آفات إجتماعية مخيفة في ظل حكومة المالكي الضعيفة

﴿ الحلقة الثانية

 

شبكة المنصور

د. عمر الكبيسي

أحداث وأطفال العراق ضحية العنف والتهجير والأمراض والإدمان والإغتصاب والدعارة

 

حكومة الإحتلال الرابعة في تصريحها للعربية نت يوم الخميس في 12آذار 2009 تعترف انها على علم ببيع فتيات عراقيات صغيرات السن لمنظمات الإتجار ويستدرك التصريح بهذا الإعتراف بالقول : إن الحكومة ستحاول ردعها ! ؛يأتي هذا الإعتراف على خلفية تسليم الناشطة ينار محمد وهي رئيسة لمنظمة عراقية مهتمة بحقوق النساء ملفا كاملا موثقا بالتفاصيل والأرقام للجهات المختصة يتضمن معلومات عن عراقيات قاصرات يتم بيعهن بمبالغ مالية لشركات تشرف على تشغيلهن لفترة محددة يتركن بعدها للعمل في أسواق النخاسة.


كما ذكرت مجلة (التايمز)الأمريكية في عدد حديث لها تقريراً يرصد جانباً جديداً عن قضية الإتجار بفتيات عراقيات في بيوت الليل والدعارة وإن فتيات دون ال 12 سنة عمراً يتم بيعهن لمنظمات الإتجار حيث يسوَّقن الى دول أخرى بشكل غير قانوني.


كذلك أكدت رئيسة منظمة الأم للسلام سعاد الخفاجي إنتشار ظاهرة إغتصاب الأطفال في المجتمع العراقي داخل العراق في ظل غياب ملاحقة السلطات الأمنية لمرتكبيها ودعت وزارة العمل والشؤون الإجتماعية للخروج من عزلتها لمجابهة الكارثة وأشارة إن دخول الأطفال المشردين في المدارس أدى الى انتشار ظاهرة تعاطي الحبوب المخدرة ومشاهدة الأفلام الماجنة تمهيداً لإفسادهم والممارسة الجنسية معهم وتحدثت عن انتشار الأفلام الإباحية في ساحات الباب الشرقي والمربعة والبصرة بشكل علني ولا يوجد أي رادع في ظل غياب المراقبة والعقوبة للجناة فيما يتردد مدراء المدارس والمعلمون من إشكالية المجابهة في ظل الظروف السائبة السائدة.


دراسات ميدانية وطبية ونفسانية وتحقيقات إعلامية عديدة من داخل العراق تكلمت عن تفاقم ظواهر اجتماعية مخزية للدولة وخطيرة على المجتمع وقيمه السائدة تتعلق بظاهرة استعمال وتعاطي الحبوب والمخدرات بين الشباب والأحداث وتزايد حالات الشذوذ الجنسي والإنتحار والجريمة والإغتصاب والأمراض الجنسية بين الأحداث وبأعمار صغيرة ! فيما تمتلئ المواقع الإعلامية بمئات الصور واللقطات لمشاهد إنتشار الأقراص الحاسوبية والأفلام الجنسية الشاذة ومحلات بيعها جنبا الى جنب مع الحبوب المنشطَّة للجنس وحبوب التعاطي ومع الأسف ولغرض إكمال استهداف القيم تباع الى جانبها الكتب الدينية وحتى الفتاوى التافهة سواء كتبا أو نشريَّات أو تسجيلات صورية وصوتية.


لم يعد الأمر سراً على الدولة او الحكومة او الوزارات العراقية المعنية مما يضعها وجها لوجه في خانة الإهمال والتقصير والتسيب بل في حالة الإتهام والتقصد والتعمد !.لنتأمل جلياً وبشكل واضح معاناة (أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض) من خلال آخر إصدارات هيئة الأمم ومنظماتها حول قضية معاناة الطفل العراقي بعد مرور أكثر من ست سنوات على الغزو الأمريكي ودول التحضر والديمقراطية التي ساندته وجاءت معه بحجة أقامة العراق الجديد!


