ليس من المفروض أن تمر تصريحات الكذّاب بريمر بدون تعلق !..

﴿ الحلقة الأولى

ملاحظات عامة

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

نشرت صحيفة الشرق الأوسط يوم 10 مايس 2009 حوار مطوّل هو الأول من نوعه مع الحاكم المدني الأميركي وكبير الكذّابين بول بريمر منذ أن أصدر كتابه «سنة في العراق» الذي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 .

 

وتضمن هذا الحوار عدد من الجوانب المهمة التي تعطي الإنطباع عن طبيعة العقلية الأمريكية التي كانت سائدة قبل وبعد الإحتلال وكيف يرى مَن ساهم بتدمير العراق الحالة العراقية اليوم!..وفي دلالة واضحة على إستهانة الإدارة الأمريكية (بكبار المناضلين السياسيين من المعارضة العراقية!) وتكليف موظف صغير بإدارة شؤون العراق وعلى أن يلتزم كل هؤلاء (الذين يدّعون اليوم بتأريخهم الطويل بمقارعة النظام العراقي الشرعي ) وبدون مناقشة وإبداء الرأي بتنفيذ كل مايقوله ويأمر به أو يتمناه موظف أمريكي صغير لاعلاقة له بالعراق ولايعرف شيء عن تأريخه وعقائد وأخلاق شعبه!..

 

كل الذي عرفه بريمر من إدارة بوش أننا (إنتصرنا في العراق وأسقطنا نظام ) وعليك أن تذهب الى هناك ديكتاتورا بكامل الصلاحية !..

 

وقالو له إن السياسيين العراقيين الذين دخلوا معنا ما هم إلا (موظفين صغار لديك!)..

 

وعلى الرغم من عدم وجود (قنابل) جديدة في الحوار وليس فيه جديد إلا إنه نرى أنه من الواجب تعرية هذا الجاهل والكذّاب  ..

 

وقبل أن نذهب لأهم ما قاله  بريمر في هذا الحوار هنالك خمس إشارات مهمة وردت في المقدمة وهي:

 

الأولى ..هي قول المحرر إن أساس الحوار كان لجعل بريمر يتحدث الى العرب بعد أن تحدث الى الأمريكيين في كتابه المذكور !..

 

والثانية.. عندما طلب المحرر أن يجري معه الحوار إشترط أن لا يسأله عن الشخصيات السياسية العراقية وأخذ وعدا بذلك ..

 

والثالثة..إن مساعدة بريمر أخبرته إن بريمر لا يملك مكتبا ويفضل إجراء الحوار بالهاتف !..الى ان تم ترتيب الجلسة في نادي الصحافة الوطني بناءا على إقتراح المحرر!..

 

الرابعة ..إنه دافع عن جميع مواقفه .

 

الخامسة ..هو إستنتاج المحرر من إن بريمر لايبحث عن معنى أحداث جسام عاصرها في العراق بل يعطيها المعنى الذي يريد .

 

حول الإشارة الأولى:

لم يكن بول بريمر إلا وسيلة أدّت دورها المرسوم لها في مرحلة معينة من تأريخ الإحتلال الأمريكي الغاشم للعراق ..وتركز دوره كأي ( ممثل صغير كان عليه أن يتظاهر بأداء دور رئيسي كبير في فيلم هوليودي في حين إن هناك مَن يلعب أدوارا خطيرة ذات أبعاد إستراتيجية مزقت العراق وحطمت مفاصله لكي لا ينهض من جديد )..

 

وكتابه الذي أصدره لم يكن موجها للشعب الأمريكي !..

والدليل إنه تناول بالنقد الصريح والتفصيلي لشخصيات غير معنية بها شرائح المجتمع الأمريكي كالربيعي وبحر العلوم والجعفري ورئيس الحزب الإسلامي وبعض من أسماهم بالمراجع!..لقد كان كتابه (إسترزاقا ) كعادة السياسيين الأمريكان الذين يغادرون دائرة الضوء ..

 

وحول الإشارة الثانية :

لماذا يرفض المجرم بريمر الحديث الى العرب عن الشخصيات السياسية العراقية بينما تناولها بالتفصيل عندما خاطب الشعب الأمريكي (حسب توصيف المحرر!)؟..

