وأبناءه بالعز والشموخ والكبرياء .المجد والخلــود لشــهدائنا في ســبيل الحرية ودحر المحتــل وأذنابــه .الحرية لأسرانا الشجعان لدى دعاة الحرية ، الصامدين في سجون المحتل وسراديب الأذناب . وما النصر إلا من عند الله

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٩ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / نـيســان / ٢٠٠٩ م