تقرير قدَّمه( بان كي مون) سكرتير الامم المتحدة في مجلس الأمن يوم 29 آذار 2009 والتقرير الآخر الصادر في 17 شباط 2009 من منظمة حماية الطفولة (اليونسيف) والتي يمكن إيجاز أهم ما يعني بحالة الأطفال العراقيين بما يلي:
1- العراق واحد من الدول العشرين الأولى في العالم في افتقاد الاطفال للحقوق الأساسية في مجال التعليم والرعاية الصحية والتعرض للإستغلال والاهانة والتعذيب والاعتقال والعمل بسن مبكرة باعمال لاتناسب اعمارهم واستغلال التعليم بثقافة التطرف الديني خاصة في تعليم الفتيات في جنوب العراق.


2- وجود أكثر من 2 مليون طفل محروم من التعليم والدوام المدرسي ووجود أكثر من 838 طفل حتى أواخر كانون الأول عام 2008 في السجون والمعتقلات المتاح زيارتها التابعة للحكومة ولقوات التحالف بظروف صعبة بضمنها حالات اغتصاب, ناهيك عن التعذيب والإهانة كما عثرت منظمة يونامي أثناء تفقدها لأحد معتقلات الفلوجة على 29 طفلاً حشروا في زنزانة واحدة من ضمن 38 طفلاً معتقلاً وفقاً للتقرير.


3- تمارس قوات الحكومة وقوات التحالف وشركات الحماية عمليات الهجوم والاستيلاء على المدارس والمنظمات حيث تستولي قوات الاحتلال على اكثر من 70 مدرسة في ديالى وحدها لتستخدم لأغراض عسكرية.


وفي هذا الصدد استنكر الممثل الدائم لروسيا في الامم المتحدة (فيتالي نشوركين) قبل أيام ظاهرة تساقط الأطفال باعداد كبيرة كضحايا مستهدفة للصراع العسكري والعنفي في افغانستان والعراق بسبب مهاجمة المدنيين على يد قوات أجنبية محتلة واستنكر أطروحة إعتبارهم خسائر جانبية.


4- أكدت (اليونسيف) بتقريرها أيضاً على حالة الإهمال المستمر للحالة التعليمية والصحية في جميع أنحاء العراق وبضمنها وبشكل ملحوظ محافظات مايسمى بإقليم كردستان وأكدت على أهمية تهديد أكثر من 800 ألف طفل في الشهور المقبلة بسبب فقدان لقاح الحصبة وظهور الآلاف الحالات منها في النجف وميسان والمحافظات الشمالية حالياً .


5- إفتقاد المدارس الى متطلبات الرعاية الصحية وندرة الماء الصالح للشرب والتصريف الصحي السليم مما يجعل الأطفال عرضة لإنتشار الأمراض المعدية.


6- إنتشار الفقر والفاقة وحرمان الأطفال من المدارس وانتشار ظاهرة التسول ووجود اعداد كبيرة من الشحَّاذين حيث تم احصاء أكثر من 900 طفل شحَّاذ في محافظة التاميم وحدها معظمهم من النازحين والأيتام وتم تسجيل حالات إنتحار لثلاث فتيات دون ال13 سنة عمرا ًفي مدينة السليمانية خلال شهر واحد .


7- تزايد حالات سوء التغذية بين الأطفال؛ ففي منطقة الرضوانية التي تقع ضمن حدود العاصمة العراقية وجد ان 20% من الأطفال دون الخامسة من العمر يعانون من سوء التغذية وبحدود 3% منهم فقط يتوفر لهم ماء صالح للشرب .