هل هي صحوة الضمير أم عضة أصابع اليد من الندم؟..

ومَن زرع بذرة هؤلاء في العراق؟..

أليس الذي نراه اليوم من نتائج ما هو إلا نتاج ما بذره وزرعه وأسقاه ؟..

 

وحول الإشارة الثالثة:

كيف يعقل أن شخص مثل بريمر لايمتلك اليوم مؤسسة (لنشر خبرة مكافحة الإرهاب ومعالجة الأزمات!)؟..أم هي إشارة مخابراتية بالإبتعاد عن الأضواء الى (اليوم الموعود بتحقيق عراق فيدرالي تعددي ديمقراطي مزدهر وموحد ونموذج للمنطقة والعالم ‍!)..حينها يظهر بمظهر البطل الذي حقق المعجزات !..

 

لأن الكذّاب بريمر (وسنثبت ذلك) ما هو اليوم إلا رجل الجرائم ومستنقعات الغوص الآسنة للشباب الأمريكي !..

وهو قاتل ومعوق الملايين من العراقيين وعشرات الآلاف من المارينز والطيارين والجنود الأمريكان!..

وبفضله (وبفضل الإدراة الأمريكية التي كلفته)  إنزلقت أمريكا الى أدنى قاع للحضيض في مختلف الميادين.. دوليا ..وسياسيا ..وإقتصاديا ..وحققت أرقاما قياسية في الخداع والكذب والسرقة والتعنت وعدم المصداقية وفي غياب النزاهة وفقدان الشرف العسكري ومقدسات المهنة..

 

وعن الإشارة الرابعة :

نعم ..هذا هو ديدن المخادعين وفاقدي النزاهة والمصداقية ..وهؤلاء لا يعرفون شيء إسمه (الإعتذار عن الخطأ)..وجميع صقور الإدارة الأمريكية التي غزت ودمرت العراق ترى في جرائمها إنها قرابين للتحرير!..وليس جرائم للإستعباد والهيمنة ونهب الثروات..وبريمر الكاذب الذي يقول اليوم في عام 2009 إن (جميع العراقيين كانوا مع قرارات حل الجيش وإجتثاث البعث!) ماذا يمكن أن ننتظر منه من قول!..

 

والمحرر الذي أجرى هذا اللقاء قد لا يعرف إن منتسبي الجيش والبعث وعوائلهم وأقاربهم تصل الى أكثر من خمسة عشر مليون عراقي !..فعن أي (إجماع يتحدث هذا المجرم)!..

 

وحول الإشارة الخامسة:

هذه هي الديمقراطية الأمريكية !..أن تقول وتروج الذي تؤمن به ويدخل مخيلتك وبإصرار لا أن تقول الحقائق الساطعة كالشمس التي لايمكن ان يغطيها غربال..

 

وهذا المنطق الذي تبنته الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي خططت ونفذت جريمة التأريخ بحق العراق هو الذي أوصل الولايات المتحدة الى ماوصلت اليه من مهانة وإنكسار ..

 

ألم يبقى بوش مصرا الى ساعاته الأخيرة بأنه كان على حق!..بالرغم من تخلي الجميع ممن كانوا حوله ووصفوا قراره بشن الحرب على العراق بأنه غلطة تأريخية كلفت الولايات المتحدة الكثير وستبقى آثارها وتداعياتها تلاحق الأجيال الأمريكية لقرون!..

أليست إدارة بوش هي القائلة بأن (قرار الحرب كان قد إستند الى معلومات كاذبة !..ومع ذلك فقد أطحنا بصدام حسين!)..

 

أليس هذا تخليا عن كل المفاهيم الأخلاقية وشرف المواجهة؟..

 

ويعرف العراقيون جيدا :

 

إن بول بريمر هو الذي أرسى مساند مخطط تقسيم وتدمير وتمزيق العراق وعلى يده بدأت أولى مراحل إستهداف وإغتيال وإعتقال وتهجير وملاحقة وتشريد ونهب ممتلكات أكثر من ثمانية ملايين عراقي كان فيهم خيرة مفكري ومثقفي وكوادر وخبرات وعلماء وإختصاصيي العراق ومناضليه وشيوخ عشائره ووجهاء مدنه وقراه ..

