آفات اجتماعية مخيفة في ظل حكومة المالكي الضعيفة ( بيع الأطفال العراقيين )

﴿ الحلقة الاولى ﴾

 

شبكة المنصور

د.عمر الكبيسي

صحيفة الكارديان البريطانية ومن خلال متابعة صحفية من داخل العراق كشفت النقاب مؤخرا عن تفاقم أسوأ ظاهرة اجتماعية طارئة على ثقافة العراقيين وقيمهم الاجتماعية السائدة ومن خلال تحقيق صحفي موثق تتعلق بتجارة بيع الأطفال العراقيين. قبل هذا التحقيق كانت إحدى القنوات السويدية قد نشرت خبراً عن بيع طفلة عراقية بمبلغ زهيد لتقتات عائلتها من هذا الثمن الزهيد . أهم ما في تقرير الكارديان من معلومات حول هذه الظاهرة تتلخص:


1- إن العراق يعد أسهل دولة حاليا من حيث الإجراءات لتفاقم تجارة بيع الأطفال  .


2- وجود أكثر من 12 عصابة داخل العراق متخصصة بتجارة بيع الأطفال تنتشر داخل العراق ولها امتداداتها في الدول المجاورة وفي دول أوربية .


3- إن معدل  15 إلى 30 طفلا يباع شهريا وان هذه الأعداد في تزايد منذ عام 2005 وإن سعر الطفل حسب مواصفاته يتراوح بين  286 الى 5720 دولار أمريكي .


4- إن مزاولة هذه التجارة يتطلب عملا منظما لإصدار وثائق مزورة ومصدقة تتعلق بدوائر الجنسية والجوازات والسفر وأمن المطار والحدود وترتيب سفر الأطفال كمرافقين للمهربين.


5- أثارت الصحيفة قضية هامة عن وجود علاقة بين انتعاش هذه التجارة وبين عمل بعض المنظمات ذات الطابع الإنساني والإغاثي واسعة الانتشار في العراق بمسميات عديدة وواجهات مختلفة.


 
وباستثناء كتابات بعض الصحف والمواقع عن هذا الخبر وعن هذه الظاهرة بعد نشر هذا التحقيق الصحفي لم نسمع تعليقا ولا ردة فعل من مسؤولين او سياسيين او برلمانيين عراقيين من داخل المنطقة الخضراء وأقطاب العملية السياسية الفاشلة والمتهرئة من داخل العراق فيما نسمع عن مزيد من مكاييل المديح لدولة القانون ودولة المالكي فيما حققته من رفاه وامن وزيادات في الرواتب ومعدلات الدخل للمواطنين والأعجب من ذلك أن تصدر وزارة الصحة ويتكلم مفتشها العام عن تحقيق أرقام قياسية في تقدم الرعاية الصحية منذ الاحتلال لغاية العام الحالي في نسب وفيات الأطفال والولادات الحديثة ورعاية الأمومة والأطفال!!. وهي أرقام تضحك أصحاب الشأن والاختصاص قبل ان تضحك علينا العالم ومنظماته الصحية والدولية عندما تستعرض وتطلق أرقام مخيفة عن الوضع الصحي في العراق ولا ادري من خلال أية إجراءات وأدوات استطاعت وزارة الصحة العراقية تحقيق هذه الأرقام المصطنعة والمعكوسة ومن خلال أية أجهزة إحصائية تمتلكها ؟.


أنا أسال كل من سموا آنفسهم معارضة قبل الاحتلال هل سمعوا أو قرأوا خبراً أو تحقيقا يتطرق بذكر هذه الظاهرة في العراق وهل كتب شئ بشأن دور رعاية الأيتام او ما أصبح بعدئذ يسمى بدور محتاجي الرعاية الاجتماعية قبل الاحتلال؟ كما أتحدى وزارة الصحة إن كانت قد أنجزت أي مسح إحصائي يتعلق برعاية الأطفال بالتعاون مع منظمة الصحة الدولية أو اليونسيف منذ الغزو لغاية اليوم وهو ما كان سائدا قبل ذلك لكي تكون للأرقام التي تنشرها مصداقية ,على العكس من ذلك معلوماتي الدقيقة  تشير الى اعتذارات متكررة من قبل وزارة الصحة عن صعوبة إجراء مثل هذه الإحصائيات في الوقت الحاضر ولعل المسؤولة عن إجراءات كهذه سابقا تكاد تكون المسؤولة الوحيدة من بقايا كوادر الصحة الباقين فيها لغاية اليوم.