بالأمس قصَّ لي أحد أعلام العراق السياسين في تاريخنا المعاصر وهو وزير سابق قبل عقود لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية إنه وبالصدفة وخلال وجوده في السفارة العراقية في عمان لسبب شخصي ومراجعته لدائرة القنصل فيها شاهد شخصا عراقيا يستفسر من الموظف المندهش عن كيفية المساعدة لمنع امراة عراقية تحاول تهريب بناتها الثلاث القاصرات دون ال 16 سنة الى العراق لتبيعهن كما صرحت على رؤوس الاشهاد لكون زوجها المتوفي يحمل جنسية غير عراقية ! فيما راعني منظر شابة عراقية راجعت في المستشفى الذي اعمل فيه زميلا اختصاصيا بأمراض الكلى كي تعرض له إمكانية بيع أحد كليتيها بسبب حاجتها الماسة وحين أسمعني الخبر تقدمنا اليها بإمكانية مساعدتها مالياً وتجنب التفكير بالتبرع لكونها شابة وغير متزوجه ولايمكنها التبرع لمخالفة العرض للسلوك المهني للزرع رفضت ذلك وأبت أن تستلم ما يمكن أن يساعدها على تجاوز ظرفها الصعب.


مما تقدم لم يعد من شك أن وضع الطفل العراقي صحياً وبيئيأ وتعليمياً واجتماعياً وسلوكياً ونفسياً ومعنوياً ومادياً مأساوي وخطير على مرور حقبة من الزمن ليست قصيرة وعلى امتداد أكثر من جيل او جيلين من فترة الطفولة التي يعاني منها أكثر من 30% من معدل التعداد السكاني للعراقيين وهي الفترة العمرية الأكثر تأثيراً في بناء الشخصية ومعالم المستقبل للعراقي الجديد الذي أريد له وكما يبدو خطط له ليكون كما وصفه المتابعون في داخل العراق المنكوب او دول النزوح والهجرة.


إذا كانت هناك إرادات دولية هيأت وخططت لقضية غزو العراق وإحتلاله وفقاً لأجنداتها ومصالحها الدولية الأنية والمستقبلية واختلقت لشعوبها وشعوب دول اخري حالفتها في مشروع إحتلال العراق مبررات كاذبة وخادعة فبأي عذر وبأي مبرر سيتشبث عملاء الإحتلال وأعوانه من القادمين أو المتعاونين معه والمستفيدين والمستغلين لوجوده ممن يدعون الوطنية والإرثية الدينية لهذا البلد الذي نهبوه وسرقوه ودمروه وفرقوه ونخروا في أهله وبنيته وثرواته , بل نخروا في قيمه وأخلاقه الى درجة أصبح فيه أطفال العراق يباعون ويشترون وأحداثه يُغتصبون ويتسوَّلون وفتياته وصباياه يُهتكون ويُستغلون بإبتذال في أسواق النخاسة وبيوت الهوى والدعارة.


والأتعس من ذلك والأدهى أن يتبجح المسؤولون ولا يستحون ويكذب الوزراء ولا يَصدقون فيما يفخر جمهور أعضاء البرلمان ويتبجحون فيما هم يقضمون ويلفحون ولا يكتفون!


والله إن مخاطبتهم بما ينعتون به من ألقاب ومناصب يعَّد جريمة! وأراني فيما استخدم بمناداتهم من صيغ ونعوت ظالما لنفسي ! فبعد كل الذي اقترفوه بحق أطفالنا من جرائم وكوارث ناهيك عن نسائنا وشيوخنا ورجالنا ؛ الساسة والمسؤولون ليسوا إلا أدوات وعصابات نهب وسلب وإفساد بفعل طواقم شركات حمايتهم الأجنبية التي وفقاً لما نشرته تحقيقات الباحثين أسست وخططت لتفشي مجمل المظاهر الأجتماعية المخيفة في مجتمعنا اليوم وبضمنها اساليب الاستغلال الجنسي والشذوذ والدعارة ناهيك عن فرق الموت والقتل لتصبح المنطقة الخضراء منطقة فساد وقوادة بعد ما كانت منطقة قصررئاسة وسيادة ! ولتستبدل ثقافة الفتوة والكتائب والطلائع بين الأحداث والشباب بثقافة الأفلام والإغتصاب والبدع وبدلاً من ثقافة الأمومة والطهر والماجدات راحوا يؤسسون لثقافة اليتم والعهر والمومسات!" مالكم كيف تحكمون".

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٠ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٦ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م