 

وعلى يد بريمر تم رسم سياسة المحاصصة الطائفية والعرقية وترسيخ مفاهيمها القاتلة ..

 

وهو الذي أشاع وسمح وشجّع ميليشيات الأحزاب الطائفية على تنفيذ مخططات إيران بإغتيال قادة وضباط وطياري العراق ومثقفيه الذين تصدوا لإيران وأذاقوها مر الهزيمة والهوان..

 

وهو الذي علّم العراقيين أن أفضل طريقة لتخريب العراق هو أن تضع الرجل غير المناسب والسارق والفاسد والقاتل والمجرم في كل المناصب!..

 

وبريمر هو الذي كان مصدرا مهما لبناء مؤسسة الكذب والدجل ومجافاة الحقيقة والتزييف الأمريكية التي عاشتها الإدارة الأمريكية لغاية نهاية ولاية بوش وربما لحد الآن ..فهو الذي جلس أمام الكونغرس الأمريكي ليقول إن ( الشعب العراقي كله مع القوات الأمريكية ومع قراراتنا التي تلاحق رموز النظام السابق )!..

 

وهو الذي ورّط بوش بتسمية المقاومة العراقية البطلة لحظة إنطلاقها بأنها (تمرد ضعيف)!..

 

وهو الذي وضع أولى لبنات (مسلسل قطع الأرزاق عن عوائل البعثيين ورموز النظام ) عندما أصدر مراسيمه بمنع صرف رواتب تقاعدية لعوائلهم!..ومنع عودتهم لوظائفهم في محاولة لتركيعهم والتي إنقلبت وبالا عليهم وجعلت من أقوى دولة في العالم دولة مارقة ولا أخلاقية وتستجدي إيران لمساعدتها في إحلال الأمن في العراق..

 

وفي عهد بريمر دخلت القاعدة والتنظيمات الإرهابية للعراق ..وهو الذي سمح لها بالإنتشار تحت حجة نظرية فاشلة بلهاء مفادها (أن نقاتل العدو خارج أراضينا!)..

 

وبريمر هو الذي جعل العراق ساحة لتصفية حسابات كل مخابرات العالم وسياسات الدول !..

 

وبريمر هو أول سارق علني كبير نهب ثروة العراق وحمل معه مليارات الدولارات نقدا وهو الذي زرع بذور الفساد المالي في الحكومات المتعاقبة !..

 

وهو الذي شارك التجار والسماسرة في بيع مقتنيات الناس وممتلكات الدولة وقواعدها ومرتكزاتها الصناعية من مكائن ومعدات وأسلاك الكهرباء !..

 

والمجرم بريمر وكأي قاتل مأجور لايمكن أن يتحمل مسؤولية جرائمه في قتل العراقيين وتقسيم العراق ونهب ثرواته لوحده بل يتحملها معه من أصدر له الأوامر ومَن ساعده على تنفيذ أجندته ومَن سكت على أفعاله وينتقدها الآن من أولائك المشاركين في العملية السياسية الأمريكية .

 

وما حمله المجرم بريمر السارق معه من مليارات لحظة هروبه الغير لائق دبلوماسيا من العراق  لم تكن له لوحده !..

وإلا لماذا لم يقاضيه أحد لحد الآن ؟..

 

وكيف يستمر القضاة والمحققين الماليين الأمريكيين يوميا بإثارة ملف الفساد المالي عليه بدون أن تفارق وجهه الأصفر الإبتسامة المصطنعة؟..

 

ولماذا لم يبرر أحد لحد الآن كيفية تصرفه بمبلغ عشرة مليارات دولار في العراق وخلال فترة مسؤوليته بدون أي وصولات عدا المليارات وأطنان سبائك الذهب  التي تمت مصادرتها ووضعت تحت تصرفه بلا رقيب؟..

 

هذه ملاحظات أولية قبل تحليل المعلومات التي وردت في الحوار ..

وسنتحدث بعدها عن العديد من الأكاذيب ..

وسنبدأ بكذبته في قوله : ( لم نستعمل تعبير حل الجيش وهو خطأ !)..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١٨ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م