 
دولة رئيس الوزراء! , يا زعيم حزب الدعوة الإسلامي في الفكر ! ما عذركم اليوم حينما يتم الترويج والإزدهار لمثل هذه التجارة في ظل حكومتكم الميمونة والميسورة بالصرف على مؤتمرات الإسناد والعشائر والإستثمار والمصالحة المزعومة وبأي وجه وعذر ستلقون الله غداً انتم ووزراؤكم المعنيين بمثل هذا الأمر الخطير ؟ ألم تقرأ يا منظر الدعوة قوله تعالى (فأما اليتيم فلا تقهر) ألم تسمع بحديث النبي الكريم (أنا وكافل اليتيم كالسبابة والوسطى ويشير بأصبعيه),ألم تقرأ في السيرة ما قاله بن الخطاب (لو أن ناقة في أرض العراق عثرت لخشيت ان يحاسب الله عنها بن الخطاب  ).


في العراق الذي تتصدر اليوم فيه منصب المسؤول الأول يادولة المالكي !مأسٍ كثيرة تتعلق بالنزاهة والفساد والإثراء والانتهاك لحقوق الإنسان, وهناك يتم وترميل وتهجير وترحيل وهناك عنف وتبرير وتكفير بل هناك تقسيم وصراع واستغلال وغلو في التفتيت والاستهداف وبالمقابل هناك مجلس رئاسة  دولة وحكومة وبرلمان وخزينة وموارد ونفط وماء ومعادن وارض وحدود واحزاب وتكتلات وجمعيات ومنظمات  وإسناد وصحوات وجيش وشرطة ومخابرات واستخبارات وقوات تحرك وأفواج خاصة ومجالس محافظات وصحوات وإسناد ومجالس عشائر، هل من المعقول أو المقبول أن العراقيين بدأوا يبيعون أطفالهم من أجل لقمة عيش أو سداد دين ؟.وهل من المعقول أن نصبح أسهل دولة من حيث التسهيلات لإنتشار هذه التجارة وتزايد هذه العصابات المتخصصة؟ أين برامج البطاقة التموينية وبرامج إعانة الأرامل والأيتام والشهداء والمتعففين ؟ ألم تشاهدوا حال دور الأيتام ومعاناتهم حين عرضت دار الأيتام في العطيفية ؟ أين رواتب الشهداء والمتقاعدين ؟ كل هذا تقولون عنه مفعَّل ، وأطفال العراق يباعون بأبخس الأثمان وأرخص الأساليب ؟

 
سيسترجع  العراق عافيته اقتصاديا وسياسيا بالتأكيد حين يرحل الاحتلال وقواته بالغد القريب إنشاء الله؛ ليس بسبب سياساتكم الواقدة ! ولا وزرائكم الأفذاذ ! ولا أحزابكم الواعدة ! ولا الفساد المستشري ولكن بسبب إرادة المقاومين وعزم المناهضين ودعاء المظلومين والمهمًّشين ما يفزع الأذهان ويقلق الضمائر أن يتم النخر بالبنية التحتية والقيمية للمجتمع العراقي بشكل يصبح فيه بيع الطفل من قبل أبويه وعائلته أمراً لايُخجِل أو يؤنب الضمير ويردع الأهواء ولا تتحرك السواكن بما يوحي ان القيم قد نخرت والأخلاق قد فقدت والفضائل قد استهدفت في حين تكون الرذائل قد انتشرت والأعراض قد انتهكت والعوائل قد انهارت وفي مرحلة كهذه يصعب البناء والإعمار والنهوض بل حتى البقاء والصمود والوجود، تحقيقا لقول الشاعر :
وإنما الأمم , الأخلاق مابقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٠٩ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٥ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م